من اول من حارب حرية الرأي
في الاسلام؟
‏ ‏
علي الكاش
قال الماوردي” حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَلِيٍّ (ع): إنِّي‎ ‎أُحِبُّك وَأُحِبُّ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ علي (ع)‏‎ ‎أَمَّا الْآنَ ‏فَأَنْتَ أَعْوَرُ، فَإِمَّا أَنْ تَبْرَأَ وَإِمَّا أَنْ‎ ‎تَعْمَى”. (أدب الدنيا والدين).‏
تعرض التأريخ الإسلامي الى عملية تشويه كبيرة من قبل عدة أطراف لعل أبرزهم الشعوبيين ‏بفرقهم المختلفة ومعظمها فارسية، وكذلك المستشرقين، وهؤلاء الأخيرين إستقوا معظم أفكارهم ‏المعادية للإسلام من الرواة الشيعة في الإساءة الى النبي (صلى الله عليه وسلم) والقول بتحريف ‏القرآن، وتشويه صورة رموز الإسلام من الصحابة (جميعا ما عدا ثلاثة من أنصار علي) والطعن ‏بأمهات المؤمنين لرفع مكانة علي بن أبي طالب وذريته فقط، مع إنه مكانتهم جيدة ولا يحتاجوا الى ‏أن من يغالي في أمرهم فيما لا جدوى منه، ولا ضرورة له. ‏
كانت حرب الرواة الشيعة بلا هوادة ضد الإسلام، وهي مستمرة لحد الآن ضد هذه الفئة التي أشاد ‏بها الله تعالى في القرآن الكريم بسور محكمة وواضحة لا جدال فيها ولا تأويل. قال تعالى في سورة ‏التوبة/100 (( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ ‏عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)). واتفق ‏المفسرون بأن المقصود بالمهاجرين والأنصار هم من فاروقوا اهلهم وقومهم ومنازلهم، ومن شهدوا ‏بيعة الرضوان (بيعة الحديبية) و(البيعة تحت الشجرة)، ومن صلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ‏القبلتين. أما الذين اتبعوهم بإحسان فهم الذين أسلموا لله إسلامَهم، وسلكوا منهاجهم في الهجرة ‏والنصرة وأعمال الخير”. ‏
سنحاول إلقاء الضوء على موقف علي بن أبي طالب من معاوية والخوارج، ونبني عليها ‏شخصيته، ولا نقصد بالطبع شخصية علي قبل الخلافة، فدوره لا يمكن الطعن به، كان رمزا ‏إسلاميا كبيرا، ولا يحتاج الى ثناء من أحد، فبطولاته، ودوره لا يُخفى على أحد من المسلمين، لكن ‏علي ما قبل الخلافة هو ليس علي الخليفة، فهناك تباين واضح في شخصيته، والصورة التي نقلها ‏الشيعة عن علي تتميز بالضبابية بسبب مواقفه المتضاربة، فهو تارة يلعن الصحابة، وتارة يمدحهم، ‏سيما الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوه ومعاوية بن أبي سفيان، وهذا ما ينطبق على ذريته، لا ‏يوجد معيار واحد يمكن ان تزن فيه صحة أحاديثهم، فعلي في خطاباته في نهج البلاغة الذي ألفه ‏الشريفان الرضي والمرتضى ونسبا خطبا مفبركة لعلي، واعتبر الشيعة الكتاب (أدنى من كتاب ‏الخالق واعلى من كتاب المخلوق)، مع ان الكتاب أصلا لا يحتوي على سند واحد في صحة ‏الخطب، وألفه الشريفان بعد وفاة علي بأكثر من ثلاثة قرون ونصف، تراه تارة يطعن في خطبة ‏وتارة يمدح، ويجرنا معه في متاهات من الصعب الخروج منها، وهذه التناقضات في أقوال علي ‏وذريته كما يبدو، يَصر مراجع الشيعة على إبقائها في كتبهم الصفوية الصفراء، فإن أحرجتهم في ‏أمر ذهبوا الى نقيضه، او قالوا بالتقية على إعتبار انها تسعة أعشار دينهم. يمكن القول انهم صوروا ‏علي بأنه لديه إنفصام في الشخصية.‏

