أضواء على كتاب (أسفارٌ في أسرار الوجود)
مقدمة توضيحيّة لكتاب:
(أسْفارٌ في أسْرارِ ألوُجــــودِ) تُمثّل المنهج الأمّ لأسس (الفلسفة الكونيّة) التي تعتبر ختام الفلسفة في الوجود ..
و تعتمد ألأسفار الكونية على آلفكر و الفلسفة ..
لكن ليس هذا آلفكر ألمُتعارف عليه بين آلبشر ..
بل يتعدّى ذلك إلى آلفكر ألباطن ألمُتمثّل بآلضّمير(ألقلب) ألمُكَوِّن لِحَقيقةِ ألأنسْان التي لا تنفك عن الغزائز ..
إنّهُ آلوُجود ألأنْسانيّ ألحَقيقيّ ألّذي مِنْ خلالهِ و بمساعدة ألحواسّ و آلأسْتدلالاتِ ألعقليّة حتى إكتشاف نظريّة (الكَوانتوم) لكشف آلمعارف ألّكونيّة و آلمُقدّمات ألضّروريّة لِتَفعيل ألضّمير ألباطن لبدءِ ألأسفارِ إلى ما وراء ألمحسوس نحو المطلق بتواضعٍ و إخلاصٍ و عمق .. للتّكامل و لِمَعْرفةِ ألسّرِ ألأعظم ألّذي بسببه خُلقَنا لِنَيل ألحُريّة و آلسّعادة ألأبديّة في آلدّارين بِتوحيد ألله و قوّتِهِ .. بعد عبور المحطات ألسّبعة(1).

مقدمة ألأسفار
قال آلله تعالى:[و نزّلنا إليكَ آلذّكر لتُبيّن للناّس ما نُزّل إليهم و لعلّهم يتفكّرون](سورة ألنحل / 44).
و قال تعالى:[قل إنّما أعظكم بواحدة أنْ تقوموا لله مثنى وفُرادا ثُمّ تَتَفكّـروا…](سورة سبأ / 46).

قال آلأمام عليّ(ع):
ألفكر يدعو إلى آلبِرّ و المعرفة و آلعمل.
وآلجهل ذنب يُؤدي للسكون و التّقوقع و الإتّكاليّة, و قد لعن الله تعالى من كان كَلّهُ على الناس.
وقد يؤدي إلى جعل النفس مطلقاً عند صاحبه ليتحجم الأنسان بنفسه لدرجة إمتناع الوصول للمطلق.
وأمام ألأنْســان بحسب رأي كنفسيوس ثلاثُ طُـرقٍ؛
ألأوّل: يمـرّ عبر آلفــــــكر .. و هو أسمى آلطُرق!
ألثّاني: يمـرّ عبر آلتّقليــــد .. و هو أسْهل آلطُرق!
ألثّالث: يمرّ عبر آلتّجربــة .. و هو أمَـــرّ ألطُرق!

أسفارنا؛ جامعة ألمعارف و آلحكم لنيل ألسّر ألأعظم .. لعشق ألجّمال و آلخير و مقت القبح, و تختلف من وجهاتٍ عديدةٍ عن سائر ألمباحث الفلسفية و آلنّظريات ذات ألعلاقة .. يُمكننا إجمالها بأربعةِ محاورٍ كمقدّمةٍ للقارئ ألكريم ليكونّ على بيّنة من آلأمر قبل آلغوص في أعماق ألمعارف ألّتي ضمّها آلأسفار, و هي:ـ

ألأوّل: إنّها دراسات إستجمعت تأريخ ألفكر ألأنسانيّ في جميع ألأختصاصات و بشكلٍ رئيسي نتائج ألنّظريات ألعلميّة ألأساسيّة لتكون بمثابة النظرية الفلسفية الكونية السابعة(2) التي ترتبط بحياة ألأنسان و بما يتناسب مع موضوع كلّ حلقة, خصوصاً ألنّهج ألعرفاني ألرّوحيّ و آلتّجديد ألفنّي و آلجّمالي لحقائق ألوجود, عبر معرفة ألنّفس و آفاق ألوجود, لأنّ منْ عرف نفسه فقد عرف كلّ شيئ.

