دروس طواها التأريخ
سلام محمـد العبودي
Ssalam599@yahoo.com
” إن التعاون كلمة مكونة من ثلاثة أحرف( نحن ) أوليفر جلد سميث / كاتب وشاعر بريطاني.
سر النجاح في كل عمل هو التعاون, فإن فُقِدَ ذلك السر, فإن العمل فاشلٌ لا محالة, وفي نظام عراقي بُني على التحالفات, لابد من التعاون من أجل الوصول, للنجاح في العمل البرلماني, المَعني بالتشريع والرقابة, والحكومي الذي يعمل لخدمة المجتمع, ضمن الدستور والقوانين العراقية, التي يسنها البرلمان العراقي.
نَحن كلمة أطلقها التنظيم السياسي, الذي يتزعمه السيد عمار الحكيم, ولو تم الأخذ به, لكان العراق بقمة النجاح, متجاوزاً كل الإخفاقات, إلا أن التحالفات بصورة عامة, متكونة من عدة مكونات, تعتمد أفكار سياسية مختلفة, وتكوين الحكومات المتعاقبة, على أساس الشراكة الحزبية, الذي جَعل العمل برلمانياً ضعيفاً, فلا توجد أغلبية وطنية, تعمل على محاسبة الفساد والفشل الحكومي, فكل جهة تدافع عمن يمثلها في الحكومة؛ لتضيع ثروة العراق وتفقد الخدمة المطلوبة.
يتوارد لأذهاننا ما كتبه الأستاذ محمد حسنين هيكل, الصحفي والمؤرخ المصري, حيث سرد رواية فيها عبرة تاريخية, حيث قال” إن اﻹنجليز عندما قرروا, منح إحدى الدول العربية استقلالها, وبدأت مرحلة سحب قواتهم, كان أحد خبرائهم من اﻹدارين, بسرايا المندوب السامي, جالساً علي كرسيه خارج مكتبه, فخطرت له فكرة فنهض من الكرسي, وسحب برنيطته (ألكاب) من رأسه, ووضعها فوق أعلى نافذة من نوافذ القصر؛ ثم عاد وجلس علي الكرسي, ونادى مجموعة من الموظفين والعمال العرب, المتواجدين داخل سرايا المندوب السامي, وقال لهم: هناك جائزة فوق البرنيطة أو الطاقية, في أعلى النافذة, والجائزة لمن يستطيع الوصول إليها، تدافع الموظفين و العمال وكل واحد منهم يطمع في الفوز بالجائزة” وكما ورد في الرواية, فقد بدأ المتنافسين بالتدافع, وكلما اقترب أحدهم من الطاقية, يتم سحبه ممن خلفه, ما جعل ذلك الإداري البريطاني, أن ينهي المنافسة بين الموظفين العرب, ويجلب الطاقية ويفاجئهم, بعدم وجود جائزة, وقال “دعوني أقول لكم نحن سنذهب, ولكنكم لن تنجحوا في إدارة بلدكم, والدليل فشلكم في هذا الاختبار البسيط” حقيقةٌ تمثل واقعنا في العراق, حيث التدافع السياسي, من أجل الاستحواذ على الحكومة.
تكبد العراق كثيراً من الخسائر, مادية كانت أو معنوية, إضافة لخسائر بالأرواح, فالصراع السياسي على أوجه, والسبب عدم التعاون من أجل العراق, الذي دَمَّر نظام صدام اقتصاده, وخرج من تلك المرحلة القاسية منهكاً اقتصاديا وعسكرياً, ومعاناة شعبٍ من الفقر والبطالة, فكانت النتيجة للنظام الديمقراطي, بعد نشر الإحباط الذي زاد العراقيين, ثقلاً فوق ما تحملوه من نظام الطغيان, وذلك ضمن إرادات حزبية داخلية, ليسيطر الفساد بفقدان قوانين رادعة.
فهل سيتمكن ساسة العراق, ترك الصراع على المناصب, ويتفرغ البرلمان بتعاون لأداء مهامه, في تشريع القوانين الوطنية, والرقابة على الحكومة المزمع تشكيلها, ساعياً للنظر بمحاسبة الفاسدين, وإلغاء ما يؤخر عمل البرلمان, وإعادة ثقة المواطن, كي يشارك مشاركة فعالة, في الانتخابات القادمة, أم أنهم عقدوا العزم, على البقاء في نفس الدوامة؟
“ألتواجد معًا هو البداية، والبقاء معًا هو التقدم، أمّا العمل معًا فهو النجاح” هنري فورد مؤسس شركة فورد للسيارات.