فَلسَفَةُ آلفلسَفة ألكونيّة – ألحلقة آلثّانيّة
فلسفة ألفلسفة آلكونيّة, منهجٌ لصياغة نظام متكامل جديد لخلاص العالم من آلظلم, مَبْنيٌّ على أساس كونيّ يعتمد على تفعيل الفكر لتدريسه و تطبيقه عبر آلمراحل ألتعليميّة بدءاً بآلرّوضة و حتّى آلحوزة وآلجامعة, لإعمالها كقوانين تنظم الأقتصاد و ألأجتماع و ألأدارة و التربية و السّياسيّة لتجاوز ألحالة البشريّة إلى إنسان كامل قادر على بلوغ (مرحلة الآدميّة) آلتي معها يدرك الحقيقة و رسالة ألمحبّة وآلتواضع أمام عظمة ألخالق و معنى ألعدالة و ألكرامة ألأنسانيّة ألمسحوقة بيد آلحُكام ألمُنتخبين “ديمقراطياً” تحت ظلّ (المنظمة الأقتصادية الأستكباريّة), و حين يتّكأ الآدميّ على آلمحبة؛ فأنّ إبداعه و نتاجه يتضاعف على كلّ صعيد, (كالأشجار ألّتي تتّكأ على أرض خصبة لتُثمر أفضل الثمار), وأوّل مُتطلّبات تحقيقها؛ مُطالعة أدب العرفاء الفلاسفة لا أدب الثقافة العربيّة أو الأعجميّة التي سبّبتْ تكريس الشهوة و الأنا و العنف وآلحرب والتكبر وآلتّنفر وأخيراً ألتبعية لِبُعدِ تلك الأدبيات عن (الفلسفة الكونيّة)!

مبادئ و أفكار الفلاسفة و أدب ألعُرفاء هي آلضّامن الوحيد لتفعيل فلسفة ألقيم و حفظ كرامة الأنسان و شيوع العلاقات الآدميّة بدل الحيوانية و بآلتالي .. ضمان خلق جيل نامٍ؛ منتج؛ متواضع؛ مُدرك لحقيقة آلوجود و دوره فيه, و يتطلب ذلك في المقابل نبذ القيم و آلعلاقات وأفكار ألأحزاب الجاهلية و القومية و العشائرية ألضّيقة التي تُقوّض بل و تقتل حركة و فاعلية ألمجتمع و تنتج البطالة و تُمحي بشكل طبيعيّ ألرّحمة و العدالة و المساواة ليحلّ آلعنف وآلظلم وتسلط القوي على الضعيف والحاكم على آلمحكوم لأجل ألفساد و آلنهب بدل ألمبادئ و آلقيم ألكونيّة آلأخلاقية ألتي أقرّها دين الله تعالى الذي فَصَلوه عن آلسّياسة وآلأقتصاد و آلمجتمع و التربية و التعليم و آلعائلة و كأنّ لسان حال الحكام و أحزابهم هو ما قاله (نيتشه)؛ [لقد مات الله], مع أنّ نيتشه كان يقصد شيئاً آخر و في ظرف آخر!

و ما كان هذا الهجوم ألغربيّ ألمبرمج و آلمُستَدلّ ألهادف إلى إبعاد ألدّين و فصله عن ألحياة ألسّياسيّة و آلأقتصاديّة و الأدارية إلّا لينجح في قلب موازين ألقيم و الأخلاق لتضعيف نفوس الناس ليسهل إخضاع إرادتهم لإرادة و قيم المنظمة الأقتصادية العالمية, و لولا آلتحريف و آلتّبدّل و التّفاسير ألمُتجزّءة للنصوص السماوية و ألتي سببت ثغرات في الدّين و تدمير أصل و روح آلرسالات السماوية بسبب “أهل الدِّين” أنفسهم؛ لما كانت خطط الغربيين المستكبرين المغرضين تنجح في أهدافها آليوم, بحيث أصبح رؤوساء الأحزاب و الحكومات تتنافس و تتفنّن للتقرب إليهم لأدامة الفساد.

