اولاً/ الانقلاب الاخير في تركيا

ان المؤثرات السياسية في الشرق الاوسط الان تجري على ثلاثة انماط وهي حركة الاخوان ذات الجذر الوهابي والتي اكتسبت خبرة الاحزاب السياسية سيما في مصر ومن بعد ذلك في تركيا ثم عصابات القاعدة وداعش المختلقة اساساً من قبل امريكا وبدعم خليجي تركي ومن ثم انظمة الحكم في المنطقة ومن يؤازرها وهذه على نوعين الانظمة العميلة التي تمد داعش بالبقاء بناء على مخطط امريكي صهيوني وانظمة اخرى تقف مع خط المقاومة وانها مستهدفة من قبل القوى الاستعمارية والعميلة وتجربة حكم الاخوان في مصر افرزت معطيات هامة من اهمها بان النظام السعودي الذي احتضن الحركة الوهابية لا يريد لتلك الحركة او لغيرها أي تواجد تنظيمي في الاراضي السعودية

وانما يدفع بهؤلاء الى خارج الاراضي السعودية للتخلص منهم وكورقة ضاغطة لتحقيق المصالح السعودية وكل ما فعلته السعودية منذ بدء عمليات التدمير والقتل في الشرق الاوسط والى الان تجري بناء على تأييد ودفع من قبل الساسة الامريكان كما ان حركة الاخوان في مصر وبحكم التجربة تعتبر اكثر تهذيباً ان صح التعبير عنه في بقاع اخرى من المنطقة فلم تتعرض خلال فترة حكم محمد مرسي للقضاء ولم تستهدف الاتجاهات العلمية بشكل مباشر وكانت اكثر توجها نحو القضية الفلسطينية ومع كل هذا فقد اعتبرها البعض اتت بمواقف (رادكالية) كان عليها ان تتأنى بها اما ما حدث بتركيا اخيراً اختلف كلياً بنظرنا عن الاحداث الاخوانية في مصر فالانقلاب المزعوم في تركيا متوقع بحكم التجذير العلماني في ادارة الحكم والذي غرسه (اتاتورك) بعد سقوط السلطنة العثمانية حيث نص الدستور التركي انذاك على ان الجيش هو الحامي للنظام العلماني في تركيا وفعلاً تدخل الجيش لمرات عدة لتقويم الوضع سيما في عهد حكومة عدنان مندرس صحيح ان اوردكان الغى  ذلك النص لكن جنرالات الجيش التركي والاحزاب العلمانية تعتبره عرفاً يجب مراعاته يضاف لذلك السبب ان الغرب سيما امريكا يعطون اهتماما خاصاً لمجريات الاحداث في تركيا كونها عضو في الناتو وتعتبر ذات تأثير بالغ في العلاقات بين الشرق والغرب وحلقة وصل بين كل من اسيا واوربا وفيها مضائق بحرية ذات تأثير بالغ الا ان كل هذه المؤثرات يبدو انها قد تضاءلت بدرجة كبيرة سيما عند وصول الاخوان واوردكان الى السلطة حتى اخذت وكالات الانباء اخيراً تتناقل بأن الساسة الامريكان يفكرون بنقل قاعدة (انجرلك) الامريكية الى خارج الاراضي التركية وقد اتهم الساسة الاتراك ومن بينهم اوردكان امريكا بدعم الانقلاب وبأنهم دفعوا بالداعية فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا باتجاه ذلك العمل ونفى الامريكان وغولن ذلك وقال غولن ان هذا الانقلاب مفتعل ويشارك غولن بهذا التفكير الكثير من المحللين وفعلاً عندما يفكر المرء بأن اللذين قاموا بهذا الانقلاب وهم يتمتعون بالقوة التي يزعمها اوردكان بأنهم اما مدفوعين فعلاً بأجراء عملية (مفبركة) او جهلاء بأساليب الانقلابات العسكرية فالانقلاب عادة يبدأ ببيان تحدد به اغراض واهداف الانقلابين ويلقى القبض على كبار من يقودون الدولة من عسكريين ومدنيين  والسيطرة على مقرات الدولة الهامة في العاصمة وفرض منع التجوال وحضر الطيران واغلاق الموانئ البحرية ولم يجري أي من ذلك وزعم بعض المحللين ومنهم من الاتراك في اسطنبول وانقرة حيث يقولون خصوصاً مع اول بدء ذلك الانقلاب ان من قاموا به لا تتعدى الرتب الكبيرة منهم