رحيم الخالدي
شهدت تركيا كثير من الإنقلابات العسكرية، وعلى فترات متباعدة، وكانت أربع محاولات ناجحة، والخامس الأخير الذي مني بالفشل حسب المعطيات، وإن كان يخفي خلفه كثير من التساؤلات، التي تحتاج لتوضيح ما خفي على المتطلع، سرعة إنتهائهِ بضرف أقل من يوم يأخذنا لكثير من الإستفهامات؟ ومنها أما هو فلم هوليود تم إخراجه بطريقة محترفة، أو يدل على غباء القادة الذين قاموا بذلك الإنقلاب، وحسب التسلسل الزمني للأحداث التي جرت على الساحة التركية، وبقاء أردوغان بعدما تناقلت الأخبار، أنه يروم الهروب لأي دولة تقبل لجوئه فيها .

الأمر الأول والذي يلف بين طياته الضبابية، في ذلك الحدث الذي أشغل العالم، وجعل منطقة الشرق الأوسط محط أنظار العالم، هو كيف تمت السيطرة على الإنقلاب؟ وتقوده قادات عسكرية تمتلك القوة الأولى في الدولة، ولديها القوة والسلطة الكاملة، ويمكنها السيطرة بضرف وجيز على كل المفاصل، ولابد من وجود خطة كاملة، وخطة بديلة في حال فشل الأولى، ووجود أولويات منها السيطرة على مصدر القرار، والإذاعة، والمداخل والمخارج، والقوة الجوية، والساحلية، والأمن الداخلي، الذي سيكون بيد الجيش، والقرار رقم واحد هو من سيحدد مصير البلد .

من المعروف أن تركيا الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة، سيما أنها منطقة حرب مشتعلة تلعب المجاميع الإرهابية فيها كيفما شاءت، وكل تلك الجماعات يتم ديمومتها من تلك الدولة، ومنها يتم إنطلاق المستوردين من كل أصقاع الأرض، ليقاتلوا في سوريا والعراق واليمن، وباقي أرجاء المنطقة العربية، وتناقلت بعض المواقع كيف يبكي الإرهابيين عند سماعهم خبر الإنقلاب، وكيف سيكون مصيرهم في قادم الأيام، وانتهاء الدعم والإسناد عنهم، وكل هذه المعطيات تثبت مرجعية اؤلائك الإرهابيين، وكيف ستكون كفة المعادلة بعد الإنتصارات التي تحققت في الجانب العراقي والسوري .

الذي تابع الأحداث، وشاهد الجيش المنتشر في كل الشوارع والمفاصل، ولم يتم إطلاق الرصاص! والسماح للمدنيين بالخروج للشارع، وعدم منعهم أو رميهم بالرصاص، يقود لسرٍ لا يعرف إلاّ أردوغان نفسه، والتدخل الأمريكي السريع وإسقاط المروحيات، والدعم اللامتناهي يثبت أن أمريكا ضالعة بذلك الفلم الهوليودي، والضحية هم القادة الذين يخشاهم أردوغان، لقاء تصرفاته الهوجاء بالتدخل بشؤون الدول المجاورة، ونزول أصحاب اللحى وهم يلوحون بالسكاكين وباقي الأسلحة وأسلوب الذبح الذي تم، يبرز الوجه الحقيقي لديكتاتورية أردوغان، والنهج السلفي الذي ينحدر منه .

نهاية المطاف الذي يحوي نتاج اللعبة التي تم تنفيذها، تبدأ بتساؤل ملح؟ حول كيف إستطاع أردوغان معرفة كل القادة المشتركين بالإنقلاب بهذه السرعة! وإلقاء القبض عليهم، وخلال ساعات، وقراره بتسريح هذا العدد الهائل من القضاة وفصلهم من الخدمة، وليس هذا فقط، بل تعدى ذلك إلى مفاصل ليست ضمن المؤسسة العسكرية، وهذا يدل على وجود هذه القوائم مسبقا، مع إضافة استعمال التراجيديا لإستمالة الشعب وإبراز مظلومية رئيس الوزراء، وفبركة ظلم المؤسسة العسكرية، وأنها تريد بالبلد إلى الهاوية، كما ظهر من خلال الخطب التي ألقاها في الساحات العامة، مع تواجد مؤيديه، وإيصال رسالة انه قادر على قلب المعادلة .