لماذا فشلت واختطفت احتجاجات تشرين ؟

احمد الحاج
منذ ايام وبعد اختفاء المتظاهرين من الساحات والميادين هكذا فجأة وكأن الارض قد ابتلعتهم بعد 3 اشهر من التحشيد الالكتروني والاعلامي المتواصل الداعي الى تظاهرات حاشدة في الذكرى الاولى للاحتجاجات والتي نجحت فقط بإسقاط حكومة عبد المهدي ، بعد سقوط 700 قتيل واكثر من 25 الف جريح بعضهم اصيب بعاهات وتشوهات مستديمة ، لتتوج – الاختفاءة -المحيرة للعقول برفع خيام الاعتصام وفتح ساحة التحرير وجسر الجمهورية ، وهما مع المطعم التركي بمثابة ايقونة الاحتجاجات – ولا اقول الثورة ولم ولن اطلق عليها هذا التوصيف مطلقا لأنها ليست بثورة منذ بدايتها – والكل صار يسأل ” لماذا انتهى كل شيء بهذه السرعة خلال اقل من 48 ساعة فحسب من الذكرى الاولى ؟ ، اين تلاشى الناشطون ؟ اين اختفى التك تكيون والتيك توكيون؟ اين تبخر المدونون والانستغراميون ؟اين اختفى المصورون ،المسعفون ،الرسامون، المغردون ، الفيسبوكيون ، الجيفاريون ،الكرافيكيون ، المجعجعون ، المنظرون مع ان شيئا من مطالب المتظاهرين لم يتحقق البتة ؟ الجواب :
-ان الاحتجاجات غير معلومة الرأس ، غير واضحة القيادة ، عموما تنجح ولفترة محدودة فقط في تأجيج الشارع من خلال عنصر المفاجأة وشحن العواطف الجياشة العفوية المتدفقة – بداية فقط – وتنجح في استثارة العقل والوجدان الجمعي المتوافق الى حد ما والمتفق على مجمل المطالب المشروعة ، الا ان هذا – الرأس المفقود ..او المتواري عن الانظار – سرعان ما ستحوم حوله الشكوك ،هل هو عراقي ووطني فعلا ، ام انه مجرد فأر اقليمي وجرذ دولي واقعا يشبه المخبول وائل غنيم ، وكان مديرا لصفحات البرادعي ومرتبه 30 الف دولار يوم اشعل الثورة المصرية على موافع التواصل من احدى الدول الخليجية بصفته مديرا لمكتب غوغل للشرق الاوسط وشمال افريقيا ، غنيم كان جرذا بحق يدير صفحة دينية نهارا فيما يتابع صفحات اباحية ليلا بإعترافه هو شخصيا بمقطع فيديو مازال على اليوتيوب ، ثم صار يغازل الهندوس والبوذيين ويدخن الحشيشة ويعترف بذلك بعد اقامته في اميركا بذريعة التصالح مع النفس ، هذاالرأس غير واضح المعالم ولا الاهداف سيكون سببا في اجهاض الاحتجاجات والتشكيك بها ليكون وبالا عليها بدلا من ان يكون داعما لها بمرور الوقت لاسيما اذا طال امدها وهذا ما حصل واقعا وعبثا حاول الكثير والكثير نصح المتظاهرين بتسمية قيادة موحدة ومعلومة لهم فكانت ردودهم – طوباوية ومثالية مستلة من الروايات الادبية -أتريدوننا بقيادة ؟ كلنا قادة ..أتريدون قيادة ؟ ضحايانا هم قادتنا = فشل الاحتجاجات .
– الاحتجاجات ذات الشعارات المتناقضة والهتافات المتضادة واللافتات المتقاطعة
في نفس الساحات والميادين ” واحد يجر طول والثاني عرض ” ستسقط لامحالة ويخبو اوارها ويخفت بريقها كلما طالت المدة ..متظاهر يرفع راية المنجل والمطرقة الشيوعية الحمراء بيد ويحمل صورا وشعارات فئوية بيد اخرى..صور جيفارا اليساري في اليمنى وصور فلان وعلان اليميني في اليد اليسرى – هذا هرج لايدل على وحدة الافكار والاراء بالمطلق كما يتوهم ذلك بعضهم ، اكثر من الدلالة على وجود نفاق سياسي سرعان ما يتحول الى اداة تشويش وارباك للمتابعين فضلا عن المراقبين والناشطين وسيكون مسمارا في نعش الاحتجاجات ان عاجلا او اجلا لامحالة وهذا ما حدث فعلا= فشل الاحتجاجات .
