منذ 1982 ولبنان يعاني قصة السلاح و من فوضى السلاح. ولا شك أن ما جرى ويجري في لبنان على فداحته لا يشكل مصدر غرابة عندنا ولا عند المتابع للأحداث عن كثب منذ مقتل الرئيس الحريري وإلى اللحظة الراهنة .
إن إشتداد الأزمة السورية وصعوبة إيجاد حلّ سلمي لها .إضافة إلى تدخل حزب الله في المعركة ،زاد في وتيرة الإحتقان السياسي والأمني والإقتصادي السائد في البلاد و ينذر بلحظة الإنفجار ،تدخل البلاد و العباد في نفق مظلم وتخلط الأوراق من جديد في إعصار مدمر من شأنه أن يقذف بلبنان والمنطقة إلى أحضان المجهول .
هذا السلاح الذي نسف طاولة الحوار في أكثر من مرة وأسقط حكومات كثيرة والذي بقي نقطة عالقة في كل تسوية ومبادرة محلية وعربية ،والذي كان مصدر رفض قطعي لقرارات مجلس الأمن عند البعض ورفض خجول عند البعض
أمين العام لحزب الله حسن نصر الله أعلنها واضحة جلية ومدوية ” اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة سنقطعها ” ولو كانت يد أبيه وهذا الإعلان يصطدم في إسقاطه على أرض الواقع بالوعود المتكررة منه ومن أركان الحزب ،بأن هذا السلاح لن يوجه إلى الداخل أبدا ولن يسمح بتحوله إلى أداة قتل لأبناء الوطن .
لكن تدخل حزب الله في الحرب السورية وتوتر الأمن في صيدا وغيرها من المناطق اللبنانية وإستفزازاته المستمرة أسقطت هذه الوعود ومعها سقط درع الوقاية الهش الذي كان يصون هذا السلاح ولا نبالغ إذا قلنا أن السيد حسن نصر الله وحزبه مشى برجليه إلى الفخ ..؟
فخ الأزمة السورية وفخ نصبه له الأسير وأنصاره مسقطا بذلك أي شرعية لسلاحه وناسفا لوعود الماضي ومفجرا لفوضى السلاح بين سلاح نصر الله وأتباعه وسلاح الأسير وأنصاره. إذ أن أقصر الطرق وأيسرها لتحقيق حالة الفوضى العامة هي إستخدام أسلوب التأجيج الطائفي وهذا ما إنزلق إليه الأمر في لبنان حيث سيكون أهل السنة في لبنان الخاسر والأكبر لأنهم المستهدف الأوّل و الحلقة الأضعف إذا ما قورنوا بغيرهم من الطوائف. وهنا يقترب لبنان من لحظة الحقيقة التي كانت تغيبها الشعارات واللافتات و”المسرحيات ” التي تتحدث عن المقاومة وسلاح المقاومة وطهاة المقاومة وتجلت الأبعاد الطائفية والفرز الطائفي في أسوأ صوره خلال الأيام الماضية عندما إجتاحت قوات حزب الله القصير وإستفزت الشيخ الأسير وربما ما زاد الطين بلة أنه لا يوجد في لبنان جيش سوي قادر على فرض الأمن والإستقرار وهيبة الدولة .
إن حسن نصر الله لا يشعر بأدنى حرج وهو يضع صورة الزعيم الإيراني في خلفية وقفته البهية ،يقدم نفسه كملاك طاهر لا ينطق عن الهوى ولا يتصرف إلاّ بكل طهر ونقاء ،ويغازل المشاعر العربية بلعبة المقاومة ،بينما هو يقطع يد أي مقاوم يحاول الوصول إلى إسرائيلي من الجنوب لأنه يخلط الحسابات ويحرج “المشروع الإيراني” في لبنان و المنطقة الذي ينفذه بإقتدار الآن حزب الله وبمباركة أمريكية لا تخفيها الإستنكارات الإعلامية الصادرة عن البيت الأبيض ،والتي تذكرنا ببيانات الإستنكار التي كانت تصدر عن الجامعة العربية ومؤسسات العجز ونسخر منها ،بينما الموقف الأمريكي في لبنان كما في العراق يمثل مظلة للدور الطائفي الخطير الذي يمارسه حزب الله لتظهيرها من الوجود السني . كما يمارسها حزب الله تدريبيا ومشاركة لقوى طائفية في العراق لتطهير الجنوب ومعظم بغداد من الوجود السني أيضا.
كما كشفت وثائق لمؤسسات أمريكية وغير أمريكية الآن يقترب حلم ” الهلال الشيعي ” من التجسيد العملي في الشرق الأوسط بعد أن سقط العراق في هيمنته بدعم أمريكي ،وسقط لبنان في هيمنته بدعم إيراني وسقطت السلطة السورية في و الوحل الطائفي من خلال هيمنة الشيعة العلويين على الحكم بإسم “حزب البعث” طوال ما يقرب من أربعين عاما …. وإلى النخب العربية التي ضللتها أكاذيب المقاومة طويلا وإتهمونا في عقولنا طويلا إنتهى الدرس هنا و لم تنتهي قصة السلاح في لبنان