الإرهاب…لادين له…عبر التاريخ / 21
بقلم : عبود مزهر الكرخي

ونكمل الظاهرة المجرمة والخطيرة الثانية وهي :
وثانيها: سلب الجسد الطاهر، حيث بلغ القوم القمّة في التسافل، فسلبوا الحسين عليه السلام بعد قتله مباشرة بأخذ قميصه وعمامته ونعله وخاتمه، بل همّوا بسلب سرواله، إلّا أنّ المشيئة الإلهيّة الغيبيّة تدخّلت ومنعت من حصول ذلك(3).
وثالثها: وهو الجزء المؤلم والذي هو قمة الإرهاب والذي يمثل قمة الأجرام وهو رضّ الجسد الطاهر للإمام الحسين عليه السلام بحوافر الخيل، حينما نادى ابن سعد لتطأ الخيلُ صدر الحسين عليه السلام وظهره(4).
” ويقول باحث وجدت كتاب اسمه اقوى الخيول للخبير في عالم الخيل الشاب الالماني روبرت. يقول روبرت هناك خيول تسمى بالخيول الاعوجية صفات هذه الخيول ان تكون وزن كل حذوة منها 65 كيلوغرام . (واحسيناه ) يقول : ان هذه الخيل يشدون لها هذه الحذوة لتكسير الشيء وطحنه . من هنا تذكرت رواية لاحد الخيالة الذين صعدوا على صدر الحسين عليه السلام بهذه الخيول يقول الخيال : سمعت تكسر اضلاع الحسين ( وا اماماه ). نعم عشرة خيول سحقت ابا عبد الله الحسين عليه السلام . وفي كل واحدة من الخيول اربعة حذوات . وكل حذوة وزنها 65 كيلو غرام فيكون الثقل الواقع على صدر الحسين عليه السلام 4 حذوات × 10 خيول = 40 حذوة . كل حذوة وزنها 65 كيلو × 40 حذوة = 2600 كيلو غرام . يا ناس يا عالم يا غيارى الحسين ابن بنت رسول الله احد اصحاب الكساء سيد شباب اهل الجنة يدوسونه بالخيول الاعوجية ويسحقون صدره الشريف ب (2600) كيلو غرام “(5).
ولو تأملنا ما تم ممارسته في واقعة الطف من تمثيل بالجثث وقطع الرؤوس وسبي النساء وحتى تم سحق الكثير من الأطفال تحت سنابك الخيول عند الأغارة على معسكر الأمام الحسين(ع)من قبل مجرمي جيش أبن زياد وعندما امر الجد الإرهابي المجرم عمرو بن سعد وقال قولته المجرمة والمشهورة(أحرقوا بيوت الظالمين)وهو يعلم أن هذا البيت ليس إلا البيت الذي يضم ذراري رسول وأهل البيت النبوة. بحيث تذكر الروايات أن الكثير من العلويات الصغيرات قد داستها سنابك الخيل وقتلت عند الهجوم على معسكر الحسين وتم أخذ ذراري رسول الله أسيرات حاسرات الرأس وعلى أقتاب الإبل وحتى سرقة حليهم وسرقة ما في المعسكر بحجة الغنيمة.
فها هو أمير المؤمنين عليه السلام يخبر ابنته العقيلة زينب عليها السلام بما يجري عليها في الكوفة قائلاً: “وكأنّي بك وبنساء أهلك سبايا بهذا البلد أذلّاء خاشعين، تخافون أن يتخطّفكم الناس، فصبراً صبراً..” (6).
وها هو الإمام الرضا عليه السلام يذكر لابن شبيب مصائبهم في شهر محرّم فيقول: “فما عرفت هذه الأمّة حرمة شهرها ولا حرمة نبيّها, لقد قتلوا في هذا الشهر ذريّته, وسبوا نساءه, وانتهبوا ثقله, فلا غفر الله لهم أبداً”(7).
وفي تائيّة دعبل الخزاعيّ المشهورة جاء قوله:
بَنَاتُ زِيَادٍ فِيْ القُصُورِ مَصُونَةً وَآلُ رَسُولِ اللهِ فِي الفَلَوَاتِ
وقال:
وَآلُ رَسُولِ اللهِ تُسْبَى حَرِيْمُهُمْ وَآلُ زِيَادٍ رَبَّةُ الحَجَلَات (8).

ولهذه جاءت هذه العبارة والمقولة في وصف ما جرى في عرصات كربلاء بالقول “السلام على الدماء السائلات، السلام على الأعضاء المقطّعات، السلام على الرؤوس المشالات، السلام على النسوة البارزات”.
عن إمامنا الرضا عليه السلام: “إنّ المحرّم شهر كان أهل الجاهليّة يحرّمون فيه القتال، فاستُحلّت فيه دماؤنا، وهُتكت فيه حرمتنا، وسُبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأُضرمت النيران في مضاربنا، وانتُهب ما فيها من ثقلنا، ولم تُرع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرمة في أمرنا. إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا، بأرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء، إلى يوم الانقضاء، فعلى مثل الحسين فيلبك الباكون، فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام”.
بعد أن قُتل الإمام الحسين عليه السلام ورفعوا رأسه على رأس الرمح, أقبل القوم على سلبه, فأخذوا ثيابه, ودرعه وسيفه, وحتّى خاتمه الشريف أخذه اللعين بجدل بن سليم الكلبيّ, وكان قد جمد عليه الدم, فقطع اللعين إصبع الإمام مع الخاتم… وتركوا الإمام على وجه الصعيد, عاري اللباس, قطيع الرأس, منخمد الأنفاس..(9).
