رأساً على عقب، أنقلبت حياة والديّ علي ومصطفى، لن يُغمض لهما جفن بعد الآن، أو يسعدا بقية حياتهما، فقدا اجمل ما ملكا ويمكن للسماء ان تجود به عليهما، تطاردهما تصاوير الصبيين أينما ذهبا، او ولوا وجهيهما، حكايات مؤلمة، وفصول قاسية لعوائل، وباعة أبيدوا بالكامل بعد تفجيرات بغداد الأخيرة، قصصُ قرابين تُزف كل يوم، أرضٌ عطشى تبتلع أجسادنا، وساسةٌ فاسدون لا يردعهم قانون، أو مأساة، أو واعز من ضمير، شعبٌ تائه، كثير الشكوى دون فعل يُمكن أن يوقف هذا الجنون، علي ومصطفى؛ أبنا أحدنا لو قُدر لحالم بجنان الله أن يسلك غير تلك الطريق وصولاً لمرضاته، أو رصاصة طائشة في قتال فصائل مسلحة، ونزاع عشائري تقف أجهزة الدولة الأمنية والقضائية عاجزة عن إيقافه ومحاسبة من تسبب به، لا أحد يعرف متى يتوقف هذا النزيف، ودوامة العنف، السلام بعيد المنال، والبقاء على قيد موت مؤجلّ ليوم آخر فوّز، فرحتنا آنية؛ يخطفها دويّ إنفجار يعصف بالمكان، بأجسادنا، ثرثاراتنا، وإبتساماتنا الخجولة، او أزيز رصاص يحصد أرواح أحبة، موتنا اليومي؛ كائن ضخم غريب بفمٍ كبير، يصرخ بنا؛ قرابين، قرابين، يلتهمنا واحداً تلوَّ الآخر، فرائس سهلة، خائفة، صامتة، تنتظر دوراً في طابور طويل مُسرع، تتلوى، تصارع جاهدة إيقافه، إبطاء حركته، وتأخير قدر محتوم.

علي السيد جعفر