عن ربتة عقيد وحصروا ذلك بخمسة عقداء في حين وصلت الاعتقالات في كبار ضباط الجيش التركي لحد يوم 30/7/2016 الى (150) جنرال وظهر ان ذلك الانقلاب قد اعتبر من قبل اوردكان نعمة نزلت عليه من السماء فقد اعطته فرصة بالقضاء على أي سمة عصرية في اساليب الحكم في تركيا حيث استهدف جهاز القضاء واوقف عشرة قضاة من المحكمة العليا الذين يعتبرون في الانظمة الديمقراطية حماة ذلك النظام ولاتنتهي علاقتهم بمناصبهم الا بالوفاة كما فصل من الوظيفة عشرات الالوف من المدرسين والمعلمين وحضر الكثير من النشاطات السياسية والسعي لاستصدار قوانين لرفع الحصانة عن أي نائب في البرلمان وعزله كما يسعى اوردكان لتحويل النظام السياسي من نظام برلماني الى رئاسي وغلق المئات من المعاهد العلمية ومما يثير الغرابة ان احزاب ليبرالية كحزب الشعب الجمهوري قد تظاهروا الى جانب اوردكان ضد الانقلابين الا ان حصر السلطة بيد اوردكان يسير على قدم وساق ويتوقع الكثير من المحللين بأن تركيا ستصل الى نظام دكتاتوري لم يشبهه أي نظام سياسي منذ سقوط الدولة العثمانية لحد الان ولدى المحللين بان استهداف المعاهد العلمية اعتباراً من التعليم الابتدائي ثم الثانوي الى التعليم العالي يعني بدء تجذير حكم الاخوان للدولة ويرى محللون اخرون ان ما اوصل تركيا الى وضعها الحالي شعور حكومة اوردكان بأن تركيا مهددة بمخاطر جسيمة ومستهدفة بالتقسيم من قبل حلفائها الغربيين وتورطها بدعم داعش مما حول جيرانها الى اعداء لها وبدل دعوات اوردكان الى تصفير المشاكل مع دول الجوار فقد حصل العكس مع تلك الدول وبنظر اولئك المحللين بأن اوردكان يتجه بالدولة التركية نحو نظام الحزب الواحد رغم انه يتشبث وبمختلف السبل بأنه يتمسك بالنظام الديمقراطي واعتبر اولئك المحللين لصق تهمة الانقلاب بفتح الله غولن ليبعد عن ذلك انتباه الاحزاب الليبرالية باعتبار غولن محسوب على الحركات الاسلامية لكن اللغز المحير بالمسألة ان غولن مقيم في امريكا قبل الانقلاب  وكشفت وسائل الاعلام الغربية و الشرقية معاً بانه يتمتع بامكانات كبيرة وترتبط به مؤسسات دينية من جمعيات ومعاهد تعليمية ودعاة ولديه مؤسسات مالية  ولكن الذي يراد له جواب لم يذكر الساسة الاتراك فتح الله غولن كمعارض لهم في الخارج في مختلف وسائل الاعلام قبل  الاجراءات التي اتخذت على اثر ذلك الانقلاب الا لماماً وقد استهدفت قطاعات واسعة من الشعب ومنتسبي مؤسسات الدولة التركية يوحي كل ذلك على ان غولن كان ذو نفوذ لا يستهان به اذا صحت مزاعم الانقلاب جدلاً وان انتقال غولن اخيراً  ولما بعد الانقلاب الفاشل الى دولة اخرى خارج امريكا يقرب الاتهام للولايات المتحدة وعند العودة الى عوامل نمو حركة الاخوان في تركيا التي جائت بسبب تشرذم الاحزاب العلمانية سيما ابان حكومة السيدة (جلر) وامتناع الاوربيين من انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي وانتهاء دور تركيا الاساسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق فقد حصل توجه هام من قبل الساسة الاتراك بأتجاه الشرق مقرورناً بالاتكاء الكامل على ال سعود وبلورة مهام اتحاد الدول الاسلامية وتزعم ذلك الاتحاد من قبل شخصيات تركية ومجمل تلك العوامل مضافاً لها محاصرة اجيال متتالية من الشعب التركي من قبل الحكومات العلمانية التي جاءت بعد فترة اتاتورك ومن ضمنها تلك الفترة ايضاً وحتى منع ذلك الشعب ولسنوات من اداء فريضة الحج  مما يحمل