أهمية إستثمار طاقات الشباب
في تنمية المجتمع ..

بقلم / د. نبيل أحمد الأمير

يتكوّن المجتمع من مجموعة من الأفراد كبار وشباب وصغار من مختلف الجنسين ، حيث إنّ صغار السن وحسب التصنيف العمري العالمي هم اللذين تتراوح أعمارهم من يوم إلى أربعة عشر سنة ، وفئة الشباب من سن الرابعة عشر إلى سن الأربعة والستين ، وأمّا فئة كبار السن فهم من تزيد أعمارهم عن خمسة وستين .

ويكون تصنيف المجتمعات بناءً على نسبة كل فئة من الفئات السابقة الذكر ، فهناك مثلاً المجتمع الفتي والذي فيه نسبة الشباب تفوق نسبة كبار السن ، وما يميّز المجتمع الفتي هو أنّه أكثر قدرةً على الإنتاج وعلى مواكبة تطورات العصر السريعة ، لما يمتلكونه من طاقات عالية وقدرة على التحمل تفوق تلك الفئتين الصغار وكبار السن .
لكن ما معنى “الشباب” ؟
ورد في كثير من المعاجم معنى كلمة الشباب ، حيث إنّ لها أكثر من صيغة ، فالشباب هم تلك الفئة متوسطة العمر التي تجاوزت سن البلوغ ، وهناك كلمة الشبب والمقصود بها التفاؤل والأمل بالمستقبل المشرق ، وهي تدلّ على أول النهار ، والشاب هو الفرس الذي يتّسم بالقوة وحب المغامرة وتحمل الصعاب ، والمشابيب تعني القادة حيث إنّ القيادة التي تكون بيد الشاب تتسم بالتغيير السياسي والاجتماعي نحو الأفضل ، وتتمتع قيادة الشباب بالنشاط والحيوية والتعاون للوصول إلى النهضة والرقي بالمجتمع كافة .
إن أهمية الشباب منذ أقدم العصور ودور الشباب يحتل مراكز متقدمة جداً في بناء المجتمعات حيث إنّ صلاح المجتمع يعتمد على صلاح أبنائه الشباب ، فالدعوة الإسلاميّة قامت على كاهل الشباب ، وكان الشباب هم الفئة الأكثر إسلاماً في البداية ، وهنا تكمن أهمية فئة الشباب إذ أنّهم قابلون للتطور والتغيير ، وبناء نهضة في زمن قصير ، لأنّهم يتمتعون بصفات عدة تساعدهم على ذلك مثل النشاط والقوة الجسدية والفكرية وغيرها ، فالشباب ذكروا في مواطن كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، ممّا يدلّ على أهميتهم في بناء المستقبل .

إن ازدهار الأوطان وتقدّمها مصدره الشباب ، حيث إنّ وجود الموارد الطبيعية والإمكانيات المادية دون توفر الموارد البشرية لا يمكن الاستفادة منها ، لأنّ الموارد البشرية وخاصةً فئة الشباب هي من تقوم بعملية التخطيط والإدارة والسعي لتنمية كافة القطاعات وتطويرها ، مثل التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية ، والمساعدة في المحافظة على استدامة الموارد الطبيعية إلى الأجيال القادمة .
وكلّما كانت فئة الشباب أكثر نضوجاً وتعليماً كانت المجتمعات أكثر نهوضاً ، ولا نعني بالشباب فئة الذكور فقط ، بل تضمّ فئة الإناث التي لايقلّ دورها أهميةً عن دور الذكور ، فهي من تربي الأجيال وهي نصف المجتمع . وهناك دور كبير يقع على عاتق الاسرة وهو القيام على تربية الأبناء أخلاقياً واجتماعياً ودينياً ، لينشأ جيل من الشباب الواعي الذي يشكّل المجتمع وبالتالي الدولة .

