عبد الصاحب الناصر
ربما يبدو هذا العنوان غريب بعض الشيء لبعض الناس التي ابتلت بفشل ” سياسات او تصرفات امبراطورية العصر” . كما يحلو للامريكان الادعاء بان هذا العصر هو عصر امبراطوريتهم كغيرهم من الامبراطوريات القديمة .
اضيف تصورا اؤمن به ليصبح هذا المقال اكثر اغراء توخيا ان يطلع عليه اكثر الناس ، و بالاخص الذين يدورون في دوامة الديمقراطية و الوطنية و الصدرية و حتى الاسلامية . كمبدأ للحياة .
ولاية مقتدى و داعش و العبادي و عمار و مسعود و من ثم المرشح الامريكي Trump
فمن منطق السيطرة على العالم بطرق غير مباشرة بدعوة الحفاظ على السلام العالمي و من اجل استمرارية الانظمة الديمقراطية في العالم . و بان هذا العصر و الوضع العالمي هو من صميم واجباتهم كاعظم قوة عرفها ” انسان ” #1 . لكن الواقع يقول لنا، ان طريقتهم في ادارة هذه الامبراطورية قد فشلت منذ حرب فيتنام . # 2 بل قبلها منذ اغتيال اول رئيس انتخب ” ديمقراطيا ” كالرئيس ابراهام لنكلن ثم جيمس كارفيلد و بعده وليم مكننلي و جون فتجرالد كندي ، هذا اذا تركنا جانبا محاولات اغتيال رؤساء اخرون كلهم منتخبون ” ديمقراطيا” . و محاولة اغتيال مرشحون قبل انتخابهم ، و ربما يبدو هذا الامر اغرب لمن تناسا هذه الحقيقة الدامغة التي تمس روح و جدلية ( الحفاظ ) على الديمقراطية في العالم في بلد يغتال رؤسائه المنتخبون ” ديمقراطيا” ! .
ما هو اعظم خلل في الاسلوب الامريكي في ادارة الدولة ، ناهيك عن ادارة العالم . هو التناقض بين الممارسات الديمقراطية و بين شراهة الرأسمالية التي ليس لها حدود واضحة تتصرف كافة تنخب في النظام الامريكي نفسه مهما كان اسلوب ممارساته و سعة انتشار الديمقراطية لشعبه .
هذا الموضوع ، اكبر من ان يخوض فيه انسان بسيط مثلي . الا انني ساكتب عنه من منطلق جدلية من خلق داعش ؟ و من سينتخب رجل مثل Donald Trump . و من منطلق الوضع العراقي الحالي الذي في متاهات و ضياع غير طبيعي .
تتحدث السيدة جودي سكوت Judy Scott” مؤرخة امريكية” ذات جوائز تقديرية كثيرة اعترافا بمكانتها الاكاديمية كمؤرخة تحترم اقوالها . تتحدث عن اسلوب سمي مؤخرا “بغطرسة القوة” التي تصاحب النظام الديمقراطي في بلدها . تقول :- اخذت تفقد امريكا كل مصداقيتها في العالم و إن مازالت تحتفظ بولاء الكثير من قادة العالم ، إلا إن هذا الولاء مصحوب بالرهبة و اكثر ، مصحوب بالخوف من التصفية الجسدية على اقل تقدير . فتكون عند قادة العالم نوع من الازدواجية ” الولائية” او ” hypocrisy ” و توسع هذا الارهاب الولائي الى استغلال شره ليصيب امريكا نفسها و يمس في سيطرتها على مواليها ، وباتت التفرقة العنصرية تضرب في تكوينها الديموغرافي و حتى المكاني ، حيث تكون ما يسمى ( مجازا) ب ديمكرافك ببولس كاتشمنت اريا ( populace demographics catchment areas ) .كمنطق الجنوب الشرقي الى ولاية جورجيا صعودا حيث يكوّن الافرو امريكان الاكثرية الاثنية و الاكثرية ال هسبانية و اخرى في الجنوب الغربي كاكثرية هسبانية مكسيكية ، ثم الشمال الشرقي و تمركز الاكثرية الانكلوسكسونية ، و هكذا .