على الاعتقاد ان هذا النكوص  هو عودة نحو التيار المضاد ويربط بعض المحللين سبب  ذلك الانقلاب بالتوجه الجديد لاوردكان باتجاه روسيا والمصالحة مع سوريا والعراق ولكن ذلك بنظرنا لا يكفي بتحديد جهة منفذي ذلك الانقلاب ففتح الله كولن كداعية اسلامية لا يختلف عن الضواهري بتشدده وهو يتبنى اقوال السيد قطب اتجاه خصومه فأذن امريكا وفي جميع الاحوال تحاول ان تجمع خيوط اللعبة التركية بيدها طبقاً لما يسميه ساستها بالاحتواء المزدوج  فأوردكان حليفهم بالناتو وفتح الله كولن داعية اسلامية متشدد يحتضنونه بنفس الوقت وهذا هو الاسلوب الذي اعتاد ممارسته الساسة الامريكان واضحى معروف للجميع عنهم فقد ادرك اوردكان بأن الوضع السائد في سوريا سيجلب الدمار لتركيا وتوجه قوات حلفائه الى داخل الاراضي التركية بزعم محاربة داعش غير مأمون الجانب واعتبر بعض الساسة الغربيون تصريحات اوردكان الاخيرة قبيل الانقلاب توجه جديد والايام القادمة ستسفر عن امور غاية في الاهمية حيث يقول مستشار الرئيس الروسي بوتين البروفسيور غولدن بذلت وسأبذل كل ما بوسعي لتقريب وجهات النظر الروسية التركية وفي حقيقة الامر لم يبقى ما يدعو للتباعد الذي كان مألوفاً كمنهج تاريخي بين الروس والاتراك لان تركيا لم تعد تخشى من روسيا القيصرية او السوفيتية كما ان جمهوريات الاسرة التركية اضحت علاقاتها حرة وطبيعية مع تركيا بعد استقلالها والتوجه الاسلامي الجديد في تركيا يدعوها الى ان تعيد النظر بتحالفاتها باعتبار ان روسيا هي الدولة التي تبنت وعبر القرن الماضي مجمل امال شعوب الشرق  الاوسط كما ان روسيا اعتبرت نفسها جزء من هذا الشرق وربط القوى الغربية بين ما يسمونه بضمان الحريات العامة لدى أي شعب من الشعوب وبين توثيق العلاقات مع ذلك الشعب يعتبر زيف واضح حيث السعودية ومشايخ الخليج مثلاً ابعد ما يكون عن اسلوب النظام الديمقراطي في حين الغرب يعتبر تلك المشايخ قبلة له بحكم وجود الثروة النفطية واستعمال مختلف الاساليب لترهيب اولئك المشايخ لحملهم على شراء بلدانهم لصفقات الاسلحة التي تصل كل واحدة منها الى اكثر من خمسة مليارات دولار مع ان الجيش الذي تشترى له تلك الاسلحة لا يتجاوز بضعة الاف كما هو الحال في الامارات مثلاً فكانت فزاعة ايران والان اضاف لها الساسة الغربيون (لعبة داعش ) ليستطيعوا من خلالها بدس انوفهم بكل ما يتعلق بشؤون بلدان الشرق الاوسط وداعش التي بدأت ملامح الانهيار عليها تستعمل كوسيلة لاحكام الطوق على بلدان هذه المنطقة بأقامة القواعد والتدخل المباشر بشؤونها فامريكا الان تستثمر معركة تحرير الموصل لتدفع بقواتها باتجاه تلك المنطقة تحت ما يسمونه بالخبراء العسكريين حيث وصل تعداد تلك القوات الى اربعة الاف وخمسمائة مقاتل أمريكي يضاف الى 2800 مقاتل من القوات الحليفة للولايات المتحدة ويقول الساسة الامريكيون بانهم سيقومون بتدريب وتسليح 27000 مقاتل عراقي لتحرير محافظة نينوى ومثل هذا القول يذكرنا ببدعة ما اسمته امريكا بجيش سوريا الجديد الذي انهار خلال مدة ساعتين بعد بدء مهاجمة مدينة البوكمال السورية وعلى العراقيين عدم اطمئنانهم للوعود الامريكية لآن تلك الوعود مرتبطة بالمشاريع التي تضمن مصالح امريكا واضحت تلك المصالح الان  واضحة للعيان ففي يوم 1/8/2016 اعلن الامريكان تعليق التوجه نحو تحرير الموصل الى شعار اخر دون تبيان سبب ذلك هذا طبعاً يرتبط من حيث الاسباب باختلاف توجه العراقيين لتحرير