نحن نرى انه لايمكن الرقي بدون مشاركة الشباب ، فمهما كانت حاجتنا للخبرات ، فلا بد من الاستفادة من طاقة الشباب والإستعانة بها .
كما أن على وزارة الثقافة والتربية والتعليم العالي أن تقوم بدور كبير في الاهتمام بالشباب ثقافياً وأدبياً ، وذلك باحتوائهم من خلال البرامج الأدبية والثقافية والعلمية ، ومن خلال الفعاليات التي تقدمها هذه الوزارات خلال المواسم الثقافية الدورية داخلياً وخارجياً ، أو عبر الأندية الأدبية والثقافية والعلمية وأطروحاتها خلال المواسم الثقافية ، وكذلك المشاركة في البرامج الثقافية والأدبية والعلمية ، والاهتمام بالمراكز ذات الإختصاص والتخصص في المحافظات ، وتنشيط اللجان الشبابية بصورة أكبر وأكثر فعالية ، وفتح مراكز لرعاية الموهوبين أدبياً وثقافياً وفنياً وعلمياً ، كل ذلك ستكون نتائجه رائعة وسيعود بالنفع والفائدة على شباب الوطن ، وهذه الأدوار المهمة ستقدم للوطن نماذج من الشباب يُعتمد عليهم في مسيرته الإنمائية المستمرة ، والذين سيكونون صمام أمان لوطنهم ، وضمان استقرار لمجتمعهم .

إن الشباب هم صمام أمان الأمم ، ومقياس قوتها ، وهم ثروتها وخير من يقودها ، وهم مقياس تقدمها أو تأخرها ومعيار رقيها أو تدهور أحوالها ، ومع ذلك فهم لا يحظون بالاهتمام  من بعض الجهات المختصة بهذه الشريحة الواسعة ، ففي كل يوم نجد أن ما ينتجه الشباب هو نتيجة أعمال فردية مرتجلة لا يسبقها تخطيط واضح وعمل مترجم ورؤية مستقبلية .

سنعرض في دراستنا هذه آراء بعض الاختصاصين في كيفية الاستفادة من هذه الطاقات الشبابية وآلية التعامل معها بإعتبار الشباب هي الشريحة الواسعة والفعّالة في المجتمع ، ودورها في تقدم المجتمع نحو المستقبل الأفضل .
فبعضهم يقول أنه لا بد من تقديم بعض الاقتراحات للجهات المعنية لاحتواء الشباب وبناء مستقبلهم وتحقيق آمالهم ، ويتمثل ذلك في تثقيف المجتمع بالتعامل الأمثل مع أخطاء الشباب ، وضرورة تفعيل البناء التربوي والبرامج الوقائية من خلال المدارس في جميع مراحلها ، وتفعيل النوادي الثقافية والرياضية داخل الأحياء والإسهام في إعداد القائمين عليها ، وتكثيف النوادي الصيفية ودعمها ووضع الخطط الإبداعية في ارتقائها ، وتكثيف المخيمات الشبابية التي تساهم في التربية واستثمار الشباب بشكل متواصل ، وإعداد برامج خاصة في القنوات الفضائية تهتم باهتمامات وهموم ومتطلبات الشباب ، والنظر في إعادة صياغة المناهج الموجودة في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ، والتركيز والاهتمام بالكيف والهروب من الكم ، وضرورة الإسهام في التخفيف من المصروفات التي تبعد الشباب عن الاهتمام والإبداع ، والوقوف إلى جانب الشباب الموفدين خارج البلاد ومتابعتهم ، وضرورة استغلال فترة دراستهم فيما يعود بالنفع لهم ولأوطانهم وحمايتهم من الثقافة التي تقود إلى الهدم والانحلال ، وبناء الثروة الاقتصادية عن طريقهم ويكون ذلك عن طريق توفير الدعم المادي من خلال تأمين القروض المادية التي تساعد  على تمكين الشباب من بناء مشروع اقتصادي حتى ولو كان بسيطا ، وإنشاء مؤسسات شبابية حكومية خاصة تظهر الاهتمام والتنافس البناء في خدمة جيل الشباب . 

ألفراغ يُعتبر قاتل الإبداع والعمل عند الشباب ، فهو سم الحياة وقاتل الطموح ، وكيف لا يكون ذلك ونحن نشاهد ضعف واقع بعض الشباب اليوم ، فهم إما على الطرقات منتشرون ، أو على الشبكات العنكبوتية منهمكون في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر شاشات الفضائيات ، وهذا يعني انهم يستغلون الزمن الشبابي لهم في أعمال غير مفيدة لهم ولمجتمعاتهم ودولهم .

