كمن يصمت دهراً وينطق كفراً خرج علينا السيد حازم الأعرجي بخطبة `عصماء` هذه الجمعة تجنّبت الخوض في المشاكل الكبرى التي يعانيها مجتمعنا والأزمات المهلكة التي تكابدها دولتنا بسبب سوء الإدارة من جانب الحكومة والبرلمان كليهما، وامتنع عن التنديد بمظاهر الفساد المالي والإداري وأمسك عن استنكار تصرفات القيادات السياسية التي لا تؤدي التزاماتها الدستورية، واختار أن يطير ويغرّد بعيداً خارج السرب.
السيد الأعرجي ركّز في خطبته على قضية دخول السافرات الى مدينة الكاظمية، فطالب الحكومة بفرض حظر على دخولهن الى المدينة `للحفاظ على قدسيتها وعدم تدنيسها`. ويبدو لي أن السيد هنا في منتهى الجهل بالتاريخ، وبالذات تاريخ مدينته، فالسفور الحديث ظهر وانتشر في بغداد منذ ثمانين سنة تقريباً، ومثل كل ضواحي وأحياء بغداد كانت السافرات يدخلن الى الكاظمية للتبضع وحتى للزيارة (يجلبن عباءاتهن معهن أو تُقدم اليهن عند مدخل الحضرة الكاظمية) ومع هذا احتفظت الكاظمية بقدسيتها ولم تُدنس. فما علاقة القدسية والتدنيس بالسفور؟
السيد الأعرجي طالب الحكومة بتطبيق أربع لاءات في الكاظمية: الغناء والسفور والخمور والقمار. ولعلم السيد فأن في مدينة الكاظمية كما في مدن العراق الأخرى هناك من يغني ومن يشرب الخمرة ومن يلعب القمار، وليس في وسعه هو ولا في وسع الدولة أن تمنع ذلك مطلقاً. ولعلمه أيضاً فان هذه الاشياء موجودة على نطاق واسع في إيران والسعودية اللتين تحظران ذلك حظراً تاماً شاملاً!.
السيد الاعرجي، العراقيون يريدون الكهرباء.. يريدون النظافة لشوارعهم.. يريدون مكافحة الفساد المالي والاداري.. يريدون حلّ مشكلة البطالة بين الخريجين والشباب عموماً.. يريدون مكافحة الفقر والأمية.. يريدون قيام نظام صحي ونظام تعليمي ونظام نقل ومواصلات تليق ببلد دخله من النفط وحده 100 مليار دولار في السنة.. يريدون حصة تموينية `مال أوادم`.. يريدون الاهتمام بضحايا الإرهاب وذوي الشهداء .. يريدون رعاية الأيتام والأرامل والعجزة المعوزين.. يريدون الاهتمام بالزراعة والصناعة… يريدون نظام رقابة يضمن عدم دخول الأغذية الفاسدة والسلع المغشوشة والرديئة الى البلاد.. يريدون.. ويريدون.. ويريدون… فعرب وين طنبورة وين يا سيد!؟
السيد الأعرجي، المثل يقول :`أقعد أعوج واحكي عدل` وأنت هنا لا تحكي العدل، فأنت تقف الى جانب هؤلاء الذين هم السبب في استمرار شقاء العراقيين ومحنتهم وآلامهم بسكوتك عن أفعالهم وعمّا ينبعي التحدث فيه وسعيك لصرف الانتباه الى قضية لم تكن مشكلة في الماضي وليست هي كذلك الآن. ألم ترَ الى معتمد المرجعية العليا خطيب الجمعة في كربلاء الذي ينتهز الفرصة الأسبوعية ليضع الأصبع على واحد من الجروح العراقية الغائرة بعمق؟ لماذا لا يكون هذا الشيخ الجليل ذو الحس الإنساني والوطني قدوة لك؟
السيد الأعرجي، أنت تهدد بإقامة مجالس دعاء على المسؤولين الذين تقول إنهم لا ينفذون القرارات بمنع السافرات من دخول الكاظمية، واذا كانت الأدعية تحقق ما تريد وتشتهي فلماذا لم تقم مثل هذه المجالس في تورنتو الكندية للخلاص من نظام صدام؟ لماذا تركت الأميركيين يجتاحون البلاد ويهيئون الظروف لكي تعود إلى البلاد وتكون خطيب جمعة الكاظمية؟ ولماذا لا تقيم مجالس الدعاء لتخليصنا من أعمال الارهاب المتواصلة؟ ولماذا لا تقيم مجالس الدعاء ضد الفاسدين والمفسدين من السياسيين ومسؤولي الدولة؟
أجيبونا يرحمكم الله يا سيد.