ليس مؤكدا إن كان السيد فؤاد معصوم قد تأثر كثيرا بنوع الدراسة الأكاديمية في تعاطيه مع قضايا السياسة، فهو كان مجدا في التحصيل العلمي، وليس ببعيد عن صديقه الرئيس السابق للجمهورية العراقية جلال طالباني، فالتصوف طبع أفكار السابق، وفكر وفلسفة إخوان الصفا طبعت سلوك وفكر الرئيس الحالي معصوم.

معصوم درس فكر إخوان الصفا الذي كان مزيجا من الفلسفة والدين وعلوم الطبيعة والرياضيات حتى تأتى لهم أن يكرسوا جهودهم لتقديم فلسفة مغايرة غير مألوفة، وربما كانت مرفوضة حتى إضمحلت مع إنها جزء من حركة الفكر الإنساني عبر التاريخ، وكانت رسائلهم معبرة عن رغبة في الإصلاح، وبناء منظومة علاقات إجتماعية تسخر المعرفة لخدمة الحياة، وتقريب الناس لبعض لاتنفيرهم من بعض كما يفعل الفكر التقليدي وفكر التعصب في أيامنا هذه وفي أيام سبقت حين يعلوا الصراخ بالتعصب والتشدد ونفي الآخر وتهميشه وإلغائه في أحيان كثيرة مع توفر ضمان القوة القاهرة لغلبة الخصوم وتركيعهم، وهي الثقافة التي تطبع سلوك العرب والمسلمين حاليا سواء مع أعدائهم، أو مع أبناء جلدتهم، ومع المسلمين المخالفين لهم والمختلفين معهم.

يتحرك الرئيس فؤاد معصوم بفكر إخوان الصفا ويحاول أن يقرب بين وجهات نظر مختلفة ومخالفة ومتقاطعة وعدوانية تحكم سلوك ومواقف ساسة العراق الراهن من الكورد والعرب ومن السنة والشيعة فهو رئيس جمهورية يتطلب منه الواقع في بعض الحالات أن يكون حبة براسيتول لوقف صداع الأزمة وإنعكاساتها على واقع السياسة العراقية والمجتمع فلاتفعل الخير سوى إنها تزيد المواجع وتعمق الخلافات، وهنا يكون الدور الإيجابي للرئيس عادة في أن يوفق بين وجهات النظر ويحدث مقاربة بين مايريده الجميع ومايمكن أن يتحقق لهم من مطالب، ثم إن عليهم أن يفهموا إن المساحة التي توفرت هي فقط التي يمكن ضمان وجودها، وعليهم جميعا أن يقبلوا بحلول ليست مصلحية تماما، ولكنها ناجعة في تخفيف الإحتقان وتهيئة عوامل المضي بالعملية السياسة الى المدى الضروري لكي لاتتوقف عجلة الحياة وتنهار الدولة.

وليس ببعيد عنا موقف الرئيس السابق جلال طالباني حين كان يمثل الحال الوسطية في المجتمع السياسي العراقي، ويبدو إن معصوم يسير بذات النهج ومازال يستطيع فعل ذلك خاصة وإنه لايخاف من الرئيس السابق، بل يعده صديقا يمكن إستشارته في أي وقت.

إنتبهوا فلدينا رئيس جمهورية سابق وحالي وكلاهما لايخاف الآخر. الحمدلله.