هل ثمّة مجال لرحلة أخرى نحو المجهول؟
مؤلم جداً أن ترى (الأسلام) قد مات في العراق بسبب حفنة من “دعاة ومجاهدي اليوم” ألذين تحاصصوا مع الجميع حتى قتلة الصدر على تقسيم الأموال و رجعوا لديارهم ليثبتوا بأنهم لم يكونوا بأفضل من البعثيين إلا قليلاً .. فقد بان معدنهم و حقيقة دينهم عند المحك خصوصا الذين رجعوا لأصلهم في لندن و أوربا و أمريكا .. وتبيّن أن قلوبهم كانت فاسدة و إنما تظاهروا بآلتديّن التقليدي و تحملوا لوم النفس ألدائم ألتي كانوا يمنونها بآلصبر و نجحوا بفضل الشيطان مقطعياً بآلسيطرة و التستر على حيوانيتها و الخبائث المكنونة في إعماقها حتى ظهورها في اليوم المعلوم ليقطفوا الثمار ويسرقوا الناس علناً و يخونوا بلا حياء مبادئ الصدر الأول التي بقيت مركونة في كتبه العملاقة التي لم يفهم دعاة اليوم منها سطراً .. ليستمرّ بغربته وحيداً و هو يشكوا جفائهم لمحبوبه في عالم البرزخ!

وآلمؤلم أكثر .. أنك و لأجل أن تبني الأسلام في العراق من جديد بعد ما هدمه الدّعاة الممسوخين اليوم؛ فإنك تحتاج لنصف قرن آخر لتبني ما تمّ تدميره بآلكامل مقابل راتب أو صفقة حرام يتلذذون بها فعل عمر بن العاص و طلحة و الزبير و عكرمة و شرذمة يتلذذون بأموال بيت المال بآلحرام!؟
لكن المشكلة الكبرى التي تُعيق حركة العمل و البناء هذه المرة, هي أكثر تعقيداً و تكلفة و معاناة ممّا كان حتى في زمن صدام على قساوتها .. لأنّ الناس سيحتجون و سيرفضونك رفضا قاطعا, بدعوى أنهم مروا بتجربة (الدعوة) المزعومة و ثبت لهم أن الدعاة ليسوا بأفضل ممّن سبقهم في حكم العراق, الجميع سواسي في فلسفة الحكم و الهدف منه, مع فارق اللون و اللافتة والعنوان فقط.

ألمسألة أتصورها ستشبه خلافة الأمام علي(ع) و الظروف والمسؤوليات التي كانت محيطة بخلافته من كل النواحي, فحين إستلم السلطة بعد خراب البلاد والعباد و إنفصال الشام والمحسوبية و المنسوبية و القبائلية و الرشاوى و الرواتب الخاصة للمقربين و المخصصات التي سادت بخلاف الأسلام في ظل من سبقه قهراً أو رضاً ؛ سهوا أو عمداً , قد ساهمت جميعها لتعقيد الأمور أضعافا مضاعفة.. حيث أصبح النفاق و الدجل ورفض الولاية و تقرير الفتوى بحسب المصالح سُنّة جائزة بذريعة عدم وجود العصمة في مواقف الخليفة وكل إنسان يخطأ و لهم الحق إذن أن يتخذوا المواقف بحسب المصالح, و صار الكثير حتى من الصحابة الذين عاصروا الرسول (ص) و الذين بقوا أحياء لزمنه(ع) يعتقدون بصحة تلك المناهج الخاطئة التي سادت بآلخطأ, حتى الصحابة منهم إعتقدوا بذلك و كان عددهم بحدود 30 صحابيا بدرياً و للأسف الشديد, ولك أن تتصوّر حال الباقين!
فما عادت تنفع أوامر و وصايا الأمام و خطبه حتى للبدريين الذين كان يُفترض بهم أن يقفوا بجانبه في محنته التي تشبه محنتنا اليوم .. لكن كيف .. و لماذا يقفوا مع ولاية الأمام التي تمثل الخلافة الأسلامية الحقيقية وقد تشوّه الأسلام كله في أخطر نقطة وهي الجانب المالي من جانب و فشل الحكم بقوانين الأسلام من جانب آخر بسبب إنتشار الفساد!؟
وسيشبه يومنا بآلبارحة و بآلتأريخ الأسلامي الأسود!!؟؟
إنها لقمة (الرواتب) الحرام و نهب بيت المال الذي فعل المعاجز و آلغرائب حتى في أتقى القلوب و البطون و الفروج والمشتكى لله!
ثمّ مَنْ يضمن عدم خروج شلّة أخرى كدعاة اليوم لا تستحي و تدعي الدعوة و الدين و العلم بعد نهاية رحلتا المجهولة لو نجحت ؛ لتفعل من جديد ما فعلتها الثلة السابقة من فساد وجهل و خراب و سرقات, لتصبح بعدها .. نسياً منسياً للأبد والأنزواء للنوم على وسائد من المال الحرام معتقدين بعدم وجود آخرة لمحاكمتهم كأي منافق سبقهم في التأريخ؟
ثمّ لا أدري .. هل هناك ثمّة بقية في العمر لبدء رحلة نصف قرن أخرى للدعوة إلى إيجاد الثلة المؤمنة لعودة الأسلام مع هذا البشر الذي ما زال بشراً ولا يمكن أن يرتقي أبداً مع لقمة الحرام نحو مدار الأنسانية ثم الآدمية التي لا يفهم العراقيون حتى تعريفها, خصوصا و أن الداعية كما علماؤهم يجهل ليس فقط أحداث التأريخ؛ بل خفايا وأسرار منعطفاته خصوصاً ألفترة الأسلامية منه؟
و ما ظهر أو ربما يظهر من نشرات و كتب؛ إنما هي نسخ مترجمة مع تحوير في المقدمة و المؤخة لمؤلفين من أهل الرايات السود الذين لا يذكرونهم حتى في الهوامش ليضاف إلى التراكم التأريخي و كما تحققت من ذلك بنفسي لتبقى مشكلة النفاق بلا حلّ منذ زمن الأنبياء و للآن و كما بيَّن ذلك الأمام الراحل(قدس) ليستمر حُكم الشيطان على الأرض بإمتياز.
ألفيلسوف الكوني