فالتفكير في القضاء على الفراغ في حياة الشباب بمشاريع تحفظ أوقاتهم وتجذب أنظارهم وتحفز إبداعهم ، يكون عوناً لهم لمستقبل مشرق وبرّاق ، والذي يُنبئنا بقدوم حضارة قوية تسهم في دفع عجلة التقدم والبناء ، وعلى ذلك ينبغي أن يكون هناك تطلعاً للاهتمام بجميع فئات الشباب ، ومن المفروض أن يستفيد المجتمع من جميع الشباب ، ولا يُعتمد التطلّع والتمني والتخطيط فقط هو أداة لاستثمار الشباب المبدع والموهوب ، بل يجب يكون ذلك متبوع بخطط تنفيذية حقيقية تحتضن كل الشباب بتنوّع الطاقات لقتل الفراغ الذي يعيشه معظم الشباب اليوم .  

لا يَنكر أحد الإنجذاب الذي قد يتفاعل معه معظم الشباب من خلال الخطاب العاطفي الموجه له بالصوت والصورة والتقنيات الحديثة والمؤثر سلبا على عقولهم ، حيث أنهم يتفاعلون مع معطياته بشكل كبير لجاذبيته وتوافق أهواءهم معه ، ومن هنا ينبغي أن ننطلق في بناء خطاب تربوي وتجديدي من أجل أن يجسد متطلبات الحياة عند الشباب ، ومن الضروري أن نبتعد عن الخطاب التقليدي بكل أشكاله لأن ذلك لا يمثل تأثيراً إيجابياً في ظل هذا الكم الهائل من الثقافات المتجددة المؤثرة . والخطاب التربوي المدروس والمبدع سيمنع شبابنا من أن يكونوا لقمة سائغة لتيارات الفساد والانحراف .

علينا أن نتسائل .. لماذا يكون الدعم المادي عائقاً مباشراً في مسيرة الشباب ؟ فنحن نعجب من أموال كثيرة تُنفق على حفلات التكريم أو في مهرجانات وإحتفالات ومناسبات لا قيمة حقيقية لها في بناء المجتمع ، تذهب قيمتها بعد إنتهائها مباشرة ، بدون فائدة تُذكر …
فلو تم استغلال هذه المهرجانات والإحتفالات والمناسبات في الإهتمام بأقوى ثروات المجتمع (الشباب) ، لكان أجدى وأنفع لكل المجتمعين بهذه المناسبات ولبلدانهم ومجتمعاتهم ، خصوصاً عندما يكون الإهتمام منصب على محاربة التشتت الفكري عند الشباب نتيجة الفراغ ، والتركيز على النمو والتطوير والتنمية في العقول والأفكار والمفاهيم .

ولعلم النفس رأي بظاهرة قبول الإحباط والرضا به ، فهي أكثر قوة عند الشباب وهذا نتيجة لافرازات الواقع الذي يعيشونه من كبت وعدم اهتمام وفراغ فكري وزمني ، والواقع اليوم يشهد تعقيداً مركباً في حاجياته ، وصعوبة تحقيق متطلباته ، إذ أنه من المحتم على الجهات المعنية القضاء على مسببات هذه الظاهرة المتمثلة بالبطالة والتي تسيطر على الواقع الشبابي ، والضغط الاجتماعي الذي لا يرحم أخطاء الشباب ، ولا يقف بجانبهم في الوقاية أو العلاج في احتياجاتهم المعنوية والمادية ، وغير ذلك من بذور الإحباط التي نبتت من واقع حياة الشباب .

تبقى شريحة الشباب هي مصدر إنطلاقة الأمة وبناء الحضارات وصناعة الآمال وعز الأوطان ، فهم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها ، وبالسهو عنها سيكون الانطلاق بطيئاً ، والبناء هشاً والصناعة بائدة ، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات الشبابية ، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها ويفعلها التفعيل المدروس حتى يتم استثمارها ، فهذا الاستثمار له أرباح مضمونة متى ما وجد اهتماماً من الجهات الحكومية والأهلية والدينية المعنيّة ، والتطلع المنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل ايجابي تتناول طاقة الشباب وتنميتها حتى يكتسب المهارة والإتقان .

نتمنى أن يكون هناك الكثيرون ممن يشاركوننا الأمل في ضرورة الانتباه لشريحة الشباب وأهمية الاهتمام بمستقبلهم  ، لما سينعكس بالخير عليهم وعلى الوطن بالكامل ، خاصة وأن الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة بينت للجميع الدور الهام الذي قدّمه جيل الشباب للوقوف الى جانب الوطن في محنته ، وأن الشباب يملك من الوعي وتحمل المسؤولية القدر الكاف للوقوف في وجه أكبر مؤامرة اُحيكت من أعظم بيوت المخابرات العالمية لتدمير المنطقة وشعوبها وخصوصاً شريحة الشباب فيها خوفاً من النهضة المتوقعة منهم .

