مسار المخطط الامريكي الصهيوني وضرورة دعم الصمود السوري
بقلم عبد الامير محسن ال مغير
لقد انقشعت غمامة الاعلام الغربي المضلل عن ما سمي بربيع الثورات بتمشية دستور الاخوان في مصر مكبلا لأكبر دولة عربية واكثرها تطورا وربما يعتبر مضمون ذلك الدستور اكبر برهانا بتشويه المسار الفكري المعاصر لضمان حقوق هذه الامة والعودة بها الى الخلف حيث بعد ان استلم محمد مرسي الرئاسة من العسكر وفق المخطط الامريكي اصدر قرارات بتجميد القضاء والغاء مجلس الشعب مشكلا لجنة خاصة لصياغة الدستور ثم الاستفتاء عليه دون رقابة قضائية مع تطويق المحكمة الدستورية وهي اعلى هيئة تنظر بمدى مشروعية التصرفات القانونية واخيرا قام بإحالة قادة جبهة الانقاذ الوطني للمحاكم بتهمة ما اسماه بالتآمر مع انهم يمثلون الاغلبية الساحقة للمجتمع المصري ومثل هذا الاسلوب يذكرنا بما كان يتصرف به صنائع الغرب من الحكام العرب في منتصف القرن الماضي واخيرا توجت حكومة الاخوان قيام الميليشيات بالسيطرة على الشارع المصري ومؤسسات الدولة والمحكمة الدستورية وفق توجيهات المشرف العام الإخواني ولم تنبس واشنطن ببنت شفه سوى قولها (على الرئيس محمد مرسي ان يصلح ما حصل من تشقق في الشعب المصري) وبذلك تظهر امريكا (كمن يقتل الميت ويمشي بجنازته) كما يقول المثل الشعبي ومصر الان مقبلة على كارثة حقيقية ستنجم عن انهيار اقتصادها رغم دعمها بمليارين من شيخ قطر حيث ان ذلك الاقتصاد يعتمد بالدرجة الاولى على السياحة مع ان الاخوان اكثر ما يناصبونه من اوجه مصادر ثروة ذلك البلد هي عدائهم للسياحة كونهم يعتبرون التراث الانساني صنمية ويقتلون كل من يأتي من علماء وباحثين وطالبي لمعرفة الحقيقة في التاريخ المصري القديم باعتبارهم كفارا ويعتبرون قتلهم ضمانا لدخول الجنة كما يقولون وهكذا يسير المخطط الامريكي الصهيوني باتجاه نهايته باستهداف الدول الهامة في الوطن العربي وهي العراق ومصر وسوريا فالعراق تمت تهديم بنيته التحتية وتركه الامريكان يعاني بتضميد جراحه واما مصر فهي قيد عملية (الفوضى الخلاقة) لتخريب كل شيء يمت لماضيه التليد وما عمره ابنائه من نهضة تنموية اما في سوريا وهنا بيت القصيد حيث لم يكن الغرب وعملائه في المنطقة يتوقعون هذا الصمود المشرف والرائع للشعب السوري وجيشه الباسل فقد سبق ان اخبر احد العملاء المحسوبين على ذلك الشعب مدير المخابرات السعودية قبيل اندلاع العنف المصدر الى سوريا بان النظام السياسي فيها سيسقط خلال مدة اسبوع في حين عكست مطاولة وصمود الشعب السوري بوجه من يصدر له سبل الموت وبشكل منظم ليقاتل نيابة عن امريكا واذنابها كما تقول كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية ولم تستطع تلك الفتنة ان توصل الغرب الى ما يصبو له وتفتقت العقلية الامريكية اخيرا بتزويد اوردكان بقواعد (الباتريوت) لقاء عدم معارضته لربط اسرائيل بحلف الناتو حيث كان اوردكان يحول دون ذلك رغبة منه في ابقائه هو المعتمد الرئيسي للغرب في منطقة الشرق الاوسط وسوريا لا زالت وستبقى صامدة امام مخطط ظالم مما يتطلب من ذوي اصحاب الفكر النير وجبهة مقاومة الاستعمار الحديث والمحبين للسلام ان يدعموا ذلك الشعب بما يمكنه من امكانية استمرار المطاولة بوجه العصابات الارهابية كما فعلت الدول المحبة للسلام التي دعمت صمود الشعب الفيتنامي وضمنت اندحار امريكا ورهطها لان سوريا وخلال السنتين الماضيتين جسدت وبصدق مفهوم اسمها