مدنهم واعادة سكانها والتوجه نحو اعادة اعمارها في حين المشروع الامريكي يختلف هنا اختلاف جذرياً لانه مرتبط ارتباطاً وثيق في مجمل اوضاع المنطقة وهنا من حق المرء ان يسئل  من أين اتت داعش بقوة قد تفتقر لها جيوش حديثة والجواب ليس بالامر الصعب لان تلك الاموال مصدرها قطر والسعودية والامارات وهل تستطيع تلك المشايخ ان تمتنع عن تنفيذ اوامر الساسة الاميريكان ثم لماذا يغض النظر عن سؤال هام هو ما يتعلق عن اسباب الموجة البشرية التي تركت بلدانها في الشرق الاوسط وشمال افريقيا متوجهة الى البلدان الاوربية مع ان سبب تلك الموجة جاء للتدمير الممنهج من قبل القوى الاستعمارية المتمثلة بامريكا وبريطانية وفرنسا وان الولايات المتحدة ليست حرة تماماً في تحركها في العراق حيث لازلت ذاكرة انكسارها واجبارها على الرحيل من الاراضي العراقية ماثلة و تشكل عقدة لها ومع ان داعش هي صنيعة الولايات المتحدة وبدأت تترنح تحت وطأة ضربات الجيشين العراقي والسوري الباسلين الا ان اغلب المحللين يعتبرون التغيرات الاخيرة في المنطقة ومنها الانقلاب في تركيا جاء بفعل صمود الشعبين العراقي والسوري وقواتهما المسلحة  ودعم الحليف الروسي لتلك القوات سيما في سوريا والغريب في الامر ان قرارات مجلس الامن لمحاربة الارهاب اعطت الحق لجميع دول العالم بطلب العون والتضامن في ما بينها لمواجهة مخاطر ذلك الارهاب في حين يلاحظ ان ممثلي الحكومة العراقية يحضرون مؤتمرات التحالف الدولي في باريس وواشنطن ولم يحضروا مؤتمر طهران لكل من روسيا وايران وسوريا لايجاد نوع من التوازن في العلاقات الدولية على اقل تقدير صحيح ان الامريكان اللذين دمروا بلدان الشرق الاوسط بأساليب ملتوية سيما عن طريق العصابات الارهابية جمعوا مبلغ ملياري دولار كما يزعمون لدعم اوضاع النازحين في هذه البلدان مع ان الكل يدرك بان اولئك النازحين في حقيقة الامر ضحاياهم وكان على الحكومة العراقية ان تستثمر التوجه الجديد لأوردكان وتطلب منه سحب قواته من بعشيقة تلك القوات المرابطة في شمال العراق حيث ان الخطر على محافظة نينوى لم يأتي فقط من التدخل الاستعماري الغربي وانما من تشبث واطماع مسعود البرزاني في المناطق التي احتلهتا قواته عند دخول داعش لتلك المحافظة وما يطلبه الان بما يسميه بالاتفاق المسبق على ادارة تلك المحافظة لما بعد دحر داعش  ومثل هذا المطلب يعكس تلويح خطير في النوايا لمسعود البرزاني ومن خلال ذلك فانه ينظر لنفسه كدولة مستقلة لها مصالح خاصة ومثلما اغتنم سويعات دخول داعش الى الموصل ليحتل محافظة كركوك فهو يسعى بكل ما اؤتي من جهد ليضع يده على مساحات واسعة من الموصل وهذا بنظر المحللين ليس من بنات افكاره وانما ضمن ما يخطط له الامريكان فكيان مسعود البرزاني سيكون مستقبلاً الحليف الذي يعتمد عليه لاسرائيل ومع وضوح توجهات مسعود فأنك تعجب عندما تسمع من نائب عراقي هو (حسن خلاطي ) من كتلة المواطن معتبراً ان البيشمركة هي قوات عراقية ويعترف بصرف تخصيصات لها من ميزانية العراق مع ان الحكومة الاتحادية لا تستطيع ان تأمر احد افراد تلك القوات ان يفعل شيئاً وخلاطي ينطلق من محاولة اقناع نفسه على ما يبدو وللعلاقات بين كتلته وكتلة البرزاني وكما يقول السيد وزير الدفاع العبيدي ان معركة تحرير الموصل لا ينبغي ان تشترك فيها قوات البيشمركة وهذا رأي حصيف بنظرنا حيث ان من دمر فرقتين عراقيتين في غرب كركوك ومنفذ ربيعة وجردهما من أسلحتهما