همسات كونيّة(185)
هل من مصاديق لحكمة الأمام عليّ(ع): [إتّق شرّ مَنْ أحسنت إليه] في هذا العصر؟
للأمام عليّ ألف حكمة و حكمة .. بل كل كلمة أو حركة أو نظرة أو همسة قالها هي حكمة كونية رغم عدم وصول كل ما قاله أو كتبه أو عمله إلينا بسبب الحكام, لكن هذا الذي وصلنا منه كان كافياً لتنوير كبار الفلاسفة .. لهذا آمَنْتُ بعليٍّ (ع) مثلما آمنت بآلله .. بل بعليّ عرفتُ الله و بعليّ عرفت الحكمة و الفلسفة و البيان, حتى وصفه بعض العرفاء بآلقول: [ها عليٌّ بشرٌ كيفَ بَشَرْ .. ربّهُ فيه تجلّى و ظهر], آمنتُ به لحدود لم يسبقني إليها فيلسوف آخر سوى (جان جاك روسو) قبل 3 قرون حيث قال: [ما وجدت في التاريخ من يستحق كلمة استاذ بمفهومها سوى رجل واحد هو عليّ بن أبي طالب], وقول الفيلسوف قول .. لا ككل الأقوال و الأحاديث .. حيث نختلف عن غيرنا في عالم الشهود لكوننا لا نُؤمن حدّ اليقين بمسألة أو قضية مالم يُثبت ذلك علميا و عملياُ من خلال المعادلات والنظريات العلميّة وآلنصوص التي حدّدناها كقيم و أسس للبحث و التحقيق لأعتقادنا بأن الخلود في هذا الوجود لن يتحقق للساعيّ إلا بآلحكمة و آلعرفان الذي أساسه المحبة وهي آخر المراحل المعرفية التي قد يصلها عالم فيلسوف بعد المعصوم!

لقد آمنتُ بعليّ الأعلى فطرياً و عقلياً حتى درجة العرفان و صرت كأني أعيش معه .. آمنت بكلّ مقولاته كعاشق ولهان لا يرى سوى معشوقه .. إلاّ واحدة من تلك آلمقولات الكونيّة, و هي: [إتّق شرّ مَنْ أحسنت إليه] فقد إستوقفتني هذه الحكمة كثيراً لحدّ الشّك في نسبتها له (ع) و في مصادرها ورواتها, خصوصا و أن القرآن يؤكد ذات المفهوم بإسلوب إستفهامي مبطن مفاده:
[هل جزاء الأحسان إلا الأحسان]؟

و بعد مراجعتي للمصادر و الرّواة بشأن صحة الرّواية و الحكمة الكامنة ورائها رأيت إن الرّواة و المحققين يُؤكدون صحة ذلك و منهم الشريف الرضي و آخرين من المذاهب الأخرى, و آلسؤآل هو: (أين مصاديق هذه الحكمة في حياتنا المعاصرة), و كيف يمكن لشخص أحسنت إليه و آويته و علمته الأصول و الحكم و الأحكام أن يخونك بآلغيب!؟
لا بل كيف يجرأ إنسان أكرمته و آويته و أحسنتَ إليه و دافعت عنه في الحضور و المغيب أن يسيئ بحقك و كأن الأساءة عنده لمن أحسن إليه حقٌّ له و جهاد في سبيل الله!؟

نعم .. أخوتي القرّاء ؛ موضوعنا .. بل محنتنا هي هذه بسبب الدِّين القشري و التربية الخاطئة و النفوس الخبيثة.
نعم .. وجدّت تلك الحقيقة مُتجسدة بأناس يدّعون الأيمان و”الجهاد” في الأحزاب التي هي الأخرى خرجت من مدار الأيمان بسببهم لتدخل في مدار العلمانية والأنحراف والغيبة , ومن الصعب كشفهم بسبب التظاهر بآلأيمان ما لم يثبت لك شهودياً!
و هذا ما حصل لي مؤخّراً من بعض الذين يتظاهرون بآلدِّين و الدَّعوة لأجل آلبطن و الدولار, و لا يدركون شيئاً من العلم و التقوى و الأنسانية و المحبة, بل العكس .. يؤمنون بآلكفر و الالحاد لنفس الهدف(المادة) و (الجاه) لو تطلب الأمر ذلك!

