لا تغيير ولا إصلاح بتدوير الوجوه والأسماء والأحزاب والعناوين السابقة ..ابدا !

احمد الحاج
تنتخب أو لا تنتخب فهذا أمر عائد اليك أولا وآخرا ولاريب في ذلك ، ولكن اياك اياك أن تحاول تصوير الانتخابات المقبلة على أنها المنقذ والمخلص للبلاد والعباد من كوارث الفساد المالي والاداري والسياسي والاحتراب العشائري ، فضلا عن تحسين واقع الاقتصاد وملف الخدمات والصحة والتعليم والتربية والزراعة والصناعة والتجارة وسواها من ملفات شائكة وعالقة ومكدسة بعضها فوق بعض كجبال الهملايا ،لأن حديثك عن الأبطال المنقذين والمخلصين المزعومين المفترضين لايؤيده الواقع ولو بالحد الأدنى مطلقا لا سيما مع من سبق تجريبه واختباره وانتخابه في دورات عديدة ، شخصيا وكلما تأملت في العديد من صورالمرشحين وقلبت الطرف في قوائمهم الانتخابية وأمعنت النظر بشعاراتهم البراقة التي لاتتناسب مع وجوههم المستهلكة أوالمعادة أو الكالحة المعلقة في أعلى البنايات السكنية والتجارية وعلى الجدران والتي تطل علينا كـ أخ اكبر كما في رائعة جورج اورويل الروائية ” 1984 ” في كل حي وزقاق ومحلة ومكان ،إنتابني الإحباط واستبد بي القلق على العراق من أريع عجاف مقبلة !
وبما اننا نتحدث عن الانتخابات المبكرة المقبلة فدعونا نتطرق الى جانب من حملاتها الانتخابية ، واقول حسنا فعل الاخوة الكرد حين وزعوا الزعامة – الانتخابية -بين احزاب اربيل والسليمانية ودهوك على اختلاف ايدولوجياتها وخلفياتها السياسية والعشائرية وبذلك قد اعطوا كردستان كلها شرف القيادة والزعامة السياسية، على الاقل انتخابيا ومن غير تخصيص ولا استئثار .
وحسنا فعل الاخوة الشيعة حين وزعوا زعاماتهم وقيادات كتلهم وقوائمهم واحزابهم بين العشائر اولا ، وبين محافظات الجنوب والفرات الاوسط كلها اضافة الى العاصمة بغداد ثانيا ، بل وبين احزابهم المختلفة كذلك ” فهذا زعيم من البصرة ، وذاك قيادي من ذي قار ، وهذا من النجف ، والاخر من كربلاء فواسط فميسان فالمثنى فالديوانية فبابل فبغداد وهلم جرا ..هذا من العشيرة الفلانية ، وذاك من القبيلة الفلانية ..هذا من حزب الدعوة ، وذاك من تيار الحكمة ، وهذا من التيار الصدري وهكذا دواليك ما يعطي انطباعا بأن الكل حاليا داخل الملعب وليس هناك من شريحة مهمشة منهم تنتظر دورها على دكة الاحتياط ومن دون استثناء ، ولا نغفل عن مشاركة مرشحي ثورة تشرين وجلهم من الفرات الاوسط والجنوب العراقي اضافة الى بغداد .
الا ان الخطأ الفادح هو ما وقع به الاخوة من العرب السنة ، ربما عمدا ، وربما سهوا ، حين حصروا قيادة المكون العربي السني وزعامته برمته بمحافظة الانبار العزيزة تحديدا كل احترامي واجلالي لها ولأهلها وهم اصحاب الكرم والجود والمضايف المفتوحة للقاصي والداني ، اقول لقد حصروها ببضع عوائل وبحزبين او ثلاثة احزاب لا اكثر ..والسؤال هاهنا اين الموصل الحبيبة في معادلة القيادة والزعامة ، اين صلاح الدين الحبيبة ولاسيما سامراء العزيزة ، اين ديالى ، اين كركوك ، بل واين العاصمة الحبيبة بغداد …واقولها وبكل صراحة ، ان “هذا الخطأ ، إن لم تكن تلكم الخطيئة من شأنها أن تختزل العرب السنة في القريب العاجل بالمنطقة الغربية فقط لا غير، وستضيق واسعا ، الامر الذي سيقرأه المراقبون والمحللون والناشطون فضلا عن الصحافة العربية والاقليمية والدولية،ناهيك عن الخصوم السياسيين بأن”القضية صارت مناطقية-عشائرية -عائلية ” وهنا تكمن الطامة وارجو الانتباه الى ذلك جليا قبل فوات الاوان ولات حين مندم ، واتمنى ان لايكون خلف الكواليس ما خلفها ، ولا وراء الاكمة ما وراءها من خطوات لتحجيم المكون العربي-السني وحصره جله في الانبار فحسب من دون مناطقه ومحافظاته ومدنه الاخرى التي عاش فيها قرونا ، ولن اتي هاهنا على ذكر موضوعة الاقلمة والفدرلة وزجها في الموضوع حتى لايأخذ منحى آخر مغايرا ليضيع صلب الموضوع في زحمة المؤيدين والمعارضين كما في كل مرة !