الكل يعرف حق المعرفة من اسس و كون الافغان العرب ثم الطلبان و بعدها القاعدة وداعش و النصرة و ابو سياف و بوكو حرام و الشباب الصومالي ،،،الخ. ، و تلتها تفرعات من نفس هذه المخلوفات المتوحشة . لم تعد هذه المخلوقات تخيف العالم الثالث فقط ، بل تخيف كل العالم و بضمنها امريكا ، و ما التفجيرات بين فترة و اخرى في بلدان ” ديمقراطية” الا شواهد ( صامتة ) على التهديد المباشر لمن لا يؤمن بسلطة الولايات المتحدة الامريكية ( المطلقة ) .اخذت تظهر للعلن حقائق عن من كان وراء تفجيرات ١١/٩ و من يستر البحث عن حقائق سميت ب الثمانية و العشرون صفحة (The 28 Pages )، التي اخفاها الرئيس بوش الابن و جماعته الى هذا اليوم .و التي تظهر حقيقة اشتراك العائلة السعودية و الادارة السعودية مباشرة بتفجيرات ايلول ٢٠٠١ . و بالاخص ” بندر” الابن غير الشرعي للامير سلطان بن عبد العزيز .اقرب عربي للعائلة البوشية و للادارة الامريكية . اتذكر ، كيف قال الرئيس بوش الاب في مقابلة مع الكاتب الامريكي بوب ودوورد كما ذكرها في كتابه (The War Within ، Bob Woodward )
، انه استشار بندر قبل ترشيح ابنه جورج عن امكانية نجاحه و عن المساعدات السعودية الازمة لحملاته الانتخابية .
ليس ظهور شخص مثل دونالد ترمب و بهذه الصورة البشعة و الصلفة و التطرف العنصري و الديني الا استمرار لاستنزاف و تخويف كل العالم . ليس هذا من الخيال او من العداء لاي مشروع امريكي . بل هو استنتاج واقعي لتصرفات فأت مسيطرة على رأس المل و الاعلام و الشركات متعددة الجنسية ، خصوصا الصناعية . و حتى حكام الدول الغربية و مواطنيها يشعرون بذعر من معاداة او من مصارحة الشعوب الغربية عن هذه الاعمال او الافعال .. فلا فرق بين داعش وظهور ترمب و سياسته من حيث الاهداف الرئيسية التي مازالت تعتمد على سياسة “غطرسة القوة” .و التي تتبنى اساليب “الفوضى الخلاقة “.و ضمن نفاق اسلوب الفوضى الخلاقة ، نرى كيف ان كل سياسي امريكا ينتقد دونالد ترمب في وقت تشتغل كل وسائل الاعلام الكبيرة و الغنية لصالحه و كيف تهيا اذهان الشعب الامريكي لانتخابه .ان ترامب و داعش و ما شاكلها من تكوينات ارهابية ، ما هي الا سياسة التخويف من الارهاب بارهاب لكن من نوع اخر مساوي له و متوازي زمنينا معه و متكامل استعدادا و تعاوننا يسير محاذيا لسياسة امريكا و رأسماليها .
.اليس من حقنا إذا ان نعتقد ان الوضع الحالي في العراق . لا حكومة تسيطر على الوضع الامني و المالي و الاداري ، ولا مجلس نواب يعقد و هو من صميم واجباته و لا احزاب تتخوف من منتخبيها . اليس هذا نوع من الفوضى الخلاقة التي تتعامل بها الولايات الامريكية ؟ ربما يتصور البعض و عن حسن نية خالصة ، ان الشعب العراقي لا يكوّن شعبا كاي من الشعوب و انه منقسم على نفسه . فمن يا ترى يتصور ان شعب خرج توا من ارهاب سلطة البعث الغاشم سيصبح بين يوم و اخر ديمقراطيا و يتصرف تصرفا ديمقراطيا حد النعلجة و كانه كان يعيش في نعيم و بطر و سعادة. إذا سياسة الفوضى ستستمر و ستشمل بلدانا كثيرة .