يا سيدي و أستاذي يا عليٌّ الأعلى : لقد تجسدت مقولتك الكونيّة عملياُ في بعض الذين أحسنتُ بحقّهم, حيث بَانَ نِفاقهم و تزويرهم و نمّاميّتهم و خباثتهم بأجلى صورة أمامي و بلا حياء لسبب واحد و وحيد و هو نفاقهم الذي مردوا عليه .. و لكن و كما أشرت في همسة سابقة ؛ لا الله و لا الأنبياء و لا الأئمة إستطاعوا أن يقضوا على النفاق, إلا في حالات نادرة, ولهذا خصص لهم الباري الدرك الأسفل من جهنم, لأنهم يتصفون بصفات عجيبة غريبة , فبعضهم ممن إبتلاني الله بهم كانوا في الوقت الذي يعلنون أمامي في الخفاء بأني قلبهم و أستاذهم و و دليلهم و مربيهم و أخوهم الكبير ؛ كانوا يجهلون عليّنا هذا الحق عند المواجهة أمام الناس, كما إن بعضهم كان لا يستحي من تلفيق الكذب و الأفتراء بحقنا!

فهل هناك منافقين أكثر خبثاً وحماقة وتخلفاً وجهلاً من هؤلاء ألذين يدّعون الدّعوة لله؟ وحاشا الدُّعاة الحقيقيين من ذلك!
هؤلاء الحثالات بعد ما فشلوا في الظهور بآلحقّ أمام الناس حاولوا الظهور بآلباطل والنفاق, ظنا أن هذا سيرفع من شأنهم!؟
و ما علموا بأنهم يُمهدون لمقاعدهم في الدرك الأسفل من النار و الخزي في الحياة الدنيا.

لذلك صدَقتَ أيّها العليّ العظيم حين قلت: [إتق شرّ من أحسنت إليه], و هؤلاء هم المصداق الأكبر لقولك الحكيم , فبعد ما علّمناهم و دافعنا عنهم في السر و العلن؛ نكثوا العهود و الصّداقة و خانوا الأمانة بسبب الخبث و الحسد و النفاق و الجهل و طلب الدنيا و الرئاسة التي أهلكت من كان أكبر منهم بكثير و لهم في عراق اليوم خير مثال على ذلك من صدام و إلى آلآخر ..
هؤلاء قد يعرفون و يُتقنون أساليب الخداع و الكراهية و الغيبة و النميمية بتفنن كبير لأجل مصالح آنية؛ لكنهم بجهلون بآلمقابل و إلى حدٍّ كبير أساليب المحبة و العشق والودّ و الرحمة التي وحدها تخلدهم, لكن فقدوها حتى على أبنائهم و زوجاتهم, و تلك هي سوء العاقبة التي يصاب بها البعض من المُدّعين للأيمان لأجل بطونهم التي جاعت دهراً و شبعت أخيراً .. لا لأجل تربية أنفسهم و تربية أبنائهم الذين أصبحوا منابع للفساد و الشراب و المخدرات و كما ذاع صيتهم ليس في جاليته فقط بل حتى في الجاليات الأخرى الأخرى و في داخل الأحياء الأسلامية لحدّ طردهم من أوساطهم بسبب خبثهم و نفاقهم و تعاطيهم للفساد و آلمخدرات و المحرمات.

و هكذا نرى أن المصاديق على النفاق و المنافقين كثيرة في هذا الزمن, و للعلم .. الكافر و الزنديق و امثالهم لا يُطلق عليهم كلمة النفاق, لأن هوياتهم معلومة و هم أفضل من المنافق والمصاديق تتجلى في أوساطنا وبداخل ديننا ومذهبنا, فصاروا مصداقاً لحكمة الأمام عليّ(ع) في هذا العصر كما كل عصر فإتّقوا شرّ من أحسنتم إليهم يا عباد الله المخلصين؟

اللهم إني قد بلّغت .. أللهم فإشهد.
اللهم إني قد بلّغت .. أللهم و إشهد .. إني قد نبهتُ الناس و هؤلاء الذين أعنيهم من المنافقين المرضى .. و أدعوهم بمراجعة أنفسهم وحتى مراجعة الأطباء النفسانيين للشفاء ممّا هم فيه وباب توبة الله مفتوحة في كلّ وقت بشرط (التوبة النصوحة) ثم الأيمان بآلله من جديد بقلب صادق صاف و مطمئن ثم الأصلاح و الأمر بآلمعروف و النهي عن المنكر و عبادة الله من دون الشرك به و كما فعلوا من قبل حيث كانوا ينقلبون إلى ملحدين مع الملحدين أو مسلمين مع المسلمين ويهود مع اليهود و نصارى مع النصارى فجاة وبلا مقدمات وحدود لأجل الدنيا لأنهم كما قلت مَرَدوا على النفاق للأسف و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
Azez Alkazragyعزيـز حميد ألخـزرجيّ
A cosmic philosopherفيلسوف كـونيّ