– اختفاء المطالب الانسانية والاجتماعية والخدمية والتعليمية والصحية والتربوية المشروعة بالتدريج من السنة المتظاهرين وهتافاتهم بذريعة رفع سقف المطالب – وراءها ما وراءها – انا شخصيا اقرأ ان من يطالب بتحسين الواقع التربوي والتعليمي والصحي والخدمي والانساني وتحقيق العدالة الاجتماعية ثم يتخلى عنها كلها فجأة مع ان ايا منها لم يتحقق بالمرة مرده الى الاحزاب السياسية التي اقحمت نفسها بالتظاهرات عنوة لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية عن طريق الشارع وهي متورطة بفساد المؤسسات التي يطالب المتظاهرون بتحسين ادائها وكف فسادها ،وهي التي تقف وراء اختفاء هذه المطالب المشروعة بالتدريج واختفائها في نهاية المطاف من الساحات والميادين بزعم رفع سقف المطالب = فشل الاحتجاجات
– اخنتزال واقتصار جميع المطالب الكبرى تدريجيا على اجراء انتخابات مبكرة ، قانون انتخابات جديد ، مفوضية انتخابات جديدة ، اقرار قانون المحكمة الاتحادية ، اشراف الامم المتحدة ، اعتماد البطاقات اليايومترية بدلا من التصويت الالكتروني واليدوي ، قد اجهض الاحتجاجات ” كالولهم موعد الانتخابات المبكرة تم تحديده والموافقة عليه ، قانون الانتخابات تم اقراره ، مفوضية جديدة تم تشكيلها ،تم الموافقة على اشراف اممي ، اقرار قانون المحكمة الاتحادية سيتم في اسرع وقت ممكن، والتصويت سيكون بايومتريا ..بعد عليش الاحتجاجات ..مو هذا التريدونه …وذاك الميدان ياحميدان ؟!” = فشل الاحتجاجات .
– القبول باقحام بعض اعلاميي وناشطي التظاهرات وعبورهم من ساحات الاحتجاج الى داخل الخضراء وحتى خارجها بصفة مستشارين ، وناطقين رسميين ، ومدراء عموميين ونواب في البرلمان ووووو …وضع العشرات من علامات الاستفهام حول جدوى هذه الخطوة وفائدتها اضافة الى انه حجم دور هؤلاء وربما اسكتهم = فشل الاحتجاجات .
– غياب المطالب الكبرى نحو ” المطالبة بتأميم النفط ، تقنين والحد من العمالة الاجنبية ، فتح ابواب الاستثمار بضوابط ، اعادة تأهيل المصانع العراقية المعطلة والمتوقفة للقضاء على البطالة ، تحسين الواقع الزراعي المنهار وبناء السدود وحفر القنوات وبناء الخزانات واستصلاح الاراضي والكف عن تحويل جنس الاراضي الزراعية الى سكنية لتحقيق الامن الغذائي والاكتفاء الذاتي ، ايقاف الاستيراد غير المنضبط وغير المبرمج وغير الخاضع للتقييس والسيطرة النوعية الذي دمر الاقتصاد الوطني وسبب هدرا هائلا لإحتياطي العملة الصعبة ، منع التهريب وملاحقة المهربين ، اطلاق مشاريع الاسكان واطئة الكلفة للقضاء على ازمة السكن ، اعادة الاثار العراقية المنهوبة ، اعادة اموال المهربة الى الخارج ، منع ترشح مزدوجي الولاء والجنسية والتبعية في المناصب السيادية وغير السيادية ، الكشف عن مصير مزارع الرز والبن العراقية في البرازيل وفيتنام وغيرها ،حصر السلاح بيد الدولة ، وقف التدخلات الدولية والاقليمية في القرار العراقي ، القضاء على عصابات الجريمة المنظمة وعصابات القمار والمخدرات والاتجار بالاعضاء والبشر…ووووو ” .
– الاصرار على غلق المدارس وتعطيل الدراسة وتعليق دوام الجامعات والمؤسسات الحكومية والاهلية يوميا وتعطيل مصالح الناس وعلى حين غرة بما اضاع سنة كاملة على الطلبة واهان التعليم في العراق وجعله يتراجع عشرات المراتب في التصنيفات الدولية = فشل الاحتجاجات .
