الممارسات الصحية الصحيحة والممارسات الصحية الخاطئة/1
د.احمد مغير
تنتشر بين الناس الكثير من الممارسات الصحية الخاطئة والتي تحتاج الى التوعية الصحية لمنع انتشارها واستشرائها.
الممارسة هي اي عمل او عادة او تقليد او نشاط يمارسه الناس على أنه جزء من حياتهم وفاعلياتهم اليومية وله علاقة بصحتهم , فأذا مورس ضمن الشروط الصحية المقبولة يسمى ممارسة صحية صحيحة وعلى العكس اذا تمت ممارسة هذا النشاط بشكل يخالف الشروط والظروف الصحية فأنه يعتبرممارسة صحية خاطئة . ويشمل ذلك الكثير من ممارساتنا ونشاطاتنا اليومية من اكل وشرب ولبس وعلاقات وتصرفات ونشاطات والخاطئة منها يمكن أن تتسبب بأذى او نقل مرض او عدوى او انتشار مرض او تفاقمه.ومن الممارسات الشائعة في مجتمعاتنا مايلي:
1- في المأكولات والمشروبات : الاكل بشراهة ودون النظرالى العوامل المؤثرة في الوزن حيث يجب برمجة أكل الانسان من ناحية الكمية ومحتوى السعرات والنوعية بما يناسب عمره وحالته الصحية ووزنه وحركته وعمله ونشاطاته ولا يمكن الاستمرار مع الزيادة في العمر بالاكل دون ضوابط او حدود . الطعام والمشروبات يجب أن تحددها الحاجة وليس الشراهة والرغبة وخصوصا في الاعمار المتقدمة ولدى المصابين بالامراض المزمنة كفرط ضغط الدم وداء السكري وعجز القلب والسمنة. نرى بعض الناس يتناول عشرة علب من المشروبات الغازية في اليوم او يأكل حد التخمة او يأكل نصف كيلو تمر ويعتبر ذلك بطولات وصحة.كما نرى اشخاصا مصابين بداء السكري يأكلون التمر او العنب او العسل بدعوى أنها اطعمة ذكرت في القرآن وانها لا تسبب اضرارا حتى لو كان الشخص مصابا بداء السكري وهو وهم كبير لا ينسجم مع العلم او الدين. كما نرى اشخاصا مصابين بالسمنة يتناولون الطعام كما لو كان هناك مجاعة ستحل بهم ويجب أن يأخذوا حاجتهم قبل انقطاع الطعام. تناول المشروبات والمرطبات في الصيف يشكل حاجة يومية بسبب درجات الحرارة واحتياجنا الى السوائل ولكن شرب الماء افضل لتجنب السكريات المركزة في هذه المشروبات ويمكن شرب اللبن السائل كتعويض او المشروبات الاخرى كعصائر الفواكه الطبيعية.
الحياة تحتاج من الاشخاص والمؤسسات مراقبة وتنظيم وتوعية ولا يجب ان تترك لكل شخص تصرفاته حسب ما يعتقده بل يجب ان يكون هناك من يرشده ويتابعه لكي لا يوقع نفسه في الهلاك.
2- النظافة…كيف؟ :تشمل النظافة اهم ما تشمل نظافة الايدي حيث أن كف اليد هي نقطة الاتصال بالاجسام الاخرى هي وسيلة التصافح والاكل وتناول الاشياء والتنظيف والتلامس مع الاخرين وهي اكثر جزء ينقل العدوى الى الاخرين ومنهم .وهناك مناطق كمماسك الابواب والمحجرات المعدنية والخشبية للسلالم تعتبر من اكثر المناطق تعرضا للتلوث .غسل الايدي هو الخطوة الاهم في مسار النظافة وخصوصا قبل الاكل وبعد الدخول الى الحمام لقضاء الحاجة او بعد قيام الام بتبديل حفاظة الطفل وتتضمن عملية غسل الايدي عدة خطوات تشمل غسل راحة الكف وبين الاصابع وبعناية ولمدة نصف دقيقة حتى يمكن ان نتأكد بأن عملية الغسل كانت صحيحة . كما ان النظافة تشمل الامتناع عن الاكل في الاماكن المشكوك في نظافتها .وتجنب المأكولات والمشروبات المشكوك بنظافتها ,كما يشمل غسل شراشف النوم واغطية المخاد والمناشف والخاوليات وتعريضها للشمس بشكل متكرر على الاقل اسبوعيا.