و هذه شواهد لا يتمكن حتى سياسي امريكا بكل امكاناتهم المادية و الاعلامية من اخفائها، لانها تمس صميم فشلهم في ادارة امبراطورية هذا العصر .اما عالمنا “العربي ” و معه العالم الاسلامي ، فيضيع في كل الاتجاهات . عالم يتراجع كبول البعير، عالم خرج من التاريخ و اصبح عالة علي العالم .صحيح ان البلدان الاوربية تخضع لسيطرة الغطرسة الامريكية ، لكنها مازالت تنتعش و تتطور و تدير امور مواطنيها ضمن الممكن و المسموح به من صاحب سلطة غطرسة القوة . كذلك صحيح ان المواد الاولية لصناعة الارهاب مازالت اكثريتها تنبع و تنمو و تترعرع في المملكة العربية السعودية و في بعض دول الخليج ، الا انها اخذت تنتشر في بلدان كثيرة بعيدة تدين بالاسلام و هذا محصل ذو هدفان واضحان هما الارهابيون الانتحاريون و هدف مستور ينتظر التوقيتات التي ستاتي من الغرب الامريكي يوم تصبح الحاجة لها مخرج للورط التي فشلت امريكا بانتاجها ، اي في وقت الحاجة لها . لم يختلق مقتدى الصدر شعار ” شلع قلع ” من عنده ، هو لا يملك هذا الوضوح و لا هذا التفكير.و لا يتمكن من المضي لاكثر من خطوة قدم اساسا. ( ربما ) و لا اعرف ان كنت مصيب ، ان ترمب لا يفرق في تفكيره عن مقتدى، الا الفرق في تعليمهم . و هناك فرق عظيم و واسع بين التعليم و الثقافة. و سنرى في الايام و الاشهر القادمة فوضى و غطرسة و ارهاب و تخويف و حتى حروب اقتصادية تقودها ” الامبراطورية ” الامريكية ، فها هي فنزويلا مثلا ، في هفك ( Havoc ) اقتصادي يسير بها الى الافلاس و الهاوية ، تضخم بمئات الممرات بحيث اصبح سعر الهامبركر ب ١٢٤ دولار . ان ” الامبراطورية “الامريكية لا تؤسس حضارة او ثقافة و اساليب ديمقراطية للحكم ، و صحيح ايضا انها تؤسس لحضارة علمية واسعة التطور لم يسبق لها مثيل في السابق . لكنها تصر بتشويه كل ما اسسته الحضارة الغربية التي اعتمدت على الحضارات السابقة القديمة المتتالية منذ سومر و بابل و اليونان و الرومان الى الحضارات الاوربية و على التاريخ و العلوم في مسيرتها الخلاقة الحقيقة ، فمن لا تاريخ له لا يؤسس لحضارات مهما كان غنيا و متمكننا ماديا و عدديا و حتى عسكريا . فهذه السعودية بكل غناها لم تتمكن من كبح جماح الوهابية السلفية الظلامية ، التي تخيف اليوم حتى اكثر اصدقاء امريكا التصاقا من دول الغرب ، و تخيف حتى عائلة ال سعود انفسهم .
عبد الصاحب الناصر
لندن في 21/05/2016
ملاحظة . سينشر هذا المقال بعد نشره خصيصا في صحيفة المثقف الغراء.
ادنا رابط للمقابلة مع المؤرخة الامريكية السيدة Judy Scott
ملاحظات”-
#1 طالما يستعمل الاعلام الامريكي هذا المصطلح ( كاعظم قوة عرفها ” انسان ” ) للدلالة على الانسان في كل العصور و الا زمنة منذ بدء الخليقة . و هذا مصطلح مملوء تعالي و افتخار و فيه من الصلافة اللغوية ما يدل على احتقار بقية الامم .
# 2 الرؤساء الذين اغتيلوا في امريكا :ـ
Abraham Lincoln
James A. Garfield
William McKinley
John F. Kennedy و اخيه المرشح للرآسة Robert F. Kennedy
ولاية Isis ام امبراطورية Trump ؟
Related Posts
مقال
غياب الثوابت الوطنية يفاقم النزاعات . العراق انموذجا ادهم ابراهيم الثوابت الوطنية هي مجموعة من القيم والمبادئ الاساسية التي تربط أفراد المجتمع وتجمعهم تحت راية واحدة تتمثل فيها الهوية الوطنية،…
بغديدا السريانية تستقبل ميلاد طفل المِذود بالثوب الأسود .. ولد المسيح ..هاليلويا .. ܝܠܕܐ ܒܪܝܟܐ
بغديدا السريانية تستقبل ميلاد طفل المِذود بالثوب الأسود .. ولد المسيح ..هاليلويا .. ܝܠܕܐ ܒܪܝܟܐ بِقلم : وسام موميكا_المانيا ܀ “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ،…