ملحمة الشهادة البطولية

علي الكاش

كواكب هدي يستهدي بنورهم العباد … ولمن طلب الحق والتقوى والرشاد

الأهداء ‏
الى أمهات وزوجات وابناء وأحباء الشهداء، الأكرم من الأحياء مهما قدموا لأوطانهم من عطاء. ‏فذكرى الشهداء تحتل في قلوبنا أفضل مكان، وستبقى تذكر الأحياء منا على مر الزمان. المجد يشهد ‏للشهيد بأنه للصحابة سليل، تبتسم الملائكة لنعشه وتميل، وتهتف بإسم لأنه لله خليل. سيورث ‏احفادك يا شهيد تركة المجد التليد، لذويك لباس العز والكرامة والفخر، استوطنت ارضا ترابها ‏مسك وعنبر. القت السماء على الأرض بسخاء دموعها، وظلامات الوطن ارواحكم ستكون ‏شموعها. قناديل الثورة مشعة ولا احد يمكن ان يخمدها، وان حاولوا ونجحوا فمن جديد سنوقدها، ‏هذا أمام الله وعدنا، ولن نخلٌ قسما بالله بعهدنا.‏

المقدمة
وحق ربيٌ المهيمن الخالق، لن ارحم لص أو فاسق، لا يوقفني تهديد او عائق، سأكون مع آمال ‏شعبي مرافق، وأحارب كل عميل مارق، لا أحيد عن طريق الحق مهما كان شائق، يوجهني عقل ‏راجح ولسان حاذق وقسم صادق، سأفضح كل معمم سابق ولاحق، وأي مرجع بلسان إبليس ناطق، ‏اينما أختفوا في كهوف وسرداق، ان دماء الشهداء رماح بوارق، لا تذهب سدى كماء زاهق، تؤجج ‏نار الثأر فينا من قاتل مارق، سيبقى علم العراق شاهق، رغم انف كل ذيل منافق، قال المتظاهرون ‏للباطل انت طالق؟ بصمودك ايها الثائر الصادق، لاح النصر الرائق، وبان في الأفق بارق.‏

مقامة الشهادة عبادة
رأيتك ثابت الخطوة بقلب سليم، هنيئا لمن اتبعك على النهج القويم، ومن حاد عن طريقك عاش في ‏ظلام بهيم، والله تعالى بالقصد عليم. أنت بطل الزمان، والوطن الحبيب أمينه، لو حلف الدهر ليأتين ‏بمثلك لحنث يمينه. اكرم بك شهيدا وبحر فضائل غزير، ملأت العراق بالعبير يا أمير، لله درك ‏لبيتُ النداء بلا تردد او تأخير. زهت بك الدنيا زهوا كبير، وتفاخرت الآخرة ببطل التحرير، كنت ‏الفرد الذي لا يبارى، ولا يُلحق في ميدان التقدم ولا يُجارى‎.‎‏ كأنك بدر أشرقت به سماء عروج ‏العلماء، وأضاءت به أفلاك بروج الفضلاء، رضعت من ثدي المعالي وليدا، وبرعت في تحصيل ‏الأمالي شابا عتيدا. تهلل محيا العراق بسنا بشراك، وإنحنت البطولة لك وهي تواري مثواك، إنتشر ‏صيتك انتشار شمس الصباح، وتعطرت بعبيرك‎ ‎ثناه الفيافي والبطاح، عشقت أوصافك الأسماع، يا ‏من شرفت بشهادتك الأتباع. ألقيت نفسك متكرما في المهالك، وسلكت برحابة صدر أصعب ‏المسالك. الحمد لله تعظيماً وإجلالا‎ ‎الذي استرق الأفئدة نوالاً، واستحق الأثنية جمالاً وكمالاً، قد ‏خصك المولى الكريم بشهادة الوئام العظيم، ففيها الخلاص والسلام، وفنم واثقا بحسن الختام.‏
ايها الشهيد البطل
يمحو سكون الليل وحشة الليلاء، فينورها من ارتقى الذروة العلياء، نعم الدواء ففيه الشفاء، الشهادة ‏روضة الفضل التي أشرقت أنوارها، ودوحة المجد التي أينعت ثمارها. قادتك يد المعالي إلى ‏الفضائل، وألبستك حلل المآثر، وكستك أعلى الشمائل‎.‎‏ لم تزل رافلاً في حللٌ السعادة، حتى حلٌت ‏بساحة شبابك الشهادة. كانت شاهدتك تحذير للأعداء، وتلويح أعقبها توضيح، وتحذير وتصريح، ‏شهادة رويت بماء الفضل والإفضال، وانتعشت بنسمات الجهد والجمال، هاجرت طيور جنة الى ‏أعشاش النعيم، الشهداء هم ضيوف ربٌ رحيم، لن تدبر الثورة بموتكم فطريقها مستقيم، لم تحِد عن ‏طريق الحق ولم تميل. ورثت المجد كابراً عن كابر، ثابت في ميدان الوغى والغير عابر، راسخ ‏العقيدة، مجاهد، شجاع، مغامر، وافر الثقة بعطاء عامر، بجسارة على نهج الثورة سائر. قدمك ثابت ‏متين، وعزمك حازم مكين.‏
يا صاحب مكارم الأخلاق، ووريث طيب الأعراق، ما بلغت العلياء الا بعد مشقة وعناء، رتوت ‏نفسك من أجمل النفائس، وتجردت عما يوقع في المهلكات والدسائس، فسلكت سلوك أهل الجد ‏والاجتهاد، إلى أن حصلت على المراد، سلكت طريق السداد، وبلغت به المنية والمراد. ‏
أيها الشهيد البار
طلعت من أفق المعارف هلالا، وهللت من ميقات المعالي إجلالا، وصعدت قمة مجد وعلوته، ‏وأتعبت الخائن وأذللته، قصة شهادتك تستفيض منها الأسرار، ونسمة بأرجها الشذي معطار، فيها ‏تفجرت ينابيع حكمه في كل واد، وأزهرت رياض الرضا في كل فؤاد، فيا لسعدك تاالله يا لسعدك، ‏أشرق في أوج الجمال قمر سعدك، وارتقى على قمة الكمال تاج مجدك، ليس من أغرب الغريب، ‏وأعجب العجيب ان أن تتحلى شهادتك بقلائد العقيان، وتجري في بحور البطولة سفن الأذهان. ‏شهرتك غنية تفوق الإفصاح، ومباديء يشيد بها البيان والإيضاح. صمودك في ساحة الوغى جميل، ‏وهدفك عن الحق ثابت لا يميل، ملحمتك البطولية مشهورة، وتحملك عواقب الأمور مأثوره. ‏انفردت بقوتك بعلو الهمة، وانفردت بعزيمتك في أنجاز المهمة. ‏
أيها الشهيد البطل
اقتطفت من حدائق الآداب أزهاراً، وارتشفت من زلال الكمال قدراً وفخاراً. هكذا الامور تجري ‏وفق القضاء، تعصف الرياح الأبطال وتقذفهم لدار الفناء، ما خيم المجد الا في دار الشهداء، فازوا ‏بالمكارم كلها وغير ذلك هراء. من دوحة العز والشرف طلت رؤياك، المسك والعنبر شذى تراب ‏مثوالك، خاتمة يحسدك عليها المؤمنون والرهبان والنساك. يا من صلت صولة الأسد، ان الله للخونة ‏بالرصد، لم تطلبه ولكن طلبك المجد، إنما الوطن خيمة الشعب وأنت بلا شك الوتد، يعلو بك الوطن ‏راية خفاقة الى الأبد. وعدكم صادق، وسهمكم راشق. الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، وهدى ‏بفيض فضله إلى الطريق الأقوم،‎ ‎والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأكرم، الناصر لدين ‏الحق بالسنان المقوم. تبارك الله خالق البشر، ربٌ كريم بيده القدر، مالك قدوس رحيم بالبشر، فهنيئا ‏لمن كسب الثواب والأجر، هنيئا للشهداء وذويهم كل الفخر.‏