3- السياقة ومخاطرها : تعتبر السياقة من أكثر المخاطر في حياة الانسان وتعتبر السيارة من اكبر القاتلين في تاريخ الانسانية ويجب تدريب الناس على السياقة وعدم تركها فوضى دون مراقبة ومتابعة لأن الخسائر فادحة وللأسف يشكو بلدنا من الفوضى المرورية وفوضى وجود سائقين لا يعرفون اساليب السياقة الصحيحة ولا توجد مؤشرات او خطط على انه هناك رؤية مستقبلية على تعديل الوضع القائم. ويشكل السائق غير المدرب والارعن خطرا على نفسه وعلى السائقين الآخرين وعلى المشاة وعلى اي شخص موجود على الطريق وعلى مرافق الطريق وممتلكات الدولة والممتلكات الخاصة فمن الممكن أن يسبب لها اضرارا فادحة. ويمكن أن نرى عدم معرفة الناس بمخاطر السيارة عندما نرى طفلا اخرج رأسه من فتحة سقف السيارة او اخرج رأسه او يديه من زجاجة السيارة دون ان يمنعه اهله مما يدل على عدم فهمهم للمخاطر الكامنة وراء مثل هذه التصرفات.
4- بيع وتناول الادوية دون ضوابط : لاتزال الادوية تباع على الارصفة ولدى الباعة المتجولين في الباب الشرقي وفي سوق مريدي واماكن اخرى وحتى لو افترضنا ان هذه الادوية سليمة وليست مغشوشة فان بيعها على الارصفة يعرضها الى ظروف جوية قاسية تتلفها وتفقدها خواصها العلاجية او تعرضها الى تغييرات كيمياوية ضارة او سامة . ومما يؤسف له ان الكثير من الناس تقتني الادوية من على الارصفة دون أي تفكيربالمخاطر الناتجة عن ذلك.
5- العلاجات العشبية والشعبية: تنتشر ظاهرة الاعشاب والادوية الشعبية في كل دول العالم ولكن الفرق انه في بلدنا لاتوجد رقابة على تداولها وتركت لممارسيها وضمائرهم . تصاب الاعشاب بالكثير من الآفات التي يمكن ان تجعلها سامة او ضارة او غير مفيدة ولكل مادة عشبية ظروف خزن معينة وطرق تحضير معينة ولا يعرف اغلب ممتهني بيع الاعشاب هذه الطرق مما قد يسبب مشاكل لمستخدميها.
6- تناول الخضراوات والفواكه: تشكل عادة تناول الخضراوات والفواكه ممارسة صحية صحيحة ولكن يكتنفها الكثير من الاجراءات الخاطئة كضرورة الغسل الجيد بمياه نظيفة وخصوصا الخضراوات الورقية التي تسمد بأسمدة حيوانية .كما ان تناولها من بعض المرضى دون ضوابط للكمية والنوعية قد يشكل مخاطر على صحتهم كتناول المصابين بالسكري للعنب والتين والتمر على اساس انه غير ضار وهو ما اسمعه من الكثير منهم مما يدل على قلة الوعي الصحي بمخاطر ذلك .
7- تناول العسل : يعتبر الناس العسل علاجا لجميع الامراض ولمعتقدات دينية فقط ويتناوله البعض على اساس ذلك اي انه مادة طبيعية دون معرفتهم بالمدى الذي وصلت اليه تقنيات التحضير والانتاج الصناعي وبكميات قد تكون مضرة للمصابين بداء السكري وهو مادة سكرية ذات تركيز عالي خصوصا الانواع الصناعية المنتشرة في الاسواق. ويستخدمه البعض استخدامات غير معروفة النتائج كعلاج للتقرحات او الحروق او الجروح وهي استخدامات لاتزال غير ثابتة علميا.
8- مراجعة الاطباء: يراجع الناس الاطباء ولكن تكتنف عملية المراجعة الكثير من المشاكل فاغلب الناس تعتقد ان مراجعة طبيب مشهور ولأي سبب كان وحجز موعد مقدما ضرورة لصحتها ,وانا اقول ان الكثير من الحالات المرضية لا تحتاج الا الى طبيب عام او طبيب اسرة ولا حاجة الى مواعيد بعيدة وتكاليف كبيرة ومراجعة لكبار الاختصاصيين ,فاغلب الحالات المرضية الشائعة كالزكام والانفلونزا والالتهابات التنفسية والاسهالات واضطرابات المعدة والامعاء والتشنجات العضلية والصداع والتهابات الجيوب الانفية والالتهابات والاعراض الجلدية البسيطة والحساسية ,وهي تشكل اكثر من 70% من اسباب المراجعة اليومية للاطباء لا تحتاج الا الى مراجعة طبيب العائلة او الطبيب العام.
9- اجراء الفحوصات المهمة: يصر الكثير من الناس على اجراء فحوص معقدة ومكلفة كالرنين المغناطيسي لاسباب واضحة وبسيطة كالتشنج العضلي ويعتقدون انها هامة لصحتهم ولكن الحقيقة ان الفحص الطبي السريري والاستماع الى شكوى المريض ضرورية لفهم مشكلته الصحية وقد يتم التوصل الى التشخيص دون الحاجة لفحوص مختبرية او شعاعية كثيرة وغالية.
للموضوع تكملة
*طبيب وباحث وكاتب