لست برسام وإنما أحاول رسمَ ما يجول في خاطري من أفكار فأعبر عن ما يختلج به القلب من فيض المشاعر برموز من وحي الحياة فتارة أرسم فراشة تعبر عن الرقة والترافة وأخر عش غادره ساكنيه رمزا عن الحزن والفراق لكن هذه المرة أنا في حيرة وعجز كبير فلوحتي القادمة يراد لها أن تعبر عن العشائر العراقية وعن معاني هي أكبر من المقال والكلام وتعجز عنها ريشة أكبر رسام فجلت كثيرا متأملا وباحثاً عن ما يرمز الى الأصالة والعزة والشموخ والرفعة أبحث عن الوصف والرمز في أحد البساتين فبالتأكيد سوف أجد شيء هناك فهو يعرف الكثير عنها وبينما أنا اسير وإذا بلوحة رسمتها الطبيعة في ذلك البستان اللوحة هي شجرة تحتضن بين أغصانها نخلة شامخة تشابك سعفها مع تلك الأغصان فقلت في نفسي نعم أنها هي وما أجملها من لوحة فجمال تلك الشجرة وثمارها يمثل عطاء وجمال عشائرنا والنخلة الرشيقة ذات السعف الطويل الذي لم تزده قوة الرياح حينها إلا جمالاً وافتخارا كنت أرى فيها شموخ العشائر التي كلما ازدادت التحديات والصعاب ازدادت شموخاً وعلواً اما الانسجام الكبير وذلك التداخل الذي يملأ نفوس ناظريه دفءً وطمأنينة رأيت فيه وحدة وتماسك عشائرنا وأن أحدها يمثل سنداً للأخر هذا أن استطعنا القول بوجود الأخر فنوائب الزمان وتكالب الأعداء على هذا البلد الجريح جعلت عشائرنا تزداد تماسكاً واعتزازا بوحدتها حتى شكلت بلحمتها تلك قبضة شرف واحدة أقوى من الفولاذ ردت كيد العدو في نحره، ويبدو أن الطبيعة تعلمت منها فنون التعايش والتماسك والانسجام فما كان منها الى أن رسمت لها تلك اللوحة كجزء من المحبة والعرفان.