الكاتب / ثائرالربيعي
{ليس لدينا خيار سوى البيت الزجاجي } كان ذلك شعارٌ رفعته فرنسا بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية وهي تعيش أوج فوضى انتشار آفة الفساد الاداري والمالي وعلى كافة الصعد في مؤسسات ووزارات الدولة ,كان التفكير من اهل الحكمة والمعرفة هو كيف يمكن وضع حدٍ لهذه المأساة التي نخرت بكل مفاصل بناء منظومة الدولة ؟كان الحل هو العمل بشكل واضح وشفاف مابين الدولة والمواطن ولا يوجد هنالك شيء يُدار في الخفاء المظلم ووراء الكواليس باستثناء القرارات التي تتعلق بالأمن الوطني لحماية الأرواح,كانت هذه السياسة التي حاربت من خلالها فرنسا الفساد وانتقلت بعدها على المسار الصحيح ,سياسة الوضوح كوضوح الشمس ومشاركة المواطنين في صنع القرار حتى يتحملوا المسؤولية ويكونون مسؤولين في الازمات والتحديات التي يعيشونها ,وليس هم في وادي ٍ وسياسيو الدولة بواديٍ آخر ,ليس هنالك مشكلة في أن تعيش أية أمة من حالة عدم الاستقرار بعد تغير النظام الدكتاتوري لنظام ديمقراطي ,إنما المشكلة هي المضي على نفس الخطأ دون الاكتراث بالمردود السيئ جراء عدم المعرفة بدراية الأمور بشكلها الصحيح واتخاذ قرارات لا تمت بأي صلة بالواقع ,يفسر الباحثون في شأن مكافحة الفساد الاداري والمالي أن اول خطوة للتصدي لهذا المرض هو وجود عامل الشفافية كمنطلق اساس في العمل بأنها الوضوح والعقلانيـــــــــــة وألإلتزام بالشروط المرجعية في العمل وتكافؤ الفرص للجميــــــــــــــــع ,ووضوح التشريعات وسهولة فهمها وانسجامها مع بعضها وبما يتناسب مع طبيعة الظرف ,والتصرف بطريقة واضحة ومكشوفة مع وجود أنظمة ذات أسس واضحة لكيفية صنع القرار,وجود قنوات مفتوحة بين أصحاب المصلحة من المواطنين والمسئولين في الدولة ,لكن الاهم هو خلق جسور من الثقة بين المواطن والمسؤول ,فقوة الحكومة ليست بقوة ترسانتها العسكرية وسلطاتها الامنية وإنما بمدى الاحترام المتبادل بين الدولة ومواطنيها ,ومحاسبة المقصر مهما كان أسمه وموقعه بعمله وردعه وفق القانون ليكون عبرة لكل من يريد تعكير صفوة سير عجلة التقدم ,لا تركه يفعل ما يحلو له وأمام الملء فأن ذلك سيكون تحفيز للآخرين من امثاله بأن يتجرؤوا في الاساءة على مقدرات الناس وأرواحهم ,وهذا سيكون له اثار سلبية على مستوى أداء عمل الانسان المحسن والصادق والمواظب بعمله بعدة مدة سيعيش حالة العزوف عن المثابرة والتفاني ,وهو يرى المقادير تأخذ منحى آخر وقول امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) وهو يخاطب مالك ابن الاشتر في وصيته {ولا يكونن المحسن و المسيء عندك بمنزلة سواء ، فان في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان و تدريبا لأهل الإساءة على الإساءة و الزم كلا منهم ما الزم نفسه }علينا أن نوقف هذا التخبط ليس لأجلنا ولكن من أجل مستقبل أطفالنا الذين يتساءلون هل سنلاقي نفس المصير مابين سارق ولص ومغرر به يريد اشاعة ثقافة الموت بالمجان تحت أسم الدين ؟.