و هكذا تعرّض الدِّين للأتهام و المسخ و تغيّرت ملامحه و متونه و فروعه و أهدافه لتكون تلك الأنحرافات حجّة قويّة بيد المستكبرين و كما شهدنا ذلك عبر التأريخ حتى زمن (داعش) للقضاء عليه – على الدِّين و أهل الدين, الهدف الغربي – أعنى الحكومات – من كل هذا هو لتَسَيّد ألسّلاطين و آلحاكمين ديمقراطيّاً بشكل قانوني و منطقي لمنفعة المنظمة الأقتصادية هذا من جهة, و من الجهة الأخرى التي زادت الطين بلّة إستغلّ و إستثمر الغرب ألأسلوب الظالم ألمجحف البعيد عن الرحمة للمبلغيين و المراجع ألثيوقراطيين مع الناس لتسخيرهم لتحقيق منافعهم التي أشرنا لها, لذلك نرى الجانبيين؛(الغربيّ) و (آلأسلاميّ) قد إستغلا جهل الناس و معهم الكتاب و المثقفيين و الأعلاميين لملأ جيوبهم و تأمين مصالح أبنائهم و ذويهم و مساحة بيوتاتهم!

و هكذا كان الحال إبان القرون الوسطى أو ما بعده و حتى قبله, لذلك و للأنصاف فأنّ آلعامل الأكبر في (فصل الدِّين عن السّياسة) هي الأحزاب ألدّينيّة و مراجع الدّين الذين عرضوا و تمسكوا بالأسلام التقليدي المفصل على مقاس بيوتهم لدرّ عواطف الناس من أجل تأمين مصالحهم و لنا في العراق و غيره أكبر دليل على ذلك, حيث إنّ رؤوساء الأحزاب الأسلاميّة – ناهيك عن العلمانية – و فوقهم مراجعهم نبذوا نهج عليّ(ع) في الحكم و التعامل مع الناس .. ليأخذوا حقوقا و رواتب و أمكانات بلا حدود حتى تعجّب منهم المستكبرين و الحكام الغربيين(1) أنفسهم, لذلك لا خلاص من هذه الكوارث الكبيرة ما لم نُحكّم أسس (ألنظريّة الكونيّة) التي تفرض تحقيق العدالة و المساواة بين الجميع حاكم و محكوم لنيل محبة الله و عشقه.

و تحقيق ذلك ألهدف ألعظيم الذي يختصر فلسفة الوجود يبدأ بآلأجابة على (آلأسئلة ألكونيّة) التي عجز ألفلاسفة ألألاهيّون كما ألأكاديميّون من ألأجابة عليها بدقة ونزاهة و شفّافيّة, و هكذا مع (فلسفة القيم) التي تربط عزّة بني آدم بعزّة الله رغم أعلان فلسفتنا ألكونيّة التي أشارت لذلك قبل ثلاثة عقود؛ لعجزهم عن تقديم تفسير شامل للكون في نظريّاتهم المعرفيّة(2) التي تبحث في كيفية و أصل ألموجودات ألمتمثلة (بآلخالق و آلمخلوق و آلعدم)(3) وحقيقة (العرض) و (آلجّوهر), و (العشق الحقيقي و العشق المجازي), و الفرق بينها, و كذلك فلسفة (الدّيمقراطية المُستهدفة و الدّيمقراطية الهادفة), و (إصالة الفرد و إصالة المجتمع), و (آلأسفار الأربعة), و (محطات العشق في المدن السبعة) أو (مُدن الشيخ الأنصاري الواحد و الخمسين), و قبله (آلشيخ الأكبر إبن عربي) و (أحمد الغزالي) و غيرها من آلأعمدة التي تسند فلسفتنا الكونيّة!