وقتل الجنود الذين امتنعوا من تسليم سلاحهم لا ينغبي ان تعاد به الثقة في تحرير محافظة هامة وخطيرة كالموصل ويجب الاعتماد بالدرجة الاولى بعد الجيش وقوات وزارة الداخلية الاتحادية على الحشد الشعبي كرديف لتلك القوات في مسك الارض وقطع اوصال سبل الاتصال بين عصابات داعش وهنا لابد ان نثبت واقعة غاية في الاهمية وهي ان الحشد الشعبي كقوة عراقية مقاتلة تشكل ضمانة لسلامة بقاء النظام الديمقراطي في العراق واي مساس في هذه القوة في الالغاء او الدمج او التهميش سيؤدي الى انقلاب عسكري امريكي في العراق ومجيئ حاكم دكتاتوري شبيه بصدام فالمرحلة التي يمر بها العراق الان دقيقة جداً وتعتبر حاسمة بالنسبة للحفاظ على وحدته فانكفاء تركيا باتجاه مشاكلها بعد الانقلاب الاخير فيها يتطلب الاألحاح بسحب قواتها من العراق والحذر الشديد من مساعي  مسعود البرزاني واطماعه في مدن عراقية لم تربطها أي رابطة فيما مضى بالاقليم وعند توسع الخلاف بين امريكا واوردكان على اثر ذلك الانقلاب فأن ارتفاع وتيرة ذلك الخلاف ستترك اثراً في العلاقة بين مسعود البرزاني واوردكان ايضاً فالذي يدفع اوردكان بتحالفه مع البرزاني وتعامله معه كدولة مستقلة هو التأثير الامريكي في السياسة التركية وضعف مواقف الحكومة العراقية خصوصاً في مجال السياسة الخارجية وانهيار التضامن العربي وتحول جامعة الدول العربية الى منظمة اقليمية يقودها عملاء الولايات المتحدة ولا يوجد ادل على ذلك من الشعارات التي يرفعها مرشحي الرئاسة الامريكية سواءً الديمقراطيون او الجمهوريون فهم يتسابقون بترضية اللوبي الصهيوني باعلان دعمهما لاسرائيل ولم يقيما أي وزن للجامعة العربية التي تضم واحد وعشرين دولة بنتيجة الهيمنة الامريكية على مقدرات تلك الدول وخشية حكام الخليج الذين يقودون تلك الجامعة بتأثير اموالهم وخوفهم  من شعوبهم ومن المخاطر التي تحيط بالمنطقة العربية حالياً فالذي دفع ال  سعود بان يقوموا بتدمير اليمن وقتل اطفال ونساء ذلك الشعب ليس فقط حفظ مصالح امريكا واسرائيل في موانئ البحر الاحمر وبحر العرب ومضيق عدن وانما  تحسباً بوجود بوادر توجهات ثورية للشعب اليمني وهو ما يخشاه ال سعود وترتجف فرائصهم منه لذا أفرغوا ما جمعوه من عتاد وسلاح طيلة القرن الماضي لتدمير مدن اليمن وقتل شعبه ولكن التاريخ لا يمكن ان يعود الى الوراء والحرية لا تعطى بالجرعات كما يقول الثائر (مندلى) وانما تؤخذ دفعة واحدة فالمرء اما ان يكون  حراً او لا يكون وبوادر ما يسميه اوردكان باحتمال حصول انقلاب جديد في تركيا بعد الانقلاب الفاشل  رغم اعتقال الآلاف من الضباط والجنود ومن مختلف قطاعات الشعب التركي التي ادخلت السجن الا ان خشية اوردكان باستمرار الحذر والحيطة من الانقلابات ستسبب وتيرة التصعيد في انقلابه المضاد ضد ذلك الانقلاب وعلى من يخشون على الحريات العامة في ذلك البلد وبعد ان شعر الشعب التركي بخطورة تداعيات ذلك الانقلاب على تلك الحريات فهم يشعرون الان بأن ثورة مضادة وبما هي اكثر من انقلاب يسير اوردكان باتجاهه خشيةً على نظامه فاوردكان وضع تركيا بسياسته لما قبل ذلك الانقلاب على شفى انهيار كامل يهدد بوحدة اراضيها وتحويلها الى ما يشبه  الوضع في سوريا وبعد سرد الوقائع المتعلقة بذالك الانقلاب التي اتينا على ذكرها ومفارقة الصاق التهمة بفتح الله كولن نحن الان باتجاه احد افتراضين الاول اما ان تكون اغلبية الجماهير في تركيا وادارة المؤسسات