استثمار الطاقات الشبابية ….
إن من الأخطاء الفادحة عدم استثمار طاقات الشباب واكتشافها وتشجيعها على الإبداع والبناء ، فاستثمار العقول والأفكار وتوجيهها للعمل والإبداع هو الواجب على الأمة وقادتها .
فتلك المواهب التي يتمتع بها الكثير من الشباب بقيت حبيسة في نفوسهم ، وربما استُغلت خطأً فيما يعود عليهم بالضرر ، أو استغلها غيرهم بتوجيههم إلى ما يضرهم ويضر المجتمع والأمة .
إن أسلوب التفريغ والإشعال دون دراسة وتنمية هو هدر لتلك المواهب التي تحتاحها البلاد ، فكما نشتكي من إهدار المياه والكهرباء ، فإهدار طاقات الشباب ومواهبهم أعظم وأشد ، فتلك القدرات إذا لم تُستغل وتستثمر لصالح الوطن ، فقد يستغلها الغير لصالحه ، وإن لم توجّه إلى الإبداع والعمل والبناء ، فإنها تتجه مع ضعف الإدراك وطيشان الشباب إلى الهدم والإفساد .

وإن أول طريق للاستثمار .. هو أن ننظر إلى هؤلاء الشباب نظرة إعجاب وإكبار لما يحملونه من مقومات وإمكانيات ، وإحساسهم بالمسؤولية تجاه أنفسهم وبلادهم ، ونظرة التقدير والاحترام تدفعهم للعمل والإنتاج والإبداع ، عكس نظرة الإستصغار التي تُأجج فيهم مشاعر الإحباط والكسل واليأس .
وإن زرع الثقة بهم والاعتماد عليهم ودفعهم للإبداع طريق لاستثمارهم والنظر إلى أنهم في طريق الإعداد والبناء ، فعلينا تقبّل وتجاوز أخطاءهم ، وتدريبهم تربوياً للإستفادة منها والنهوض والإبتعاد عنها .

حالات سلبية يحب دراستها …..
– كنا قد أشرنا بالبنان على فكرة فرض توظيف الشباب في بعض المؤسسات ، لكننا لنعجب من بعضها فهي لا تمكنهم من العمل والإستفادة من طاقاتهم ، بل تدفع لهم مرتبات مقابل الحضور لسويعات دون عمل أو بقاء الجلوس في البيوت …
أليس هذا قتلاً للشباب ومواهبهم وإهداراً لجهودهم؟
أليس هذا تحطيماً للمعنويات والطاقات؟

– ونجد بعض أولياء الأمور والقادة يعيبون دخول اولادهم سوق البيع والشراء والتكسب أو العمل بالأعمال المهنية .. فينظر بعضهم نظرة دونية لمن يعمل في هذا المجال ، وتلك والله نظرة جاهلية حمقاء تقتل روح الشباب وتطلعاتهم .
فالبيع والشراء والعمل والأكل من كسب اليد من أفضل الأعمال ، لانها تجارة حلال أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وآله .

فق سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله .. أي الكسب أطيب؟
قال .. (عمل الرجل بيده وكل كسب مبرور) .. وفي رواية (وكل بيع مبرور) .

فالإحساس بالمسؤولية تجاه الشباب ، وقيام كل فرد في المجتمع بدوره حيالهم ، وعدم وضع العقبات والعراقيل أمامهم ، وفرض الافتراضات والتوقعات والتوهمات في طريقهم ، هو السبيل الناجح للإرتقاء بهم لفائدتهم وفائدة مجتمعاتهم .
لذلك ندعوا الحكومات والوزارات والتجّار والمؤسسات المدنية والدينية للإهتمام وتقديم كل ماهو مفيد ونافع لإستثمار شريحة الشباب ، فنحن بحاجة إلى استشعار المسؤولية تجاههم ، فهم أبناء البلاد وعمادها .
ولايجوز ان ما يُقدّم لهؤلاء الشباب يكون وقتياً ومحدوداً بزمن معين ، ولا يحمل هدفاً ولا يقدم نفعاً ، فأسلوب قتل الفراغ وعدم الإهتمام بالوقت ، وتسوّد وسائل الترفيه التي لا تعتمد على التدريب وصقل المهارات ، تعني الهدم والتحطيم ولا تعني البناء والتنمية .
فنحن بحاجة إلى بناء العقل والفكر واستثمار الطاقات ودفعها إلى العمل والإبداع وتبصير الشباب لتنويرهم بواقعهم ومسؤولياتهم ، وتقديم الأفكار للشباب والاستفادة من أفكارهم وتشجيعهم عليها .