والموقف المؤلم والذي يدل على أنه إرهاب بمعني الكلمة هو أنه حتى الطفل الرضيع تم رفع رأسه على رأس رمح لأن أحدى القبائل لم ترفع أحدى الرؤوس الطاهرة لمعسكر الحسين فلجئوا إلى استخراج الطفل الرضيع من قبره بعد أن دفنه الأمام الحسين مرملاً بدمائه وبجفنة سيفه وقطعوا رأسه ورفعوه على رمح.
وهذا الطفل لم يشرب الطفل الرضيع الماء لمدة ثلاثة ايام، وقد جف لبن أمه الرباب ، وكانت شفاه الرضيع ذابلتان و كبده يتلظى عطشا.
ومن الواجب الشرعي على الامام أن يطلب له شربة ماء. ورغم أن الامام الحسين (عليه السلام) يعلم أن نفوس القوم الظالمة لئيمة لا ترحم حتى الطفل الصغير.
لهفَ نفسي على الرضيعِ الظامئ فَطَمـتْـه السِّـهامُ قَبـلَ الفِطامِ ولكن مولاي الحسين (عليه السلام) كان يريد تقديم أعز ما يملك لله تعالى. وبنفس الوقت مجيء الامام (عليه السلام) بالطفل الرضيع الى ساحة المعركة وأمام معسكر يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لكي يتم الحجة عليهم ولكي يفضحهم أمام العالم بأنهم ليس لهم شرعية ولا منهاج لا في الحكم ولا في إدارة السلطة والدليل على ذلك عدم رحمهم للطفل الصغير في ساحة المعركة.
فاستشهاد عبد الله الرضيع هو فضح نوايا حقيقية للمعادين لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه واله وسلم) واهل بيته (عليه السلام).
ويدعون أن الامام الحسين (عليه السلام) قد خرج على أمر يزيد (عليه لعنة الله) ويستحق القتال، أذن ما هو ذنب عبد الله الرضيع (عليه السلام) الذي كان عمره ستة اشهر! هل في هذا العمر يستطيع أن يرمي سهما أو يضرب رمحا أو يضرب بالسيف؟ ولا نعلم هل عبد الله الرضيع خرج عن امر يزيد (عليه اللعنة)! أنه كان أصغر من قتل في كربلاء، كان أصغر من أريق دمه الطاهر، كان نجما صغيرا في الحجم، لكنه كان أكبر من كل الشموس المتوهجة في الكون، عندما أريقت قطرات دمائه على وجه الحسين “عليه السلام” كان الإمام بذلك يوقع على وثيقة شهادته الكبرى أمام محكمة التاريخ.
واذا أردنا موثوقية ثورة الامام الحسين (عليه السلام) لوجدنا باستشهاد عبد الله الرضيع الحجة البالغة لله وللإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف بكربلاء.
والإمام الحسين (عليه السلام) يوم المفاداة العظمى ذبح طفله بين يديه كما أخرج نبي الله صالح عليه السلام فصيل الناقة الى بني إسرائيل بعد قتلهم الناقة وناداهم إن كنتم قتلتم الناقة فها هو فصيلها خزوه لتسقوه يرفع عنكم العذاب ولكنهم ألحقوا الفصيل بالناقة قتلا، فصب عليهم ربهم العذاب صبا (10).
ومن هنا جاء قول الحسين (عليه السلام): (اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح).
فأي منطق يقال بأن هؤلاء المجرمين هم جيش المسلمين وجند الله وأن يزيد هو خليفة للمسلمين وبيعته شرعية وأنه أمير المؤمنين وهو قد أثخن القتل والذبح وهتك حرمة أهل بيت نبي الله وحبيبه محمد(ص) فهل يصح قول هذا أم إن كل من يقوله هو حتما ذو هوى أموي أو عباسي أو من وعاظ السلاطين من أصحاب الدرهم والدينار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3 ـ اُنظر: ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف: ص115. وابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج4، ص55.
4 ـ راجع مقال الكاتب : الشيخ منتظر الإمارة. مجلة الإصلاح الحسيني – العدد العاشر. مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية
5 ـ مأخوذة من مقال بعنوان (ما معنى الخيول الاعوجية ؟؟؟ معلومة تعصر القلب وتنزل الدمع ). منتدى الكفيل. ساحة أهل البيت (عليهم السلام). قسم الإمام الحسين (عليه السلام). منشور بتاريخ04-10-2017. الرابط : https://forums.alkafeel.net/node/121297
6 ـ مجالس السبايا من كربلاء إلى الشام ومن الشام إلى المدينة. جمعية المعارف الإسلامية الثقافية. معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني . شبكة المعارف الإسلامية _www.almaaref.org . 2013 م, 1434 ه. ص 6.
7 ـ الصدوق: الأمالي ص 192.
8 ـ بحر العلوم: مقتل الحسين عليه السلام ص 67- 68.
9 ـ مجالس السبايا من كربلاء إلى الشام ومن الشام إلى المدينة. جمعية المعارف الإسلامية الثقافية. معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني . شبكة المعارف الإسلامية _www.almaaref.org . 2013 م, 1434 ه. ص13.
10 ـ مأخوذة من من مقال بعنوان(الحجة الكبرى استشهاد عبد الله الرضيع في كربلاء). الكاتب(مجاهد منعثر منشد). قسم ملفات عاشوراء. شبكة النبأ المعلوماتية. منشور بتاريخ الخميس 13 تشرين الاول 2016.