د. نبيل أحمد الأمير

كشفت تجربة العقد الماضي عن فشل ذريع للتيار السياسي الديني بالعراق في التعامل مع التحولات العميقة في عالم اليوم .
ويرجع هذا الفشل إلى ثلاثة عوامل رئيسة هي :
أ) عجز التيار الديني السياسي عن التحرر من جلباب التاريخ ومشاكله وعقده .
فقد بقيت عقد ومشاكل وإختلافات الماضي المذهبية والقومية هي المسيطرة على نهج هذه التيارات ، مما أدى الى تعميق التخندق بالمجتمع بين الاطياف والقوميات وحتى المناطق .

ب) انزلاق هذا التيار في الصراع الطائفي والعرقي وحتى القومي .
ان تعميق التخندق المذكور بالفقرة الأولى أدى بالتأكيد للدخول من أوسع أبواب الإختلاف بالإنتماء والولاء والهوية بين أفراد المجتمع الواحد ، والذي بالتالي سبب فقدان الثقة بالطرف الثاني وإتهام كل طرف للآخر بعدم الإنتماء للوطن والعمالة لهذه الدولة او تلك .

ج) إخفاقه في تحديد الشريحة الاجتماعية التي يخاطبها ، الأمر الذي شتت خطابه بين الهموم والانشغالات المتباينة للطبقات الاجتماعية وبين مصالح هذه التيارات الشخصية والحزبية وبناء إمبراطورياتها .
وقامت التيارات الدينية السياسية بالتخبط في مخاطبة المجتمع ، لأن درجة الوعي الفكري والثقافي تختلف بين شرائح المجتمع العراقي ، وبالتالي أخفقت هذه التيارات في توحيد خطابها الوطني مع أفراد مجتمعها ، مما إظطرّها لتغيير الخطاب من هذه الشريحة لتلك الاخرى ، مماسبب فقدان الثقة فيها .

د) عدم إختيار الأشخاص المناسبين والمحسوبين على التيار الديني السياسي . للتصدي للعمل السياسي .
فالتاريخ الجهادي للبعض لايعني قدرتهم على إدارة الدولة ومؤسساتها .
لذلك نرى أن إصرار هذه التيارات على تولّي بعض الوجوه والأشخاص بعينهم المسؤوليات وتنقلهم من هذه المسؤولية لتلك ، اعطى إنطباع سلبي عند المجتمع في وجود الاشخاص غير المناسبين في مواقع المسؤولية بالدولة .

هـ) إهتمام هذا التيار ببناء السلطة وعدم إهتمامه لبناء الدولة .
حيث نجد هنا التزاحم على كسب المغانم وتقاسم المناصب في مؤسسات الدولة ، كان على اشدّه طيلة هذا العقد ، لبناء سلطة قوية بدون الإكتراث لأهمية الدولة .

لذلك نجد أن حتى المرجعية الدينية العليا بعد أن أدركت هذه الحقائق ، دعت وبصورة واضحة لأن تكون الدولة بالعراق دولة مدنية تحترم الدين وتلتزم بتشريعاته .

والله من وراء القصد .