كورونا والعراق شلونه!
العراق كبلد متذبذب الاهتمام بالجانب الصحي ، مرت عليه فترات كانت فيها الدولة تولي الجانب الصحي أهمية خاصة ، وفترات أخرى يكون فيها القطاع الصحي مهملا بعد أن تطغى عليه بعض الأحداث والمناسبات.
ومن جانب المواطن ، مرة يهتم بصحته ومراعاة الجوانب الصحية بدرجة عالية قد تخرج عن الحدود المرسومة وتتعداها ، ومرة يهملها وكأن أمر صحته لا يعنيه ويلقي الأمر على عاتق الدولة التي يجب ان توفر الدواء ، اللقاح ، الارشادات وكافة المستلزمات الصحية الأخرى.
الملاحظ في العراق ان أغلب الأمراض المنتشرة فيه تندرج ضمن عدة محاور هي الأبرز:
1- أمراض نفسية كالسكري وإرتفاع وإنخفاض ضغط الدم .
2- أمراض ناتجة عن عادات خاطئة ، كالبواسير والفتق .
3- أمراض موسمية ومناخية ، كالحساسية والربو ،
4- أمراض الكسل وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة , كالسمنة والكوليسترول وبعض امراض القلب.
5- أمراض وراثية ، كضعف البصر والسكري.
6- أمراض تغذوية ناتجة عن عدم الاهتمام بالتنوع الغذائي ، كسوء التغذية ونقص الفيتامينات والمعادن الضرورية.
7- أمراض كثرة الأكل أو التركيز على مواد غذائية معينة وتفضيلها على غيرها ، الامر الذي ينتج عنه اضطرابات في الجهاز الهضمي (القولون ، القرحة).
8- أمراض فايروسية ، ونسبتها ضئيلة مقارنة بالأمراض الأخرى ، وأغلبها جاءت من خارج البلد ، ما يعني إنها ليست مستوطنة فيه ، شاعت لفترة زمنية وانقرضت أو تلاشت لأسباب كثيرة لعل أبرزها طبيعة المناخ.
يروي لنا التاريخ عن غزوات لأمراض تفشت في بعض مناطق العراق لفترات زمنية مختلفة لوقت محدود وفي منطقة دون أخرى.
صحة الفرد العراقي لا تقتصر على توفر اللقاحات والأدوية والمستلزمات الطبية ، بل تشمل الظرف السياسي والاقتصادي ، حيث أن كثير من الأمراض سببها الفقر والعوز في ظل سياسة لا مسؤولة ، الأمر الذي يولد إنفعالات نفسية تنعكس بدورها لتكون أمراض فسيولوجية.
فايروس كورونا ليس حكماً بالإعدام على المصاب كما هي الحال في أمراض شائعة أخرى ، ولا يعني بالضرورة إن المصاب سيفقد حياته ، فنسبة الشفاء منه تفوق 60% ، وهذا كافٍ لمنح الأمل.
فايروس كورونا ليس الأخطر ولا الأعنف ، هناك فايروسات وأمراض (فسيولوجية ، نفسية ، سياسية) أشد فتكا وأكثر خطرا منه , جميعها تفتك في الجسد العراقي الواحد دون رحمة ، ولا من يرحم ، نوجز منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- فايروس ايبولا على سبيل المثال خطورته أضعاف خطورة فايروس كورونا.
2- السكري: لا يقاس ولا يقارن بفايروس كورونا أبداً ، أنتشاره كثيف الى درجة لا تخلو منه مدينة ولا قرية ولا يكاد يكون هناك بيت يخلو من مصاب به ، يكاد يكون حكماً بالإعدام ، أما ضحاياه يعدون بالملايين حول العالم ، نسبة مرتفعة منهم فارقوا الحياة بسببه.
3- السرطان : وهو بمثابة حكم بالإعدام ، وضحاياه بالملايين حول العالم ، وإنتشاره كبير جدا ، الى درجة ان الإحصائيات الأممية تؤكد أنه الأكثر تسبباً في الوفيات حيث بلغت عشرة ملايين شخص سنويا ، هذا المجرم الفتاك لا يمكن مقارنته بفايروس كورونا بحالٍ من الأحوال.
4- مراجعة أي دائرة حكومية لترويج معاملة ما ، اشد وقعا من فايروس كورونا ، لما تسببه للمراجع من تعب وإرهاق نفسيين ، وبالتالي ضعف المناعة.
5- مستعمرات السياسة وخلاياها اليقظة والنائمة , اشد قبحا من فايروس كورونا المسكين (بالمقارنة).
6- الفساد بكل أنواعه أكثر إيلاماً في الجسد العراقي من فايروس كورونا الحبوب.
7- دهاليز الرعب والتعذيب والغدر والإغتيال والخطف أكثر إيجاعاً من فايروس كورونا “المكرود” قياساً بعدد الضحايا.
8- سرقة اموال ورواتب عمال البلدية ومنظفي الشوارع “أصحاب الدور الأبرز في نظافة وثقافة ومظهر البلد” أكثر زعزعةً ونشراً للمزابل والامراض من فايروس كورونا.
فايروس كورونا يمكن علاجه بالوقاية وتقوية الجهاز المناعي بتناول الثوم ، البصل ، بذور ورد الشمس ، ليمون ، فيتامين C ، روب (زبادي) ، قدح شاي أسود ، كل ذلك وغيره يمكن ان ينشط الجهاز المناعي ، ليكون الدرع الواقي لأي خطر قد يتسلل خلسةً الى الجسد ، لكن ما تقدم لا علاج له ، وبالخصوص تلك الأمراض السياسية ليس لها علاج ولا وقاية!.
لا يمكن التكهن بإجراءات الصحة العراقية لمكافحة الفايروس الغازي ، أو الذي سوف يغزو وقد يشكل خطراً ، لكن بالنظر الى الواقع الصحي يمكن أن نجمل الخطط المحتملة بإيجاز:
1- توسيع مقبرة النجف .
2- تعيين 2000 دفان ، ممن يتصفون باللياقة والمناعة.
3- تعليم القائمين بالدفن الجدد طرق حفر قبور جديدة تتماشا مع روح العصر ، ونبذ الطريقة التقليدية.
4- توفير أكفان حديثة بأسعار مدعومة.
5- إستيراد طابوق خاص لبناء القبور ويكون معقماً ومملحاً .
6- رش المقابر بالمبيدات والمعقمات المستوردة من مناشئ دولية رصينة.
7- تعطيل الدوام الرسمي.
8- تحويل كافة الملايات والملالي الى عقود وزارية وتحسب لهم خدمة جهادية.
9- إعتبار ضحايا فايروس كورونا شهداء من الدرجة الأولى .
10- مصادرة أموال العراقيين الورقية على إعتبار انها ملوثة بالفايروس ولا يمكن تطهيرها دون أن تتلف .
يبدو ان هناك إجراء فاتنا ذكره ، شرعت به صحة النجف ، فقامت بنقل المشتبه بإصابتهم بفايروس كورونا والبالغ عددهم عشرون شخصاً من الحجر الصحي في المستشفى الى فندق في وسط المدينة المكتظ بالسكان !.
حيدر الحدراوي