الفنان التشكيلي واللغوي عبد اللطيف حلاق بين الحروفية والتجريد والواقعية

نرى تنوع المراحل التي يمر بها الفنان ببعدها الزمني والمفاهيمي ولعل من أولى المراحل التي يمر بها الفنان كمرحلة ابتدائية هي المرحلة الواقعية ليتخطاها إلى المراحل المفاهيمية والتي ترتبط فيها اللوحة بالبعد الفلسفي وطروحات الرؤى الفنية وهذا ما يحاكي تطور مدارس الفن الحديث والمراحل التي عبرتها

نلتمس في هذه مرحلة الواقعية الموضوعات الواقعية الطبيعية التي ترصد الأحياء الشعبية والبراري الزراعية بأسلوب واقعي يقترب من لوحات الانطباعيين المحدثين في أوربا حيث تظهر الضربات اللونية السريعة والاختزال في التفاصيل على حساب المشهد العام والتركيز على الخاصية الشرقية للوحة الفنية فنرى ذلك الفيضان الضوئي المنبعث والذي يفرض على اللوحة تضاد لوني حاصل بين قيم داكنة تجاورها قيم ودرجات لونية فاتحة تسهم في إبراز الكتل المعمارية لديه وتصبغها بخصوية متفردة مع زهد لوني يبتعد عن يفتقر إلى الألوان الزاهية تركز على الحالة اللحظية التي تعتبر لمحة بصرية مشهدية خاطفة و إننا نجد تعدداً وتنوعاً خارجاً عن النمطية لدى الفنان عبد اللطيف حلاق وذلك من خلال تنوع الأساليب والانتقال بين المدارس الفنية والتشكيل فيما بينها فمرة نجد النطباعية وأخرى نجد التصوير أو الواقعية

وإن النتاج الفني لكل فنان مقرون بالإيديولوجية الفكرية والذهنية المبدعة التي يحملها كل فنان في طياته الفنية وثقافته البصرية وهي تختزل نتاجه الفني على مر الأيام لذلك نجد لكل فنان هويته وبصمته الفنية ونرى ذلك جليأ في باكورة أعماله …
فنحن كمتابعين ومشاهدين عندما ننظر إلى العمل نظرة عامة مع القليل من الثقافة البصرية بدون ومن غير أن نكون فنانين مختصين, نستطيع أن نقرأ ذلك النتاج ولكن بصورة مبسطة وغير تخصصية أو معقدة كالناقدين والفنانين المختصين .
..
كما هو ظاهر في هذه اللوحات التالية :

حتى في الموتيف الفني نجد له هوية خاصة وبصمة تتسم بالبساطة والبعد عن التكلف وبنفس الوقت مفعمى بروح المعنى كما في اللوحات التالية :

ثم نجد أن أعماله في التجريد تمازجت بين مهارته في فن الخط العربي وإلانة الحرف وتكويناته في لوحاته الكلاسيكية إلى لوحات حروفية مقابلة للتجريدية في عمله وكانت تلك المهارة جمعاً بين لوحاته التجريديه وخبراته الخطية لتنتج عملاً حروفياً وإن المدرسة التجريدية أو التجريد ماهي إلا الابتعاد عن الأشكال المقروءة للعين والبحث في خصوصية اللون والخط لتكوين عمل فني منسجم ويحتوي في بعض الأحيان حواراً بين الألوان والأشكال والخطوط وقد اهتمت التجريدية بالأصل الطبيعي ورؤيته من زاوية هندسية وإن هذا المذهب يسعى إلى البحث عن الجوهر في الأشياء والتعبير عنها بأشكال موجزة تحمل في طياتها الخبرات الفنية التي تثير الوجدان يرى التجريديون أن الشكل الواحد يوحي بمعان متعددة في آن واحد فالشكل الكروي على سبيل المثال هو تجريد لمعان متعددة كالشمس والتفاحة وكرة اللعب وغيرها

كما في اللوحات التالية:

أما إذا أمعنا النظر في ناحية أخرى قام الفنان باتباعها وهي محاكاة رائعة لمنظورات فنية جديدة ورائعة فهي الجمع بين الخط والرسم في انجاز لوحات فنية تحمل معنى كتابي أدبي ومعنى لونبي خطوطي شكلي مازجاً بين الإبداع ولنتاج االفني لثلاثة حقول لفنية وهي الرسم والخط العربي الكلاسيكي المطوواع ليخدم التكوين الفني في اللوحة إن صح التعبير والعبارات الفنية المنتقاة كما نلاحظ ذلك جلياً في الأعمال الفنية التالية:

هكذا نجد التنوع الشديد والقدرة الرائعة على الانتقال بين تلك المدارس والمنظومات الفنية لدى الفنان عبد اللطيف ولاحظنا الجمالية الفنية التي تعكس ثقافة بصرية رائجة تستقطب بصرياً عين الإنسان العادي كما تستقطب عين الفنان أو الناقد المختص وإن الكثافة الحرفية وتراص الكلمات سعياً في تكوين مجرى الشكل المطلوب في الرسم بالتوازي مع ليونة الحرف جعل من اللوحات الأ خيرة والنوع الأخير أنف الذكر جعلت منها تحمل بعداً فنياً جديداً يحمل في طياته البساطة والسهولة مع الجمال الفني في ثقافة بصرية جديدة ونستطيع القول أنه السهل الممتنع وذلك سعياً كما أسلفنا لثقافة بصرية وتكنيكات فنية سهلة وجميلة وذات معنى ادراكي مبسط