على مدى اكثر من قرن من العنصرية و الأضطهاد والقتل والاعتقال القسري للشعب الكوردي في تركيا , كان لخطوة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان بالأتفاق مع مقاتلي حزب العمال الكوردستاني PKK الجرأه لوقف اطلاق النار وانهاء العمليات العسكرية على الحدود مع العراق وايران ضد الثوار . وايقاف نزيف الدم منذ منتصف الثمانينيات عندما بدء القائد عبدالله اوجلان مع مقاتلي حزب العمال الكوردستاني الثورة ضد الحكومة التركية من اجل نيل الحقوق القومية والوطنية للشعب الكوردي .

 

لو أعدنا النظر في التأريخ الدموي للحكومة التركيا نجد أنها لم تعترف على مدار اكثر من قرن بحقوق الشعب الكوردي بل حاولت بكل الطرق القضاء على هذا الشعب واعدم كل من كان يعارض الحكومة والجمهورية التركية , على مدار اكثر من قرن فرضوا اللغة التركية على اكثر من 25 مليون كوردي ومنعوهم من ابسط الحقوق القومية , اللغة , الفلكلور , الثقافة , اللباس القومي . وبقوة السلاح وحكم العسكر والجنرالات وقوانين قره قوش والحديد والنار اجبروهم على الثورة واللجوء الى الجبال وحمل السلاح بعد أن يأسوا من الوعود . وخلال اكثر من ثلاثة عقود تجاوز الضحايا اكثر من 60 الف شخص فقط من جانب العسكر والمواطنين تركيا , واصبح قدوم يوم الدخول الى الجيش رعب ومأساة وبالاخص في مناطق الاناضول وجبال كوردستان , والعودة بالتسريح من الجيش سالما معجزة حقيقية لهم .

 

سبقت الخطوة الاخيرة العديد من اتفاقيات وقف اطلاق النار والعديد من محاولات السلام وبالاخص في زمن الرئيس التركي الراحل توركت اوزال , الذي رحل او اغتيل في ظروف غامضة لمجرد اعلانه خطوة السلام وايقاف القتال للقضية الكوردية انذاك , وبعد ذلك اعلن الثوار الكورد ايقاف اطلاق النار من جهة واحدة لاكثر من مرة , لكن الجنرالات والعسكر ولمصالحهم الشخصية رفضوا وفرضوا فوهات المدافع والبنادق على غصن الزيتون . الى ان جاء حكومة العدالة والتنمية برئاسة اردوغان للحكم وبعقلانية الحكماء درسوا جوانب القضية الكوردية واعلنوا اعترافهم بالشعب والقضية واول خطواتهم كانت قانون الاحزاب وتأسيس الاحزاب الكوردية ودخولهم البرلمان التركي وثم الاعتراف باللغة الكوردية وافتتاح الفضائيات باللغات الكوردية , لكن الخطوة الاخيرة اعاد السلام الى المنطقة واعاد الحياة للقرى والمدن الكوردية على الحدود المتاخمة للعراق وايران . بعد مداولات وزيارات القائد المعتقل اوجلان ودراسة القرار اعلن الثوار وقف القتال والانسحاب الى جبل قنديل داخل اراضي اقليم كوردستان من اجل تحقيق الخطوات التالية باعلان العفو العام للسجناء السياسيين واعلان موقف القائد اوجلان من عدمه .

 

بالتأكيد فأن المعارضين داخل تركيا صبوا نار غضبهم على الحكومة وطالبوا بوقف الاتفاقية بل طالبوا بقطع الطرق على

الثوار واعتقالهم وابادتهم وكأنهم وحوش , بكل تأكيد تأتي في مقدمة المعارضين الحزب القومي التركي MHP

بقيادة دولت باخجلي الذي يعارض بكل قوة وقف اطلاق النار ويطالب باعدام اوجلان ومن معه , متناسيا ان الحرب دمار واستمرار لوصول نعوش ابناء العوائل ملفوفة بالعلم التركي , السؤال هنا : هل استشهد او قتل احد افراد اسرته من خلال المعارك ؟ بالطبع كلا والف كلا , لآن هؤلاء جرأتهم فقط الصراخ والعويل . وهؤلاء حاقدين على كل كوردي اينما كان في العالم ويعيشون احلام الدولة العثمانية , هؤلاء متعطشين للدماء البريئة ولايحبون السلام ويحاولون بكل قوة ادامة الحرب والقتال من اجل مصالحهم الشخصية . والحزب الاخر هو الحزب الجمهوري CHP بقيادة كليجدار اوغلو , الذي هو الاخر يحلم بعودة جمهورية كمال اتاتورك , وتركيا للاتراك فقط , متناسين ان اكثرية اراضي غرب تركيا , يونانية الأصل , والشمال , للآرمن ودول اوروبا الشرقية . والجنوب , سورية الاصل وهكذا . لكن كليجدار لايعترف ويحلم بعودة اتاتورك وسيطرة تركيا على دول المنطقة . ويطالب بدحر الحزب الاسلامي , العدالة والتنمية , ويحارب بكل قوة من اجل العودة الى الحكم ومشاركة باخجلي معهم , متناسين أن قوة اردوغان اكبر من كل الاحزاب وشعبية اردوغان اكبر والخطوات الجرئية بانتعاش الاقتصاد التركي اكبر بكثير من احلام هؤلاء المرضى , ان خطوة اردوغان بالاعتراف بأقليم كوردستان العراق وفتح القنصلية التركية واشتراك المئات من الشركات التركية والاف العمال في اعمار كوردستان خطوة جريئة اخرى من اجل السلام في المنطقة , والزيارات المتكرره للقادة في الاقليم وتركيا اثبت ان السلام والحوار هو الحل الامثل للتعايش السلمي في المنطقة .

 

كان لدور الرئيس مسعود بارزاني في حل القضية الكوردية في تركيا صدى واسع في المنطقة والعالم , حيث قدم اقتراحات جريئة ايضا لحل القضية من اجل ايقاف القتال وعودة السلام الى الحدود المتاخة للاقليم مع تركيا وتحمل المسؤولية القومية لاخوانه الكورد في تركيا , لان الرئيس بارزانى كان ولايزال يؤمن بالسلام وايقاف القتال والجلوس حول مائدة الحوار . وبكل تأكيد فأنه يعلم ان الخطوة التالية لعودة مقاتلي جبل قنديل الى الحياة الطبيعة أمر ضروري والعيش في الامان والسلام .