أول من حارب حرية الرأي في التأريخ الإسلامي
غالبا ما يلعن أئمة الشيعة معاوية بن أبي سفيان (رض) وجيشه وأهل الشام، مع انه في كتاب نهج ‏البلاغة، كان الخلاف بين علي ومعاوية خلاف رأي، علما ان عليا هو من شنٌ الحرب على معاوية، ‏قال علي عن جيش معاوية الذين قاتلوه في معركة صفين” ربنا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ‏ولا نستزيدهم في الإيمان‎ ‎بالله، والتصديق برسوله، ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا في ‏دم‎ ‎عثمان، ونحن منه براء”. (نهج البلاغة). وروى الحميري عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه، ‏قال علي (ع) لجيشه” إنا لم نقاتلهم (جيش معاوية) على التكفير لهم، ولم نقاتلهم على التكفير لنا، ‏ولكنا رأينا أنا على حق، ورأوا أنهم على حق”. (قرب الاسناد) . ‏
بمعنى ان الإختلاف كان في وجهات نظر حول مقتل الخليفة عثمان بن عفان ومقاضاة قتلته. وربما ‏هذه أول (حرب رأي) تجري في الإسلام، أما حروب الردة فإنها تتعلق برفض تطبيق فريضة ‏إسلامية، وليس إختلاف في الرأي، لأنه لا يمكن أن تُسقِط فريضة أساسية تعتبر من أركان الإسلام ‏الخمسة، ولا يمكن تغيير نهج النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد وفاته من قبل فئة ضالة، رفضت ‏فريضة الزكاة، وتنكرت لها.‏
الشيعة الإمامية هم من كفروا الصحابة بعد إتفاقهم على تنصيب أبي بكر الصديق (رض) خليفة ‏للمسلمين، وقد حارب علي الخوارج لأنهم خالفوه في الرأي. قال الجرجاني” الإمامية: هم الذين ‏قالوا بالنص الجلي على إمامة علي (رض)، وكفَّروا الصحابة، وهم الذين خرجوا على علي ‏‏(رض)، عند التحكيم وكفّروه، وهم إثنا عشر ألف رجل، كانوا أهل صلاة وصيام، وفيهم قال النبي ‏‏(صلى الله عليه وسلم): يحقر أحدكم صلاته في جنب صلاتهم، وصومه في جنب صومهم، ولكن لم ‏يتجاوز إيمانهم تراقيهم”. (كتاب التعريفات).‏
بل ان عليا سبق من طرح شعار (من لم يكن معي، فهو ضدي)، اي رفض الحياد وعدم الإنحياز ‏الى طرف ما في صراع، وهذا أمر لا يمكن قبوله. ذكر بهاء الدين العاملي” قال علي بن أبي ‏طالب (ع): من لم يكن معنا، كان علينا”. (المخلاة). وعلى هذا الأساس أعتبر كل من خالفوه في ‏البيعه هم من المرتدين. ذكر الناصري” لَمَّا رأى عَمْروين العاص‎ ‎شدَّة الْأَمر قَالَ لمعاوية مر النَّاس ‏يرفعون الْمَصَاحِف على الرماح‎ ‎وَيَقُولُونَ كتاب الله بَيْننَا وَبَيْنكُم فَإِن قبلوا ذَلِك ارْتَفع‎ ‎عَنَّا الْقِتَال وَإِن ‏أَبى بَعضهم وجدنَا فِي افتراقهم رَاحَة فَفَعَلُوا‎ ‎ذَلِك فَقَالَ النَّاس نجيب إِلَى كتاب الله فَقَالَ عَليّ: يَا عباد ‏الله‎ ‎امضوا على حقكم فِي قتال عَدوكُمْ فَإِن عمرا وَمُعَاوِيَة وَابْن أبي معيط‎ ‎وَابْن أبي سرح وَالضَّحَّاك ‏بن قيس لَيْسُوا بأصحاب