بقلم: عبد الجبار نوري
ثمة معيار جديد بات يعتمد في أدارة السلطة السياسية في البلاد وهو مبدأ التوافق في توزيع وتقاسم السلطات في النظام السياسي في العراق والتي تسمى ب” { المحاصصة } وتفرعت منها الأزمات ، وأفرزت المتغيرات ، والمؤثرات الفاعلة في أشاعة عدم الأستقرار السياسي والمجتمعي ، وهذه المحاصصة الكارثية وُلِدتْ مع أعلان مؤسسة ( مجلس الحكم ) في عهد “بريمر” السيء الصيت بعد 2003 مباشرة مكوّن من 13 عضومن الشيعة العرب و5 أعضاء من السنة العرب و5 أعضاء من الأكراد وعضوين من المسيحيين والتركمان فأصبح المجموع 25 عضو حاكم ، وعلى الرغم من أنّ الدستور العراقي في 2005 لم يشر إلى هذا الفايروس لا من بعيد ولا من قريب وهو يتناقض أصلاً مع الدستور العراقي .
وهكذا أصبحت المحاصصة القومية والطائفية والحزبية سيدة الموقف والمشهد السياسي في العراق فهي محاصصة سلطوية نفعية ، من أبرز مظاهرها التسقيط السياسي ضمن الكتل والأحزاب وفقاً للمحاصصة لا خدمة الوطن والمواطنين ، فأصحاب القرار السياسي وحكام بعد السقوط (خدروا ) ناخبيهم بشعارات الطائفية والدينية والقومية الأثنية وتوظيفها سياسياً من أجل كسبهم وبقائهم في السلطة والحكم ، لذا نجدهم غير جادين في المصالحة الوطنية لكون سيدهم السلطة والمال والجيش والأمن ربما يفقدونها في المصالحة عندما يجدون أنفسهم أمام منافسين جدد لهم قواعد كانت مهمشةٍ سابقاً .
فالمحاصصة أصبحت اساس محور العملية السياسية منذُ تشكيل مجلس الحكم ومنذُ أجراء الأنتخابات النيابية الأولى وتشكيل أول مجلس نواب وأول حكومة وأستمرت إلى يومنا هذا بعد أتفاق الجميع عليها وأعتبروها المبدأ الفصل في تقسم المناصب أبتداءً من القمة الهرمية للدولة حتى القاعدة ، فالرئاسات الثلاثة قُسِمت وفق المحاصصة حصة الأكراد والسنة العرب والشيعة قفزاً على مبدأ ” الشخص المناسب في المكان المناسب ” أي تباً للكفاءة والتكنوقراط والنزاهة والسيرة المشرفة والذكر الحسن ، المهم ملآ الفراغ الكتلوي أو الحزبي حتى ولو كان لصاً متجرداً من الأنسنة والمروءة والدين والطائفة والقيم الخلقية ، وقد يكون نكرة في ماضيه أكثر أمنياته الحصول على وظيفة قاطع تذاكر واليوم بفضل المحاصصة قد يكون وزيراً ولا تعجب لأنها حدثت هذه الظاهرة الفلتة فعلاً في عراق العجائب ، عراق الفانوس السحري !!! ، وأنتشر وباء أيبولا المحاصصة بسرعة مذهلة في الرئاسات الثلاثة ونوابهم والوزارات والسفارات وأصبحنا أضحوكة أمام وسائل الأعلام الأقليمية والدولية يتندرون بنا ويسمون الوزارة والسفارة بالوزارة والسفارة العائلية بتشغيل الوزير أو السفير عائلته من نجله وأخوته وأخواته ولا تعجب حين يكون الحرس والجايجي من عشيرته وهنا صرّح محمد حسنين هيكل الصحفي المخضرم في صحيفة الأهرام الواسعة الأنتشار قبل أسبوع { العراق عباره عن بنك أستولى عليهِ مجموهةٍ من اللصوص ليس لهم علاقة بالسياسة والحكم } .