يا أبطال ثورة تشرين الأول ‏
الشهداء الأبرار ليسوا بحاجة الى التأسف والأسى والتأسي، حتى لو بلغ الأسف طول الأرض ‏وعرضها، بعلو سمائها وعمقها، وصار الحزن بقدر كل ذرة رمل وتراب، في هذا الكون الرحاب، ‏وفاضت دموع العين بقدر قطرات المطر، وإنهمرت كشلالات بهدير غاضب على الصدر، وبلغت ‏الصرخات أعنان السماع، ووصلت الى كل الأسماع في جميع البقاع، وشهقت الأنفس بقوة رياح ‏السموم وهي تعزي الأمواج فتلهب مشاعرها حزنا وتترنح صعودا وهبوطا مستذكرة مسيرة الشهداء ‏منذ فجر الإسلام ولغاية الحاضر، يا شعبي المتعب الصابر. ان مقام الشهيد في القمة الشماء، ‏يرفرف عاليا في رحاب السماء، ولا يتوشح توابيت الشهداء. فشجرة التحرير تُسقى بالدماء.‏
تالله عزائي بك وهل لغيرك يصلح العزاء، ودعواتي لك وهل يصلح لغيرك الدعاء، رسمت ‏الطريق وفيه الرجاء، ولا يصلح بغيرك الإقتداء، مقامك مقال الصالحين والأولياء، واشقائك ‏التشرينيون باقون على العهد، لك الخلود ولهم المجد.‏

نم مطمئنا يا بطل!‏
لله درك يا شهيد، ، ابشرك بجيل ثائر مجيد، قد اقسم عن طريق الجهاد لا يحيد، فشهادتك بصمة ‏ثورة لا تبيد، سأصدح في حقك أفضل الأقوال، وأجيب على أصعب سؤال، من هو بطل الأبطال؟ ‏إنه الشهيد فقط، وغيره محال، غيره ضرب من الخيال، تلكم هي الحقيقة، والأحمق من ضل ‏طريقه، وتجاهل دماء الأحرار، وعظم الأقوال واستصغر الأفعال.‏‎ ‎لعن الله قوما من السفهاء استخفوا ‏بحرمة دم الشهداء، فالشهيد اكرم الكرماء، لكنها النعرات المذمومة، واصولها معلومة، شعوبية ‏حقيرة مسمومة. سيورث احفادك تركة المجد والفخر، بعد أن استوطنت ارضا ترابها مسك وعنبر.‏

علي الكاش
تنويه
إرتأينا تأجيل مقامة الشهيد الأخيرة الى مناسبة يوم الشهيد العراقي بعون الله.‏