حيدر حسين سويري

 

   ما حصل في تركيا من إنقلاب عسكري، هو نذير مبين، يُنبأُنا: أن الشعوب باتت ترفض الحكم العسكري من جهةٍ، ومن أُخرى فإن الشعب، غدا حقاً وصدقاً، هو مَنْ يتحكم بمصيرهِ الآن…

   قد يوافقنا النزر القليل، من المتابعين للشأن السياسي، من أن ما حصل في تركيا من إنقلاب، إنما هو تحت إشراف أردوغان، ففي كل قضية ومشكلة، يتم البحث عن المستفيد من نتيجة تلك القضية، ولا يوجد مستفيد أكبر من أردوغان وحزبهِ، من حصول الإنقلاب الفاشل…

والسؤال: كيف تمت الأستفادة من الإنقلاب الفاشل؟

  1. كان أردوغان يعلم أن الجيش لن يسكت على تحجيمه ومنعه من التدخل بالمؤسسات الحكومية الأخرى، بل العكس لقد فرضت الحكومة التركية الحديثة سيطرتها على الجيش.
  2. رغب أردوغان بإجراء تغييرات كبيرة في استراتيجيته السياسية وقد عارضه البعض حتى من حزبه ومنهم رئيس الوزراء المقال(أوغلو)، ولكن لا خوف من المدنيين الآن، فبقيت عينهُ على العسكر.
  3. كان جيش الإنقلاب غير منظم، ولم تكن معالمهُ واضحه، كذلك لم يقم قادتهُ بمعرفة ودراسة رأي الشعب ومدى تَقَبُلهِ للإنقلاب، وأما ما حصل من مظاهرات فهي ليست بمقدار إصدار قرار موافقة الشعب، بقدر ما هي مطالبات بشؤون معينه.
  4. إرتباك جيش الإنقلاب، دليل خوفهِ وعدم سرَّيتهِ الكافية، فكأنما كان أردوغان حاضراً، وكاشفاً لتحركاتهم، فبعد ساعات قليلة تم استسلام كثير من عناصره، وتسليم أنفسهم ومعداتهم لقوات، الأمن والشرطة.
  5. ضمن أوردوغان حلفائه من الدول العظمى، بمعنى الموقف الخارجي، كذلك نجاح سياستهِ مع معارضيه، حتى حزب العمال الكردي نوعاً ما.

مكاسب أردوغان من الإنقلاب الفاشل:

  • سيطرته التامة على الجيش مستقبلاً.
  • ضمان البقاء في كرسي الحكم، بتأييد شعبي واسع.
  • إزدياد ثقة حزبه بهِ وبسياستهِ.
  • تأكيد مدنية وعلمانية تركيا، وتنفيذ خططهِ مستقبلاً بدون تأثيرات لأي جهة.
  • أما على الصعيد الخارجي: فلقد أكد أردوغان لجميع مخابرات الدول الأخرى قوتهِ وسطوته
  • تجلت لهُ مواقف الدول المجاورة خصوصاً
  • التقارب مع الجانب الأمريكي والأوربي

ردة فعل الشعوب تجاه الإنقلاب:

ولنكن موضوعيين في طرحنا لموضوع الإنقلابات العسكرية، لقد فرح الكثيرون بحدوث الإنقلاب، ولكن الفرح كان كردة فعل عاطفية أكثر منها عقلية، فلقد عانينا ما عانيناه من الويلات التي جرتها علينا تلك الإنقلابات، نعم مع كرهنا لسياسة أردوغان لكننا يجب أن لا نفرح بوصول المنظومة العسكرية إلى سدة الحكم، فالعقلية العسكرية لا تصلح أبداً لقيادة المدنيين…

بقي شئ…

بالرغم من فشل الإنقلاب، إلا أنهُ ترك بصمةً قوية، في الساحة السياسية في الشرق الأوسط، وهو جرت إذن لـ(أردوغان) وغيره، ممن إستغلوا الديمقراطية المدنية، وحولوها إلى دكتاتورية من نوع آخر.