المصلحون على طوال الزمان هدفهم الاسمى والامثل هو اصلاح وارشاد المجتمع الى الخير والصلاح وتحذيره من الفتن والتشقيق الاجتماعي والفكري ، وكلما تقدم الزمن الملازم للتطور على مستوى الواقع والفكر كانت مسؤولية المصلح خطرة ودقيقة وحساسة ، وهذه المسؤولية التي سار ويسير في ركبها المصلح تشكل الطريق المثلى والسبيل الامثل والاوحد للخلاص من قبضة الظلم والجور والانطلاق الى فضاء الحرية والهناء والمستقبل الواعد .

ونحن نؤمن ايمانا حقيقيا لا يشوبه شيء ان النظرية الصحيحة والتطبيقات السليمة هي ما جاءت به رسالة السماء المتمثلة بالإسلام ونبيه وائمته الاثني عشر عليهم السلام واستمر الدور بعد غياب الخاتم من الائمة على عاتق المرجعية الدينية ونظام المرجعية الجامعة للشرائط طولية كنظام الخرز .

فتشعبت واختلف الدور للمرجعية الاصلاحية حسب الظروف المحيطة والواقع الذي يعيشه المرجع ، وكمثال للمرجعية الحقيقية الاصلاحية الرسالية هي مرجعية السيد محمد باقر الصدر قدس سره ، حيث كانت مهمة هذا المرجع تتركز في وعي نموذجي لدى النخبة من مفكري الامة وعلمائها ، فقد شهدت الساحة الاجتماعية والفكرية آنذاك اجتياح العقائد والافكار الشيوعية والقومية والليبرالية والعلمانية والرأسمالية وغيرها مما اصاب المجتمع الاسلامي بالشك في دينه ومذهبه حتى دخل الكم الهائل في تلك الافكار المنحرفة حتى وصل الى رجال الدين وابناء المراجع ، فكان لابد من وقفة اسلامية علمية خالدة تؤكد وتبرهن ان الاسلام يمتلك النظرية الحية والحقيقية التي يتوق لها كل انسان مظلوم ومضطهد ، وفعلا جاءت مرجعية السيد الصدر ثمارها واندحرت تلك الافكار الى يومنا هذا ، ولم يكتف السيد الصدر الاول الى هذا الحد بل اسس الاساس العلمي الصحيح للمرجعية في هذا الزمن المتلاطم بتلك الافكار حتى لا يأتي من هب ودب ويدعي المرجعية فكانت مصيدة (الاصول) هي  السبيل الوحيد .

وما ان افل ذلك النجم اللامع حتى انبثق نجم آخر في سماء العلم وكان السيد محمد الصدر قدس سره وكانت مهمته كهربة الوعي الاسلامي الداخلي والفات المجتمع الى اهمية المرجعية الناطقة وتنويرهم بمعنى الاعلم فكانت الطاقة الحرارية في اوجها آنذاك وقد ترجمت تلك الطاقة الى مجابهة الديكتاتورية ، فليس من المعقول ان يبدأ السيد الصدر الثاني نفس بداية الصدر الاول وهكذا توجت حركة السيد الصدر الثاني الى طرفة توعوية نوعا ما بانت من خلالها خيوط المرجعية الاصلاحية من المرجعية الانتهازية .

وجاءت مرجعية السيد الصرخي الحسني لتعمق الوعي الداخلي وتربى النخبة المسلمة لتقبل الافكار التي اصبحت عند غيرهم شرخا وتخلفا ، حتى كرس مبادئ المرجعية الاصلاحية الرسالية بكل ابعادها وعمل على تربية ممن التحق به وجعل المرجعية كمفهوم شامل (مصيدة) اوسع وذات بعد شاسع اهم ملامحها تلك الاصول التي اسسها السيد الصدر الاول ودعا لها السيد الصدر الثاني لأن السيد الصرخي ادرك ان الافكار التي سوف تواجهنا ليست غريبة وخارج الدين انما افكار وعقائد اسلامية منحرفة .

وقد ابدع السيد الصرخي في العمل وفق المرجعية وشمولها وذوبانه بروح الاسلام فأسس النخبة المؤمنة الفاهمة الواعية بوعي نوعي وليس كمي .

وهذا الدور الذي يمارسه السيد الصرخي هو اوسع وذو حساسية عالية مزيدا بذلك على مرجعيتي الصدرين المقدسين وهذا الدور تكلل بقاعدة اتباع الدليل مهما كان واينما كان حيث يقول السيد الصرخي {يجب علينا شرعا واخلاقا ان لا ننخدع بدعوى من غير دليل واثر علمي شرعي اخلاقي ، فمجرد الادعاء ومجرد الانتماء للعائلة الفلانية او القومية الفلانية او البلد الفلاني ، ومجرد حمل الاسم الفلاني او الاتصاف بصفة في الخلقة ومجرد القدوم من جهة معينة ، كل هذا ونحوه لا يجدي في الاتباع والتصديق}

هكذا هو الاصلاح وتربية النخبة المؤمنة في الطريقة الجعفرية (نحن اصحاب الدليل اينما مال نميل) والى هذا الحد يمكن ان اوحيا اليكم ان تعدد الادوار هو وفق الظروف لكل مرجعية اصلاحية ولكن الهدف واحد الا وهو اصلاح المجتمع وشحنه بالوعي والادراك .وهذا ما يعمل عليه السيد الصرخي الحسني اليوم ويؤكد عليه ويلزم اتباعه عليه .