الإرهاب…لادين له…عبر التاريخ / 11
بقلم : عبود مزهر الكرخي

مقتل عثمان
من المعلوم أن مقتل الخليفة الثالث عثمان كان فيه الكثير من اللغط والشبهات ، والذي أصبح قميص عثمان مثل يضرب ، واستمر ذلك حتى أصبح قميص عثمان مضرب المثل لكلّ قضية توهم مغالطة الناس بغير الحقّ.
وهذه هي بعض أساليب معاوية في اعلان المطالبة بدم عثمان ورفع شعار يا لثارات عثمان ، وهو الشعار الّذي استمال به أهل الشام ، ورفعته زمرة الناكثين في مكة ، وقاتلوا باسمه في حرب البصرة.
وروى البلاذري في أنسابه في حديث الزهري قال : « وكان الزبير وطلحة قد أستوليا على الأمر ومنع طلحة عثمان من أن يدخل عليه الماء العذب ، فأرسل عليّ إلى طلحة ـ وهو في أرض له على ميل من المدينة ـ أن دع هذا الرجل فليشرب من مائه ومن بئره ـ يعني بئر رومة ـ ولا تقتلوه من العطش ، فأبى فقال عليّ : لولا أني قد آليت يوم ذي خُشب أنّه إن لم يُطعني لا أرد عنه أحداً لأدخلت عليه الماء » (1).
قال ابن سيرين : « لم يكن أحدٌ من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم أشد على عثمان من طلحة » (2).
ولهذا كان طلحة والزبير هم من حرضوا على قتل عثمان ، وتشير وقائع حرب البصرة شواهد كثيرة فانتظر ما قاله مروان حين رمى طلحة بسهم فأصابه : « والله لا أطلب ثأري بعثمان بعد اليوم أبدا » ، وانتظر ما قاله محمّد بن طلحة للغلام الجهني ، إلى غير ذلك (3).
والأمر المهم هو موقف عائشة من عثمان حيث أن ، عائشة ، لقد مرت بنا جملة من أقوالها الّتي كانت تشهّر بها على عثمان ، في مواقفها مع الساخطين.
مثل قولها : « إنّ عثمان أبطل الحدود وتوعّد الشهود » (4).
وقولها وقد أطلعت شعراً من شعر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وثياباً من ثيابه ثمّ قالت : « ما أسرع ما تركتم سنّة نبيكم » (5).
قال اليعقوبي في تاريخه : « وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك إنه نقصها ممّا كان يعطيها عمر ، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإنّ عثمان يوماً ليخطب إذ دلّت عائشة قميص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونادات يا معشر المسلمين هذا جلباب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يبل وقد أبلى عثمان سنته ، فقال عثمان : ربِ أصرف عني كيدهنّ إن كيدهنّ عظيم » (6).
ولم ننس قولها لمروان بن الحكم وزيد بن ثابت حين أتياها مستعطفين لها على عثمان : « يا مروان وددت والله انه في غرارة من غرائري وأني طُوقت حمله حتى ألقيه في البحر » (7).
ولا قولها لابن عباس وقد صادفها في الصلصل في طريق مكة : « فإياك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية » (8).
وكانت تؤلب عليه بمكة ، وهذا كله تقدم ذكره آنفاً.
لذلك ليس بغريب من طه حسين لو قال : « وكانت من أشد نساء النبيّ إنكاراً على عثمان » (9) ، ولا غرابة أيضاً في قول أحمد أمين : « وكانت من أكبر الشخصيات البارزة في محاربته وتأليبها الناس عليه عائشة بنت أبي بكر » (10).
وعائشة صاحبة المقولة المعروفة بقولها في فتواها وقد حكمت على عثمان : (( اقتـلوا نعثـلاً فقـد كفـر )) !! ، حيث جاء في كتاب لسان العرب تفسير كلمه نعثل كالتالي : ( نعثل ) النَّعْثَلُ الشيخُ الأَحمقُ ويقال فيه نَعْثَلةٌ أَي حمق.
ولا يخفى أن (( نعثلاً )) اسم لرجل يهودي أحمق وقيل كان كث اللحية !..
واما قول ام المؤمنين عائشة بنت ابي بكر اقتلوا نعثلا فقد كفر او فقد فجر وقد ورد هذا الحديث في الكثير من كتب الاخوة اهل السنة ويمكن الرجوع الى تلك المصادر والتي في اسفل المقال توثيقاً لمقالة أم المؤمنين ، كما تلقب بذلك (11).