الرسمية والتعليمية تسير من قبل اعوان كولن وكان دور اوردكان هامشياً وحصلت تلك المواجهة بينهما  اوان ذلك الانقلاب حصل بتخطيط ودعم حلفاء اوردكان الامريكان لتغيير النظام السياسي الحالي في تركيا ونحن نرجح الحالة الثانية فسياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط عبارة عن اخطبوط عجيب تتغير احياناً بالساعات وليس في الايام فعندما تم تطويق العصابات الارهابية في حلب اخذ كيري ينادي وبإلحاح بما يسميه بأيقاف القصف على المدنيين والبدأ بالهدنة فالمسألة لدى الامريكان ذات وجهين احدهما تدميري لهذه البلدان والثاني بمزاعم يسمونه بأخلاقيتهم للقيم الغربية الجديدة في مفاهيم الديمقراطية والحريات العامة وهم في حقيقة الامر خلواً تماماً من ذلك ويعتبرون تطورهم والسير بتنفيذ مشاريعهم رهيناً ببقاء هذه الشعوب متخلفة في جميع الميادين وتتنازعها مختلف الصراعات

ثانياً/ماحصل في جلسة مجلس النواب العراقي ليوم 1/8/2016

افتضحت يوم 1/8/2016 اسباب تعطيل دور المؤسسة التشريعية في العراق وبشكل لا لبس فيه فالعراقيين يعرفون جيداً دور رؤساء الكتل وتشبثهم بتعيين اكبر عدد من الوزراء ورؤساء المؤسسات الحكومية وما تدره عليهم تلك التعيينات  من مغانم ولكن ذلك الإدراك لدى الجماهير في وطننا  لم يصل إلى حد اليقين الذي كشفه السيد وزير الدفاع خالد العبيدي يوم 1/8/2016 فجاء سبب الاستجواب وتوقيته محيراً بحد ذاته حيث حدد يوم 1/8 بعد انتصارات الجيش العراقي الباسل والقوات الرديفة له في الفلوجة واستمراره بتطهير البادية الغربية الذي سبق ان تناقلت وكالات الانباء والمراكز الاعلامية بنية المخططين الامريكان والصهاينة وضم تلك البادية مضافاً لها بادية شرق سوريا بأتحاد كونفدرالي بقيادة اسرائيل ويضم ايضاً لذلك الاتحاد اقليم مسعود البرزاني امتداداً الى الاردن   وبان المستجوب هو السيدة عالية نصيف حيث وتيرة تصريحاتها حول وزير الدفاع خالد العبيدي اتت متلاحقة منذ امد ليس بالقصير وبان ما طرحته تدخل معالجته ضمن المهام الادارية للوزارة المعنية كما اقرت بأنها فعلاً  اعتادت بتكليف وزير الدفاع لتمشية قوائم من المتطوعين في الجيش مع ان ذلك يعتبر تدخلاً في مهام الوزارة ويتحول النائب من خلال ذلك الى معقب بدلاً من ان يكون مشرعاً للقوانين ودعوة قادة الجيش الاخرين بالحضور بمرافقة وزير الدفاع الى ذلك الاستجواب كان مدعاة للدهشة حيث ن تلك المؤسسة الهامة بدلاً من ان يقدم لها الشكر على ما انجزته من انتصارات تستدعى للاستجواب بأمر لا يتعلق بقصور في صميم عملها في الميدان وانما لامور قديمة حصل الكلام عنها لمرات عدة وهذا هو احد الاساليب التي يتبعها بعض النواب لتعطيل دور كثير من الوزارات في تنفيذ مهامها فسرد الاحداث من قبل وزير الدفاع والالحاح عليه وباساليب ملتوية واستدراجه  بمحاولة ترويضه وجره الى حلبة اساليب النهب التي سبق ان اثيرت في تلك الوزارة  في عقود الاسلحة واطعام الجنود وبالتالي ان ما اوصل العراق لما يعانيه الان في الجوانب المالية والاقتصادية هو الاسلوب الذي اتبع من قبل بعض رؤساء الكتل بتحويل الوزير او رئيس المؤسسة الحكومية كتابع  وبانه يعمل لحساب تلك الكتلة وهذا ما يظهر الترابط الوثيق من بعض اؤلئك الرؤساء لتلك الكتل  بأشغال المجلس عن دوره الرئيسي في اصدار القوانيين الهامة كقانون الاحزاب وغيره و تحولوا الى عقبه كأداء معطلة لدور ذلك المجلس وقد تكون مثل هذه