السويسريون يوافقون على قانون القمار الجديد.. متابعةـ محمد الحسيني
اقتراع 10 يونيو 2018
توجه الناخبون السويسريون اليوم الأحد 10 حزيران 2018 إلى صناديق الاقتراع للأدلاء بأصواتهم للموافقة أو الرفض على” مبادرتين شعبيتين عامتين” تشمل كل كانتونات الدولة الفدرالية السويسرية، ومبادرات أخرى تخص كل كانتون وبلدية تنظم مع الاقتراع الرئيسي العام، وهذه المبادرات هي: مبادرة قانون العاب القمار في سويسرا (Geldspielgesetz)، ومبادرة العملة الحقيقية ـ مبادرة المال الكامل (Vollgeld – Initiativ)
1ـ قانون العاب القمار (Geldspielgesetz)
تمت الموافقة على المبادرة وبنسبة 72% بـ نعم من أصوات الناخبين المقترعين مقابل 28% بـ لا من أصوات الناخبين المقترعين،
تدعو مبادرة قانون العاب القمار إلى قيام الدولة بتنظيم سوق ألعاب الحظ والقمار وضبطه، وفي نفس الوقت، إتاحة المجال أمام تقديم عروض تواكب مستجدات السوق، ومن خلال تنفيذ المادة الدستورية المتعلقة بألعاب القمار، التي وافق عليها المواطنون والكانتونات في عام 2012 ، يضمن القانون تحويل عائدات هذا النوع من الألعاب لحساب صندوق التأمينات الاجتماعية ضد الشيخوخة والعجز والوفاة، ولصالح منظمات النفع العام: الثقافية والاجتماعية والرياضية.
وكذلك بموجب قانون ألعاب القمار، يمكن للشركات المرخص لها تنظيم ألعاب اليانصيب الكبيرة والرهانات الرياضية واقتراح أشكال وأنماط جديدة، كالمراهنة مع وكلاء الرهانات، أو في الوقت الفعلي، أي في أثناء سير السباق، ويعزز تدابير الحماية من الإدمان على لعب القمار، والتي تطبق حاليا في إطار الكازينوهات، وبحيث تصبح إلزامية أيضا للكانتونات وشركاتها التي تنظم اليانصيب، فضلا عن أن التشريع الجديد ينص على ضرورة أن يكون ضمن هيئة الرقابة خبير واحد على الأقل في شؤون الوقاية من الإدمان ، ويعزز الصالح العام ويحمي اللاعبين من الخطر.
وبالنسبة لمعارضيه، يفرض رقابة على الإنترنت ويكرس احتكار الكازينوهات المحلية، في حين تنطوي اللعبة على مبالغ مالية ضخمة.
وان الأحكام التشريعية في القانون الجديد غير كافية من وجهة نظر المعارضين، الذين يرون وجوب تشكيل لجنة خبراء وطنية، وأن تفرض الكانتونات ضريبة معيّنة لتعويض التكاليف الناجمة عن الإفراط في لعب القمار، كما أنهم يرفضون مسألة إعفاء أرباح اليانصيب التي تقل عن مليون فرنك من الضريبة.
ومما هو جديد أيضا، الإعفاء الضريبي لأرباح اليانصيب والرهانات الرياضية لغاية مليون فرنك، بينما هي حاليا لغاية ألف فرنك، وكذلك إصدار تراخيص لبطولات البوكر الصغيرة والتي تُنظّم خارج الكازينوهات.
ومع أن حجب المواقع الافتراضية لألعاب القمار الأجنبية ليس الأمر الوحيد الذي يحتج عليه خصوم القانون على اختلاف وجهاتهم، إلا أنه بالتأكيد نقطة التقاء لجميع هجمات الخصوم، الذين يرفضون “الرقابة الحكومية على الإنترنت” و”العزلة الرقمية”.
ومن وجهة نظر المعارضين، هذا الحظر ينتهك الحرية التجارية والمعلوماتية، ومن شأنه أن يمثّل “سابقة خطيرة”، “تبدأ بلعبة البوكر، وإلى أين تنتهي؟” وفق قولهم، وإذا كنا اليوم سنمنع الوصول إلى مواقع ألعاب المال لحماية مصالح الكازينوهات السويسرية، فمن الممكن أن يطال نفس التصرف مجالات أخرى، وتتهم جبهة معارضة القانون الأطراف المؤيدة بأنها ألعوبة بيد دور القمار المحلية وشركات اليانصيب والمراهنات الرياضية في الكانتونات، التي تتلقى منها التمويل لدعم حملتها المناهضة للاستفتاء.

