د. أحمد أبو مطر
تعودت الشعوب في غالبية الكرة الأرضية مع انقضاء عام مضى على إطلاق صفة واحدة جامعة لذلك العام وما عاشه كل شعب خلاله. وضمن ىسياق هذا العرف إذا أردنا عربيا إطلاق صفة جامعة مانعة لعام 2014 كما عاشته غالبية الأقطار العربية، لأطلقنا عليه صفة أو تعريف ” عام داعش بامتياز وحشي مخزي معيب”. وذلك لعدم انشغال غالبية العرب والمسلمين ودول العالم مجتمعة بموضوع كما انشغلوا بموضوع دولة الإرهاب الداعشية التي تطلق على نفسها صفة ( الخلافة الإسلامية ). وأفضل دليل على هذا الإنشغال العالمي هو تشكيل التحالف الدولي من عدة دول عربية وعالمية لمحاربة داعش. أمّا عربيا فكان الإنشغال بموضوع ووجود داعش لم يسبق لأي موضوع ان اتخذ صفة الدم هذه التي أسالها الداعشيون القتلة في العديد من الأماكن والمناطق خاصة في العراق وسوريا. وللتذكير بهذه الجرائم الدموية لعام 2014 نكتفي بما يشبه العناوين التالية:
جرائم داعش بحق مسيحيي وأيزيديي العراق وسوريا،
هذه الجرائم التي لم تترك وسيلة دموية إلا ومارستها من قتل وتدمير الكنائس وحرقها وتكسير الصلبان وتهجير المسيحيين وسبي النساء وفرض ما اطلقوا عليه “الجزية” على المسيحيين والأيزيديين الذين لم يتمكنوا من الخروج من مناطقهم ومدنهم، وأبشع هذه الجرائم سبي النساء المسيحيات والأيزدييات وإجبارهن على ممارسة الجنس مع عناصر داعش الإرهابيين وبشكل لا مثيل له في التاريخ حيث روت بعض السيدات الناجيات مشاهد رعب لا يتصورها العقل البشري أو الحيواني، حيث كان إرهابيو داعش يمارسون الجنس مع بعض السيدات حوالي مائة مرة يوميا وفي أيام الحيض أيضا، لدرجة أنّ بعضهن فقدن غالبية المشاعر الإنسانية بما فيها القدرة على التبول، مما جعل بعضهن يتمنين ويفضلنّ الموت على هذا الرعب. وقد عبّر بيان “المنظمة الآشورية المسيحية الديمقراطية” في العراق يوم الحادي والعشرين من يوليو 2014 عن هذا الواقع اللامشرف للبشرية قائلا: ” جرائم داعش اليوم في العراق بحق المسيحيين والأقليات العِرقية والدينية الأخرى، من قتل وسلب وتدمير دور العبادة، والأماكن التاريخية التي ترتبط وتاريخ الموصل، ترتقى لجرائم ضد الإنسانية، وأن هذه الجرائم لم تقف عند حدود مدينة الموصل، بل تعدتها لتصل إلى المدن السورية كمدينة الرقة، ولاحقًا دير الزور وباقي المناطق، فقد خلت من المسيحيين، ودُنِّست كنائسهم، ونُبِشت قبور مواتهم، وذلك يحدث في عصر المدنية والمعرفة، والعالم كله يتمكن من التواصل مع بعضه في القرن 21، ولا أحد يحرك ساكنًا “.
حجم الإعدامات التي قام بها الداعشيون،
حيث وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان ما يزيد على ألفي حالة إعدام في النصف الأخير من عام 2014 فقط، طالت إعدام 930 شخصا عن عشيرة “الشعيطات” العراقية السنّية لرفضهم مبايعة داعش وإرهابها، كما طالت قرابة مائتي شخص من القادمين من عواصم أوربية لمحاولتهم العودة لبلدانهم بعد أن اكتشفوا حقيقة داعش وجرائمها.
تكشف مواهب الداعشيين في فنون الإعدام،
حيث مارسوا وما زالوا أساليب إجرامية من قصّ الرقاب إلى بقر البطون وقطع الرؤوس وتصوير كل هذه الجرائم في فيديوات ونشرها دون خجل وغياب كامل لأي ضمير، والمصيبة العظمى أنّه رغم كل ماسبق فإنّ ألافا ممن التحقوا بداعش ومجرميها عرب ومسلمون جاءوا من بلدان أوربية ديمقراطية ولدوا أو نشأوا فيها.
هل يشهد عام 2015 القضاء على داعش؟
حسب رؤيتي وقراءتي لواقع داعش فهذا لن يحدث لا في عام 2015 ولا أعوام تليه، طالما توجد بيئة عربية ثقافية تربوية تعليمية حاضنة لداعش وأساليبها، فالداعشيون لم ينزلوا علينا من مجرات فضائية بعيدة، بل هم نتاج ثقافة وتربية وبرامج تعليمية سائدة منذ مئات السنين، بالإضافة لأنظمة استبدادية قمعية تنهب حرية الشعوب وكرامتها وثرواتها وبالتالي فجحيم هذه الأنظمة لا يختلف عن جحيم داعش، وبالتالي سيّان عند ألاف الشباب سواء عاشوا في ظلّ هذه الأنظمة أم التحقوا بداعش ليعيشوا في مجتمعها ويمارسوا مع المختلفين معهم ما تمارسه هذه الأنظمة المستبدة معهم ومع شعوبهم. لذلك فسوف نعيش عاما داعشيا جديدا في أيام 2015 ولن ينجينا من جرائمها أي سلاح، كما حذّرنا عام 1972 الشاعر المرحوم “صلاح عبد الصبور” في “يوميات نبي مهزوم” أي قبل حوالي أربقعين عاما، عندما صرخ فينا ولم نسمعه:
يا أهل مدينتنا
هذا قولى
انفجروا أو موتوا
رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجىء
لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالى جبل الصمت.. أو ببطون الغابات
لن ينجيَكم أن تختبئوا فى حجراتكمو
أو تحت وسائدِكم.. أو فى بالوعات الحمّامات
فعلينا أن نتحمل أعواما داعشية دموية جديدة نتيجة سكوتنا وتخاذلنا وتواطؤنا معها ومع هذه الأنظمة الشبيهة لها في حالات عديدة، وأيضا رفض بعض أحزابنا الإسلامية لمحاربة داعش، ورفض بعض المراجع الإسلامية تكفيرهاد.