ألثّاني: ركّزنا على معرفة تأريخ ألفكر من خلال ألظّواهر ألتي رافقتْ ألأفكار و آلتطلعات ذات ألعلاقة مع آلمباحث؛ خصوصاً ألأفكار ألأصيلة ألأساسيّة ألنّوعيّة ألّتي برزت على آلسّطح من بين آلأفكار, و آلقارئ عليه أنْ يتحسّس و يستدرك و يُتابع ألأثار ألّتي خلّفتها آلأفكار إلى يومنا هذا, ليقف على آلتاثير ألمُتبادل بين بروز ألظواهر على آلأفكار .. و تأثير ألأفكار على آلظواهر, و من هنا فأسفارنا أحاط بألأجواء ألتي رافقتْ ألفكر بشكل عميق .. كتأثير ألأختراعات و آلتكنولوجيا في آلمجال ألأجتماعي على آلتّوجه ألفكري و نمط الحياة في آلمجتمعات ألأنسانيّ.

ألثّالث: نعتقد بأنّ آلطريق ألصحيح لفهم فكر مُعيّن هو من خلال منطق ومواقف و نصوص ألمُفكّرين وآلفلاسفة وآلعرفاء ألّذين تعرّضنا لهم بما أُلهموا من آلأفكار لذلك عرضناها كما حدّدها أصحابها كفكر أثّرَ وتأثّرَ بآلحوادث ألتي رافقتْ أفكارهم, وأسندنا تحليلنا لنظرياتهم بمواقفهم ليكون آلباحث ألكريم على بيّنة و وضوح من تلك آلأسفار ألعظيمة ألتّي وحدها تُوصلنا لشواطئ آلأمان والسلام وروح ألأرواح ألّتي هي سرّ هذا آلعالم ألمرموز.

ألرّابع: ألتأكيد على دور (ألعرفان)(3) لعلاج عذابات ألرّوح, بعد ما أصبح موضع إهتمام علماء ألنّفس و آلأنتربولوجيا خلال ألقرنين ألأخيرين, و حديثاً أشار له ألعالم ألسويسري يونك بعد ما أصبح آلأنسان عقلائياً أكثر من آللازم, حين إتّكأ على آلضّمير ألظاهر – و أهمل آلضّمير ألباطن(ألقلب) و لذلك إنساقت ألقيم ألرّوحيّة تحت تأثيرات ألهيمنة ألماديّة بعد ما حقّق آلأنسان بتطبيقه للقوانين ألأرسطوية تقدّماً تكنولوجيّاً و طبيعيّاً هائلاً محقّقا بذلك ألأبعاد ألماديّة للبشر – بتوجيه من طبقة ألـ 1%, ألّتي تتحكم بمجريات آلأمور و آلحكومات ألـ (234) في العالم, و لكنّه آلَ إلى وضعٍ غريب و هو: فقدانه – إن لم نقل قتله – للطاقات ألأنسانيّة ألأخرى.

جميع ألمدارس ألفكريّة تدعو لخلاص ألإنسان من آلبؤس وآلعذاب و آلأخذ بيد آلمُجتمع نحو آلسّعادة، و بالرّغم من هذا آلهدف ألمُشترك فإنّنا واجهنا و نُواجه بعض ألفوارق و آلأختلافات على مستوى التطبيق بين هذه ألمدارس؛ ينجم عن رؤيتها «للإنسان» و دوره في «آلجّماعة» و تكوين ألمجتمع، و من نافلة ألقول: أنّ آلمجتمع ألمُكوّن من أناس خاضعين لجبر ألزمن و آلتاريخ ألمؤدلج من قبل أصحاب ألمال و آلّشركات ألعالميّة .. يختلف عن مُجتمع يكون آلإنسان فيه مُختاراً و مُفكّراً ذا شعور و إحساس و وعي!؟

إنّ آلدّنيا و آلآخرة؛ ألجّسم و آلرّوح؛ ألسّعادة ألآنية و آلأبديّة؛ ألأخلاق و آلقيم, كلّها مُترابطة في وجود ألأنسان و لا يُمكن تجزئتها وإن ألبشر هُم عُشّاق ألكمال و آلخير و الجمال ألمُطلق بآلفطرة.