إن كلّ ما وَصَلَنَا منهم للآن كانت عبارة عن ملاحظات و تقريرات شخصيّة لتحديد إتجاهات ألمعرفة ألتي تميل للأكاديميّة الكلاسيكيّة و قليل منها للفلسفة العرفانية إعتماداً على تقريرات آلمعلم (ألأول) و (آلثانيّ) و من أتى بعدهم بجانب آلأنبياء و الأوصياء و نُوّابهم, و قد تركّز همّهم على إثبات [(وحدة ألوجود) و (ممتنع الوجود) و (واجب الوجود)ٍ] من دون بيان إسرار العلاقة الكونيّة, بل تكرار النصوص و آلتراكم ألتأريخي في بحث الصّفات و التعاريف إعتمادا على الكتب السماوية و الأرضية التي سبقت كتبهم, ولم يبحثوا فلسفتها و مجالات تطبيقها و حقيقة دور المحبّة فيها وجمال ألمعشوق و ألطافه في تخليدها, و لهذا ليس فقط لم يتحقّق ألمطلوب في مسألة (الخلافة) كأمانة إلاهيّة وردت في آلكتب السّماويّة على لسان الأنبياء؛ بل سبّب إبعاد ألأمّة عنها و عن دينها وإستسلامها للشيطان.

هذا الأصل ألوجودي(الخلافة) ألكونية يُحدّد و يختصر ألأطار وآلعناوين ألعامّة لفلسفتنا الكونيّة بقيادة (الولاية) بعد كدحنا و مثابرتنا لبيان ما تيسر من معلومات عن جوهر الموضوع الذي يرتبط بعرض آلأجوبة الشافية للأسئلة ألسّـتة التي ترتبط بها هداية و سعادة البشر, على أساس (وحدة الوجود و آلموجود في واجب الوجود) عبر نسق جميل و شفاف مع نغمة موسيقيّة كونيّة تخضع لنظام كونيّ مُوحّد لبلوغ الهدف المشترك الذي خُلق لأجله المخلوقات من آلمجرّة حتى آلذرة.

و إذا صعب عرض مجرّد تعريف دقيق و مجزئ للفلسفة ألأكاديميّة الكلاسيكيّة لتكون مقدمة لفلسفتنا الكونية للأشكالات المشارة إليها؛ فإنّهُ مِنَ آلأصعب تقديم تعريفٍ أدقّ و أبين و جوهريّ لفلسفتنا التي تُعتبر أشمل و أكبر مداراً من جميع مقدماتها .. و لكن رغم كلّ هذه المفارقات و التعقيدات عرضنا و سنعرض توضيحات و أجوبةٍ مناسبة على الأسئلة التي عجزت الفلسفة الأكاديمية الجواب عليها, لتساعدنا على فهم كونيّ مُقنع لفلسفتنا ألتي تسعى لتحكيم العدالة و الأمن و المساواة و نبذ الفوارق الطبقية و تعميق أواصر المحبّة و الوئام و الهداية بدل التفرقة بين الناس الذين قلّ ما تجد اليوم فيهم صادقاً ينبذ الكذب و النفاق و الشهوات و الفساد لأرتباطها بآلحواس بعيداً عن القلب و الوجدان و قضايا الرّوح و الكون و آلجّمال و آلعشق!

لذا قضيّتنا هي محاولة إحتواء ألوجود كمنظومة متوحّدة في آلقلب .. لكن لا هذا آلقلب ألّلحمي ألذي يضخّ بضع لترات من الدّم في آلجسم عن طريق الدّورة الكبرى و آلصغرى, بل (ألقلب) ألذي يمثل وجود آلأنسان و الذي وحده يَسِعُ للوجود و خالق الوجود(4) بشرط تحقق ألمحبة و ألعشق الحقيقيّ فيه بعد تجاوز آلعشق المجازي ألمُتعلق بآلأنسان و آلقضايا الماديّة (البايلوجية) كآلفيزيائية و التكنولوجية و كذلك آلأنسانيّة(ألسّايكلوجية), كآلنفسية و الأجتماعية و السّلوكية تحت مظلة المحبة التي تسدّ بشكل طبيعي كل أبواب و شبابيك الكراهية و الحسد و النفاق و آلبغض و القسوة، و من هذا الإرتباط الكونيّ كانت فلسفة العلوم، محط إهتمام كبير للكثير من العلماء و المفكرين، حاولوا دراستها وتحليلها, و كيفية إرتباطها بأصل الوجود و مبدعه لتكون كونيّة قادرة على إنتشال البشرية من الفساد و النفاق و آلظلم و على رأسها عبادة النفس.

