بقلم /نافع الشاهين

ترتكز في اذهان العراقيين حكاية شهيرة خلاصتها ان الجندي العراقي يطلق عليه اسم (ابو خليل)لانه في حرب عام١٩٤٨حين توزعت الجيوش العربية المشاركة في الدفاع عن فلسطين في بدايات احتلالها من القوات الصهيونية فاختار الجيش العراقي مدينة الخليل الفلسطينية وتراجعت وانهزمت كل الجيوش العربية الا الجيش العراقي في مدينة الخليل فلقد زف الشهداء ونزف الدماء ووقف كالطود لايهاب المنية وهكذا كوفئ من قبل الشعب الفلسطيني بهذا اللقب .
وفي حروب عام١٩٦٧ وعام١٩٧٣كان العراقي سباق للموت ولازالت قبور ابطاله شوامخ في حيفا والخليل ونابلس وغزة والقدس.
وتبادل العراقيون والفلسطيون لعقود مشاعر الود والاخاء وكانت قضية القدس قضية كل عراقي بتنوع ايدلوجياتهم ومشاربهم ودياناتهم فالمسيحي والبعثي والشيوعي والقومي والاسلامي كلهم يعتبرون القدس عاصمة فلسطين ويرون الحوار وللصلح مع اسرائيل جناية.
وتسابق الشعراء والكتاب للكتابة عنها وانشدوا فيها القريظ وافتى المراجع من النجف الاشرف بالجهاد واجازوا بذل المال لشراء السلاح للفلسطينين واسعاف عوائلهم واستقبلت بغداد الاف من الفلسطينين وافردوا لهم محلات كاملة في بغداد وتحولت اسماء المدن والساحات والمدارس باسماء فلسطينية .
واكتظ شارع حيفا بالاخوة الفلسطينين واستوعبتهم الجامعات العراقية ومنها تخرجوا .
حتى بانت شمس الحرية عام٢٠٠٣وتحرر العراق من قيوده وانطلق نحو الديمقراطية واصبح العراقي يختار من يحكمه-مع التحفظ على التدخلات الدولية ومخرجات العملية الديمقراطية-كشر الفلسطينيون عن انيابهم وغاضهم وصول طائفة معينة لسدة الحكم ولعبت بهم فتاوى التكفير والقتل وتعرضوا لغسيل دماغ منظم واقتنعوا ان الشيعة الروافض اشد خطراً من الصهاينة والامريكان!
فتركوا الجهاد هناك وصوبوا بنادقهم نحو العراقي!
وعاث ابي قتادة الفلسطيني بالعراق خراباً وتحول شارع حيفا لشارع الموت فامطرونا بوابل رصاصهم وفجروا جثثهم العفنة في اطفالنا واقتلعوا الصورة الجميلة لفلسطين والقدس والاخوة العربية من ذاكرة الاجيال .
وهكذا نجحت دول كانت تخطط وتخطط لتصل لهذه النتيجة المؤسفة على الرغم من اخلاص العراقي وطهارته وطيب منبته وسمو اخلاقه وهو يرى فلسطيني هنا يفجر في بغداد ويتأمر في الموصل ويعمل في الحسبة بالرمادي ولكنه يقابله بالخروج كل عام في تظاهرات حاشدة احياءاً ليوم القدس تلبية لنداء السيد الخميني.
فالعلاقة بين العراقي والفلسطيني في مهب الريح وعلى القيادات الفلسطينية ان تثوب لرشدها وتتبرئ علناً من الارهابيين الذين اسائوا للعلاقة التاريخية بين الشعبين وان تدعم النظام الجديد في العراق وان تتقبل نتائجه وان تعلن اسفها بعظ اصبع الندامة على التفريط بهذه العلاقة المميزة والتاريخية بان تختار سفيراً لها في العراق يغسل عارها وشنارها ويبكي في مقبرة النجف فوق قبور من فجرهم ابناء جلدته بلا ذنب ارتكبوه .
وليعلم الفلسطينين قبل غيرهم اننا باحيائنا ليوم القدس العالمي والتفاعل مع قضيتها لانريد منهم جزاءاً ولا شكوراً بل نفعل ذلك قربة لوجه الله لعلمنا انها قضية دينية جوهرية من صلب عقيدتنا وهي ايضاً قضية انسانية تنتهك فيها كرامة الانسان يومياً وهذا ماتأباه عقيدتنا واعرافنا وكرامتنا.
الخلود للعراقين الاشاوس الذين رصعوا تاج فلسطين بدمهم الزكي في حروب ٤٨و٦٧و٧٣والرحمة والمفغرة لكل شهيد سقط بتفجير فلسطيني وسط بغداد ،والمجد للمقاومة الفلسطينية النظيفة الاهداف والسلوك والشريكة معنا في العقيدة والولاء .
وتبقى القدس قضيتنا وعاصمة فلسطين الابدية ولانقبل بالتنازل عن شبر منها لدولة اسرائيل اللقيطة.