لم يتعرض الجيش العراقي طيلة تأريخه الذي يمتد الى أكثر من ثمانية عقود الى إهانة وأذلال كما عهدي البعث الأسود والأسلام السياسي الشيعي البشع، وقلّما بنفس الوقت تعرض شعب لحملات تنكيل وإبادة من قبل جيشه “الوطني” كما الشعب العراقي. بالحقيقة أنني هنا لست بصدد الدفاع عن الجيش “العراقي” الذي لايهمني بشيء طالما هو غير قادر على حماية أمننا الوطني و ليست لديه الجرأة في ان يرفع مسدسا خاليا بوجه الميلشيات التي تتدخل بشأنه دوما بل وتصدر له الأوامر أحيانا كثيرة. لكنني هنا بصدد الأشارة الى الأهانات وسياسات الأذلال المتعمدة بحق جيش فقد أهم سمات وجوده وهو اليوم لايملك أمر نفسه.

الجيش العراقي كمؤسسة عسكرية لم يكن عهد البعث الاسود الا ذراعا بيد سلطة غاشمة قمعت به شعبنا ودمّرت به وطننا وأدخلته في حروب لاناقة لنا فيها ولاجمل. وبعد أن تحمّل هذا الجيش أعنف الضربات وهو ينسحب من الكويت إثر أحتلاله لها بأمر “زيتوني” وبدلا من أن يقف الى جانب جماهير شعبنا وهي تنتفض لكرامته “الجيش” الذي أنسحب الى داخل الأراضي العراقي بشكل مخزي وبائس، نرى قادته يوقعون صكوك الذّل والأهانة بالنيابة عن اللباس الزيتوني في خيمة العار بصفوان  ليستأسدوا بعدها على أبناء “شعبهم” في قمعهم للأنتفاضة الآذارية تحت إمرة نكرات ومجرمون من أمثال “عزة الدوري” و “حسين كامل” و “علي حسن المجيد” و” قصي وعدي أولاد الدكتاتور” .  

أن الجيش العراقي عهد البعث الاسود فقد رجولته عندما كان يقف قادته وضباطه أذلاء أمام طاغية لايعرف شيئا عن الحياة العسكرية وهو الذي لم يخدم يوما الخدمة الألزامية كونه كان فارّا منها، وفقد أضافة الى رجولته كرامته وشرفه وقسمه للدفاع عن بلده وهو يقف بشكل مذّل أمام أولاد الطاغية وأزلامه من الزيتونيين. أن يقود نكرة ومجرم كـ”حسين كامل” ضباطا كبارا وخريجي معاهد أركان وهو الأمي بحياة العسكرية لم تكن سوى إهانة بالغة لجيش فضّل قادته لجبنهم حينها بلعها، أن يشتم أرعنا ومجرما كـ “علي حسن المجيد” عسكريين قضوا حياتهم في المعسكرات وبين الثكنات وهو يتبختر بلباسه الزيتوني لم تكن سوى صفعة لوجه المؤسسة العسكرية بأكملها. أن يغتصب سادي كـ” عدي ابن الديكتاتور” بنات ونساء العديد من قادة الجيش  وضباطه لأذلالهم وهم ساكتون كان أغتصابا لوطن وذلّ ما بعده ذل.       

عندما كانت المعارضة العراقية وهي تعمل على أسقاط نظام البعث الفاشي ولم تنجح الا على ظهر دبابة أمريكية، كانت تخاطب الجيش العراقي من خلال صحفها وأذاعاتها وأدبياتها بكل ما جئت به أعلاه حينما كانت تحث قادته على أحترام لباسهم العسكري وشرفهم العسكري ومؤسستهم العسكرية عن طريق عدم تلقي الاوامر من أفراد لايعرفون شيئا عن الحياة العسكرية والجيوش بالأنقلاب عليهم والوقوف الى جانب شعبهم ووطنهم. فهل أستمرت هذه القوى وهي تهيمن على مقدّرات العراق منذ أن تحاصصت لنهبه ثم قتله لاحقا بعد أن وصلت الى السلطة عن طريق رعاة البقر، بمطالبها تلك من الجيش؟ أم تعمل كما عهد الزيتونيين على إذلال المؤسسة العسكرية وإهانتها؟

أن الجيش العراقي هو اليوم أضعف بكثير من قوات البيشمركة التي تطالب بعدم تسليحه بأسلحة نوعية ومنها الطائرات والحوّامات وغيرها خوفا من أستخدام هذه الأسلحة ضد الأقليم في حالة حصول نزاع بينها وبين سلطة المركز، والجيش العراقي لايستطيع لأتهامه بالطائفية من دخول المحافظات السنية إذ يطلب ساسة تلك المحافظات أن يتم بدلا عنه تسليح عشائرها للدفاع عن مناطقهم ولهذا الغرض تراهم يحجّون الى واشنطن وعمّان والرياض وقطر وانقره وغيرها، ونفس الجيش لايستطيع أن يتحرك بحرية في مناطق الجنوب وحتّى مناطق عديدة من بغداد نتيجة هيمنة الميليشيات على الشارع وعلى القرار السياسي، ونفس هذا الجيش أيضا كان قد سلّم ثلث مساحة البلد لعصابات داعش المجرمة لتعيث به قتلا وتشريدا ونهبا وتدميرا. وهذا يعني أن الجيش العراقي بوضعيته هذه وعلاوة على ضعفه البين فأنه يتعرض لأهانة وأذلال مستمرين من قبل المتحاصصين في المنطقة الخضراء وميليشياتهم وجيوشهم وعشائرهم.

الّا أن الأهانة الأكبر لهذا الجيش هو ليس ما جئنا على ذكره أعلاه على الرغم من أهميته، لكن الأهانة تأتي أشّد وأكثر وقعا عندما تفترش البيرية الأرض أمام  “العمامة”، والذل يأتي لئيما عندما تستمع البيرية لنصائح العمامة “العسكرية”. لاأدري ماذا يستطيع أن يقدّم معمم كـ”بشير النجفي” لوزير الدفاع “خالد العبيدي” من خطط عسكرية لمواجهة أرهاب داعش ودحره؟ فهل السيد “النجفي” يحمل شهادة أركان حرب في صنف من صنوف الأسلحة مثلا!؟ وهل خدم يوما ما بالجيش العراقي على سبيل المثال!؟ وإذا كانت الاحزاب الطائفية الشيعية تمنح المعممين الحق بالتدخل بالشأن العسكري كما يتدخل “النجفي” وغيره فلماذ أعتراضنا كان على “الزيتونيين” أذن وهم كما هو لم يكونوا مسلكيين ولم يخدموا العلم يوما!؟ أن العسكري الذي تهينه العمامة والزيتوني لا يستحق أن يكون عسكريا و عليه خلع بيريته أحتراما لهذه البيرية قبل كل شيء.

إن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجّة عليه أعظم. الأمام علي “ع”.