فلسفتنا في جوهرها تهتم أيضا بعد مسألة الخلافة؛ بآلأجابة على (آلأسئلة ألسّتة)(5) التي تتشعب منها كل أسئلة الحرام و الحلال و العقيدة و العرفان آلتي يصعب الإجابة عليها .. أو خلق الأسئلة حولها, بإعتبار طرح الأسئلة ألمتعلقة بآلجّوهر و آلعرض الوجوديّ و روح ألكون و ما بعده – إنْ لم يكن هناك عدم – يحتاج مجرد طرحها؛ للمعرفة ألكافية و هي من عمل الفلاسفة ألعرفاء، و إنّ إبداع مثل تلك الأسئلة ألمصيريّة أمرٌ حيويّ و مطلوب للدخول في حياض الكون و إلّا فإنّ إزدياد ألمجاهيل و تراكمها من دون جوابها تُسبّب فتح أبواب الأتجاه ألعكسيّ, من هنا نؤكد على طرح الأسئلة الكونيّة بعد التّزود بآلمعارف الكافية لإثارة أجوبة مُقنعة لتأمين ألأتصال بمنبع الفيض و كشف آفاق آلوجود أمام آلأنسان من الجهة الأخرى.

كلّ محاولات العلم في هذا الأطار مادّة خصبة للجدل ألفلسفيّ آلكونيّ ألّذي هو آخر مراحل ألفلسفة لفكِّ و تحليل رموز وطلاسم الوجود, فآلمسائل ألفلسفيّة ألكلاسيكيّة عجزتْ حتى نهاية القرن الماضي من ألوصول إليها رغم التطور ألعلميّ ألهائل ألذي رافق القرن، وظهور النظريات والفرضيات التي غيّرت مجرى تاريخ العلم(6) إلى آلأتجاه المُعاكس, مِمّا جعلنا أمامَ أمرٍ مُؤلم دفعنا لدراسة (فلسفة فلسفة العلوم ألغريبة) كـ(آلجفر) و (آلسّيميا) و (ألكوانتوم)(7) ألذي كشفه آلبرت آينشتاين(8), لإضافة بُعدٍ آخر للعَالَم بمعرفة روح ألدِّين وآلخلق و الأنسان و نبذ تكرار ألمكرّرات و آلتّخلص من آلتحجّر ألعقليّ و العلميّ و آلدّيني(9).

و لهذا السبب ليس فقط لم تتحقق العدالة و آلمساواة في الأرض لحد ألآن؛ بل إزداد و يزداد الظلم و الفساد ألقانونيّ و ألفوارق الطبقيّة في كل المجتمعات حتى التي تدعي ألأسلامية و الأشتراكية و الشيوعية و المدنية وآلتّطور كأمريكا و كندا و روسيا و آلصين ألشعبية الأشتراكية التي فيها أشهر و أكبر أثرياء العالم بحيث تَعَدّو بأرصدتهم حتى أثرياء أمريكا و كندا الرأسمالية, أما الدول الأسلامية فحدث و لا حرج لأن آلفساد و آلجهل و الطبقية صارت جزءاً من ثقافة آلشّعب بحيث بلغت معدّلات عالية قاقت كل بلدان ألعالم تقريباً لهذا الكل يريد أن يصعد على حساب الآخر حتى ولو كان مع القتل و الحرب.

من هنا تأتي مكانة و أهميّة دراسة (الفلسفة الكونية) لتوعية و بناء إنسان معتدل معافى صادق مع نفسه و مع الله و مع الذات(10) و هو أعلى درجات التطهير؛ مُحبّ يعشق الخير و الجّمال, سليمٌ بذوقه, لهُ وجدان و قلب مُتواضع و مُطهر من آلحسد و آلنفاق و آلأنا و التكبر ألّذي أصبحَ مرض ألعصر لتّشوّه ألدّين على يد أهل ألدِّين و آلمنابر حين نقلوا للناس إسلاماً متحجّراً مُغايراً للفطرة الأنسانية على مقاس عقولهم و بطونهم و مصالحهم ممّا سبّب إنحراف ألناس و تمرّدهم على الأسلام و فصلهُ عن آلحياة خصوصاً ألسياسيّة, وهكذا تَشوّهت و إنحرفت ألرّسالات ألسّماويّة التي نزلت زلالاً مطهراً كآلمطر, لكنها بمجرد تماسّها مع الأرض و إختلاطها بآلتراب و تدخل المصالح و الأهواء في تفسيرها؛ تغيّر جوهرها و إنقلبت مفاهيمها الكونيّة و رسالة آلمحبة فيها إلى ضدّه!

