قبل ان استل قلمي من غمده ….فكرت طويلا …ماذا اكتب وانا اقف امام عظمتك فكيف لي وانا القاصر بفهمي …..وانت الذي لا يحتويك لا قرطاس ولا قلم .
قد تعجز الكلمات وتضيق العبارات ويقصر الفهم عن التعبير والانشاء بجميل الكلام وتقف اللغة حائرة مع ترف المعاني عندما اقف امام عظيم من العظماء ورجل قل ان يشبهه احد من الرجال وهو يقف وقفة التاريخ الكبرى بملحمة بطولية لا نضير لها على مر الزمان , والتي جسد من خلالها اسطورة التاريخ الخالدة , وهو يخط معالم المشروع السماوي ويرسى مرساته في بحر الفيض الالهي ….. ويجعل من دمه الطاهر مشروعا عالميا امميا لبناء الانساء وبناء الاخلاق وبناء الحضارة وبناء الديمقراطية .
الى سيد الاخلاق والانسانية … الى سيدي الحسين بن علي (ع) .
تحيرت العبارات وقصر امامك التعبير وانت الحاوي لفضائل الخصال وجميل الصفات .
ماذا اقول فيك وانت بن خير الانام … عن علمك وانت ابن مدينة العلم وبابها , ام عن السخاء وجدك الذي هشم الثريد لقريش في زمان القحط الشديد .
أم عن الشجاعة وانت بن المؤيد بجبرائيل والمنصور بميكائيل وابن الذي قلع الباب التي عجز عن فتحها اربع واربعون .
تأملت كثيرا ….حتى استقرت بي الافكار ..ووجدت نفسي وقد رجعت الى قبل الف واربعمائة عام , وكأني ارى موقفك يوم عاشوراء ,وحيدا لا تجد ناصرا ولا معين وامامك عشرات الالوف من جنود الجور و الظلالة والباطل , وانت ياسيدي وان كنت وحيدا امام هذا السيل الجارف , وكأنهم الجراد المنتشر , الا ان عزيمتك لم تنثني , ولم ترتعد فرائصك ليس الا لحمية الدين والانسانية , فمضيت غير ابه لجمعهم وكثرتهم , غير منكسر على الرغم من فقدك للأخوة والابناء والاصحاب .
فوقفت في قلب الميدان تزئر بهم وتصول صولة الاسود وانت تقول ( لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برم ).
فمضيت في القتال وانت ثابت القدم على بصيرة من امرك لم تَهِن ولم تضعف وانت ياسيدي تعلم ان الله معك وان الحق معك وان التاريخ معك وان الله سوف يجعل لك امة تدعوا الى الحق باسمك وباسم قضيتك وينادون بندائك العظيم (كونوا احرارا في دنياكم ).
فلم ينكر التاريخ موقفك العظيم يوم عاشوراء , حتى تخلد بفكر العظماء والاحرار , واصبحت ثورتك شعاع نور يهتدى بها في ظلمات ليل الجور و الظلم والباطل المعتم , والتحق بركب قافلتك ملايين البشر ممن طالبو بالعدل والمساوات والانسانية عبر مئات السنين حتى اصبحوا اليوم امة …يدعون الى الحق باسمك , وانت ياسيدي لم تصبح وحيدا كما كنت عليه يوم عاشوراء .
اصبحت اليوم انت ياسيدي امة , تمتد من مشارق الارض الى مغاربها ومن شمالها الى جنوبها , وبمختلف الالوان ومختلف اللغات , جمعتهم رايتك ويسيرون تحت لوائك (لواء الحمد ) , ماضون على خطاك متمسكين بمواقفك ومبادئك العظيمة .
و على الرغم من كثرة اعدائهم (اعداء الحياة واعداء الانسانية ) , والذين تكالبوا على امتك كتكالبهم على الفريسة , اصبحوا يشنون عليها الحرب تلو الاخرى وينعتونهم بشتى انواع النعوت , فمنهم من يسمونهم بالمد الشيعي ويدعون الى القضاء عليه بشتى الاشكال ومختلف الاساليب , ومنهم من يسميه الهلال الشيعي الخطر , والذي يجب القضاء عليه قبل ان يقوى وينتشر.
وبعظهم من وضع يده بيد اليهود و دول الاستكبار العالمي ووضع المخططات الخبيثة في سبيل القضاء على هذه الامة
والبعض الاخر اخذ يحارب هذه الامة بمعتقداتها واداء شعائرها وطقوسها والتشكيك والاستهزاء بها , لا لشيء سوى انهم يخافون من صرخة الحسين (ع) (كونوا احرارا في دنياكم ) كونها تهز عروش الظالمين والمستبدين في جميع انحاء العالم .

فنقول اليوم لكل من حارب الحسين واراد طمس معالم ثورته ولكل من حارب امة الحسين وتامر عليها ان “الحسين امة وسيبقى امة رغم انوف الطغاة