القديم كسور للذود عن حياض العروبة بوجه موجات الغزاة وبدأت الان بوادر تنفيذ المخطط الغربي من التبشير بالكونفدرالية بين اسرائيل وفلسطين والاردن لتمكين الكيان الصهيوني بالسيطرة على قسم كبير من المنطقة كما بدأ الان ايضا تشتيت واضح للمعارضة السورية في الخارج وتشرذمها حيث تعمد الغرب بتنصيب مجموعة منها ثم ينصب اخرى لإشاعة الفرقة فيما بينها ليضمن عدم التوافق للوصول الى حل سلمي للازمة في سوريا بغية تمكنه وبشكل كامل من تدمير المجتمع السوري حيث جلب المجاميع الارهابية من مختلف اصقاع الارض سواء من القوقاز او شمال افريقيا او الخليج وقد صرح وزير الداخلية التونسي بقوله (بان القاعدة تجند الشباب التونسي في محافظة (القصرين) في تونس لإرسالهم الى سوريا) ليحظوا برعاية اوردكان وتمويل (شيخ النعاج) في قطر حيث اثبت ذلك الشيخ بانه لم يكن سوى حارس للغرب على الثروة النفطية في تلك المشيخة ورغم تصريحات الموفد الدولي السيد الابراهيمي المستمرة بان الازمة السورية ستوصل الشرق الاوسط والعالم الى كارثة حقيقية وفعلا اصبح الان واضحا بان المنطقة تدفع باتجاه حرب ضروس بين دولها بعدما شعر الغرب بان امتصاصه لخيراتها وسيطرته عليها اخذ يتضاءل بفعل الوعي المتزايد لشعوبها ومسكها بخيوط النهوض التنموي مما يجعل ذلك الوعي والتطور يشكل خطرا حقيقيا على اسرائيل والمصالح الغربية فانتهت تلك القوى الى قناعة بضرورة ادخال هذه المنطقة نفق من الحروب يقضي على مجمل قوتها ويعيد صياغة بناء انظمتها السياسية بما يتلائم وضمان تلك المصالح وامن اسرائيل وهيمنتها وقد اثبتت الوقائع ان الغرب لم يخسر شيء فالتمويل والتسليح تدفعه دول الخليج والصياغة التعبوية يقوم بها اوردكان وملامح كل شيء يدلل الان باتجاه ذلك الدفع نحو تلك الحرب التي ستأخذ شكلا طائفيا حيث بدأ التصاعد ووتيرة ذلك الدفع بإقامة صواريخ باتريوت وتوجه الناقلات الامريكية الضخمة لدخول البحر المتوسط والخليج والدفع بكل من اسرائيل واردكان والاقزام في السعودية وقطر للتعاضد والمؤازرة فيما بينهم وارتفاع وتيرة الهجمة الاعلامية بوجه الصمود السوري لتعوض عن الاخفاقات والخسائر والهزائم التي منيت بها تلك العصابات على الاراضي السورية وبدأنا نسمع امور من مبتكرات اكاذيب الغرب كاستعمال صواريخ سكود والفاتح مع ان جميع الخبراء وذوي الاختصاص يدركون بان تلك الصواريخ لا تستخدم في مجال حرب العصابات ومع ان ما تواجهه سوريا من حرب ظالمة يعطيها الحق وبنظر كافة فقهاء القانون الدولي باتباعها بكل ما يتاح لها من وسائل الدفاع عن سيادتها ووحدة اراضيها ومستقبل اجيالها فالصمود السوري في حقيقة الامر قد افرز معطيات عدة في التعامل الدولي والاقليمي منها ظهور قطب ثاني بوجه التفرد الامريكي بإدارة المجتمع الدولي وبشكل ظالم وخلافا للمشروعية الدولية كما اثبت ذلك الصمود بان باستطاعة دولة كسوريا محدودة الموارد اذا ما حصلت على دعم من الدول المحبة للسلام ان تصمد بوجه اطماع اللصوص الدوليين الذين اعتادوا على نهب خيرات هذه الشعوب كهولاند الفرنسي وكاميرون البريطاني كما كشف ذلك الصمود ايضا مدى زيف ما تدعيه القوى الغربية من الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الانسان وما تلك المزاعم الا وسيلة تتصرف من خلالها القوى الغربية وفق اهوائها بمقدرات شعوب هذه المنطقة واوضح ما في ذلك هو تعاملها مع اسرائيل وايكال تسويق تلك الديمقراطية الى كل