لذلك لم تستطع مقاومة موجات الغرب التي ودّعت قيم الله و إنحازت لقيم الشيطان, و كان آخر معقل تمّ تدميره مثلث (آبرهام ماسلوا) في أمريكا و كندا وأوربا الذي حدّد فيه الحاجات الأنسانيّة الأساسيّة التي على الدولة العادلة تغطيتها كمستوى أدنى لعيش جميع أبناء المجتمع, و بآلمقابل إستقوت بالدّيمقراطية للتغطية على جرائمها بحق الأنسانية .. و هكذا الوضع في الشرق بل و أسوء من ذلك بعد ما إنهزمت فيه و تبدلت مضامين الرّسالات السّماوية بسبب سوء و رداءة عرضها و الدفاع عنها من قبل قادة الدِّين و الخطباء, حتى لا تكاد تجد اليوم شاباً مؤمناً صالحاً بين أبناء ألأمّة والجاليات الأسلاميّة في بلاد العالم, و بشكل خاص ألعربيّة و بشكل أخصّ ألعراقيّة لأنّ الأسلام ألتقليدي ألشّكلي الذي تعلّمهُ من أهل ألمنابر لم يكن هو الأسلام الصحيح الذي نزل مطهراً من السّماء حتى لم يبق من حقيقته سوى مراكز و منابر و منارات و مساجد تضمّ أهل القبور و ألأموات و آلنعي وآلفواتح و آلولائم و الظهور فيها على حساب الدِّين بعيداً عن النهج الفلسفيّ الكونيّ الذي نعرضه!

و لا بديل لنكوص الأمة و هزيمتها على كل المستويات خصوصاً الفكر و الأدب و الأخلاق سوى تبنّي (فلسفتنا آلكونيّة) للخلاص والنجاة, آملين من أهل ألفكر و آلقلم إنْ وُجِدوا و قَدِروا على تفعيلها لأحياء ألقلوب ألّتي ماتت بسبب منابر آلجّهل و خُطب التراكم و التكرار و خبث ألمنافقين ألمرضى من حولهم من ألّذين خلطوا الحقّ بآلباطل و لم يرحموا حتى أولادهم, و تحدّد عملهم بإشاعة الغيبة و البهتان و آلأفتراء و آلشّك في ألمجتمع .. كل هذا لخلوّ القلوب من آلمحبة و الرّحمة من القلوب خصوصاً بين جيل الشباب ألذي مسخوه!

ولو ألقيت نظره على آلشعوب و آلجاليات الأسلامية و منها العراقية؛ لما وجدت مُتديّناً حقيقيّاً بينهم من الكبار و الصّغار, بسبب النهج الخاطئ للمعمّمين و المشرفين على المراكز و المساجد, ألذين سبّبوا تفريقهم و تشتيتهم و فرارهم من المراكز و المساجد للأسف لكثرة المنافقين و الجواسيس ألذين تربوا تحت منابرهم العفنة, و لو عَرَفَ خمسةُ كُتّاب مع خمسة مُعمّمين(11) في مجتمع .. معنى الأسلام و دور فلسفة(ألفلسفة الكونيّة) في الوجود لِبيانها و آلكتابة عنها للناس؛ لتغيير حال المجتمعات الأنسانيّة برمّتها نحو الأفضل و آلأحسن والله .. وَ لَتَخَلّصْنا من آلحكام و آلمستكبرين و المنافقين و آلعملاء ألذين مردوا على آلنفاق و توزّروا آلأحزاب ألمختلفة للظهور وآلتغطية بها على جهلهم و فسادهم و نفاقهم ..

