لقد ارجعتني فيضانات بغداد والمدن العراقية الاخرى في العهد الجناجي “نسبة الى جناجه مسقط رأس نوري المالكي” والتي غرقت بسببها قطاعات واسعة من العاصمة بغداد عدا المنطقة الخضراء، الى اعادة قراءة تاريخ الملك الاشوري سنحاريب الذي حكم نينوى قبل ما يقارب ال 2700 عاما، ولكن لماذا سنحاريب دون غيره من ملوك تلك الحقبة كالقائد والملك آشور بانيبال مثلا؟

امتاز عهد الملك سنحاريب بالاعمار واهم ما يمكن الاشارة اليه بعد تهديد الجفاف بلده هو تنفيذه مشروعا طموحا “حتى بحسابات اليوم” لنقل مياه نهر الگومل من نقطة قريبة من مدينة “خنس” الى نينوى عن طريق حفر ساقية يترواح طولها بين 60- 80 كلم بين تضاريس جبلية صعبة، اذ حفر المهندسون الساقية حينها عموديا في قلب الجبل ليرفعوا منسوب الماء الى المستوى المطلوب ليسيل الى سد “جروانة” ليسقي الاراضي الزراعية ويرسل الماء الفائض عن الحاجة الى نهر دجلة. وحسب الكتابات المسمارية التي عثر عليها منقوشة على الرقم الاثرية فان المشروع رغم ضخامته احتاج الى فترة 540 يوما لاغير لانجازه! بعد 2700 عاما على عهد سنحاريب
ها نحن اليوم نعيد قراءة تاريخه لنصفه بانه انجز عملا هندسيا فذا، وسيستمر التاريخ وبعد آلاف اخرى من السنين ليصفه بعبارات مديح اخرى وليستمر تمجيده جيلا اثر جيل.

اذا كان “سنحاريب” قد اجترح معجزة نهر الگومل قبل ما يقارب ال 2700 سنة، فان الحاج ابو اسراء الذي فشل عكس “سنحاريب” بكل المهام الموكلة اليه لليوم تقريبا وهو يحكم منذ ما يقارب ال 2600 يوما، ابى وهو يرى بأم عينيه غرق عاصمة “بلاده” الا ان يتصرف كصبي صغير يريد ان يناكف من هم حوله بتعيينه فاشلا آخر يضاف الى جيش مرؤوسيه الفاشلين وهو “نعيم عبعوب”، الذي كان عذره بالصخرة ذات ال 150 كيلوغراما وغرق رصافة بغداد اقبح من ذنب الذي عينّه في منصبه هذا. ويبدو ان العراقيين بدأو يستعيدون شيئا من الظرف والفكاهة في زمن الموت اليومي، ليرفعوا لافتة في حي جميلة البغدادي يعلنون فيه عن افتتاح “عبعوب” نهرا استراتيجيا في منطقتهم ويبدو ان “عبعوب” يريد ان يدخل سيده الحاج في كتب التاريخ كما سنحاريب، ولعبعوب في مجارينا صخور.