من لبنان والاردن وسوريا والعراق كما تزعم تسوق من قبل حكام متخلفين في كل من السعودية وقطر يفتقر بلديهما حتى لوضع دستور كما ان ذلك الصمود كشف ايضا بان الحق العربي لا يمكن ان يؤخذ ما لم يتصدى لحفظه ابطال مؤمنين بعدالة قضيتهم كالجيش العربي السوري الذي شهد له الاعداء قبل الاصدقاء حيث اعطى نموذجا للبطولة والهم الفصائل الفلسطينية في غزة بالوقوف بوجه التعنت الصهيوني وللأسف الشديد على ما يبدو بان مناضلي غزة يتعرضون الان للترويض من قبل محمد مرسي والاخوان وكان تصريح اسماعيل هنية اخيرا بقوله (بان ثورات الربيع العربي جعلت العرب امام مرحلة تحول حضاري جديد) ولا يدري المرء كيف ينتظر هنية نهوض حضاري مع سلسلة احداث اشرف الغرب على تحقيقها وفق ما يريد ونحن لا ننكر وجود تحول بالفكر العربي وتململ واضح ضد حكامها ولكن ذلك التحول صادرته القوى الغربية لتجره كالعادة لصالح مخططاتها فثورات الربيع العربي قد اجهضت حيث الثابت الان بان الانظمة الاخوانية متحالفة مع الولايات المتحدة وملتزمة برعاية المخطط الامريكي لضمان امن اسرائيل وربما اوضح دليل تولي السعودية وقطر تمويل تلك الاحداث وقد عزز ذلك ما تواجهه سوريا من تخريب ممنهج اعطى الدليل على ان تلك الثورات انتهت وفق المقاسات الغربية والسيد هنية رأى بأم عينه بان مناضلي غزة استمدوا اسباب القوة من دولة تتمتع بإصرار عال بالدفاع عن استقلالية نهجها السياسي كإيران وليس السعودية وقطر وعليه ان يدرك بعدم امكان وصوله لما يضمن استعادة الحق العربي في فلسطين دون التضامن والتآزر مع القوى التي تقف بوجه هذه الهجمة الشرسة مع جبهة الصمود والتصدي في الشرق الاوسط واي تفكير يبتعد عن ذلك فهو بعيدا عن استشراف مستقبل هذه المنطقة ويبقى على كافة المثقفين العرب والقوى المحبة للسلام ان تدرك بعدم وجود اي امل بالتخلص من هيمنة تجار الحروب الدوليين الا بدعم تلك القوى لضمان صمود سوريا لان الاخطبوط الغربي الصهيوني سوف لن يترك ورائه اي كيان سياسي في العالم لا يدور ضمن فلكه فجميع الدول ذات النهج الاستقلالي ستتعرض للهجوم الغربي ووفق وسائله وما دار من احداث قبل ظهور القطب الجديد وتبني القطب الغربي دافعا جميع الدول السائرة في فلكه بالتحولق حول المركز الذي يسيطر عليه ذلك الاخطبوط اما سوريا فالنصر معقود لها شرط ان تدعم وبشكل جاد بوسائل الصمود ووفق مخطط يمكنها من ديمومة مسيرتها مع الحفاظ على كافة مقومات الدولة التي تواجه عدوانا ظالما والاحداث تبرز معطيات جديدة كل يوم يمر على صمود هذا الشعب فقد استفاق ضمير اوردكان اخيرا ليطلب من ما يسمى بجبهة النصرة وجيش الشام بترك منفذ (تل ابيض) السوري التركي وهدد بغلق ذلك المنفذ ما لم تترك تلك العصابات المنطقة واضحكني صديق كان جالسا بجانبي عندما سمعنا هذا الخبر فرد بقوله (عفت نصرة من …….. البصرة) كما يقول المثل الشعبي العراقي بعد ان جاءها الامر طبعا من العم سام واخيرا طلب صنيعة الغرب احمد الخطيب رئيس ما يسمى بالائتلاف السوري ان تعتذر روسيا له لدعمها المشروع والقانوني والذي تقره شرائع السماء والارض وحقائق التاريخ للشعب السوري ولكن وكما يقولون ولله في خلقه شؤون (فمعاذ الخطيب) الذي نصبه هولاند الفرنسي كونه من رهطه الخامس وانتمائه لأسرة معروفة بولائها للاستعمار الفرنسي يتصور نفسه ممثلا للشعب السوري مع ان عصابات ما يسمى بالجيش الحر رفضت علنا الاخذ بأقواله .
Mugheer37@yahoo.com