بعد ما قدّمنا بحدود 100 همسة:
همساتنا الفكرية أساس الحضارة الحديثة.لكن فهمها بشكل واعي و دقيق يحتاج إلى قراءة ومعرفة المقدمة, لأنها:
همساتُ فكر من آلقلب
(المقدمة)؛
ألكاتب و ألباحث ” أو “آلبروفسور” أو ” ألسّياسي” أو “مرجع الدِّين”ليسوا بمفكّرين” كما “ليسوا بحكماء” إطلاقاً.

(ألمُفكّرون) قليلون في هذا آلورى و (الحكماء) أقلُّ من القليل و يندر أن يجود الزمن بمثلهم؛ إنّهم بمثابة ألمراجع الفكريّة و ألفلسفيّة و الرّوحيّة للبشرية بعد الأنبياء و المعصومين(ع) و البوصلة نحو آلصّلاح و السّلام و آلتّقدّم و آلعدالة و الأمان لبناء صرح (ألحضارة) الأنسانيّة و (المدنية) ألراقيّة لتحقيق ألسّعادة كغاية في فلسفة الوجود.

(ألحكيم) كآلياقوت الأحمر و الزّبردج لا يحصل إلّا نادراً, فقد يكون الكادح”ألباحث” مجتهداً دينياً أو سياسياً أو أديباً أو طبيباً أو مهندساً أو مُتخصّصاً في آلطب و الهندسة و الأقتصاد و المال و الأدارة و الجيش و الفيزياء و الكيمياء أو كاتباً صُحفيّاً و قد يكون مرجعاً دينيّاً؛ لكنّهُ لا يَصِلَ مقام و درجة (ألمُفكّر) ثمّ (الفيلسوف الحكيم) إطلاقاً إلّا ضمن شروط و مؤهّلات نادرة لا تخلو العناية الرّبانية من تحقيها في شخص الباحث!

(ألمُفكّر) شيئٌ آخر .. إنه مجمع آلمعارف و العلوم و الفلسفات من جهة – و من جهة يملك بصيرة ثاقبة يتصل بقلبه بآلله تعالى, لأنّ مهمّته ألتّنبؤ بما لم يحدث بعد من خلال إنتاج الأفكار السّامية الجديدة و ألنّظريات و آلرّؤى المستقبليّة السّتراتيجية و التّنظيرات ألعميقة ألجامعة؛ السّابقة للزّمكاني لأحياء ألبشريّة, أنّه يرفض التّراكم التأريخي و التكرار و الاجترار و كما هو السائد بين معظم إن لم أقل كلّ المؤلفات الدّينية و التأريخية و آلأدبية بما في ذلك (الرّسائل العملية) التي لا تُعدّ سوى قتلاً للوقت و هدراً للأموال و ضياعاً و تيهاً في مسيرة آلشّعوب و الأمم!

ألمُفكّر ألحقيقيّ .. فآلحكيم مُنتجٌ كونيٌّ كريمٌ لا تحدّهُ حدٍّ أو هوية أو وطن, أو إقليم, كونه تجاوز مدار آلنّفس و آلقبيلة و آلحزب و آلأوطان و أصبح كونياً بعد ما إتّصل بخالق و أصل نغمة ألوجود ألمُـمثلّة بآلعشق ألتي لم أسمع أطيب و ألذ منها, متجاوزاً (ألعقل الظاهر) حيث (العقل الباطن) لمعرفة و كشف آيات (الآفاق) و (الأنفس) في حركته و كدحهِ عبر مدارج ألمعرفة الشّاملة بأخلاصٍ و حكمةٍ!

بكلمةٍ وجيزةٍ؛ (ألفيلسوف الحكيم) وريث الفكر الأنسانيّ – ألآدمي ألمُمتد من وصيّة آدم (ع) ألّتي أتى بها من الجّنة لنجاتهِ من المهالك و المحن كأمانة لله تعالى عبر سلسلة من بعثات الأنبياء و آلأولياء .. تجاوزت الـ 124 ألف نبي و مرسل حتى وصلت خاتم النبيين محمد(ص) ثمّ أئمة الهدى فصاحب العصر(عج) أخيراً و الذي به سيملأ الله الأرض بعد تطبيقها – الوصية – عدلاً و سلاماً و أمناً و رخاءاً.

