محور المقاومة لا يقاوم
علي الكاش
قال تعالى في سورة فاطر/43(( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله)).‏
عندما يقطع الزعيم عهدا على نفسه، فلابد أن يلتزم به، سيما عندما يتعلق العهد بمحور استراتيجي ‏خطير تُبنى عليه زعامته، وسمعته بين أنصاره على أقل تقدير، وعندما ينفض الزعيم يده من تعهده، ‏عندها يمكن ان نطلق عليه صفات بأنه كاذب، او متحايل، او منافق، او متخاذل، وجميعها صفات ‏مسيئة، تدفع سمعة الزعيم الى الحضيض، سيما عندما يكون هو من صاغ التعهد، ولم يفرض عليه من ‏قبل جهة داخلية أو خارجية. ‏
قبل الهجوم على غزة الأخير بعدة سنوات كنا نستمع الى الكثير من الشعارات التي يطلقها ما يسمى ‏بمحور المقاومة، وفيلق القدس الايراني حول إزالة إسرائيل من الخارطة خلال سبع دقائق، ويوم القدس ‏السنوي سبق الهجوم على غزة بإيام، بمعنى ان الشعارات لا تزال تنبض في الشارع العربي بإكتساح ‏اسرائيل، ونصرة المقاومة، وتحرير فلسطين من أيدي الغزاة. وكان هجوم محور المقاومة على دول ‏التطبيع شرسا للغاية، على إعتبار ان فلسطين هي محور المقاومة، وقضية العرب المركزية، والتطبيع ‏هو خيانة لقضية العرب الرئيسة.‏
حدث الإنفجار، وكُشفت حقيقة محور العار.‏
ما تزال كلمات السيد حسن نصر ترنٌ في مسامعنا حول جهوزيته وبقية الأطرا في محور المقاومة ‏للحرب ضد الكيان الصهيوني وعلى عدة جبهات ومنها قوله” حينما تأتي الشروط المناسبة واللازمة ‏للمنازلة الكبرى، ستجدون كل شعوب منطقتنا، على إمتداد هذه المنطقة، من اليمن الى ايران، الى ‏العراق، الى سوريا، الى فلسطين، الى لبنان، والى من سينظم الى محور المقاومة في الآتي من الأيام، ‏ستجدوننا جميعا ضربة واحدة، ومحور واحدا في مواجهة العدو لإزالته، وهذا سيتحقق بإذن الله تعالى”.‏
جاءت معارك غزة وتوفرت بذلك الشروط المناسبة واللازمة للمنازلة الكبرى يا حسن نصر الله، فأين ‏أنت بالذات من معارك غزة، ومن ثم محور المقاومة؟ لقد تبرأت من ثلاثة صواريخ ضالة انطلقت من ‏جنوب لبنان وقعت في البحر، ما أخزاك يا رجل! هل ستبقى ميليشيا حزب الله في استنفار دائم، بدلا من ‏موقف رادع وحازم؟
هل تتذكروا زيارة (قيس الخزعلي) زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق الى جنوب لبنان، وهو يستطلع ‏الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بمنظور، واستعداد ميليشيته للحرب ضد الكيان الصهيوني؟ تبين انها سفرة ‏سياحية وليس جهادية.‏
هل تتذكروا قول زعماء فيلق القدس الايراني، فقد هدد قائد عسكري إيراني بارز(عزيز نصير) في ‏‏21/1/2019 بـإزالة إسرائيل، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن قائد القوات الجوية‎ ‎الإيرانية نصير قوله ‏إن قوات بلاده على استعداد لخوض المعركة مع‎ ‎إسرائيل وإزالتها من الوجود”. وأضاف أن إيران ‏‏”مستعدة لحرب ساحقة مع إسرائيل‏‎ ‎وقواتنا المسلحة مستعدة لليوم الذي نرى فيه تدمير إسرائيل”.‏
