إعادة النظر في التأريخ:
مَنْ ولماذا و كيف زوّروا التأريخ وقلبوا الحقائق من الأساس؟
وهل إنتهى التزوير الآن بعد عبورنا للألفية الثالثة و عصر ما بعد المعلومات؟
قلنا في أكثر من بحث بأنّ تأريخنا أسود و مزوّر و مؤدلج عبر وجوه عديدة و بألوان و غايات و أهداف متعددة, أستطيع إختصار سببها بآلنفس التي هي أخطر من الشيطان نفسه .. بل الشيطان مسكين بآلنسبة لجشع و شهوة و فساد النفس .. تلك العقبة الكأداء التي إن لم تُهذّب فأنها تفسد و تدمر كل شيئ حتى صاحبه!

من أوضح الأنحرافات التأريخية الكبيرة عدم وجود ذكر أو حتى إشارة للأنبياء وآلرسالات السّماوية و الأحداث المصيرية و المنعطفات الكبرى التي حدثت و غيرت مسار البشرية, بل تمّ تحويرها و خلطها وجعلها بإسماء مزورة و غريبة الهدف منها لا ينطلي على عقل عاقل ناهيك عن مُفكرٍ مُؤمنٍ بآلوجود!

وأخطر ما حدث في التأريخ – أي الأخطر من التزوير نفسه – خلط الحقّ مع الباطل, و هذا ما لا يمكن حلّه أو فصله وعلاجه بسهولة, فأحيانا ترى خطأ يقابله شيئا صحيحاً فتترك الخطأ و تثبت الصّحيح بعد إجراء المقارنات و القياسات العلميّة و المنطقيّة؛ لكن حين ترى الحقّ و الباطل مندمجان معا فهنا المسألة تتعقد و تتشابك بحيث يصعب علاجها و كما هو الحال مع المذاهب الأسلامية كمثال, حيث إختلفوا في أبسط الأمور و هي كيفية صلاة النبي(ص) الذي صلّى فيهم عمراً صلاة واحدة تكررت كل يوم عشرات المرات!

و كذلك إستبدال الأسماء و الشخصيات, كإسم حاكم منحرف و فاسد مكان إسم مؤمن و معتدل و سليم, و كما فعل سمر بن جندب, حين غيّر أسباب نزول الآيات, كإستبدال إسم عليّ(ع) الذي نزلت بحقه آية [إن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم بأن لهم الجنة …] (البقرة/207) و جعلها بإسم قاتله عبد الرحمن بن ملجم الذي نزلت بحقه آية؛ [و من آلناس من يقول آمنا بآلله و ما هم بمؤمنين …](البقرة/8), من قبل الراوي (سمر بن جندب) الذي أعطاه معاوية 800 ألف درهم تكريماً له.

و كذلك إستبدال إسم النبي(نوح) بإسم كلكامش على سبيل المثال ليصبح الأخير صاحب حضارة عالمية و نوح صاحب القصة لا ذكر له أساسا!

من جانب آخر إنّ ما أسموها بـ (الحضارلات الكبرى) قد دُوّنت و وثّقت بكلّ تفصيل و لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة إلا أحصوها حتى لون و تصميم ألبسة “الملوك” و “ألملكات” و عاداتهم و طبائعهم و غيرها من اتفاصيل!!

ليبقى لغز غياب أيّ ذكر أو تفاصيل أو حتى أثر عام لحقيقة هبوط الأنبياء و المرسلين و الأوصياء و الأولياء و آثارهم العظيمة لغزاً مُحيراً لأكثر الناس .. تَلاعَبَ و ما زال يتلاعب به عباد الشهوة و الدينار رغم إنها أحداث مصيرية عظيمة يستحيل تجاهلها, الهدف من كلّ هذا التزوير هو تخريب و تبديل نهج الله لتخريب أخلاق و عقيدة الناس و آلتحكم بهم بغير حقّ و كما شهدناه و نشهده في حكومات الأرض مع شعوبها!

أما كيف تمّ كل ذلك التزوير والتحريف وتلقّاه أكثر الناس كحقائق فيما بعد للأسف؛ فآلجواب هو أن الحُكّام بيدهم السّلطة و الأعلام و المعارضة من الجهة الأخرى لا حول و لا إمكانات لها, لذلك تمّ كتابة التأريخ و الأدوار بحسب مرارم و مصلحة الحاكم لا مصلحة الحقّ الذي يمثله المعارضة عادة.

لذلك و بما أن هذا الموضوع يعتبر أحد ألأهتمامات الأساسية؛ فأنّ الفلسفة الكونية تدعوكم – المفكرين – لإعادة النظر في قراءة التأريخ بكل جوانبه و تشعباته و آثاره و معارفه وزواياها المختلفة كتأريخ و سِيَر الكُتّاب و المؤرخين و تأريخ الكتابة التي إعتبرها الناس بآلخطأ بأنها تعود للسومريين, بينما أصله يعود لخمسة آلاف سنة قبل مجيئ السّومريين.

و السؤآل الأهم بعد هذا, هو: هل إنتهى تزوير الحقائق بعد عبورنا للألفية الثانية إلى الثالثة؟
الجواب: لا أبداً .. بل تزوير الحقائق و تحريف المواقف و قلب الأمور من الأساس ما زالت هي البضاعة الرائجة للحُكام و الحكومات, لأنّ قول الحقيقة تعني زوالهم و إستبدالهم بأهل الحقّ!
و بآلتالي هل هناك حلٌّ أمثل في إعادة كتابة التأريخ؟ و كيف يمكن ذلك و العالم و العلماء مشغولين بلقمة العيش و بآلدولار و آلمخلصين منهم أوكلوا القضية لظهور المنقذ و تركوا الحبل على القارب للغارب!؟
الفيلسوف الكونيّ