هل يجوز شرعا وقانونا اجبار الفتاة على الزواج من احد اقاربها ؟

شاكر حسن

تسود في المجتمعات العربية , وخاصة في الارياف والمجتمعات البدوية , ظاهرة في غاية الخطورة وغير الانسانية , بالاضافة الى انها محرمه شرعا وقانونا , الا وهي ظاهرة اجبار الفتاة على الزواج من ابن العم او العمة او ابن الخال او الخالة او غيرهم من الاقارب , بدون رضاها , وعلى الرغم من وجود غالبا اختلاف كبير بين الفتاة والرجل , سواء اكان هذا الاختلاف في العمر او في المستوى الثقافي اوالعلمي .

فمن اهم شروط عقد الزواج شرعا وقانونا هو موافقة الطرفين , اي الفتاة والرجل , على الزواج بالاضافة الى الشروط الاخرى . وفي بعض الاحيان توافق الفتاة على الزواج حياءً او خجلاً من ابيها او اخيها، وهذا بالطبع لا يجوز , حيث ان المأخوذ حياءا كالمأخوذ غصبا حسب الشرع.

وبالاضافة الى ذلك فأن هذا النوع من الزواج اي زواج الأقارب, له مساوئ كثيرة سواء اكانت هذه المساوئ فردية، او على مستوى المجتمع ككل .

فمن المعروف علميا وطبيا ان زواج الاقارب يزيد من احتمال انتقال الامراض الوراثية من الوالدين الى الابناء، بالاضافة الى زيادة احتمال التخلف الفكري والعقلي . هذا على المستوى الفردي .

اما اهم مساوئ زواج الاقارب على مستوى المجتمع فأنه يؤدي الى انتشار ظاهرة التخندق، والانعزال العنصري، والطائفي والعشائري، والمناطقي، والتي تسود كثيرا في مجتمعاتنا العربية وربما حتى الاسلامية . حيث انه من المعروف نفسيا وعلميا ان الاختلاط بين البشر , سواء اكان هذا الاختلاط بين افراد من اديان او مذاهب مختلفه او بين افراد من قوميات او عشائر مختلفه , فأنه يؤدي حتما الى ان يتأثر احداهما بالآخر مهما كان هذا الاختلاف , فيكون افراد المجتمع اكثر قبولا وانفتاحا واحتراما للاطراف الأخرى وبذلك وبمرور الزمن نقضي، أو على الاقل نخفف كثيرا من الآثار السلبيه لظاهرة الطائفية والعنصرية والعشائرية، والتي اصبحت مع الاسف منتشره كثيرا في مجتمعاتنا العربية.

ان احد اهم اسباب التخلف الحضاري والفكري والعلمي , حسب رأي الشخصي , والذي يسود في المجتمعات العربية والاسلامية هو زواج الاقارب ومأساة اجبار الفتاة المسكينة على الزواج من احد اقاربها، سواء اكان ذلك غصبا او حياءً .

ان اجبار الفتاة على الزواج من احد اقاربها هو زواج باطل ومحرم لأن من اهم شروط الزواج هو موافقة الطرفين , اي الرجل والمرأة , بالاضافه الى الشروط الاخرى ويتحمل وزره وتبعاته من ساهم في ذلك . بالاضافة الى ذلك فهو عمل غير انساني وغير اخلاقي ولا يقبله اي دين او عقيدة او عقل او ضمير.

والغريب والعجيب في الامر ان هذه الظاهرة , رغم اهميتها , لم تأخذ الاهتمام الكافي من قبل رجال الدين , حيث اننا لم نسمع لا في خطب صلاة الجمعة ولا في المناسبات الدينية او المحاضرات في القنوات التلفزيونية من انتقاد لهذه الظاهرة الخطيرة وطرق معالجتها او حتى اصدار الفتاوى بتحريمها لما لها من مساوئ لا تعد ولا تحصى .