وأكّد المستشار العسكري لقائد فيلق قدس التّابع للحرس الثّوري الإيراني (‏‎ ‎أحمد كريم بور) ‏في2/3/2017 إستعداد بلاده للردّ على أيّ اعتداء عسكري عليها بنفس‎ ‎القوّة وان جميع المراكز ‏المهمّة في إسرائيل، جرى تحديدها وإيران قادرة على تسوية تل أبيب وحيفا مع الأرض في غضون ‏‏7 دقائق، في حال تعرّضت ايران الى إعتداء، وجميع مدننا جاهزة لمثل هذه العمليّات، ولتعلم اسرائيل ‏وحلفاؤها بذلك”.‏
وقال (مجتبى زونور) المستشار السابق لقائد ما تسمى بالثورة الايرانية والعضو السابق في الحرس ‏الثوري الايراني في 7/2/2027″ ان ايران لا تحتاج أكثر من 7 دقائق لتقصف اسرائيل وان لديها ‏تخويل الهي لهذا الفعل”؟ مضيفا” إيران لديها إذن إلهي‎ ‎بتدمير إسرائيل حتى لو تخلت إيران عن ‏برنامجها النووي، فإن‎ ‎ذلك لن يضعف قدرتها على اتخاذ قرار بتدمير إسرائيل”.(موقع وورلد ‏إسرائيل نيوز). ‏
وقال (العميد حسين دقيقي) كبير مستشاري قائد الحرس الثوري الايراني في تصريح له بتأريخ ‏‏27/10/2016 إن هنالك (8000) صاروخ جاهزة للاطلاق في البلاد وسيواجه اي معتدي تسول له ‏نفسه التطاول ردا مزلزلا‎.‎‏ أن اعداء الاسلام والثورة يحاولون اليوم التشبث باي وسيلة وفكر لحرف ‏شبابنا واخراجهم عن جادة الصواب، لذا فان الاستراتيجية الرئيسية اليوم هي تعزيز جبهة المقاومة ‏امام الاستكبار، وان تقوية محور المقاومة في بلدان المنطقة ستقود الى القضاء على الكيان ‏الصهيوني المغتصب. كما ان اتحاد الدول الاسلامية سيقود الكيان الصهيوني الى خسارة مكانته في ‏المنطقة”. وخلال‎ ‎المناورات الصاروخية المسماة (إقتدار الولاية) التي جرت في 9/3/2016 ‏استخدمت ‏‎ ‎صواريخ‎ ‎تحمل عبارة باللغة العبرية ” يجب إزالة إسرائيل من الوجود”، وقد أطلق ‏الحرس الثوري صاروخي (قدر أج) من مرتفعات البرز الشرقية نحو أهداف في سواحل مكران على ‏بعد 1400 كيلومتر في إطار المناورات الصاروخية التي ينفذها الحرس الثوري‎.‎‏ كما نشرت صفحة ‏تابعة‎ ‎للحرس الثوري الإيراني‎ ‎على موقع فيسبوك في 25/7/2014 تصريحا للجنرال (محمد علي ‏جعفري) القائد‎ ‎العام للحرس، تحدث فيها عن ” تدمير إسرائيل عن بكرة أبيها؛ شريطة أن يفتي‎ ‎المرشد الأعلى للنظام الإيراني‎ ‎آية الله علي خامنئي‎ ‎بالجهاد”.‏
وقبل يومين وجه (إسماعيل هنية) رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رسالة الى الخامنئي مطالبا ‏أياه بدور فاعل لوقت الجرائم التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد أهالي غزة وعرب فلسطين داخل ‏الكيان، بعد تصاعد الهجمات ضد المدنيين الأبرياء واستهداف المنشئات المدنية. فهل سيحول المرشد ‏نظره من فيينا الى غزة؟ كل المؤشرات تقول كلا.‏
لكن اين الحقيقة من الموقف الإيراني من الكيان الصهيوني؟