لكننا نرى و على آلرغم من إزدياد الجامعات و المدارس و آلمنابر و المراكز و آلمراجع والخطباء و ألكُتّاب و المساجد؛ إلّا أنّ منسوب الثقافة و ألوعيّ ألمعرفيّ لأصول آلتربيّة وآلأخلاق طبقاً للفلسفة ألكونيّة بين المؤمنين ضئيل ومفقود, لذلك تفتحت الأجسام و تحجّرت القلوب و ماتت ألضّمائر و تحجّمَت برامج محطاتنا الفضائيّة و مراكزنا ألأرضية و إنقلبت لبرامج موسميّة تقليدية (كموسم محرم و عاشوراء) لخدمة أصحابها ألحاكمين وتحليل و نقل ألأخبار بحسب توجهات و مراد المنظمة الأقتصادية العالمية, ممّا سبّبَ إنتشار الجّهل ألفكريّ والسّقوط الأخلاقيّ و تسلط آلمُنافقين بعد سكوت ألصّادقين و سنُكمل في آلحلقة القادمة إنْ شاء الله (فلسفة ألفلسفة الكونية).
Azez Alkazragyعزيـز حميد ألخـزرجيّ
A cosmic philosopherفيلسوف كـونيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألفوارق الطبقية وآلحقوقية كبيرة جدا في بلادنا كآلعراق, حيث راتب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو النواب و غيرهم يصل إلى أكثر من ألف ضعف قياساً مع راتب الموظف و المستخدم, هذا ناهيك عن التلاعب الغير الشرعي بحقوق وأموال الناس من خلال الف طريق وطريق إداري و “شرعي” و “قانوني” بجانب صفقات فساد شارك فيها الجميع خصوصا المسؤوليين الكبار بلا إستثناء.
(2) حاول فلاسفة القرون الوسطى و من قبلهم و بعدهم؛ بنظرياتهم تحجيم ألدّين (الكنيسة) في الحياة و إعتماد العقل فقط لتحقيق ألنّهضة.
(3) ركّز الفلاسفة ألألهيون على معرفة واجب الوجوب و ممكن الوجود و ممتنع الوجود كقواعد للفكر من دون الأشارة لتطبيقها , لذلك يمكن القول بأن هؤلاء الفلاسفة إتخذوا نفس منحى فلاسفة التنوير في النهضة الغربية مع إختلاف طفيف في الشكل متفقين على تفعيل العقل للحياة بدون الدِّين.
(4) يؤكد الحديث القدسيّ عن الله تعالى قوله: [لم يسعني أرضي و لا سماواتي, بل وسعني قلب عبدي المؤمن].
(5) و هي: من أين أتينا وكيف أتينا و لماذا أتينا ومع من أتينا و كيف نرجع و إلى أين نرجع؟
(6) كنظريات (غاليلو) و (كوبرنيكوس) و قبلهم (إبن سينا) و (الخوارزمي) الذي أسس بعلم الأرقام أساس عمل الباينري في الكومبيوتر وغيرهم.
(7) ألكَوانتوم, من أهم و أعقد النظريات ألتي تعتمد بآلأضافة إلى العقل الظاهر على العقل الباطن, للمزيد راجع : (أسفارٌ في أسرار الوجود).
(8) (آلبرت آينشتاين) من أبرز فلاسفة العالم و ليس فقط مكتشف و مخصب الذرة أو الكوانتوم في بدايات القرن الماضي, بل له نظريات مختلفة.
(9) محنة الأسلام بدأت حين كفّر علماء الدّين التقليديون العلماء والفلاسفة الذين مهدوا لفلسفتنا الكونية و للأختراعات المتنوعة حتى عصر ما بعد المعلومات, وأخطؤا التقدير بتكريم الحكام خوفاً و طمعاً و بُغض الفلاسفة حسداً لكونهم فهموا حقيقة الدِّين بشكلٍ أعمق و كانوا سبباً للسعادة لولا قسوة الحاكمين و قسوة التقليديين عليهم خوفا على مراكزهم و سلطانهم.
(10) شخصياً لم أجد للآن من إتّصفَ بهذه الصفة(ألصّدق مع آلذات) سوى البعض من الشهداء العظام أيام الجهاد والعمل السري التنظيمي, لأن الصّدق مع آلذات؛ يعني قتل الذات من أجل الحقّ.
