لم أعلّق على الشبكة العنكبوتية بالجزائر عبر صفحتي، ولأول مرة أكتب عن إنقطاع الشبكة العنكبوتية بالجزائر، فكانت الملاحظات التالية..

لايمكن بحال الاستغناء عن التكنولوجيا الحديثة المتعلقة بكافة أنواع الاتصالات ومنها الشبكة العنكبوتية، بل أهميتها عبر كافة القطاعات أصبحت تزداد يوما بعد يوم، وتتغلغل في نسيج المجتمع، بشكل يصعب فصله، بل ويتطلب دعمه وتثبيته.

حدّثني البارحة أحد الزملاء، أن جزائريا ضيّع على نفسه وظيفة بفرنسا، لأنه في الوقت المقررأن يرسل سيرته الذاتية، أصيبت الشبكة العنكبوتية بالعطب، ولم يجد وسيلة أخرى تضاهيها في السرعة والدقة، فتخلف عن موعد الإرسال، فضاعت الوظيفة منه.

وقد ذكرت وسائل الإعلام الجزائرية، أن المعنيين بسكنات عدل تضرروا كثيرا جراء إنقطاع الشبكة العنكبوتية. وذكر القائم على حصة عرض الصحافة أرقاما كبيرة ومؤسسات ضخمة جزائرية، تضررت جرّاء إنقطاع الشبكة العنكبوتية.

وللدلالة على أهمية الشبكة العنكبوتية، تدخلت وزيرة إنقطاعات الجزائر شخصيا، لطمأنة الزبائن بشأن الحبل المقطوع، وبأنها ستعوض لهم الأيام التي حرموا خلالها من الشبكة. ورفعت في نفس الوقت دعوى قضائية ضد مجهول، حتى ترفع عن نفسها وعن وزارتها تهمة الإهمال وعدم الاهتمام.

يبدو أن الحبل السري الذي يربط الجزائر بفرنسا، يزداد غلظة ودواما وأهمية. فالجزائر مرتبطة بحبل بحري بمرسيليا، إحتجبت الجزائر عن العالم بسبب إنقطاع هذا الحبل، باعتبارها تتصل بالعالم أجمع عبر هذا الحبل السري.

ويكفي أننا ننتظر رحمة الباخرة الغربية القادمة من الجهة المقابلة، لتصليح العطب وإعادة تركيب الحبل السري، لكي تعود الحياة من جديد، وتتصل الجزائر بالعالم عبر فرنسا.

بيّن العطب الذي أصاب الحبل تبعية الجزائر في ميدان الاتصال، وفي ميدان الصيانة والوسائل والعتاد، دون احتساب الأموال التي ستصرف جرّاء إعادة العطب.

إذا كنا تبعا لفرنسا والغرب في مجال حبل معلوم ومرئي ويمرعبر مسار معروف لدى البائع والمستهلك، فكيف بالحبال السرية الخاصة بالتجسس على عورات المجتمع، ومشاريعه الحاضرة والمستقبلية، وحاضره وماضيه.

يكفي أن فرنسا تطفئ الزر من هناك فتتوقف الحياة في الجزائر. ويكفي أن ينقطع حبل الشبكة العنكبوتية ، لنعرف حجم الأضرار والمخاطر.

إن مصير المجتمع اجزائري بأكمله، أصبح مرهونا بحبل الوصال الذي يربطنا بالعالم، ويمر عبر مرسيليا.

حين ظهرت التكنولوجيا بعددها وعدتها، إعتقد المجتمع أنه سيتحرر من فرنسا والغرب، حين يمتلك الآلة اللطيفة بين يديه، فتبيّن عبر لعبة قطع حبل الشبكة العنكبوتية والاتصالات، أن التبعية زادت عمقا وترسيخا وزمنا طويلا.

كلما مارس المجتمع وسائل الاتصالات بأنواعها، زادت تبعيته لمن ينتجها ويصدرها ويتحكم في أسرارها.

قوة المجتمع ليست في عدد المنخرطين في الشبكة العنكبوتية التي بلغت في الجزائر حسب إحصائية رسمية خلال هذا الأسبوع 10 ملايين منخرط. وهذا وإن كان يفوق عدد سكان بعض الدول مجتمعة، إلا أنه غير كاف مقابل أعداد العلماء والمخترعين والمتحكمين في زمام خلق صناعة تكنولوجيا الاتصالات، والتحكم في مدخلاتها ومخرجاتها.