عمر ابن حمدية” شاب يبلغ من العمر عقدين من الزمن, نشأ وترعرع في محلة من محلات الفضل، وهذه المنطقة سُمِّيَت بهذا الاسم نسبة الى جامع انشأ بالقرب من قبر الفضل ابن سهل بن بشر الشافعي الواعظ البغدادي المتوفي سنة 548 هـ، وهي إحدى مناطق بغداد القديمة ذات الأزقة الضيقة والبيوت العتيقة المتهالكة, وكغيره من شباب المنطقة ورجالها كانت هوايته تربية الطيور أي الحمام فكان (مطيرچياً) من الطراز الأول ولا يُشَقُّ له غبار في هذا المجال؛ إذ قام بتعليمه هذه الهواية غير النافعة والقذرة “المطيرچي هوبي ابن شكرية الحفافة” وهو يكبره بعشرين عاماً, فكانت فترة الظهيرة من أيام الصيف اللاهب هي الفترة الذهبية لــ”هوبي ابن الحفافة” ليرضي شذوذه مع صبية المنطقة أو ما يُطلَقُ عليهم بــ”الزعاطيط” ومن المنطقة نفسها، فكانوا يتجمعون في إحدى الأبراج التي يملكها “هوبي” فوق سطح دار شكرية الحفافة أم هوبي، فكانت تلك الفترة في حياة عمر ابن حمدية وغيره من الأطفال فترة قذرة مليئة للأسف بالشذوذ الجنسي و”الوكاحة” المآبونة المملؤة بالقذارة!!! المهمُّ أن ابن حمدية تعلم فنون “السرسرية” والشذوذ من هوبي ابن الحفافة ومن غيره أيضاً، فعمر كان يتيم الأب وتُوُفِّيَ أبوه على أثر مشاجرة مع أحد “شقاوات” الفضل الملقب بـ(هبش حديدة) علماً أن المشكلة لم تكن معه، بل كانت مع أحد أصحابه من أهالي “المربعة” فضرب (هبش) والد عمر بالقامة على رأسه وأرداه صريعاً، فعاش بعد ذلك عمر فترة صباه مع أمه وكانت أمه تمتهن مهنة الحلاقة النسائية أي (صاحبة صالون) نسائي فكانت تتردد عليها كثير من النساء ومن مختلف الثقافات منهن بنات البيوت وبنات الليل !!! المهم بقى عمر على هذه الحالة إلى حين دخول الاحتلال الامريكي لبغداد، وعلى أثر دخول الاحتلال سقط النظام الدموي في العراق بكافة صنوفه وأشكاله، وعلى أثر هذه الفوضى وغياب القانون والسلطة انتدب الشواذ من أمثال ابن حمدية وغيره من شباب المنطقة والمناطق المجاورة، وشكَّلوا عصابات ومجموعات من الشواذ وقُطَّاع الطرق، فهجموا على دوائر الدولة والمتاحف الأثرية والمصارف والبنوك وسرقوا منها ما ملأ الجيوب وفاض، وتحول ابن حمدية بقدرة قادر من “مطيرچي” إلى سياسي بين ليلة وضحاها، فأصبح ابن حمدية سياسياً محنكاً ومن أصحاب الحلّ والعقد، وشارك ابن حمدية في الانتخابات البرلمانية، وفاز بأكثر من أربعة وعشرين ألف صوت وحصل على مقعد في البرلمان ضمن قائمة سياسية لها شعبية واسعة لدى “المطيرچية” وشذاذ الآفاق والسراق والقتلة والمجرمين، ولهذه القائمة الانتخابية جذور مع بقايا البعثية المنهزمين في الأردن وسوريا واليمن وبقية دول المنطقة وكان ابن حمدية ناطقاً رسمياً في كثير من المواقف السياسية داخل البرلمان، لابنة المجرم صدام حسين (رغد) والقابعة هذه الأخيرة في العاصمة الأردنية عمان, المهم أن ابن حمدية رغم أنه أصبح سياسياً لكنه لم يترك هوايته وهي الطيور، فبنى مكان البرج عشرة أبراج، واشترى من الحمام ألواناً وأشكالاً كثيرة، فكان يَعِدُ المنتخبين له ولقائمته بزوج حمام هدية وعربون محبة! وحلة كاملة من الطيور لمن ينتخب زعيم القائمة “دكتور معليه شعليه مالي دخل” !!! المهمُّ بقي هذا الأخير متواصلاً مع ابن الحفافة “هوبي” لكن ابن الحفافة للأسف تغير من “مطيرچي” شاذ إلى “مطيرچي” شاذ ومقاوم للاحتلال !! وأصبح مقاوماً للاحتلال بالصدفة، وذلك أنه كان في يوم من الأيام كعادته يطير الطيور فوق سطح داره، وأثناء ذلك إذ مرَّت “هليكوبتر” نوع أباتشي تابعة لقوات الاحتلال، وكانت تحلق بمستوى منخفض، وبالمصادفة أيضاً كانت طيور ابن الحفافة في السماء، فقطعت مروحة الأباتشي الطيور العائدات لابن الحفافة و( سوتهن وصلة وصلة ) فتألم “هوبي” كثيراً فقرَّر منذ تلك اللحظة أن يقاوم الاحتلال ويثأر للطيور، ويرفع الرشاش محل عودة المطيرچية !!! فالتقى ابن الحفافة ببعض البعثية من أهل المنطقة كــ”جميل ابن العورة” و “عدنان بن السمينة” و “رزاق بن كرجية” ووو…. الكثير من البعثية الآخرين الهاربين والمطلوبين للشعب العراقي والذين لا تحظرني أسماؤهم الآن، إلا أنَّ المهمَّ هو استمرار هوبي في مقاومة الاحتلال، فأصبح يفجر ويفخخ وتطور بعد ذلك، حتى أخذ يذبح بيده عراقيين شيعة وسنة؛ إذ إنه يريد أن ينتقم من “الهليكوبتر” ثأراً لكومة من الطيور الحمر!! أصبح هوبي أميراً في المنطقة والتقى بالزرقاوي وبغيره، وسافر كثيراً إلى السعودية وأفغانستان والأردن، لكنه لم يلتقِ هناك بابن حمدية؛ لأن خطوطهم كانت متغايرة، ولو أنها تصبُّ في المصب نفسه ، وتنبع من المنبع نفسه !!! المهم أن ابن الحفافة تسلَّم كثيراً من المناصب منها أمير منطقة بغداد القديمة باب المعظم والفضل والصدرية والشيخ عمر وبقية المناطق القديمة الأخرى، وتسلم أيضاً، أعني”هوبي”، منصب أمير الفلوجة ومنصب أمير الاعظمية, وأخذ يفرض الأتاوات والخاوات على المحلات والمخطوفين وغيرهم، ونهب وسرق وو…. إلا أن ابن الحفافة التقى بابن حمدية مصادفةً في مقهى “رزاق أبو الشوربة” فكان هذا المقهى يتجمع فيه “المطيرچية” فتعجب هوبي لحال “ابن حمدية” والآخر تعجب لحال الآخر فابن حمدية أصبح يرتدي القاط ويحلق اللحية، وابن شكرية يرتدي الزي الأفغاني وهو كثُّ اللحية يلبس الساعة باليد اليمنى، وإذا تكلَّم يشير بالسبابة لليد اليمنى.. وبالمختصر نقول إنَّ هذا حال كثير من حكامنا السياسيين وقادتنا المقاومين من الذين رفعوا شعار مقاومة المحتل أو ممَّن رفعوا شعار تكفير الآخر المسلم وغيره!!!

بقلم: احمد البايشي