الاساليب تدخل ضمن النهج المخطط له بموجب الاجندات الموضوعة من قبل اقطار تدفع بالعصابات الارهابية لقتل العراقيين ولها مواقف معادية من تطلعات شعبه المشروعة فأذن رؤساء الكتل هؤلاء اما مشغولين بزيارات تأخذ دوراً تأمرياً على مصالح هذا البلد لبلدان لها مواقف معادية مع العراق  مثل قطر والسعودية والامارات و يخططون ايضاً لإشاعة إقامة الأقاليم نحو تقسيمه وقد حصل لمجلس الوزراء اجتماع قبل يوم واحد من عملية الاستجواب مدعاة للتفاؤل من فحوى اجتماع ذلك المجلس واعتبره بعض المحللين كفاتحة عهد جديد وما ساد به من مواضيع تظهر  توجه جديد الا ان كل ذلك قد تبدد عند بدء استجواب السيد وزير الدفاع وان تعطيل دور المؤسسة التشريعية في الانظمة الديمقراطية وبشكل متعمد يعتبره ممن يتشبثون بالانظمة الفردية لعنة تصيب بعض شعوب العالم الثالث لافقاره وجعله فريسة للاطماع الاستعمارية بدلاً من ان يكون فاتحة خير في نمو الوعي واطلاق الحريات العامة والنهوض بالبلد باتجاه عهد جديد من الرفاه والعمران وتعتبر مثل هذه اللعنة من وجهة النظر التأريخية السبب المباشر لعملية الانقلابات العسكرية  وظهر جلياً ان المؤسسة التشريعية للأسف الشديد لم تمثل الحد الادنى من طموحات شعبنا فقد اظهرت احداث ذلك اليوم مختلف اوجه الفساد والترهل والعقلية الضحلة فتبين ان كتلة من يتولى رئاسة المجلس ضالعة بأتهام خطير في الفساد والذي يعتبر الوجه الثاني لداعش كما يعتبر وكما ذكرنا السبب الحقيقي بعدم امكان المجلس بأصدار القوانين الهامة وانعدام دوره الرقابي ولم يسبق لاي عضو في السلطة التنفيذية ان قبل مواجهة من هذا النوع مع اعضاء مجلس النواب والسبب على ما يبدو يعود للحماية التي توفرها كتلة ذلك الوزير له كونه يخدم مصالحها والسؤال الذي يطرح نفسه عن الدافع الذي دفع بالسيد وزير الدفاع الى مثل هذه المواجهة المكشوفة والجواب بنظرنا يكمن وطبقاً لما افصح عنه وزير الدفاع نفسه من محاولة جره ان يكون شريكا في عملية عقود التسليح واطعام الجنود فقد كرر ذلك بقوله لو كنت شريكاً مع هؤلاء وهو يشير بأصبعه للنواب الذي يعنيهم لما كنت الان محل استجواب واضاف بانه مقاتلاً وفي ساحة المعركة وجه لوجه مع العدو وباستطاعته ان يحقق انتصارات اكبر لولى المداخلات التي تفرض عليه وكان يشعر بانه يسير بحقل من الألغام كما انه شعر دائماً بانه ملاحق من قبل نواب كتلته لاستثمار وجوده على رأس تلك الوزارة وبأنهم ومن خلال تكرار دعوته الى بيوتهم ومقراتهم وزيارتهم له والتي انطوت على اقوال مبهمة في بادئ الامر ثم تحولت الى تصريح وشعر بان عدم استجابته سيجره الى هذا الاستجواب ويؤكد اغلب المثقفين في العراق الان ان اوجه العمل لبعض الوزارات تأخذ نفس هذا الاسلوب بأستغلال عقود الطاقة الكهربائية واجهزة كشف المتفجرات وعطأت شركات النفط  ومما يؤيد قول السيد وزير الدفاع أننا كعراقيين نحاول ان نتحسس مستجدات الاوضاع خصوصاً للمقاتلين في سوح المعارك لنطلع على مسببات معاناة هذا الشعب ونتعمد سماع حديث الجنود عن عدم دفع رواتبهم  وعدم جودة أرزاقهم واظهرت تلك الاحاديث بأنه خلال الفترة الاخيرة حصل تغيير هام في سلامة دفع تلك الرواتب وجودة الارزاق لمنتسبي الجيش العراقي وهو ما اكده السيد العبيدي عندما يقول بان رافق رئيس مجلس النواب بزيارته له مستصحباً اللولب الهام في عملية الافساد ومن ضمنهم النائب محمد الكربولي وكذالك المرشح من قبلهم لتولي مهمة