دين وَلَا قُرْآن‎ ‎وَأَنا أعرف بهم مِنْكُم وَيحكم وَالله مَا رفعوها إِلَّا خديعة ‏ومكيدة‎ ‎فَقَالُوا لَا يسعنا أَن ندعى إِلَى كتاب الله فَلَا نقبل فَقَالَ عَليّ‎ ‎إِنَّمَا قاتلناهم ليدينوا بِكِتَاب الله فَإِنَّهُم ‏نبذوه فَقَالَ جمَاعَة‎ ‎من الْقُرَّاء الَّذين صَارُوا خوارج يَا عَليّ أجب إِلَى كتاب الله‎ ‎وَإِلَّا دفعناك برمتك ‏إِلَى الْقَوْم أَو فعلنَا بك مَا فعلنَا بِابْن‎ ‎عَفَّان فَقَالَ عَليّ (رض) إِن تطيعوني فَقَاتلُوا وَإِن‎ ‎تعصوني فافعلوا ‏مَا بدا لكم وَآخر الْأَمر”. (الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى).‏

علي يصر على قتال مخالفيه ‏
كتب معاوية إلى أهل الشام: لا تسبوا قيسا (قيس بن سعد والي علي على مصر) فإنه لنا شيعة، ‏تأتينا كتبه ونصيحته سرا. ألا ترونه يحسن إلى كل راكب منكم، ألا ترون ما يفعل بإخوانكم‎ ‎من ‏أهل خربتا، (خربتا قرية في مصر فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان (رض)، و بها رجل يقال له: ‏يزيد بن الحارث من بني مدلج. فبعث إلى‎ ‎قيس: أقرنا على حالنا حتى ننظر إلى ما يصير إليه أمر ‏الناس) يجري عليهم أعطياتهم و أرزاقهم‎.‎‏ فبلغ ذلك عليا فاتهم قيسا وكتب إليه يأمره بقتال أهل ‏خربتا، و أهل‎ ‎خربتا يومئذ عشرة آلاف، فأبى وكتب إلى عليّ: إنهم وجوه أهل مصر، و قد رضوا‎ ‎مني أن أؤمن سربهم، وأجري عليهم أعطياتهم، وقد علمت أن هواهم مع‎ ‎معاوية، فأبى عليّ (رض) ‏إلا قتالهم، وأبى قيس أن يقاتلهم،‎ ‎وكتب إلى عليّ: إن كنت تتهمني فاعزلني عن عملك، وابعث ‏عليه غيري”. (المنتظم). (تأريخ الطبري). ‏
إن حرب علي ضد مخالفيه (حرية الرأي)، صارت قاعدة لأتباعه على ممر السنين، وتجلت ‏بوضوح أكبر وعنف أكثر خلال حكم الدولة العبيدية في مصر (تُسمى خطئا بالفاطمية)، وهذه ‏نماذج منها، قال المقريزي” منع الحاكم بأمر الله كل أحد من الناس أن يخرج من منزله قبل صلاة ‏الصبح وبعد صلاة العشاء، واشتد الأمر في هذا، واعتقل جماعة خالفوا ما أمر به‎.‎‏ وقرئ سجل ‏بترك الخوض فيما لا يعني، وألا يخوض أحد في أحوال السلطان وأوامره وأسرار‎ ‎الملك‎.‎‏ وقرئ ‏سجل في ربيع الأول بالمنع من حمل النبيذ والموز، وحذر من التظاهر بشيء‎ ‎منه أو من الفقاع، ‏والدلينس، والسمك الذي لا قشر له، والترمس المعفن”. (اتعاظ الحنفاء باخبار الائمه الفاطميين ‏الخلفاء). في عام 403هـ ” ألزم الحاكم بأمر الله النصارى أن يكون الصليب الذي في أعناقهم طوله ‏ذراع في مثله، وكثرت‎ ‎إهاناتهم وضيق عليهم؛ وأمروا أن تكون زنة الصليب خمسة أرطال وأن ‏يكون فوق‎ ‎الثياب مكشوفا، ففعلوا ذلك. ولما اشتدت عليهم الأمور تظاهر كثير منهم‎ ‎بالإسلام، فوقع ‏الأمر بهدم الكنائس، وأقطعت بجميع مبانيها وبمالها من رباع‎ ‎وأراض لجماعة، وعملت مساجد ‏وأذن في بعضها وبيعت أوانيها”. (المصدر السابق). وفي عن عام 404هـ ” منع الحاكم النساء أن ‏يخرجن إلى‎ ‎لطرقات في ليل أو نهار سواء أكانت المرأة شابةً أم عجوزاً، فاحتبسن في‎ ‎بيوتهن ولم ‏تر امرأة في طريق، وأغلقت حماماتهن، وامتنع الأساكفة من عمل‎ ‎خفاف النساء وتعطلت حوانيتهم‎.