الخطأ لايتكرر، وما في الصدور تكشفه الأحداث ولو بعد حين، وقد يخدع المرء من حوله وقتا طويلا، لكنه لايمكنه أن يخدعهم كل الوقت. وهذه عيّنات ظلّت خفيّة مستترة، إلى أن أنطقها الزمن، وأمست جلية عبر الأسطر.

 

1.   عن أيّ ولي أمر تتحدث؟: وقف المهندس في الهندسة المدنية، غير بعيد عن زملاءه المضربين، وراح يرسل اللّمز والغمز، ويستهزئ من زملاءه، محاولا تثبيط العزائم، ونشر القنوط. وفي أثناء الحديث، قال لمحاوره، لايجوز الإضراب !، معللا ذلك بقوله: أن الإضراب خروج عن ولي الأمر!. رد عليه محاوره: لكن ولي الأمر في الجزائر، يقرّ الإضراب، ويعترف به، بل يعاقب أيّ مسؤول يغلق الأبواب في وجه المضربين، ويوصي بإقامة الجسور مع المضربين، وتلبية حاجاتهم في أسرع وقت، ودون أضرار .. فعن أيّ ولي أمر تتحدث؟، يتساءل صاحب الرد.

 

2.   انتحب ولي الأمر: خلال الأسبوعين الماضيين، قال أحدهم، عبر إحدى الصحف الوطنية، يجوز الدخول في الانتخابات البلدية والتشريعية. وأيّ متتبع يسأل نفسه، لماذا لم يذكر الانتخابات الرئاسية؟. والجواب واضح جلي، لأن ولي الأمر هناك، لايسمح باقتحام الانتخابات الرئاسية، لأنها حكر على العائلة دون سواها.

 

1.   الدعاء لولي الأمر: صليت العام الماضي، صلاة الجمعة، بمسجد لالة عودة، وألقى الخطيب الشاب خطبة، قلّد فيها غيره، في المقدمة والخاتمة، والشكل والمضمون، واختيار الموضوع، ونبرة الصوت الصاعدة والنازلة، وفي كيفية إخراج الحروف. وخالفه في حالة واحدة فقط، وهو أنه لم يدع للحاكم الجزائري من فوق المنبر، رغم أن الذي قلّده، يدعو لحاكمه، ولولي العهد، وأبناءه، وبناته، وأصهاره، في مناسبة وغير مناسبة. والسبب في ذلك، أن ولي الأمر، بالنسبة للخطيب الجزائري، هو الولي القابع هناك، أما الحاكم الجزائري، فلا يعتبره ولي أمره، لذلك لايدع له من فوق المنبر، ولا يكلف نفسه عناء الدعاء له.

 

2.   أبرهة ليس ولي أمر: حينما اقتحم أبرهة الحبشي مكة، ولم تستطع قريش مواجهة الفيل، بقي ولاءها ثابتا لشيخ القبيلة، عبد المطلب الفقير، ولم تستبدله بأبرهة الذي ملك زمام مكة، بعضا من اللحظات.

 

3.   الوفاء رغم بعد المسافة: المسلمون الذين فتحوا الدنيا، لم يغيّروا ولي أمرهم، ولم يستبدلوه، وبقوا أوفياء لولي أمرهم في المركز، رغم الفتح والنصر.

 

4.   حركى الجزائر ووليهم الفرنسي: في الجزائر، وأثناء الثورة التحريرية، إتخذ الحركى من الحاكم الفرنسي، ولي أمر، ودعوا له من فوق المنابر، فلفظتهم فرنسا، بعد استرجاع السيادة الوطنية.

 

5.   بريمر، ولي الأمر !: وفي عراقنا الحبيب، وبعد الغزو الأمريكي البريطاني، اتُّخذ من الحاكم الأمريكي بريمر، ولي أمر، تجب طاعته، والامتثال لأوامره ونواهيه.

 

6.   نساء لم يغيرن ولي الأمر: بين يدي الآن، كتاب: “موسوعة أشهر النساء في التاريخ العربي، منذ فجر الإسلام حتى عصر المماليك”، للأستاذ: عبد الحميد ديوان، من 299 صفحة، لايوجد عبر صفحاته، إمرأة أضمرت الولاء لولي الأمر هنا، وأخفت ولي أمرها هناك .. فكيف بالرجال يعلنون أمام الملأ عن ولي الأمر، ويخفون ولي أمرهم الحقيقي.

 

7.   من النفاق عدم إعلان ولي الأمر: إن المنافقين في المدينة، أعلنوا الولاء بألسنتهم، لسيدنا رسول صلى الله عليه وسلم، واعتبروه ولي أمرهم في العلن، وعرضوا عليه الضيافة، وتظاهروا باستشارته، لكن حاربوه في الخفاء، وطعنوا أهله، ودينه تحت جنح الظلام، واتخذوا من اليهود، وكفار قريش، أولياء أمرهم، وأعلنوا لهم الطاعة، والولاء، وكانوا لهم عينا في حربهم، ضد صاحب الدار.

 

من الرجولة، أن يعلن المرء عن ولي أمره، وينتقده إذا استوجب النقد، ويقدم له النصح والشكر، إذا تطلب الموقف ذلك.