اطعام الجيش وبنظرنا ان عملية الكشف تلك تعتبر مرحلة متقدمة في نفظ الغبار العالق بكثير من مؤسسات الدولة والتي قد تكون بعض الوزارات اكثر تجذيراً بالفساد كوزارة الداخلية حيث لازال الوهن ينتاب مؤسساتها ولم يفسح المجال للوزير السابق  الغبان ان يعمل للقضاء عليه وهو منذ اول يوم وطئت فيها قدميه تلك الوزارة قد وضع النقاط على الحروف ودعى مجلس النواب والمؤسسات الرقابية ان تساعده بتطهير تلك الوزارة التي هي في حقيقة الامر حرياً ان تسمى بوزارة الشرطة وليس وزارة الداخلية لانها اصبحت تضم مؤسسات تتعلق بأجهزة الشرطة فقط وفي كلامنا هذا لا نقصد منتسبي الشرطة الاتحادية لدورها الفعال والمشرف ميدانياً وانما المديريات ذات الصلة بخدمة الجماهير وتوفير الامن والاطمئنان للمواطن ولازال عمل تلك المديريات مبتلى بكثير من الامراض التي استمرت منذ العقود السابقة وانما حدث يوم 1/8/2016 لا يصح ان يتحول الى اوجه من السخرية والضحك وانما عبرة تدمي القلوب فقد لاحظ المواطن مع من يديرون بعض برامج قنوات معينة  كقناة العهد مثلاً والتي عرفت بانها قناة ذات توجه قريب من امال الجماهير وطموحاتها فقد ظهرت بعض البرامج فيها بدلاً من تتوخى المهنية في النقد البناء  واستثمار ما كشف من فضائح  لما يحقق قفزة في المراحل القادمة في عمل مجلس النواب تحولت بعض تلك البرامج الى اساليب للضحك كما افرزت احداث ذلك اليوم معطيات هامة جداً بنظرنا حيث تناقلت بعض وكالات تلك الانباء بان وزير الدفاع العبيدي قام بارسال عائلته الى خارج العراق ليستعد لمواجهة من يلاحقونه وهذا امر مؤلم جداً بنظرنا ويعتبر احد عوامل الاحجام في مواجهة الفاسدين وكشف ما يدور من حقائق ومثله فعل ناصر الغنام في ما مضى والقول الفصل يجب ان يترك للقضاء العراقي كجهة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية ولا يصح مطلقاً ان تشكل اللجان التحقيقة من هاتين السلطتين لانهما يعتبران طرفين في النزاع والظاهرة الثانية التي افرزتها احداث يوم 1/8/2016 الضحالة التي يتسم بها بعض اعضاء المؤسسة التشريعية للأسف الشديد بعدم التزامهم بنظام الجلسات وتجمعهم امام منصة رئاسة المجلس بشكل يبدو متعمد لإيقاف عملية الاستجواب وقسم منهم عبر عن ذلك بصراحة مما دفع بعض العراقيين الى القول ان هؤلاء يخشون من ان تكشف حقائق جديدة قد تصل اليهم وتلك المواجهة هي بداية المعافاة من مرض الفساد وكلما تكشفت الحقائق نحو إظهار اوجه جديدة من الفساد ومسببيه كلما توجهنا نحو تحقيق الانتصار على اعدائنا والذين هم في حقيقة الامر لم يكونوا متخفين رغم ما يحيطوا به انفسهم بغلالة من النفاق فكل شي في هذا الوطن اصبح واضحاً واما ما وجه للسيدة حنان الفتلاوي ذات التوجه الصادق في ما تدلي به من تصريحات لتقويم الاوضاع بنظرنا طالما ان الكلام الذي نقله السيد وزير الدفاع هو عن شخص ثالث لم يكن في المجلس وقد نقله عن النائب السابق حيدر الملا فهو كلام بحاجة الى الدليل كون اولاً حيدر الملا معروف عنه باثارة القلاقل وبشكل متعمد ودون ما تروي او حرص وثانيا لم يكن حيدر الملا وكما ذكرنا  حاضراً في تلك الجلسة لينفي او يؤكد ما نسب له والعراقيون ينتظرون من القضاء العراقي قراره العادل لوضع حد للتلاعب بمقدرات هذا الشعب وخير فعل السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي باصدار قرار بمنع السفر خارج العراق بحق ممن وردت اسمائهم باقوال السيد وزير الدفاع