تبدأ مسؤولية الإستثمار من الأسرة ، فالأب والأم هم راعٍ في أبنائهم .. وتنتهي بمؤسسات الدولة المدنية والدينية .
فهل فكّرنا بماذا نستثمر طاقات أولادنا ولماذا وكيف نبدأ ؟
فالواقع الذي يعيشه الشباب واقعاً مأساوياً وبالأخص في تلك الإجازات بين سهر في أماكن مشبوهة ونوم عن الصلوات ، أو سفر أو ضياع وتسكع وإيذاء وإفساد فيضرون أنفسهم وغيرهم .
فالأولاد من بنين وبنات هم بحاجة إلينا ، وبحاجة إلى العطف والحنان والتدريب والتوجيه ، وبحاجة إلى زرع الثقة والاعتماد عليهم ، وبحاجة إلى فتح الآفاق أمامهم وطريق الأمل والنجاح .
وإن الألم ليعتصرك حين ترى أغلب الشباب يهيمون بلا هدف ولا هوية ، فأوقاتهم مهدورة وطاقاتهم مهملة ونفوسهم خاوية ، تبحث عن المتعة واللهو ، لأنها لم تُربَّ على كيف تنجح وكيف تتحمل المسؤولية وكيف تنظر إلى الحياة .
وإن إعداد النفوس واستصلاحها مهمة صعبة تحتاج إلى جهود وإعداد وإلى تخطيط ودراسة .
وتلك إشارات سريعة لاستثمار تلك الجهود والطاقات والمواهب المهدرة التي تخسر البلاد بهدرها ، وتتراجع عن التقدم بسبب ذلك الهدر .
فكل الجهود المبذولة بحاجة لإعادة نظر وتجديد وإبداع وشمولية أكثر ، فهذه الجهود هي أعمال مكررة لا تستهوي الشباب ، ولا تشفي غليلهم ولا تصقل مواهبهم .
فنحن بحاجة إلى التكامل في الطرح ومراعاة الهويات والمواهب والتفريق بينها ، فما يصلح لهذا قد لا يصلح للآخر ، وكل ميسر لما خُلق له .
فالذي يعد فاشلاً في مجال قد يكون مُبدع وناجح في مجال آخر ، فما علينا إلا الاكتشاف والتنويع في الطرح ، والبُعد عن التقليد والتكرار والاستعانة باتحاد الجهود والتعاون على البر والتقوى .
فالإجازات هي فرصة للعمل والتدريب واكتساب المهارات وتوجيه الطاقات ، فها هي المراكز الصيفية المنتشرة في بلادنا ، وهاهي الدورات في الحاسب وفي غيره موجودة ، لكنوما الذي يمنع أن يوجَّه الأبناء لتعلم هذه المهن والحرف لكي يكسب ويستفيد ويتدرب على العمل والإنتاج ؟
فالالتحاق بالوظائف الحكومية والأهلية في الإجازات ليس عيباً ، إنما العيب في البطالة والضياع .

لقد نشئ هذا الجيل نشأة الترف والضياع ، ما أثّر سلباً على نجاحه ومستقبله ، فلا بد من تعويد الشباب على الجد والمثابرة وتحمّل المسؤولية منذ البداية .
فالإجازات تعتبر مُنزلق خطير لما يعيشه الجميع من الفراغ القاتل ، فيجتمع المال وجليس السوء مع الفراغ والشباب فيكون سبباً للفساد والإفساد .
فلا بد من تكثيف الجهود واتحاد الجميع لكي تكون الإجازة وسيلة للنجاح والفائدة . إضافة إلى ما سبق لا بد أن يقوم البيت بدوره ، فيضع رب الأسرة برنامجاً خاصاً لعائلته يجمع بين الفائدة والترفيه والرعاية والقيام بواجب الأمانة .

كلل الله المساعي بالنجاح …
والله من وراء القصد .