تداعيات المحاصصة وآثارها السياسية والمجتمعية على العراق
1-بما أنّ المحاصصة تعني الولاء إلى الحزب أو الكتلة أو القومية والمذهب والقبيله والمنطقة فأختزلت أسم الدولة العراقية والتي هي محور الديمقراطية وأدت إلى تفكيك وتشظي وضياع ( الدولة المؤسساتية ) . 2- تحديد قدرة النظام السياسي على صياغة القرارات الأستراتيجية المتعلقة بعملية التنمية والأستقرار والتطور في العراق . 3- تشرذم وتفكك اللحمة الوطنية . 4- ترهل الأمن الوطني وضعفه وغياب العقيدة.. السياسية الوطنية. 5- أدت المحاصصة غلى تراجع عملية النمو والتنمية نتيجة عياب التخطيط الواضح في حل مشكلة البطالة المستشرية بنسبة أكثر من 23% بسبب أحتدام الشحن الطائفي ، والفرية الجديدة الغير مسبوقة في العالم أنسحاب نواب الكتل والأحزاب من جلسة مجلس النواب بأمر من قياداتهم ، بل الأكثر منه أستقالات جماعية لكابينة الوزارة وكل هذه السلبيات أدت إلى الفوضى وأرباك الحكومة وفشلها في تحقيق برامجها . 6- الفساد المالي ونهب ثرواته بشكلٍ علني أبتداءً من البنك المركزي والمصارف والوزارات بأرقامٍ فلكية حيث يعيش الشعب العراقي في هذه المرحلة مأساة ومهزلة عندما يرى موارد العراق السنوية تبلغ 138 ترليون دينار عراقي أو ما يعادل 116 مليار دولار أمريكي حيث الضياع والمصيبه عجز مالي ب37 مليار دولار، مما دفع الحكومة إلى القروض من الخارج والشعب يدفع فاتورة الفشل الحكومي في غياب الكهرباء ونقص مياه الشرب والفقر والمرض ونقص شديد في الخدمات الصحية والتعليمة وأنعدام البنى التحتية وأزمة سكن حادة وووو. 7- والمتتبع موقف الكتل الرئيسة الكبيرة في البرلمان وكيف أنّ هذه الكتل مستعدة لتغيير مواقفها متى ما ظهر التغيير في مصلحتها أما العراق في خبر كان . 8 – تجاوز الدستور العراقي 2005 في العديد من فقراته وعلى سبيل المثال لا الحصر المادة 1 من الباب الأول الذي ينص على { أنّ جمهورية العراق دولة أتحادية – نظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني – ديمقراطي وهو مؤشر تقدمي في نشر الوعي الديمقراطي الذي فيصلهُ صندوق الأنتخابات الذي يفرز الصحيح والمطلوب حسب أكبر رقم أنتخابي مع الأسف الشديد خُمط وأهين هذا الحق في تشكيل آخر حكومة في 2014 في تنصيب رئيس الوزراء حسب المقبولية والتوافقية حسب ما تمليه مزاجات المحاصصة ، و المواد 54 ، 70 ، 76 والتي تتحدث عن مناصب الرئاسات الثلاثة الجمهورية والوزراء والنواب لا تتضمن لوناً طائفياً أو قومياً أو مذهبياً لمرشحي هذه المناصب ، والمادة 140 فُسٍر حسب هوى المحاصصة والمادة 119 الحق في تكوين الأقليم أهمل هو الآخر لأعتبارات مناطقبة أو سياسية أو مجتمعية .
الخاتمة/ أنا من المؤيدين للحل الثوري الذي يخلو من التوفيقية وهو الحل المتبع في وقت ” الحروب ” على مدى التأريخ والذي هو آخر الداء الكي { حل البرلمان ، أنتخابات مبكرة ، حكومة طواريء أنتقالية مؤقتة ، تفعيل القضاء ، تنفيذ أحكام الأعدام ، والضرب بيدٍ من حديد }بحق الرتل الخامس من أرهابيين الملطخة أيديهم بدماء الشعب ومخربي الأقتصاد العراقي من مزيفي العملة ومهربيها ، وغلق فضائيات الفتنة الطائفية }—- والله من وراء القصد
السويد / في 1-8-2015