‎‏ ‏وضرب قوم خالفوا النهي عن بيع الملوخية والسمك الذي لا قشر له وشهروا. وضرب‎ ‎كثير من ‏النساء من أجل خروجهن من البيوت وحبسن”. (اتعاظ الحنفاء باخبار الائمه الفاطميين الخلفاء). ‏كما قال الفوطي” كان في مدة أبيه العزيز بالله قد تكشف على أقوام ممن يطعن في الدولة ويسىء‎ ‎المقالة فيها، فلما صارت له الخلافة انتقم منهم أشد انتقام وعمهم بالعقوبة”. (المصدر السابق).‏

الرئيس الامريكي المجرم بوش يأخذ بقول علي ويطبقه في غزو العراق
أما الأغرب من هذا فأن الرئيس بوش أخذ برأي علي بن أبي طالب في موقفه أزاء معارضيه في ‏الحرب على العراق، فقال كلمته المشهورة لدول العالم” اما ان تكونوا معنا او مع الارهاب”، لا ‏حياد! وكانت تلك بمثابه تهديد وإبتزاز للدول الأوربية والعربية، وإستطاع ان يوظف الحكام ‏الأوربيين والعرب لخدمة حربه الشرسة.‏
لاحظ منطق علي هو نفس منطق بوش حول الارهاب، خلال غزو العراق عام 2003 وكررها ‏وزير الخارجية الأمريكي السابق بومبيو بالقول ” معنا أو مع ايران” ‏
علي من أوحى للسلفية في تقصير الثوب
أزيدكم من الشعر بيتا، أن تقصير الثياب وهي الحالة التي يتندر بها الشيعة على الوهابيين، ‏والدواعش هي من أفكار علي بن أبي طالب، حيث قال” قصّر من ثيابك فإنه أبقى وأتقى وأنقى”. ‏‏(الطراز لأسرار البلاغة). (الكشكول للشيخ البهائي). وقال القطب الراوندي في دعواته عن أمير ‏المؤمنين (ع) أنه رأى رجلا يجر ثوبه فقال: يا هذا قصر منه فإنه أتقى وأبقى وأنقى”.‏

اول من أسس المقابر الجماعية علي بن ابي طالب
أزيدكم من الشعر بيتا آخر، وهو ان علي بن أبي طالب هو صاحب فكرة المقابر الجماعية، في ‏معركة صفين. ذكر ابن الجوزي” قال سيف الضبي: أقاموا بصفين سبعة أو تسعة أشهر. وكان ‏بينهم القتال نحو‎ ‎سبعين زحفا، وقتل في ثلاثة أيام نحو سبعين ألفا من الفريقين‎.‎‏ وقال الزهري: ‏بلغني أنه كان يدفن في القبر الواحد خمسون نفسا”. (المنتظم). (بغية الطلب في أخبار حلب لإبن ‏العديم). (البداية والنهاية لإبن كثير). ‏

تنور الزهرة لحرق البشر من مخلفات الهاشميين
وهاكم بيتا آخرا ان شواء البشر في التنور (تنور الزهرة) ليس بجديد على الشيعة، هذا التنور ‏استحدثه الشيعة في الحرب الأهلية في العراق عامي 2006 ـ 2007، ذكر ابن الجوزي” في يوم ‏الأربعاء لأربع خلون من شعبان عام 334هـ: وجدت امرأة هاشمية قد سرقت صبيا‎ ‎فشوته في ‏تنور وهو حي وأكلت بعضه، وأقرّت بذلك، وذكرت أن شدة الجوع‎ ‎حملها على ذلك، فحبست ثم ‏أخرجت و ضربت عنقها، ووجدت امرأة أخرى هاشمية‎ ‎أيضا‎ ‎قد أخذت صبية فشقتها بنصفين ‏فطبخت النصف سكباجا، والنصف الآخر بماء وملح، فدخل الديلم فذبحوها، ثم وجدت ثالثة قد ‏شوت صبيا وأكلت بعضه فقتلت”. (المنتظم).‏
المبحث ملخص مقتضب مستل من كتابنا إغتيال العقل الشيعي بطبعتة التي ستصدر (3) اجزاء ‏لاحقا.‏
علي الكاش