ولايفوتني التنويه الى نقطة مهمة جدا سبق وأن نبه عليها احد الاصدقاء الافاضل الا وهي ” ظاهرة التحريش والتسقيط العشائري من جراء التنافس الانتخابي المحموم واسماء المرشحين وانتماءاتهم القبلية والعشائرية المختلفة وكلها عشائر عربية كريمة واصيلة ومحترمة ” وارجو التنبه الى هذه النقطة وعدم الوقوع في الفخ والكف عن التحريش فورا ، كذلك الكف عن تمزيق صور المرشحين أو إسقاطها أرضا أو تشويهها ، كذلك الكف عن التسقيط والتشهير بين اتباع هذا الطرف أو ذاك ، كذلك الكف عن شراء بطاقات الناخبين بالمال ، أو الحصول عليها مقابل وعود مستقبلية زائفة للناخبين بالتعيين على الملاك الدائم في أية مؤسسة ودائرة حكومية ، بالحصول على قطعة ارض سكنية ، بوظيفة ما ، بمنصب ما – تره صارت حيل ماسخة وعيب وزحمة – علما انك لن تحصل على شيء قط من كل هذا الصخب والضجيج الديمقراطي الا على نفس الطاس ونفس الحمام ، ان شرقت وان غربت – والله من وراء القصد .
واشدد على انه لا تغيير ببقاء الوجوه والاسماء والعناوين السابقة نفسها ولجميع القوائم ابدا فقبل قليل لفت انتباهي تعليق جميل اشار الى نقطة في منتهى الاهمية تتمثل بتكرار الوجوه السياسية في العراق طيلة الفترة الماضية مع أن أساس الديمقراطيات في العالم قائم على تغيير الوجوه دوريا والتبادل السلمي للسلطة وضخ دماء جديدة مع كل عملية انتخابية ..!
واضيف وتأسيسا على ما تقدم بأننا صرنا في العراق ونتيجة لديمقراطية المحاصصة التوافقية وهذه غير موجودة سوى في العراق ولبنان ، ومن جراء تكرار الوجوه نفسها وتدوير الاحزاب والتحالفات والتكتلات ذاتها وبعضها يبعث على السآمة والقلق والتشاؤم والاكتئاب والاحباط بكل ما تعني الكلمة من معنى ، اقول صرنا خبراء بعدد الشعرات البيض برأس أو لحية بعضهم وذلك لكثرة ما استهلكهم الاعلام طيلة 18 عاما لم يفارقنا الكثير من هؤلاء ولم يتنازلوا عن السلطة ولم يسافروا عائدين من حيث اتوا الى بلد الجنسية الثانية والجواز الثاني وربما الثالث والرابع ولم ينزاحوا عن صدورنا التي جثموا عليها قط ” يا اخي افسح المجال لغيرك وخلي العراقيين يشوفون دربهم ، خليهم يجربون غيركم لأن المجرب مرة واحدة لايجرب ، فما بالكم بمن تم تجربته مرات ومرات ومرات وفي كل مرة هو افشل من سابقتها …جلبتوا خوما جلبتوا ؟!” ..صرنا خبراء بعدد التجاعيد في وجوه بعضهم لكثرة ما اطلوا علينا غير مرحب بهم بعشرات البرامج عبر وسائل الاعلام وهم يتنقلون من منصب الى آخر في كل دورة انتخابية ، اليوم نائب في البرلمان ، في الدورة التي بعدها صار وزيرا ، في الدورة التي تليها بات سفيرا ، في الدورة التي لايفوز فيها بمنصب فهو معارض وتاجر ومحلل ومراقب وناشط ومغرد وصانع محتوى ” المهم لازم يطلعنه الاخ حتى لو من جدر الشوربة ، قائلا لنا – ان خلص الفول فأنا غير مسؤول ، اما انا وكما الفلافل بالعنبة والصاص ، موجود على طوووول ولن ترتاحوا من طلتي يوما ولا من هالشكول !” ..
صرنا خبراء بعمليات الشفط والشد والتجميل لوجوه وانوف وكروش بعضهم .. صرنا خبراء بعمليات التقويم لأسنانهم والنفخ لشفاههم والحقن لخدودهم اضافة الى مناورات التصغير او التكبير لأماكن اخرى من اجسادهم من كل دورة انتخابية وذلك في اطلالات جديدة يطلق عليها في عالم التجميل والفن ” نيو لوك ” وشلون لوك سابق ولاحق عيوني .. يتفلس على البرياني …صرنا خبراء باسعار واماكن اجراء العمليات الجراحية لناسور وبواسير ومعدة وقولون بعضهم …بتنا خبراء بوزن احدهم المتذبذب بين سمنة مفرطة في دورة انتخابية سابقة وبين نحافة مبالغ بها في دورة لاحقة او العكس ..صرنا خبراء بإتساع الرقع الجغرافية لصلعات الكثير منهم، أو اختفائها كليا بعمليات زرع الشعر ..صرنا خبراء بتحول السياسي العراقي اللاصق على الكرسي من أسمر الى أبيض او العكس ، من صاحب شعر اسود فاحم الى اشقر واصفر فاقع ، من صاحب عينين سوداوين الى خضراوين أو زرقاوين ..خبراء بأنواع سياراته وطول مواكبه …خبراء بذوقه في الملبس والمأكل والمشرب ..خبراء بطريقة كلامه ..خبراء ببصمة صوته ..خبراء بلغة جسده وهكذا دواليك !!
ولعل اشد ما يحزنني اضافة الى تدوير الاحزاب والمرشحين هو ” انبطاح وارتماء بعض الكتاب والادباء والصحفيين كما في كل مرة في احضان هذه القائمة ، او تلك …ومن ثم الانقلاب عليها وعلى شخوصها بالضد في الدورة التالية وربما في نفس الدورة قبل اغلاق الصناديق وذلك للحصول على بعض فتات الموائد من غرمائهم ،لقد أصبتم سمعة السلطة الرابعة بسوء،ومرغتم أنف صاحبة الجلالة بالتراب ! اودعناكم اغاتي