وقد أحتج عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه على عائشة حينما خرجت على إمام زمانها علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه في واقعة الجمل ، فذكرها بتحريضها على قتل عثمان .. فقد روى البلاذري في الأنساب قال :
” خرجت عائشة رضي الله تعالى عنه باكية تقول : قتل عثمان رحمه الله !! فقال لها عمار بن ياسر : أنت بالأمس تحرضين عليه ثم أنت اليوم تبكينه !! “. والمصادر التي في اسفل المقال أيضاً تشير الى هذه الرواية (12).
ولهذا نجد ان عائشة وحفصة أول من قالتا لعثمان : ” ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، سمّاك نعثلا تشبيها بنعثل اليهودي ” (13).
وقيل ان نعثل هو الشيخ الاحمق ، وهو رجل من أهل مصر كان يشبه عثمان (14). والامر الثاني المهم ان عائشة اول من كن عثمان نعثلا وحكمت بقتله (15).
اما الموقف الثاني من عائشة تجاه الخليفة عثمان ابن عفان هو انها خرجت تطالب بدمه !! فمن جانب هي التي حرضت على قتله وهي التي كنته نعثلاً ؟؟ ومن جانب اخر تجد ان عائشة هي التي طالبت بدم عثمان ابن عفان
فلا ادري كيف الجمع بين هذين الموقفين من عائشة بنت ابي بكر تجاه امير زمانها عثمان ابن عفان فعلى من يتهمنا بسب الصحابة نقول له اليس عائشة هي التي سبت الخليفة الثالث ؟؟ وكنته نعثلاً بل هي التي طالبت بقتله ؟؟
وهذا غيض من فيض بما فعله الصحابة وعائشة والبقية ، والذي الجهلة من يدعون العلم والتاريخ يردون في كتاباتهم أن امير المؤمنين(عليه السلام)هو من حرض على قتل عثمان ، والحقائق تثبت غير ذلك ، والأدهى من ذلك أن العوام من مذهب السنة وحتى بعض الشيعة من العوام يقرون بتلك الأباطيل والتلفيق والذي كله كان من نسج معاوية واتباعه والذي رسخ ذلك التحريف والتزوير من خلال وعاظ السلاطين من ادعياء العلم والتاريخ ، وهذه تمثل صفحة من صفحات الإرهاب في التاريخ الإسلامي والذي يتم التعتيم اليه ولا الإشارة اليه.
والذي في جزئنا القادم سنلقي الأضواء على دور معاوية(لعنه الله)في قتل عثمان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ أنساب الأشراف ٤ / ٥۸۲. تحـ احسان عباس.
2 ـ نفس المصدر / ٥۷۲. راجع كتاب(المحرّضون على عثمان هم قتلته)السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان. مكتبة رافد.
3 ـ راجع كتاب(المحرّضون على عثمان هم قتلته)السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان. مكتبة رافد.
4 ـ أنساب الأشراف 1 ق 1 / 522.
5 ـ نفس المصدر / 580.
6 ـ تاريخ اليعقوبي 2 / 152 ط الغري 1358.
7 ـ أنساب الأشراف 1 ق 1 / 56.
8 ـ نفس المصدر / 565.
9 ـ عليّ وبنوه / 29 ط دار المعارف.
10 ـ يوم الإسلام / 75 ط دار المعارف.
11 ـ تاريخ الطبري ج 4 ص 407 .الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 206 . تذكرة الخواص لابن الجوزي ص61 و 64 . الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج1 ص 49 . لسان العرب ج14 ص 193. تاج العروس ج 8 ص 141 . العقد الفريد ج4 ص290 .
12 – طبقات ابن سعد ، ج 5 ص 25 . نساب البلاذري ، ج 5 ص 70 ، 75 ، 91 . الإمامة والسياسة ، ج 1 ص 43 ، 46 ، 57 . تاريخ الطبري ، ج 5 ص 140 ، 166 ، 172 ، 176 . العقد الفريد ، ج 2 ص 267 ، 272 . تاريخ ابن عساكر ، ج 7 ص 319 . الاستيعاب ترجمة الأحنف صخر بن قيس . تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 172 . شرح ابن أبي الحديد ، ج 2 ص 77 ، 506 . تذكرة السبط ص 38 ، 40 . نهاية ابن الأثير ، ج 4 : 166 . أسد الغابة ، ج 3 ص 15 . الكامل لابن الأثير ، ج 3 ص 87 . الفتوح لابن أعثم ، ج1 ص 434 . القاموس ، ج 4 ص 59 . حياة الحيوان ، ج 2 ص 359 . السيرة الحلبية ، ج 3 ص 314 . لسان العرب ، ج 14 ص 193 . تاج العروس ، ج 8 ص 141 .
13 ـ (راجع كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي 3 / 30) ،
14 ـ (راجع لسان العرب 11/670).
15 ـ كما ينقل ابن اعثم في كتاب (الفتوح 1 / 64).