و آلعراق رغم أنّه مركز التأريخ و آلحضارات .. لكنّه للأسف ألشّديد كما بلدان العرب خُلِيَت منهم – من المفكرين و الحكماء – أو كان خالياً بآلأساس إلاّ ما ندر في أحقاب سابقة, لذلك إبتلي بآلتّدمير الذاتيّ عبر آلأرهاب و آلفوضى و آلظلم و الدين التقليدي بعد ما تسلّط سّياسييون و أحزاب وضعية على الأمّة لا يفقهون شيئاً من الدِّين الحقيقيّ أو الفكر كما الفلسفة و الحكمة, فسرقوا بلا حياءٍ قوت الفقراء و إعتبروه جهاداً و حلالاً و خرّبوا الوطن و المواطن لبناء بيوتهم و إعتبروه حنكةً سياسية, و ما تمسّكهم بآلدّين (التقليديّ) إلاّ لكونه يفسح المجال أمامهم للتلاعب بآلقوانين و حقوق النّاس كغاية للحكم في عقيدتهم التي لا يرون من خلالها سوى تحقيق مصالحهم ألشخصيّة و آلعائلية و الفئويّة و آلحزبيّة بعيدأً عن سلطة الولي الفقيه ألذي يريد تطبيق العدالة الأسلامية في المجتمع, و لذلك صار الظلم طبيعياً ليس في العراق فقط .. بل في العالم مع بعض المفارقات الشكلية بين الشرق و الغرب!

أمّا (الفلاسفة الحُكماء)؛ فأنّهم عصارة الحركة العلمية و الحضارية و النُّخبة المُستخلَصة في كلّ عصر و مصر من خيرة و أبرز المفكريّن ألّذين يتركّز دورهم في تحديد أفكار الفقهاء و المُفكريين و حتى الفلاسفة ثمّ أتباعهم المثقفين و آلأكاديميين الّذين لم يصلوا درجة الحكمة العملية في (فلسفة العلم) و هم يُحاولون تقرير و ترشيد ألمناهج و تطويرها و حتى رعايتها لبناء (الحضارة ألرّاقية) عبر بيان أجوبة واضحة للأسئلة (السّتة) للتنبوء بآلمستقبل مع بيان حقيقة خلق الوجود و ماهيّة الأنسان و كينونة و جمال الخالق و معنى العدالة.
و لماذا العدالة حسنة؟
و لماذا آلظلم قبيح؟
و الجمال جميل؟
و لماذا خلق الله البشر؟
و غيرها من الأسئلة المصيرية؟

و لعلّ الثورة الأسلاميّة بقيادة الحكيم الأمام الخميني(ع), هي الحكومة الوحيدة التي تتبنّى تلك المبادئ و المثل العليا في نهجها كأصدق تعبير عن ما أوردناه في هذه المقدمة الهامّة, و التي ستكون بداية لحلقات حِكَميّة لمشروع النهضة الأنسانيّة الحديثة و المستقبليّة عبر (همسات فكر).

حيث سنُبيّن الأولويّات ألعلميّة و المناهج ألكليّة المحكمة لتنفيذ المشاريع (المدنيّة) و (العمرانيّة) لأسعاد و أمن و سعادة الأنسانيّة التي تئن من وطأة المتسلطين عليها من خلال الأقتصاد و لقمة الخبز التي أصبحت صعبة المنال في أكثر بقاع الأرض بسبب المنظمة الأقتصادية العالمية الظالمة ..

إنّ جهل و جشع و غرور الحاكمين في تلك المنظمة المحمية بآلأحلاف و القواعد العسكرية التي ينفذ مآربها ألسّياسييون و آلحاكمين قد سبّب إنتشار الظلم في الوجود كلّه لأنانيتهم و هشاشة و سطحيّة متبنياتهم ألفكريّة و أهدافهم المحدودة الضّيقة و آلتكبر في تعاملهم مع حقوق (الخلق) و (الخالق), خصوصا الفقراء منهم – إنّ لم نقل ألأستهزاء بها – حتى جعلتهم أنانيين و حاقدين على الفكر و أصحاب ألفكر الحقيقيّ ألذين يُؤمنون بآلغيب و يُقيمون الصلاة و ينفقون ممّا رزقهم الله, لذلك إستمرّ الخصام و الفرقة بين الطرفين؛ أهل السياسة الذين يريدون فصل الدين عن الحياة حتى يومنا هذا, فكان في كلّ عصر؛

قابيلاً مقابل هابيل ..
فرعوناً امام موسى ..
معاويةً أمام عليّ ..
صدّاماً أمام الصّدر ..
و هكذا حاولوا فصل الدّين الحقّ الذي هو المصدر الوحيد للأخلاق والقيم الأنسانية العليا عن الأقتصاد و السّياسة ليحلّ الفساد و الظلم و الأرهاب و آلألم في كل مكان!

و ليستمر التخريب الذاتيّ في البشريّة .. كلّ البشريّة!

