كلما أتيحت الفرصة للكتابة عن مناسبة دينية أو وطنية أو دولية، إلا واغتنمها صاحب الأسطر، بما يسمح به الظرف والذاكرة، محاولا أن يضيف الجديد، وأن لايكرر ماذكره في السنوات الماضية ، حين تطرق لنفس المناسبة. وهذا ماسيقوم به الآن، وهو يتطرق لحادثة الإسراء والمعراج.

قريش كانت في غاية المكر والحمق، حين كانت سببا في طرد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتضييق عليه وعلى أهله وأصحابه، فما كان من سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن غادر مكرها وطنه الذي ولد فيه وشبّ فيه، وتلقى فيه الرسالة إلى الطائف، التي كان يعتقد أنه ستأويه وتحميه.

ثم انتقل إلى الطائف فاستقبلته بأبشع استقبال، فكان الحجارة التي أسالت دماء قدميه الشريفتين، علامة استقبال خير البشر، من جيران لم يقدّروا حق الجار.

وكانت النتيجة أن حرمت قريش والطائف فضل الإسراء والمعراج. فسيظل التاريخ يكتب أن قهر قريش وظلم الطائف، كان سببا في الإسراء والمعراج، للتخفيف عن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولن يكتب أبدا أن الإسراء والمعراج كان بفضل احتضان قريش وحماية الطائف لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا فضل حرموا إياه وإلى الأبد، وتلك لعنة ألحقت بهما جميعا وإلى الأبد.

وهذا شأن كل من يحارب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يحرم فضله وذكره، وهذا  وحده كفيل لأ يكون عقاب لمن ألقى السمع وهو بصير.

قريش هي أقرب الناس إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطائف جار له، وحين بالغوا في الإساءة إليه، ولم يعرفوا قدره ومكانته وهو بين أيديهم، حرموا فضله ومنعوا من أن يذكروا بجانبه، وظلّ التاريخ يمقتهم ويقول لهم عبر الأجيال ..

تبا لكم من قوم، لم تحسنوا الرفق بإبنكم وجاركم، فلن نحسن إليكم ونحن أبعد الناس عنكم. وهذا عقاب لاتطيقه الراسيات.

الإسراء والمعراج بقدر ماكان دعما لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان مقتا وعذابا لكل من حاربه وأذاه، لأنه حرم فضله. والأمم التي لاتذكر في التاريخ إلا بكونها حاربت سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلك أمة خاسرة ولو ملكت الأرض والسماء.

ومن أراد أن تذكره السماء، ويخلّده أهل الأرض، ويحن لذكره الأجيال، ما عليه إلا أن يدافع عن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه بما يملك ويستطيع، فإن ذلك دفع له للأمام وللخلود في تاريخ الأمم.