العَالم بما فيه الأسلامي يعاني مشكلة في إدارة ألمجتمع إسلامياً لإختلاط المفاهيم، أيّ ألمجتمع ألذي يتّجه إلى تنمية ألشّرف و آلحريّة و آلشّعور و آلأرادة و آلتواضع لدى أفراده؛ تَنْهَضُ آلاخلاق بدور أساسيّ، و أصحاب ألقرار إلى جانب إدارتهم للمُجتمع يتكفّلون هداية هؤلاء ألأفراد و آلحفاظ على سلامة ضمائرهم الباطنية ألّتي تُمثل وجودهم ألحقيقي, و ليس آلظاهر ألمُزيّف فقط و آلّتي تُحاول ألدّوائر ألغير إسلاميّة ألتّشدق به.

و من آلبدهي؛ أنّ أمر ألهداية في مدرسة تَعتبر ألإنسان خليفة الله .. و تحترم ألكائنات و آلموجودات بإعتبارها دليلا و آياتاً تُسبّح بحمّد الله؛ لن يُؤدّي إلى آلإسْتبداد و إستيلاء ألفرد أو آلمجموعة على حقوق آلجّماعة – بمعنى أنّ آلنّظام ألأسْلاميّ هو آلوحيد ألّذي يضمن عدم بروز ألدّيكتاتورية ألتي تُسَيْطر أليوم على جميع شُعوب ألعالم عبر الأحزاب و آلحُكومات ألّتي تُطبق ألدّيمقراطية سواءاً في آلشّرق أو الغرب.

أسفارنا في أسرار ألوجود أيّها آلقارئ ألعزيز؛ حصيلة ما توصّلنا إليه من آلأبحاث و آلأسرار و بآلتالي (الفلسفة الكونية) ألّتي تتلائم مع فطرة ألأنسان و تُناغي ألقلوب ألعاشقة للجّمال و آلمحبّة و آلخير بعمق و بآلأدلّة ألواضحة لتخليصه من سلطة ألمستكبرين ألذين يُحاولون قتل ألعشق و آلمعرفة في ضميره بما يعني ألرؤية عبر آلبصيرة لأنّه مخلوقٌ يسعى لطلب ألكمال .. و قد إكتملتْ في أربعة مُجلّدات؛

كلّ مُجلّد يحتوي على إثنيّ عَشَرَ بحثاً – تيمّناً بآلأئمة ألصّالحين من أهل ألبيت(ع), و إنْ كان يبدو كلّ بحث و كأنّه موضوع منفصل؛ لكنّه يرتبط بما يليه من آلحلقات بطرق عدّة مع إستمرارِ ألحفاظ على أصل ألبحث ألّذي هو آلعشق!

فمسائل ألعرفان هي عبارة عن ألتّجلّي ألأوّل و آلثّاني, و آلّتي من خلالهما تتحقّق كيفيّة إرتباط ألحقّ بآلوجود .. و آلوجود بآلحقّ!

و آلأهمّ .. كيفية صدور ألكثرة عن ألوحدة و آلّتي بوقوعها كثر آلتّنوع و آلأختلاف و إزدادتْ ألمشاكل و آلمحن و آلظّلم في آلأرض يوماً بعد آخر!

و كيفيّة رجوع ألكثرة إلى آلوحدة في خاتمة ألأمر .. بحسب ألأدلة ألقُرآنيّة و تجارب ألعارفين و آلأسس ألتي طرحناها!