(11) وآلله مراكزنا و مساجدنا ليست فقط خالية من عالم إنسانيّ روحاني يستحي من الله و من حرمة الأنسان ناهيك عن إسلاميّ واعي و صادق و محبّ لأهل البيت(ع) لخدمة ألأنسان ونشر آلخير والمحبة في سبيل الحقّ؛ بل رأيت العكس؛ خطباء و مُبلّغين يسعون لعرض أنفسهم وتحقيق ذواتهم الخبيثة دون الحقّ المجهول أساسا عندهم لأنّ الأسلام الذي عرضوهُ هو إسلامٌ فيه كلّ شيئ .. إلّا إسلام عليّ(ع) و أهل بيته المظلومين ألذين جعلوهم شماعة لتحقيق مكاسبهم و علوّهم في الأرض, لقد وصل الناس إسلام شكلي قشري مُزوّر كما إسلام المذاهب الأخرى ألتقليديّة المقنعة بظاهر آلدِّين لا بآلباطن و ألجوهر لضعف بصيرتهم و محدودية معلوماتهم التي ليس فقط لا تنفع الناس, بل حرفوا أجيال الشباب عن جادة الحق, و لا يحتاج الأمر إلى الكثير لمعرفة مدى التحجر العقليّ والقلبيّ للمبلغيين في مراكزنا, سوى الأستماع لخطبة أو خطبتين( لتكشف الحقيقة, وكأنهم يعيشون مع الموتى, من دون تطبيق عملي لمبدء أنسانيّ واحد يدّعون به!
ملاحظة: رأيت في حياتي مُبلغاً شهيدأً كان صادقاً مع ذاته, و هو الشيخ (حسين معن) رحمة الله عليه, هذا الشيخ كان يذهب لأحياء المناسبات الأسلامية الموسمية في العراق كما هو المعتاد و للآن لكن على طريقته لا طريقة المبلغيين الحاليين, و في إحدى المناسبات و بعد إنتهاء الموسم, قدّم له أصحاب (ألموكب) ظرفاً فيه نقود, لكنه رفضها و دموعه على خدّيه قائلاُ: [وهل يجوز لي أن آخذ حقوقاً على حساب الحسين, أ ليس هذا حرام, أنا لا أبيع الحسين], فتعجب منه أهل الموكب و زاد من مكانته و عزّته لأنه كان أوّل من نطق بذلك! كما شهدت شخصا ًآخر في سبعينيات القرن الماضي إسمهُ آلشيخ (عبد الجبار البصري), الذي كان إمام لمسجد دار السلام (الطوبجي) في بغداد, حيث كان مبلغاً مُخلصا ومحبوباً, و ما عدا هذين الأستثناآت ما رأيت إلا عابدا ًلنفسه أو منافقا و كاذباً و دجالاً .. أفضلهم لم يصعد المنبر لله وحده إلا و كانت لنفسه فيها حصة من تلك الخطبة أو المحاضرة و الله الأعلم.
و آلسبب في ألموقف الألهي لتلك الشّخصيّتين هو؛ لأنهما كانا من تلامذة الصدر الأول, أللّذين أخلصا و جاهدا بحقّ حتى الشهادة لله وحده.
مقابل هذه اللوحة الكونية العظيمة؛ رأيت لوحة أرضية طينية سوداء, حين ذهبت مع جدّي المرحوم ألحاج (جواد البزاز) في زيارة للنجف للأتفاق على مبلغ لأحياء عاشوراء عام 1970م بإعتباره رحمه الله كان شيخ و رئيس موكب قضاءنا الذي ولدنا و سكنا فيه, لكني و للأسف رأيت ما إستنكره قلبي قبل عقلي؛ حين وصل الخلاف بين جدّي و بين ذلك السيد (ألمُبلغ) حدّاً كاد أن يفصخ العقد بسبب طلب 10 دنانير إضافيه على التسعين دينار التي طلبها ذلك المبلغ لإحياء موسم عاشوراء, فكيف يمكن أن يتحقق رسالة الحسين(ع) ألكونية بوجود أمثال هذا السيد و غيره من ألمتاجرين بآلفكر و العقيدة التي قيمتها تساوى كل هذا الوجود, لأن الذي يمثل الأنسان ليس الجسد و العروق و آلعظم و الشَعر, بل الفكر.