نشيد سلام فرمانده / 4
بقلم : عبود مزهر الكرخي

الأبــــدال
” الأبدال أصلهم من حديث الإمام الصادق(ع) : ( لابد للغلام من غيبة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة . فهم ثلاثون مؤمناً يلتقي بهم الإمام(ع) في غيبته . ويعيشون أعمارهم الطبيعية ، وكلما مات منهم واحد اُستُبدِلَ بغيره ، ولذلك يُسمون الأبدال ) .
فأصحاب الإمام صلوات الله وسلامه عليه مرة يكون المقصود بهم أصحابه الآن في غيبته الكبرى صلوات الله وسلامه عليه ، وهؤلاء هم الابدال .. ” (1).
” وهم أصحابه الآن، مع الخضر وربما آخرين أيضاً ، هؤلاء ما ورد عندنا فيهم صفات معينة ، ولم أجد أن في كف أحدهم خالاً .
أما بعد ظهوره صلوات الله وسلامه عليه فله أصحابه الخاصّون الذين يجمعهم الله له من أقاصي الأرض في ليلة واحدة ” (2).
ثلاث مئة وثلاثة عشر ، هؤلاء قمة الإنسانية ونخبة العالم، وهؤلاء وزراؤه وأولياؤه، وقادة جيشه ، وفيهم مميزات غير عادية.
ويظهر أن كل واحد منهم عنده الاسم الأعظم، هؤلاء أنصار من الدرجة الأولى ثم يختار له أنصاراً، في مكة يختار له عشرة الاف، في المدينة، في العراق إذن أصحابه وأنصاره بمستويات ودائرتهم وسيعة هذا بعد ظهوره (ع) .
” أما الأبدال وأقلهم ثلاثون فهؤلاء يلتقون بالإمام (ع) ويقومون بمهام يوكلها إليهم في أقاصي الأرض ، ولا يحتاجون في تنقلهم إلى وسائلنا العادية لا جواز سفر ، ولا سمات دخول ، ولا تذكرة ، ولا طائرة ، عندهم وسائلهم التي يعلمهم إيّاها الإمام (ع) في تنقلاتهم وأداء أدوارهم ، وممكن أن يكون الواحد منهم يُشَغِّل معه آخرين .
أما كيف ينضمون إليه ، فقد سمّوا الأبدال لأن اعمارهم طبيعية ، وكلما توفي منهم أحد يستبدل به غيره ، ويبقى الأقل من العدد محفوظاً، وعندما ينضم أحدهم إلى الأبدال يأخذونه ” (3).
والابدال هم موجودين عند طرق أهل السنة والشيعة ، حيث يقول ابن تيمية في :
” وأما أهل العلم فكانوا يقولون هم الإبدال ؛ لأنهم أبدال الأنبياء ، وقائمون مقامهم حقيقة ، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة ، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه ، هذا في العلم والمقال ، وهذا في العبادة والحال ، وهذا في الأمرين جميعا ، وكانوا يقولون هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ، الظاهرون على الحق ، لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ” (4)
قال العلامة الطُريحي : ” الإبدال قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم ، إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر .
و في القاموس : ” الإبدال قوم يقيم الله بهم الأرض و هم سبعون ، أربعون بالشام و ثلاثون بغيرها ، لا يموت أحدهم إلا قام مقامه آخر من سائر الناس ” (5).
وللعلامة الراغب الأصفهاني تفسيرٌ آخر للإبدال حيث يقول : ” و الإبدال قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين ـ و قد أنكر بعض الناس وجودهم ، ثم يضيف قائلاً : و حقيقته هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة (6)، و هم المشار إليهم بقوله تعالى: { إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (7).
أن قلوب الإبدال كقلب إبراهيم الخليل( عليه السلام )فروى عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله { الإبدال ثلاثون رجلاً، قلوبهم على قلب إبراهيم (عليه السلام) ، كلما مات رجل ابدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلاً } (8).
ومن أهم الصفات التي يتصفون بها :
1 ـ ” ولعل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم )أراد بهذا التشبيه أن هؤلاء لشدتهم وصلابتهم وصبرهم ومقاومتهم ضد الباطل، كإبراهيم (عليه السلام) ، حيث انه قد وقف ضد الباطل واظهر الصلابة “.
2 ـ الرضا بالقضاء : ومن المميزات أيضا ما قاله النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)في شأنهم
{ الرضا بالقضاء والصبر عن محارم الله، والغضب في ذات الله } (9).
3 ـ المواساة والاحسان والعفو: من جملة الامور التي يتحلى بها الابدال ما ذكرها النبي ايضاً بانهم{ يعفون عمن ظلمهم، ويحسنون الى من اساء اليهم، ويتواسون فيما اتاهم الله عز وجل } (10).
ومصداق على قولنا ، هو الحادثة والتي تروى عن مالك الأشتر وهي :
” حكي أن مالك بن الأشتر (رضي الله عنه)كان مجتازا بسوق وعليه قميص خام وعمامة منه، فرآه بعض السوقة فأزرى (11) بزيه فرماه ببابه (12) تهاونا به فمضى ولم يلتفت، فقيل له: ويلك تعرف لمن رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالك صاحب أمير المؤمنين عليه السلام، فارتعد الرجل ومضى ليعتذر إليه، وقد دخل مسجدا وهو قائم يصلي، فلما انفتل انكب الرجل على قدميه يقبلهما، فقال:
ما هذا الامر؟ فقال: أعتذر إليك مما صنعت، فقال: لا بأس عليك فو الله ما دخلت المسجد إلا لأستغفرن لك ” (13).
وهؤلاء الصحابة الأجلاء كلهم تربوا في مدرسة أمير المؤمنين الأمام علي(عليه السلام) هي مدرسة متكاملة من حيث فيها كل الخلق السامي والرفيع وهو خلق الإسلام الحنيف ، فلا عجب أن يكنوا باسم الأبدال والذين تكون لهم الرجعة ، عند ظهور قائم آل محمد(عجل الله فرجه الشريف)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1. المعجم الموضوعي لأحادیث الإمام المهدي(ع) 307 .
2. المعجم الموضوعي لأحادیث الإمام المهدي(ع) 512.
3 ـ مأخوذ من مقال بعنوان( من هم الابدال وكم عددهم؟ ). موقع الإشعاع الإسلامي ، باب شبهات و ردود. الشيخ علي الكوراني العاملي. نشر قبل 6 سنوات.
4 ـ “مجموع الفتاوى” (4/97) : (وانظر سؤال رقم (10527)).
5 ـ راجع : مجمع البحرين : 5 / 319 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
6 ـ مفردات ألفاظ القرآن : مادة ” بَدَلَ ” ، للعلامة الراغب الإصفهاني .
7 ـ [ الفرقان : 70 ] 8 ـ فرائد السمطين:69 . [مسند احمد ج5 ص322].
9 ـ فردوس الأخبار ج2 ص84 .
10 ـ حلية الاولياء ج1 ص8.
11 ـ (3) أي عابه وفى المصدر ” ازدرى ” أي تهاون.
12 ـ كذا في النسخ، وفى المصدر ” ببندقة ” والبندق: كل ما يرمى به من رصاص كروي وسواه.
13 ـ روضة الواعظين: ٢٤٨. تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 1: 2. بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٤٢ – الصفحة ١٥٧. منشورات المكتبة الشيعية.