و آلأسْفار بمجموعها؛ تُبيّن طرق ألمُجاهدات – خصوصاً مُجاهدة ألنّفس بعد معرفتها – لعبور منازل ألعاشقين ألسّالكين إلى آلله تعالى, مع بيان ألمُكاشفات و تجارب ألعظماء, عبر آلتّجلّيات ألشّهوديّة ألّتي حصلت لهم للوقوف على آلحقّ بعد آلعلم ألشّفاف به, و بآلتّالي ألعودة إلى آلأصل بعد ما تفرّعنا و تشتّتنا عنه بعد آلهبوط إلى دار ألدّنيا بسبب ما جرى على أبينا آدم(ع) و أُمّنا حواء(ع)!

والهيكل الجامع لتلك المحاور هي أسّ النّظريّة الكونيّة المبنيّة على العلل الأربعة(4) في الوجود وعالم الشهود.

إنّها بيان واضح و رصين لحقيقة و آثار ألعشق ألألهي و دوره في سعادة ألأنسان و تخليدهُ .. حين تُعرّض ألنّفوس على آثار ألأفعال ألصّفاتية و آلذاتيّة للّه تعالى و تنقسم من خلالها و على أساسها, لتُبيّن ثمرة ألإذْكار و آلقوى ألخفيّة في آلأنسان و دورها في آلأفعال و آلمُكاشفات و آلأنوار؛ لخدمة ألأنسانية ألمقهورة ألمُكبّلة بأنواع ألبلايا و آلمظالم .. و بآلتّالي بناء ألحضارة و ألمدنيّة على أساس رصين تكون مُكملّة لسعادة ألبشريّة .. لا مبعثاً لشقاها كما هو وضع ألعالم ألقائم أليوم بسبب إستغلال ألمُسْتكبرين ألّذين عمّموا آلفساد و آلفرقة و آلقتل و آلحروب و دمّروا ضمير ألأنسانيّة لأستغلالها بغير حقّ!

يعد ألإنسان في آلمنظومة ألكونية مخلوقاً كريماً صاحب مُثُل و إختيار و بما أنّه خليفة آلله و مظهر أسمائه و صفاته؛ عليه أن يُجَسّد كمالاته الوجوديّة آلكامنة عبر الأستعانة بألخالق ليُجَمِّلَ باطنهُ كظاهرهِ على شكل إنسان سليم يتمنّى آلخير, لأن تحقيق إنسانية ألأنسان مرهون بخُلِقِه و تواضعه، و من أجل تحقيق هذا آلهدف يحتاج إلى نموذج تتكفّل ألشّرائع ألسّماويّة بتعريفه, هذا آلنّموذج في آلفكر ألأسلاميّ ألعرفاني هو آلإنسان ألكامل.

إن موضوع (ألإنسان ألكامل) من آلقضايا ألرّئيسة في آلفلسفة الكونية، لكونه حسب هذه ألرّؤية ليس مخلوقاً مُجرّداً أو مثالاً من مُثُل أفلاطون و سقراط و شوبنهاور – مع إحترامنا لهم – بل إنّهُ مخلوق واقعي و حقيقي و نموذج كامل لبناء ألذّات و توعية ألآخرين و توجيههم نحو آلسّير و آلسّلوك و آلسّفر ألمعنوي ألتّكاملي, و آلأنسان من هذه ألزّاوية فقط – كما برهنا في آلأسفار – ينال آلمعرفة ألرّبانية و يتبوّأ ألباري عز و جل قلبه ليكون مصدراً للعطاء و آلأنتاج و بآلتالي وحدة آلأمة و الأنسانيّة, و في آلحديث القدسي:
«لا تسعني أرضي و لا سمائي بل يسعني قلب عبدي آلمُؤمن»(5).
و في آلقرآن ألكريم: (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ)(6) لذلك يستأنس سُكّان ألأرض بعضهم بآلبعض ألآخر, بدل النفاق و الغيبة و آلحرب و آلأقتتال و يسجدون في حضرة ألباري و يُؤمنون بالله و آليوم الآخر: (يا أيّها آلناس إنّأ جعلناكم شعوباً و قبائل لتّعارفوا إنّ أكرمكم عند آلله أتقاكم)(7).

