عبد الحي” طفل لم يبلغ الحادية عشرة، وُلِدَ في محافظة أبين وسط أجواء مليئة بمشاهد القتل والدمار من قبل تنظيم القاعدة المسيطر على تلك المنطقة، فكانت طفولته مفعمة بالأحزان والهموم؛ لما لها من تراكمات ألقت بظلالها عليه وعلى بقية أقرانه، بل وعلى جميع سكان المنطقة، فكان التكفير لهجة وفعلاً ترقب له عينا ذلك الطفل اللتان مُلِئتا دمعً ودمارً، فكانت رغماً عنه تراوده كوابيسها، بل وتلحقها رواسبها، فقرَّر أبواه الرحيل عن تلك المنطقة بعيد الحرب مع القاعدة، فكانت الوجهة حينها للشمال تحديداً في منطقة المرزوق بتهامة قرب الحدود اليمنية السعودية بحثاً عن الأمن والاستقرار والعيش الرغيد والكريم، لكنهم لم يكونوا يتوقعون ما سوف يحصل لهم بعد ذلك، إذ إنَّ هذا البلد تآمَرَ عليه أخوة يوسف؛ ليتناهشوه كأنه فريسة سهلة ولقمة سائغة، وجاء حينها مسكن عبد الحي وأهله في مخيم، أعدته له الحكومة آنذاك وفعلاً استقر بهم الحال في مخيم المرزوق الذي سُمِّيَ بنفس اسم المنطقة، وعاش فيه فترة طفولته المختلفة عن سابقتها، فكان يلعب باللعب بدلاً من بارود القاعدة والتيارات المنحرفة الموالية للمؤسسة الدينية في السعودية التي كانت تبيح منطق القتل والذبح لكل من يخالفها.
بقي عبد الحي على حالته مع أخوتيه وأبويه في عيشة مستقرة آمنة مطمئنة قد تركوا فيها بيوتهم وحالهم ومالهم وكل شيء؛ ليسكنوا بعيداً عن ذلك الأذى, وحالهم كحال الشعب اليمني رفضوا العدوان الاخير من قبل دول الشر والجريمة دول الخليج وعلى رأسهم مملكة العهر والفجور مملكة آل سعود الدموية، فبدأت الحرب ومن طرف واحد طرف ظالم ومجرم له أصول من اليهود والفراعنة، فشنت أسراب طائرات الخسة والعار الحرب، وأخذت تجوب سماء اليمن الحبيب وراحت ترسل حمم النار على رؤوس الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وبقية أفراد الشعب بالليل والنهار.
بقيت هذه الحالة حالة القتل والدمار بلا رادع، لا من المجتمع الدولي الذي أخرسته دولارات وبترول ممالك الجهل والتخلف، وبعد أن كانت اليمن دولة ذات سيادة أصبحت دولة بلا سيادة وفاقدة لكل مقومات الدولة، وأوغلت تلك الطائرات بدماء الأبرياء فتكاً وهتكاً وقتلت من قتلت ودمرت ما دمرت، وبعد أيام من استمرار الاعتداء الآثم على هذا الشعب المظلوم قصفت هذه الطائرات مخيم يقطنه يمنيون نازحون من بطش القاعدة وأنزلت حمم النار على رؤوس الأبرياء، فكانت حصة طفولة “عبد الحي” صاروخ من آل سعود؛ ليقضوا بذلك على طفولة وأحلام “عبد الحي” ليردوه قتيلاً مع أهله تحت الانقاض بلا ذنب أو جريرة، ولم تكن تلك المنطقة التي فيها المخيم عسكرية أو يتحصن فيها أحد من مسؤولي الدولة انتهت طفولة “عبد الحي” وأجهضت أحلامه أسراب طائرات آل سعود، وتبدَّدت أرواحهم محل ضجيج قصف الطائرات التي كان من المفروض أن تحلق فوق غزة وليس فوق اليمن.. أين عقول وعقلاء العرب؟ هل للطفولة من ذنب؟ أو هل لهم من جريرة أم أن آل سعود وبقية حكومات الذل والعار ارتضت أن تكون حال اليمن واليمنيين هكذا؟!!

بقلم: أحمد كاطع البهادلي