– الاصرار على حرق الاطارات وتلويث البيئة وقطع الجسور والطرقات عشوائيا وفجائيا ومن دون سابق انذار = فشل الاحتجاجات.
– ظهور عدد من النشطاء في صور داخل بعض القنصليات او مع بعض الشخصيات الاجنبية والتفاخر بنشر هذه الصور في الصفحات والكروبات والمنصات = فشل الاحتجاجات .
-الاصرار على حرق الممتلكات العامة والخاصة ومقار الاحزاب وغلق مجالس المحافظات والمحافظات وكتابة عبارة – مغلق بأمر الشعب – على جدرانها بعد محاصرتها بين الفينة والاخرى ومن ثم التنصل عن المسؤولية كاملة ازاء هذه الافعال الشائنة وترديد قوانة – هولاء من المندسين وهم لايمثلوننا مع عدم وجود رأس واضح المعالم والاهداف – صار بمرور الوقت بمثابة تشكيك شامل بمجمل الاحتجاجات وبات الناس يسألون ” اذا كان المندسون هم من يحرق ويحاصر ويهاجم وينسحب ويشاغب ويتحرك في الشارع ..فهذا يعني ان للمندسين التأثير الاكبر على سير الاحتجاجات وهم من يحركونها واقعا وليس اولئك الذين يقبعون بسلام ووئام في الخيام وهم يرسمون ويحلمون وينشدون لغد افضل بالمشمش = فشل الاحتجاجات .
– دخول .. قبول ..الموافقة على مشاركة احزاب ، جماعات ، كتل ، تيارات لها من يمثلها في سدة المسؤولية والسلطة مع المتظاهرين وأد للتظاهرات من اول يوم لها …المفترض ان الشعب المحروم ، المظلوم ، الفقير ، الجائع ، المعدم ،هو الذي يتظاهر وحده ضد الفساد المستشري ويطالب بإحالة الفاسدين والمفسدين الى القضاء فكيف يستقيم ذلك مع مشاركة من لهم من المتورطين بمنظومة الفساد العشرات اساسا؟ = فشل الاحتجاجات .
– الاصرار على رفع شعار ” بإسم الدين باكونا الحرامية ” وامثاله جعل الملتزمين بدينهم ومثلهم واخلاقهم ينظرون بعين الريبة اليها والكل يسأل” ترى هل هذه التظاهرات وبهذه الشعارات تستهدف في حقيقتها الفساد ام تستهدف الدين ؟” = فشل الاحتجاجات .
– عدم التطرق بتاتا وبإصرار عجيب الى معاناة المناطق الغربية من اعادة النازحين ، والمهجرين الى مناطق سكناهم ، وعدم التطرق الى اعادة اعمار المدن المدمرة ، وعدم المطالبة بالكشف عن مصير المغيبين والمختفين والمفقودين قسرا ،حول الاحتجاجات ودمغها بدمغة مناطقية وفئوية ذات بعد واحد = فشل الاحتجاجات .
– بعض الممارسات الخاطئة وغير المنضبطة في عموم الساحات وخيام المعتصمين – نراجيل ، وتدخين ، وكبسلة ، وسهر للصبح ، وصعادات ، وغناء وطرب ودك اصبعتين ، وصخب وضجيج ووشوم ، واساور ، وقرديلات ، وشعر لونين وسبايكي ومارينز وابو كعكولة وحواجب محفحفة ، وبناطيل حصر ممزقة على الموضة ، وتراجي وكلايد – عن الرجال اتحدث -” لايتناسب مع رجال حق يتوقون للحرية والخبز والعدالة الاجتماعية وتحسين واقعهم المجتمعي والاقتصادي والتعليمي، اذا انت شايللي تيلفون آيفون او سامسونج جديد وأحدث اصدار سعره 600 -$- على الاقل ولابس على المودة والحلافة مالتك بـ 25 الف دينار ، والزينة مالتك بـ 200 الف دينار ، سجائرك كنت ومارلبورو سعر العلبة الواحدة 2500 دينار ، وسن معسل الشيشة مالتك علك ونعناع بـ 3000 الاف دينار وتطالب بتوفير لقمة خبز وفرصة عمل، لعد لو شايل تيلفون ابو الطابوكة ولابس قميص مشكك وحذاءك مزرف شكان طالبت ؟ ابو اللكو ! وفوكاها يصور كل هذا الغثاء ويعرضه ويبثه على الصفحات والمنصات يوميا = فشل الاحتجاجات
– الخلط المقلق والمفزع والمريب وهذه واحدة من افرازات جمعات شارع المتنبي ، بين اللادينية ، اللاادرية ، الافكار الالحادية المعلنة من جهة وبين الشعائرية المذهبية المعلنة ايضا من جهة اخرى وبذات الهمة والنشاط بما يصدق عليه قول الشاعر : رأيتك عريانا ومؤتزرا فما علمت أأنثى انت ام ذكر …يعني لو لاديني ، لو شعائري ، اما بالليل تتحول الى لاديني وبالنهار تتحول الى مذهبي شعائري فهذا لعمري في القياس عجيب ومريب وغريب = فشل الاحتجاجات .