فلسفتنا تختصر زبدة فلسفات ألفلاسفة من الأغريق وإلى اليوم, لأنها تسعى لتوحيد عالم ألنّاسوت بآلّلاهوت لوحدة ألوجود, و قيام عالم ألشّهود كواقع مرهون بوجود آلله ألّذي منه يستمدّ آلأحياء بقائهم؛
[My philosophy unites the world of manhood with theology] تتشكّل فلسفتنا من ثلاثة أضلاع؛(الخالق؛ ألوجود؛ ألمخلوق) مع الأرتفاع كرابط للمحبّة بينها في آلمثلث لتقويم و إبراز جمال آلحالة ألمثلى بمقدار إرتفاع ألمحبّة أو إنخفاضها ولا ينفكّ عن بعض إلّا بفقد ألمحبّة التي بها يتحقّق ألسّلام وآلوصل مع الله Optimal status والفرد وآلعائلة وآلمجتمع وآلوجود كوحدة واحدة بعد محو الكراهيّة وآلنفاق و توحّد ألقلوب لدرجة ألحالة المُثلى.

و آلأخلاق كعماد للفلسفة ألكونيّة ألدّالة على وجود ألله في آلمُعتقدِين؛ لا تتحقّق عملياً إلّا مع (آلمحبّة) آلتي تُحصّن ألأنسان من فساد ألفكر والآمال ألمحدودة بآلشّهوة و التكور حول آلنّفس, و إلّا فهو مُلحدٌ لا يُؤمن إلّا بنفسه دون آلخالق ألعظيم ألّذي إتّخذه غطاءاً للعلو وآلفساد في آلأرض بظاهر ألأيمان وكما نشهد ذلك في حكومات ألأرض وأحزابها ألفاسدة.

فأسفارنا لم تترك من ألوجود شيئاً – بعد ما فصّل آيات ألآفاق و آلأنفس و علاقة ألزّمكاني و آلّتي كلّها تقع ضمن شعاع ألنّور ألألهيّ؛ من حيث لا وجود لموجودٍ إلاّ بآلله ..
ليس في آلدّار غيرهُ ديّارُ”, بمعنى ؛ لا حول و لا قوّة إلّا بآلله”.

إن آلتّوصّل إلى أفكار جديدة مُطرّزةً بآلدليل و آلأدب و آلخلق ألكريم ثُمّ تطبيقها في نواحي ألحياة ألأجتماعية وآلثّقافية وآلسّياسيّة وآلأقتصادية لتحقيق ألسّعادة وراحة ألبال للبشريّة جمعاء؛ يُحظى بإهتمام خاص لدينا ولدى كلّ مُفكّرٍ مُخلص لله تعالى وهذا هو فلسفة الدِّين ولهذا كتبنا آلأسفار.

و آلأهمّ ألّذي كشفناهُ هو سبب خلق آلأنسان لِيكون دالّة كبيرة نحو فعلِ ألخير و آلمكارم في محطّات حياتنا ألتي نعيشها مرّةً واحدةً للفوز بآلسّعادة ألأبديّة في حال نجاحنا في آلأمتحان ألشّفوي و من ثمّ ألعمليّ ألذي هو آلمعيار ألأساسيّ و ليس فقط مقدار ألعلم الذي ينالهُ ألأنسان, فلو كان آلعلم بدون آلأخلاق هو آلمعيار لكان آلشّيطان أفضل آلمخلوقات حتّى من آدم(ع) لقدرته – أيّ آلشيطان – على إغوائه .. فآلعلم ألذي نال به آلشيطان ألسّر ألأعظم لم ينفعهُ في طريق ألعبوديّة لله تعالى, بل صار حاجزاً بينه و بين آلحقّ, فعلينا بآلتواضع و عدم ألتّكبر مهما أوتينا من ألعلم و آلمعرفة؛ لأنّنا لن نكون أعلم من أبينا آدم(ع) و لا من آلشيطان أللعين ألّذي سقط في آلأمتحان ألعملي في نهاية ألمطاف, و علينا آلحذر من عدم آلوقوع في آلمعاصي بسلوكنا و جوارحنا و حتّى تفكيرنا.