2ـ ومبادرة العملة الحقيقية ـ مبادرة المال الكامل (Vollgeld – Initiative)
رفضت المبادرة وبنسبة 74% بـ لا من أصوات الناخبين المقترعين مقابل 26% بـ نعم من أصوات الناخبين المقترعين.
وتهدف مبادرة “النقود الحقيقية” إلى إعادة استقرار السوق المصرفي من خلال إصلاح جذري للنظام النقدي
وتطالب المبادرة الشعبية الفدرالية المسماة: “من أجل مال مؤمَّن ضد الأزمات: بالحصول على المال فقط من خلال البنك الوطني! (مبادرة النقود الحقيقية) وهذا عن طريق اعتماد نظام مالي آمن.
وطبقاً لمؤيدي المبادرة فإن أغلب المال المتداول حالياً ينشأ من خلال البنوك الاستثمارية، أي عن طريق إقراض الشركات والأفراد والبنوك الأخرى. ولا تحتاج البنوك كي تمنح القروض إلى وجود رأس مال خاص مساوٍ في القيمة، وإنما يكفي أن يُسَجَل المبلغ الممنوح في وديعة تحت الطلب.
أما استخدام هذا “النقد الحسابي” المنتج إلكترونياً ـ أي أنه مال لا يوجد سوى في الحسابات ـ في أغراض المضاربة المحضة فإنه قد أسهم في حدوث فقاعات مالية وفي مضاعفة الأزمات على مستوى العالم، مثل تلك التي اندلعت عام 2008. لذلك تطالب مبادرة المال السيادي بأن يقتصر منح الأموال مستقبلاً على البنك الوطني السويسري (SNB) فقط، وهذا على هيئة “أموال سيادية” أي كوسيلة سداد قانونية (عملات معدنية، أوراق نقدية، وكذلك كنقد حسابي). بذلك لا تستطيع البنوك الاستثمارية أن تُقْرض مالاً سوى ذلك الذي قام البنك الوطني بطرحه للتداول.
وتدعو الى”من أجل عملة في منأى عن الأزمات”: المصرف الوطني هو المُخوَّل الوحيد لإصدار الأموال! (النقود الحقيقية)”، التي أطلقها ودعمها اقتصاديون وأخصائيون ماليون ورجال أعمال، تهدف إلى وضع نظام نقدي أكثر ضماناً. ويتحدث نصها عن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي انفجرت قبل عشر سنوات والتي طالت سويسرا: حيث اضطرت الحكومة والمصرف الوطني السويسري للتدخل من أجل إنقاذ يو بي أس، المصرف السويسري الأول.
ما تقترحه مُبادرة “النقود الحقيقية” إذن هي عملية إصلاح شاملة للنظام النقدي، من خلال تعديل جوهري للمادة 99 الحالية من الدستور الفدرالي. في المستقبل، ستوكل مهمة صك النقود ـ العملات النقدية المعدنية والورقية بالإضافة إلى الأموال المودعة ـ إلى الدولة الفدرالية مُمَثَّلةً بالمصرف الوطني السويسري. وستكون الأموال المودعة بدورها وسيلة دفع قانونية، صادرة عن المصرف المركزي.
بالمقابل، لن يكون بإمكان المصارف التجارية إصدار الأموال المودعة، وإنما سيستطيعون فقط قرض الأموال التي تمَّ وضعها للتداول بالفعل من قبل المصرف المركزي. وفي اليوم الذي ستدخل فيه القوانين الجديدة حيز التنفيذ، سيتم تحويل الأموال المودعة الصادرة عن المؤسسات المالية إلى عملة حقيقية. وسيكون هذا التحويل ممكناً من خلال منح المصرف الوطني السويسري قروض مماثلة للمصارف، التي سيتحتم عليها سدادها خلال فترة انتقالية “معقولة” (من 15 إلى 20 سنة).
