إنها قصة قديمة لكنها اليوم تحتل مساحة جدل واسعة في المشهد الخليجي و العربي .لا تتوقف أخبارها وأنباؤها عن التدفق كل لحظة …قصة متسارعة ومشتعلة ساخنة ،إنتقلت من دوائر النخب و الساسة و المثقفين لتصبح حديث الشارع ، ومثار أسئلة العامة ، قصة تخالفت وتخاصمت فيها الآراء و الإتجاهات و الدول أيضا.
إن قصة الإمارات العربية المتحدة والإخوان المسلمين قصة مشبعة بالتفاصيل ،تلك التفاصيل التي قد ينسى آخرها أولها …وتنفرد بعض أجزائها بالصورة ..في خضم تطورات صاخبة وأحداث متلاحقة …يتوقف القارئ أحيانا ويتساءل …ما الذي يحدث ؟ وما القصة؟ وكيف بدأت ولماذا بدأت ؟
بالعودة إلى شهر مايوا (أيار) 2012 كتب الناشط و المدون الإماراتي الشاب خليفة النعيمي مقالا في مدونته الشخصية فيها دعوة للإصلاح ولإطارها الممثل لجماعة الإخوان المسلمين في الإمارات : “أبناء دعوة الإصلاح هم من حملة الشهادات الجامعية العليا … درس بعضهم في مصر فتأثر بفكر الإمام حسن البنا والبعض الآخر تأثر بكتب الشيخ أبو الأعلى المودودي “
وفي أغسطس (آب) 2012 ردّ المدون الإماراتي محمد المرزوقي في مدونته الشخصية ردا على خليفة ” لنتكلم بصراحة الكل يعلم أن التنظيمات مهما كانت بريئة وذات أسماء ودلالات خيرة ممنوعة وبحكم القانون إن لم نكن تحت إشراف رسمي فما الغرابة إذن إن تم إعتقال بعض منسوبيها ؟ لقد نبه كبار ومسؤوليها قد نبهوا قادة هذه الجمعية ( جمعية الإصلاح و التوجيه الإجتماعي ) بأن ما يقومون به هو مخالف لأنظمة الدولة ولكنهم أصروا على الإستمرار ونسوا أن عصا القانون ثقيلة ” وهذه المدونتان توجز الكثير مما يمكن أن يقال حول قصة الإخوان المسلمين في الإمارات خصوصا إذغ علمنا أن مواقع التواصل الإجتماعي و المدونات و المنتديات كانت أحد اهم حقول هذه القصة وأبطالها .
لكن المنعرج الكبير في هذه الحكاية حين أقدم ناشطوا و أكاديميون ينتمي غالبيتهم لفكر الإخوان المسلمين على وبالتزامن مع ” الربيع العربي” إصدار عريضة ‘تعرف بعريضة الثالث من مارس آذار 2011) يطالبون فيها بإجراء إنتخابات لأعضاء المجلس الوطني الإتحادي وبتعديل دستوري يكفل له الصلاحيات التشريعية و الرقابية الكاملة.
ونتيجة لكل هذه التحركات جاء موقف السلطات الإماراتية حازما ومباشرا فتم سحب الجنسية من عدد من ” الإماراتيين المجنسين ” المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في ديسمبر (كانون الأول ) 2011 وإتهمتهم السلطات بالتورط في أعمال تهدد الأمن الوطني و الإرتباط بمنظمات وشخصيات مدرجة في قوائم الإرهاب .
والواقع أن الإمارت التي تعد واحدة من أغنى دول العالم لم تشهد إحتجاجات على غرار تلك التي أطاحت بأربعة زعماء عرب من السلطة وعززت الحركة الإسلامية في أنحاء الشرق الأوسط .ويعود ذلك إلى جزء منه إلى نظام الرعاية الإجتماعية .لكن السلطات لا تزال قلقة من أن يؤدي صعود الإسلاميين إلى السلطة في أماكن أخرى إلى تشجيع الحركة الإسلامية في الإمارات .وتسعى السلطات الإماراتية كغيرها من الحكومات الأخرى إلى فرض سيطرتها على الواقع الأمني عبر شن عمليات إستباقية هدفها تقييد حركة الجماعات المعارضة التي تسعى إلى تغيير الواقع الحكومي والإستفادة من حالة التغير التي تشهدها المنطقة العربية و التي إستفادت منها بعض الأحزاب و الحركات الإسلامية.
لكن السؤال المطروح هل سيستمر هذا التعامل بين الحكومة الإماراتية وجماعة الإخوان المسلمين الإماراتية ؟
أم سيتطور الصراع ؟
هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة