لماذا أحب محمدا ﷺ ؟! (1)
احمد الحاج
هناك على ضفاف نهر ” الإلبة ” حيث تغفو مدينة “هامبورغ ” التجارية ، ثاني أكبر المدن اﻷلمانية وأكثرها إكتظاظا بدأت الحكاية ، من هناك حلق الحب عاليا الى أفق أرحب ، حب الطاعة والإتباع وإن المحب لمن يحب مطيع ، ﻻ حب الهوى والإبتداع، والبون شاسع بين الحبين ، ففيما يعمل الثاني على هدم كل ما بناه النبي اﻷكرم ﷺ وضحى من أجله ،يسير اﻷول على نهجه وهداه ، وهكذا تسير بنا اﻷيام بين متبعين يبنون وبين مبتعدين ومبتدعين يهدمون ، بين محبين صادقين يرفعون راية الإصلاح ، وبين محبين مزيفين ينكسون للرايات وينجسون ، وبينما كنا جلوسا على مائدة الطعام ليلا ، شاركنا المائدة كابتن طيار ألماني مدني – هكذا قدم نفسه لنا – و بعد أن إكتشف بأننا عرب مسلمون بادرنا بسؤال إرتعدت له فرائصنا ، واصطكت لوقعه أسناننا ،وسرت القشعريرة من هوله في أجسادنا ، حين قال وبالحرف ( أنتم تعبدون محمدا ..لماذا ؟!) ، وعبثا حاول صاحبي إقناعه وثنيه عما يعتقد به خطأ ، ربما ﻷننا حينها كنا لانحتفظ من السيرة النبوية العطرة بشيء يذكر ..ﻻنحفظ من كتاب الله غير الفاتحة والاخلاص والمعوذتين للبركة و لطرد الحسد والعين …ﻻنعلم من شمائله وسنته ﷺ الفعلية والقولية والتقريرية أي شيء ، وكل الذي نعرفه هو النقر على الدفوف وإشعال البخور والشموع وتوزيع اﻵس – وحلاوة الرز والزردة بالحليب – والتجمع نساء ورجالا على ايقاع الاناشيد ، احتفالا بمولده الشريف سنويا ﻻ أكثر ، حتى أنني آثرت الصمت باحثا في أسباب ذلكم الجهل المطبق الذي نعانيه عن خير الخلق من عرب ومن عجم ونحن مسلمون ..فيما لو أدار الطيار الالماني ذاته دفة الحديث وسألنا عن سيرة المطربين والمطربات ، الممثلين والممثلات ، الرياضيين والرياضيات ، العرب واﻷجانب لوجد عندنا من الغزارة المعرفية ما يذهل أصحاب الشأن أنفسهم عنه ، بل لو أنه سألنا عن ماوتسي تونغ ، كارل ماركس ، ستالين ،نيتشه ، جوزيف بروز تيتو ، غاندي ، نيلسون مانديلا ، لقلنا فيهم الكثير …خرجنا نجر أذيال الخيبة والخذلان بعد أن فشلنا في الدفاع عن نبينا ﷺ ونحن الذين لم نترك احتفالا سنويا واحدا بمولده الشريف يقام في بلادنا هنا وهناك اﻻ وشاركنا فيه ذاك أن جلها لم تعلمنا شيئا قط عن نبينا المرسل للناس كافة بشيرا ونذيرا ، عدنا القهقرى الى – فندق إنتركونتيننتال – حيث نقيم ، وبعدها بـ 36 ساعة أخبرنا صديق ثالث يكبرنا سنا بأن ” فيلم الرسالة ” بنسخته الانجليزية سيعرض للمرة اﻷولى في ألمانيا بإحدى دور العرض السينمائية وسط حراسة أمنية مشددة خشية إعتداء النازيين الجدد على الدار ..وبدأ العرض ، فسال الدمع ، ساد الصمت ، جاشت المشاعر ، هاجت الذكريات ،ماجت التساؤلات ، وكلما صدحت سمفونية الموسيقار الفرنسي موريس جار، كلما همنا عشقا وطرنا شوقا في رحاب المصطفى ﷺ حتى إنتهى الفيلم وووو…بدأنا !!
البداية كانت مع كتاب ( هذا نبيك ياولدي ) للداعية الكبير محمود غريب ، امام وخطيب جامع البنية ، وثنينا بـ( فقه السيرة ) للشيخ الدكتور محمد الغزالي ، ، وكتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى ) للقاضي عياض ، (الرحيق المختوم) للمباركفوري وغيرها لنحيط علما ببعض جوانب هذه الشخصية العظيمة التي أرسلها الباري عز وجل رحمة للعالمين والتي أذهلت اﻷعداء قبل الاصدقاء ، ففيه قال القس البروفيسور دافيد بنيامين كلداني، الذي اسلم وغير اسمه إلى عبد الأحد داود، في كتابه (محمد في الكتاب المقدس): “إن محمدا هو فقط الذي جلى كل الحقيقة عن الله وعن وحدانيته ودينه وصحح الافتراءات والأكاذيب، التي كانت متبعة ومعتقدا بها ضد ذاته سبحانه، وضد الكثير من عباده الصالحين”، وفيه قالت الشاعرة والكاتبة الهندية الأشهر التي رشحت لجائزة نوبل للآداب كمالا داس، بعد إعتناقها للاسلام ( اخترت الدين الذي يحمي المرأة وقد قررت أن أسلم وأن أتخذ اسما جديدا لي هو كمالا ثريا ..التهديدات التي سأتعرض لها من قبل الجماعات الهندوسية المتطرفة لن تخيفني ولن تثنيني عن عزيمتي أبدا، وسأرتدي الحجاب وسأزور مكة وسأعانق تربة المدينة المنورة في أقرب وقت ممكن) ، وفيه قال الاديب الروسي الشهير توليستوي الذي الف كتابا بعنوان ( حكم النبي محمد ) جمع فيه عددا من الاحاديث النبوية الشريفة بلغت 56 حديثاً : (لقد ظهر لي بأن محمدا كان يسمو على من سواه في كل وقت.. إنه لم يعادل بينه وبين الله ولم يعد الإنسان إلهًا) .
كل القلوب إلي الحبيب تميل ..ومعي بهذا شاهد ودليل
أما الدليل إذا ذكرت محمداً ..صارت دموع العارفين تسيل

يتبع ..