لذلك فأنّ آلوقوف على تلك آلحقائق ألكبرى و ألّتي إسْتَعْصتْ على آلكثير من آلعلماء و آلمُفكرين ثُمّ إعمالها؛ لا يتحقّق إلّا من خلال ما لخّصناهُ بعُمق و وضوح في “أسفارنا” ألّتي تُفَتّحُ طاقات ألفكر ألكامنة في ألمسافر عبر بُحورٍ آلعشق و آلمعرفة ألّلامُتناهية حتّى آلفناء في آلحقّ, لِيعيش حياةً جديدة و آفاقاً رحبة تتّسع و تتناغم مع حركة و موسيقى ألوجود و تتعدّى آلمدى ألمحدود ألّذي رسمه و أرادهُ آلظّالمون و آلمُستغلون .. و ألرّاديكاليون ألمُتحجّرون لأستغلالنا, و لا حول و لا قوّة إلّا بآلله ألعليّ ألعظيم.
الفيلسوف الكوني / عزيز ألخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و هي: الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الإستغناء – الحيرة – الفقر و الفناء.
(2) ألعصور ألفلسفيّة تشكَّلت من ستّة مراحل حتى (فلسفتنا الكونيّة) التي مَثّلتْ ألمرحلة السّابعة (آلأخيرة) كنتاج للفكر الكونيّ لأنقاذ ألعالم الذي جثى بركبته أمام الظلم والنفاق السائد في العالم و هي:
– ألعصر الأوّل: تشير ألنّصوص ألتأريخيّة إلى أنّ بداية ألفلسفة ظهرت فِي آلقرن ألسّادس قَبلَ الميلاد, و هي ألفترة ألمُتزامنة مع ظهور ألألواح القديمة المتعلقة بألدّيانة ألإبراهيمية، وَتناوَلت تلك ألفلسفة مَواضيع عِدّة مِنها: (ألفلسفة آلسّياسيّة؛ والأخلاقيّة؛ وعِلمُ الوُجود؛ والمَنطِق؛ وعلمُ الأحياء؛ الرّياضيات؛ ألكيمياء؛ والبلاغَة؛ وعلمُ الجّمال؛ وغيرها مِنَ المَوضوعات)، وَتُمثّل هذه ألفترة بداية ألفَلسفة آليونانيّة, وَتَمّت فيها مُناقَشَةِ الكثير مِنَ القضايا: كعلمُ الوُجود و خلود النفس و أصل ألذات, و يطلق على هذا العصر (عصر فلاسفة ما قبل سقراط), شمل الفلاسفة اليونانيون كحكماء الإغريق السبعة ألبارزين ألذين نشطوا قبل ظهور نجم (أوغسطين) ثمّ سقراط و تلامذته.
– ألعصر الثاني: ألفلسفة الأوغسطينيّة, نسبة لأوغسطين, ولد في 354 ق.م وعرفت بعصر ما قبل سقراط.
– ألعصر ألثّالث: فلسفة سقراط.
– ألعصر الرابع: فلسفة أفلاطون.
– ألعصر الخامس: فلسفة أرسطو.
– ألعصر السادس: ألفلسفة الحديثة.
– ألعصر السّابع: ألفلسفة ألعزيزيّة (ألكونيّة) وتمّ إعلانها بداية ألألفيّة ألثالثة لتحقيق ألعزّة و الكرامة للنّاس بدل العبوديّة.
(3) ألعرفان؛ إجتهاد فوق الفقه والأصول ومسائل الفقه يصلها العالم المرجع بعد التّبحر في الألاهيات.
(4) العلل الأربعة في فلسفة الوجود هي : العلة الشكليّة و الماديّة والفاعليّة و الغائيّة.
(5) رُوي الحديث في مصادر عديدة, كما ذكره إبن عربي في ألتراجم ص224, و كتاب ألتّجليات331, و رسالة ألجلال و آلجمال ص31, مجموع ألرّسائل, و جواهر المعاني ص133 / 1, و ص 181/ 2.
(6) سورة ألعنكبوت / 56.
(7) سورة ألحجرات / 13.