– الترديد كالببغاء عبارات مطاطة غير واضحة المعالم وهي قابلة للتأويل على اكثر من وجه نحو – كلشي مانريد منكم ..بس نريد ووطن = فشل الاحتجاجات
-ظهور العشرات امام الكاميرات واحدهم يردد – اني عندي سيارة وعندي بيت وعندي وظيفة واحوالي المادية عال العال ..بس اني هنا مع المتظاهرين حتى اساندهم لأن هذا واجب وطني – قد افقد التظاهرات سمة – الثورة الطبقية – وهو العنصر الاهم في اي تغيير حقيقي حول العالم .
– الاصرار على استبدال اشخاص بآخرين في المناصب ،تارة بذريعة – نريد تكنو قراط – وأخرى بذريعة ابن ولايتنا ، وثالثة بذريعة – ما سوالنه شي – واذا بهم يأتونك وبعد كم من التضحيات الجسام بمحافظ او قائممقام او رئيس مجلس بلدي جديد ولكن بنفس المواصفات ومن ذات المنظومة الفاسدة = فشل الاحتجاجات لأن المستبدلين لن يهبطوا من المريخ ، ودود الخل منه وبيه ، بمعنى خوجه علي ملا علي !
-الوعيد المتواصل ضد كل المشاركين في العملية السياسية بعبارات متشنجة تصل الى حد التهديد المعلن والصريح على السنة بعض الناعقين بإسم المتظاهرين في اللقاءات الصحفية نحو ” كلهم نعلكهم ..كلهم نسجنهم ..كلهم نملخهم ” سيجعل السياسيين وفي رد فعل طبيعي كلهم يقفون بالضد من المتظاهرين على طول الخط وببذلون وسعهم لإجهاض الاحتجاجات بكل ما يمتلكون من وسائل الضغط الممكنة والمتاحة = فشل التظاهرات
– التهديد المتواصل للناشطين واختطاف واغتيال وملاحقة والتضييق على العشرات منهم اضافة الى ان طول المدة – عام كامل – اخذ يصطدم مع حاجات المتظاهرين الانسانية والحياتية اليومية الملحة -عمل ، خطوبة ،زواج ، عائلة ، دراسة ، علاج ، سفر..الخ – ما اسفر عن انسحاب وتراجع الكثير منهم واقتناعهم في قرارة انفسهم بان المطاولة على هذا النحو المخيب للامال من دون تحقيق شيء من مطالبهم غير مجد = فشل الاحتجاجات .
– من الملاحظ انه وعندما لايتحقق شيء من المطالب المشروعة السابقة يصار الى نسيانها وطرح مطالبات جديدة ذات سقف اعلى او ادنى = فشل التظاهرات لأن الاصل هو الثبات على المطالب لا تغييرها بإستمرار ولابأس بإضافة ما هو مستجد اليها اما الجنوح الى تجاهل المطالب الاولى كليا ، والاتكاء على الثانية والتي بدورها ستلقى مصير ما قبلها من التجاهل سريعا قبل الانتقال الى ثالثة جديدة ، يشي بأن هناك من يعمل على طرح المطالب الجديدة واستبدالها بإستمرار وفقا لمقتضيات المنافع الحزبية الضيقة من خلف الكواليس بغية الضغط مقابل تحقيق المزيد من المغانم الحزبية والشخصية والفئوية و كلها لاعلاقة لها لا بالمحتجين ولا بمطالبهم = فشل الاحتجاجات
– مهاجمة السفارات والهيئات الدبلوماسية والقنصليات وحرقها يفسر بعشرات التفسيرات ابرزها انها مسيسة ومسيرة دوليا واقليميا بما لايصب في صالح الاحتجاجات عموما وقد كان = فشلها