فخلال فترة حكم الأنظمة الظالمة خلال الحقب المظلمة السّابقة و الحالية قُتل جميع آلمفكريين ألحقيقيين من أمثال الفيلسوف (محمد باقر الصّدر) و (المدرس) و (الحلاج) وصولاً لأئمة الهدى ثمّ أنبياء الله الذين بلغ عددهم أكثر من 124 ألف نبيّ مع أوصائهم و في هذا العصر شهدنا كيف إن أنظمة الكفر الأستكبارية تحاول إجهاض دولة المُفكّر الحكيم الأمام الخميني الكبير و تلامذته الأتقياء الأخيار لأنهم وحدهم يقفون أمام ذلك الشّر الكبير و المنكر العظيم بقيادة الغربيين و أذنابهم ألذين إعتبروا قتل الحكماء و المفكرين و علماء الذّرة الذين لا يُنفّذون إرادتهم؛ جهاداً و نصراً و ثأراً للحقّ!

و إستمر الأمر حتى هذا آلزّمن حين تنكّروا و ألحاكمين لشرعية النظام الألهيّ المُقدّس لحكومة العالم .. بينما يعتبرون جميع الأنظمة الوضعيّة شرعية و مقدسة, حتى تلك التي ما زالت تذبح الناس بآلسيف ولا تسمح للمرأة من قيادة السيارة أو المشاركة في الأنتخابات!

إنّ مجيئهم – أيّ ألمفكرون و المُثقفون ألمُـّقين – للسُّلطة بقيادة الحكماء؛ يعني تحكيم العدالة الأجتماعيّة؛ و يعني من باب تحصيل حاصل نهاية الظلم و الحروب و الأرهاب الذي ولّد .. الحروب التقليدية و النّووية؛ ممّا يعني في نهاية المطاف تحقّق إرادة الله تعالى ألتي حاول جميع الأنبياء و المرسلين تحقيقها!

بكلام واحد؛ يعني أنهاء الطبقيّة و التكبر و التميّز و الفقر في المجتمع, و إحلال الأمن و العدالة و الرفاة و السعادة بدل ذلك.

أخيراً يعني تحقق فلسفة الحياة و معنى الوجود و المحبّة و التواضع و إنهاء الحروب و ألأرهاب و الظلم و الكراهية و قطع دابر آلسّرقات و آلخيانات و آلتّكبر و الخداع و آلتّدليس من قبل المتربعين على عرش المال و الأقتصاد و ألسّياسة في العالم بغير آلحقّ!

و هذه الحقيقة لا تروق للأمراء و الرّؤوساء و ذيولهم في البرلمانات و آلرئاسات الثلاثة لعلمهم بأنّ مجيئهم – أيّ المفكريين – هي نهاية الفساد و النهب و الأرهاب و الظلم و الحرب و إنقطاع منافعهم, و لهذا تأزّمت معاداتهم للفكر و أهل الفكر و حقوق الأنسان من الأساس و من الأزل, و من المؤسف أن بعض المُدّعين للتّنور و المعاصرة يسيرون من حيث لا يعلمون في تحقيق هذا النهج الخطير و المُدمّر للبشريّة!

لذلك لا سبيل للنّجاة و الخلاص من الظلم و الطبقية؛ إلاّ بتبني منهج الحقّ – الذي جسّده الأمام عليّ(ع) في الواقع كنموذج عمليّ و دعم و إعداد الطبقة ألمرجعيّة المثقفة فكريّاً و روحيّاً من قبل الفيلسوف الحكيم الذي يتصدى لقيادة ثورة (المستضعفين) ضد ثورة (المستكبرين) .. لتحكيم فلسفة و فكر أهل الفكر و الحكمة لتحقيق آلأمن و السّعادة كغاية عظمى للوصول و الذوبان في المعشوق الأزلي جلّ و علا بعد سلسة من البرامج ألتطبيقية و الآليات و السّلوكيات عبر محطات العشق للوصول إلى الحقّ و الفوز بنعيم الدارين(1).
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألسّعادة الكاملة لا تتحقّق إلا بالمرور في مدن (العشق) و عبور آلمحطات ألتي عرّفها (الشيخ الأنصاري) من خلال 52 محطة, و عرضها آلشيخ الأكبر (محي الدّين بن عربي) خلال مؤلفاته, و كذلك (فريد الدّين العطار النّيشابوري) الذي إختصرها بسبعة محطات مثّلتْ(مُدن العشق) كسبيل وحيد لكسب المعرفة الكاملة و هي بإختصار:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء.
و لمعرفة التفاصيل راجع؛ (أسفارٌ في أسرار الوجود).
عزيز ألخزرجي
للتّواصل من أجل الأطلاع على بقية الهمسات؛ عبر(المنتدى الفكري)؛
https://www.facebook.com/AlmontadaAlfikry