هم ليسوا أربعين بل كانوا خمسين بعد الأربعمائة ممن قتلهم الإحتلال والإرهاب والسلطات والمجموعات المسلحة والعصابات لكن الأربعين الذين أعنيهم هم الصحفيون الذين قتلوا خلال السنتين الماضيتين وتحديدا من 3 مايو 2015 الى 3مايو 2016 والى 3 مايو 2017 وكنت وزملائي في المرصد العراقي للحريات الصحفية نحصي عدد قتلانا من الصحفيين ووجدنا ان عدد الذين قتلوا منهم خلال العام الجاري الذي سينتهي في 3 مايو 2017 بلغ 18صحفيا وقد أشرنا إنخفاضا بسيطا في العدد بفارق إثنين عن العام الماضي لكننا صدمنا في نهاية نيسان بمقتل الزميل العزيز الشهيد حيدر المياحي مراسل الإعلام الحربي في مدينة الحضر جنوب الموصل ثم بلغنا ان الزميل رسول السكيني الجريح قد توفي هو الآخر وبالتالي تساوى لدينا الرقمان وصارا عشرين بعشرين خلال سنتين وهو رقم مخيف بالنسبة للذين يسقطون في الميدان منذ 2003 وحتى اليوم وهو رقم كبير وكبير جدا مقارنة بمن فقدوا على مستوى العالم طوال عقود.

إذن هي مصيبة كبرى فمقارنة بعدد القتلى من المواطنين الذين يشتغلون في مهن أخرى نجد إن عدد الضحايا من الأطباء أو المهندسين وسواهم لايقارن بعدد نظرائهم ممن قتل من الصحفيين الأعزاء ومرد ذلك الى طبيعة العمل الصحفي الذي يواجه تحديات مختلفة أولها صلتهم المباشرة بالحروب والحوادث العنيفة. فأغلب القتلى من الصحفيين سقطوا في أثناء التغطية الميدانية وحين ينتقلون الى ساحة الحرب.

عندما كانت الحرب مشتعلة بين القوات الأمريكية والمقاومين لها كان سقوط الضحايا مألوفا ومنهم الصحفيون بالطبع بينما كان النزاع الطائفي سببا في فقدان آخرين وكان للقاعدة ولداعش دور مثير للإستهجان حيث قتل إرهابيو التنظيمين عشرات الصحفيين في ديالى والموصل وكركوك والرمادي وصلاح الدين وبغداد. وقد تعددت الأسباب لكنها كانت بنتيجة واحدة تمثلت بقتل المزيد من الصحفيين.

لم تنجح السلطات حتى اليوم في وضع حد لآلة القتل ولاحتى للإنتهاكات التي يواجهها الصحفيون والإعتداءات التي تطالهم والمحاكمات التي يواجهونها بدعاوي من سياسيين وتنفيذيين ورجال أعمال وطبقات إجتماعية لايروق لها الدور الذي يقوم به ابناء وبنات الإعلام

إنها فعلا مصيبة ونزلت على رؤوس الصحفيين.