صادق غانم الأسدي : يكتب

 

لم يجني العراقيون من الاختلافات السياسية والرؤى نحو مستقبل البلاد سوى حزمة من القرارات التي لاتصب في مصلحة الشعب العراقي واحيكت بالمقايضة والتبادل المنفعي بين رؤوساء الكتل السياسية … فتوسعت تلك الفجوة لتصبح انعزال عن وحدة البلاد ومقاطعة العملية السياسية من بعض الكتل مع ان حضورها كان لتهديم اسوار الوحدة الوطنية والاستقرار لكافة المفاصل … تلك الامور جرت بايعاز من الدول الاقليمية وهي تنظر بتعجب وذهول لما يجري من ديمقراطية في العراق وبناء سريع على كافة المجالات سيما المجال السياسي الذي اصبح العراق رائدا في قيادة بعض المسؤوليات والقرارات الاقليمية بعد ان تعافى من الركود والمقاطعة … ونجح في اقامة مؤتمرات ليكون اشعاع سلام ومنفذ خير لكل اطياف الشعوب العربية … رغم التقدم الملموس في الجوانب الامنية وما يواجه العراق من تحديات لمؤسسته العسكرية وهي حديثة التكوين من حجم المؤامرة وكثافة العدو … الا انه استطاع ان يضع بصمات بانت على الفعاليات الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي … وهذا لايروم الى اعداء العراق وهم متواجدون في قلب العملية السياسية … فأحيكت خيوط مؤامرات كثيرة وتحولت الى حراك بين الكتل ثم انتقلت مشحونة ببغض وحقد طائفي الى بعض المحافظات مدعومة باصوات اعضاء من البرلمان العراقي وأوهم بها المتظاهرون انهم يستطيعون نسف العملية السياسية وارجاع البلد الى مربع العنف … كون الجهات المتنفذة في الحكم ليس لها رصيد على المستوى الوزاري والبرلماني … فبنيت النظرية على اساس الانسحابات والمقاطعات المتكررة والتهجم بشكل صريح من قبل اعضاء ورئاسة البرلمان على الحكومة متناسيا ان الجميع خضعوا لتقيم الشعب والاختبار عبر صناديق الاقتراع … فالعملية السياسية جاءت من رحم نظيف لاغبار عليها … أن خلق حالة الازمات المتكررة وتعطيل مصالح الشعب … اوصلت بعضا من قيادي فدائي صدام الى ان يحتلوا مواقع مهمة في مفاصل الدولة بعد أن اسرفوا في قتل الناس بطريقة بشعة لايستحمل القلب مشاهداتها عبر وسائل الاعلام … فالمقبور صدام استفادة من قراءة التاريخ خاصة في المجال السياسي وارتكز على شطر كبير في بناء وحدات فدائي صدام كونهم لايختلفون بتركيبته عن الجيش الانكشاري الذي كان لايعرف الله وامه وابيه سوى السلطان لانهم جاءوا بهم من بلدان احتلتها الدولة العثمانية فبنيت لهم معسكرات منعزلة وتربوا على حب السلطان … فلا يختلف الامر ان فدائي صدام هم من لايعرفون الحق ولا الله والقيم الانسانية فتطوعوا بهذا المسلك الاجرامي هو خدمة للحفاظ على صدام حسين وعدي واقسموا بان انفسهم هي فداء للقائد وقتل كل من يتحدث عليه فهم باعوا انفسهم وشرفهم لرجل ارتكب ضد شعبه ابشع المجازر وقتل العلماء وهجر واقمع صوت الحق ودفن مئات الالاف وهم احياء … وارتكبوا جرائم ضد الانسانية بانهم قاموا بذبح الشيوخ والشباب على الضن واتهموهم بحجة التهجم على الدولة او كثرة التردد على المساجد وخصوصا في محافظة ذي قار والمحافظات الجنوبية التي اخذت نصيبا اكبر في الظلم … اضافة الى اعمال كثيرة قاموا بقطع رؤوس النساء لمجرد الشبهة واتهامهن بممارسة اعمال البغاء وقضايا تتعلق بالشرف بعد أن سمحوا وشجعوا على تلك الممارسات وامام اعين المجتمع … واليوم قد حققت الحكومة بعضا من مطالب المتظاهرين المرفوضة حينما اعلنت احالة فدائي صدام على التقاعد كبادرة اولى او ربما في المبادرة الاخرى سيستثنون من التجريم والسماح لهم بممارسة دور في قيادة مفاصل الدولة وهذا يتوقف ايضا على مدى توسع وخلق حالة من الاختلافات والتهجم المستمر على الحكومة بضغط خارجي … اما فيما يخص قانون المسألة والعدالة … فان اؤيد اذا كان التعديل يصب في مصلحة الابرياء ورفع بعض الروتين والحجوزات على اراضي المواطنين والعسكريين او البعثيين الذين لم تتلطخ اياديهم بدماء العراقيين بل بالعكس بعضهم قد اخفى وستر الكثير من ابناء شعبه … فالغاء مثل هذا الروتين والمماطلة الذي استغل من ضعاف النفوس داخل هيئة المسألة والعدالة بطلب مبالغ كبيرة مقابل انجاز معاملة قد تستغرق سنة او اكثر وهذا متداول عليه … والغريب في هذا الموضوع ان بعض المعترضين والذين ايدوا مطالب المتظاهرين سابقا أوقفوا اليوم موقف الند اتجاه الحكومة واتهامها بارجاع فدائي صدام والغاء قانون المسالة والعدالة … فهذه ازدواجية السياسة التي ستذهب بالبلد الى الانهيار ويكون ضحيتها المواطن البريء الذي اتجه يوما لممارسة حقه في اختيار من يمثله ويحافظ على حقوقه .