يستند المُرَوِّجون للمبادرة على استنتاج مفاده أنَّ إصدار النقود حالياً بكميات محدودة يقتصر على المصارف المركزية، التي تصدر عملات ورقية ومعدنية، أي “النقود الحقيقية”، والتي هي وسائل للدفع حسب قاعدة قانونية. في سويسرا، على سبيل المثال، تبلغ قيمة الأموال المُتداولة 80 مليار فرنك، وهو ما يُشكِّل 10% من إجمالي الأموال النقدية. أما ما تبقى، فتصدره المصارف التجارية، وعادة ما يتم ذلك من خلال منح قروض للشركات والأفراد أو لمصارف أخرى.
سيبقى المصرف الوطني السويسري مصرفاً مركزياً مُستقلاً، ومسؤولاً عن عملية سير سياسة نقدية تتناسب مع المصلحة العامة للبلد، وتنظيم المخزون النقدي، والسير الجيد لعمليات الدفع ومنح الائتمان للاقتصاد عن طريق مقدمي خدمات مالية. وفي هذا الوضع، لن يتم تنفيذ السياسة النقدية بالاعتماد على نسبة الفائدة بشكل أساسي، كما هو عليه الحال اليوم.
ووفقاً للحكومة أيضاً، ستقلل المُبادرة كذلك من استقلالية المصرف الوطني السويسري: حيث ستتعرض المؤسسة التي تصدر العملة لضغوطات سياسية كبيرة في حال أُجبرت على المشاركة في تمويل المجتمعات المحلية بشكل منتظم، وتحويل مليارات الفرنكات لها سنوياً. ومن المُحتمل أن يتم تشجيع المصرف الوطني السويسري لرفع مخزونه النقدي بهدف توفير المزيد من الأموال للفدرالية والكانتونات. وفي ظل النظام الجديد، لن يتمتع المصرف المركزي بالحرية الكافية لاتباع سياسة نقدية فعَّالة ـ تعتمد على أسعار الفائدة ـ لضمان استقرار الأسعار.
ولذا، يُعارض المصرف الوطني السويسري هذه المبادرة، باعتماد هذا الإصلاح، سوف تشارك سويسرا في نظام نقدي لم يتم اختباره من قبل، وهو يختلف جوهرياً عن نظام جميع الدول الأخرى. وهو ما من شأنه أن يُسبب اضطرابات خطيرة حتى قبل تطبيقه، كما يصعب تنبؤ نتائجه على المدى البعيد.
وفيما يخص كانتون زيورخ فقد طرحت مبادرتين شعبيتين تخص الكانتون للتصويت عليها من قبل الناخبين في كانتون زيورخ وهي: مبادرة مقاصة خسارة أصحاب الأملاك التجارية من أرباح الضريبة (Verrechnung von Geschäftsverlusten bei der Grundstückgewinnsteuer)، ومبادرة الوديعة في صناديق الحركة (Einlage in den Verkehrsfonds).
1ـ مبادرة مقاصة خسارة أصحاب الأملاك التجارية من أرباح الضريبة
تمت الموافقة على المبادرة بنسبة 55.2% بـ نعم من صوات الناخبين المقترعين مقابل بنسبة 44.8% بـ لا من أصوات المقترعين
2ـ مبادرة الوديعة في صناديق الحركة
رفضت المبادرة وبنسبة 66.41% من أصوات الناخبين المقترعين مقابل نسبة 33.59% بـ نعم من أصوات المقترعين
يذكر إن أي مبادرة شعبية عامة (تدعو إلى تغيير فقرة أو إضافة فقرة إلى الدستور) أو إصدار قانون جديد لا يمكن اعتماده إلا بحصولها على غالبية مزدوجة، أي غالبية أصوات الناخبين على مستوى الفيدرالية الوطنية وعلى غالبية أصوات الكانتونات، وتجري أربعة اقتراعات سنويا في سويسرا تشمل مختلف القضايا والقوانين والإجراءات التي تتعلق بالوضع المعاشي والاقتصادي والحكومي للمجتمع السويسري، وتقوم الأحزاب السياسية والجمعيات الاجتماعية والنقابات المختلفة بتنظيم المبادرات الشعبية في مختل المجالات وطرحها للتصويت عليها من قبل الناخبين السويسريين.