هذا ما وضحه الكاتب الإسرائيلي (أمنون لورد)، في مقال تحليلي له نشرته صحيفة‎ ‎‏(مكور ريشون) ‏الإسرائيلية الصادرة باللغة العبرية في 28/3/2016 أن” العداء الذي تظهره‎ ‎إيران‎ ‎تجاه بلاده لا ‏وجود له، بل على العكس فإن هناك تعاوناً بين الطرفين لمواجهة المحور العربي السني في‎ ‎إيران‎.‎‏ ‏فرغم خطابات العداء الإيرانية ضد اسرائيل، الا انه يمكن القول عن‎ ‎ذلك باللغة العبرية الحديثة إنه ‏هراء”. بدلالة تصريحات خبراء ومسؤولين إسرائيليين كبار‏‎ ‎في الشأن الإيراني مثل (أوري لوبراني) ‏و (تسوري ساجيه) لأن هناك مصالح‎ ‎مشتركة بين‎ ‎تل أبيب‎ ‎وطهران‎.‎
لنستذكر ايضا، تعرض فيلق القدس الايراني في سوريا الى مئات الغارات الاسرائيلية على معسكراته، ‏وعلى مواقع الميليشيات التابعة له، العراقية، والأفغانية والباكستانية، وكانت المنازلة الأحادية الجانب ‏‏(الإسرائيلي)، تُجابه بقول مكرر لمحور المقاومة” سنرد في الوقت والمكان المناسب”. وجاء الوقت ‏المناسب، لكن بلا رد فعلي!‏
سوريا الأسد صدعت رؤوسنا بالرد على الغارات الإسرائيلية التي إستباحت كل المدن السورية، وكانت ‏نفس الإسطوانة ترددها الحكومة السورية ” سنرد في الوقت والمكان المناسب”. ولا نظن ان هناك ‏وقت مناسب أفضل من هذا الوقت، فالنار مشتعلة في غزة، وسوريا الأسد بمعزل عن الرد المناسب ‏في الوقت المناسب!‏
في العراق قام التيار الصدري وبعض الميليشيات بتظاهرة في بغداد دعما لغزة، واغرب ما فيها ان ‏الصدر ظهر بلباس صلاح الدين الأيوبي، كأن الحرب بالسيوف وليس بالصواريخ، اليس من الأجدى ‏ارسال سرايا السلام المرابضة في ثغور محافظة صلاح الدين الى ثغور غزة لمحاربة الكيان المسخ؟ ‏الأغرب منه ظهور وزير الداخلية السابق (باقر صولاغي) وهو بين المتظاهرين يحمل بندقية ويهتف ‏لغزة، وهذا المجرم في عهده الأغبر قام بقتل العشرات من الفلسطينيين المقيمين في العراق (شارع ‏حيفا ومجمع البلديات)، وقام مع ميليشيات مقتدى الصدر (جيش المهدي) بتهجير الفلسطينيين ‏المقيمين في العراق الى مخيمات على الحدود العراقية الأردنية.‏
الطرف الآخر من محور المقاومة هم حوثيو اليمن، الذين ما دأبوا يتشدقون بشعار (الموت لأمريكا ‏واسرائيل)، مع ان الطائرات المسيرة والصواريخ يوجهها الحوثيون الى المملكة العربية السعودية، ‏وليس للكيان الصهيوني. وهم يزعموا ان لديهم صواريخ تصل الى عمق اسرائيل.‏
هذا هو محور المقاومة، فقد وضع كل أوراقه على الطاولة، لم تعد الاعيبه تنطلي علينا، فمعارك غزة ‏كشفت حقيقة هذا المحور الكاذب، الذي عجز ان يحول كلامه الى فعل يتوافق مع شعاراته المعلنة. غزة ‏نقاتل العدو الصهيوني بشراسة، ومحور المقاومة يتفرج على المعارك.‏
لا أقول أكثبر مما قاله الشاعر العراقي مظفر النواب في رائعته (القدس عروس عروبتكم)، لقد وصفكم ‏بأقبح وصف، ولكنه كان محقا في وصفه. هذا ما بينته الظروف سابقا وحاليا
علي الكاش